دعني أدخل في صلب (العنوان) لأُسقطك في فخ الموضوع، إن المسرح كائن شاب لا يقبل (العواجيز) لأنهم ضعفاء ولا يواكبون الذهنية العصرية، بل يتسببون في رجعية المسرح كفن وثقافة وفعل.
هذه الحقيقة يرفضها العديد من المسرحيين (الاستوكات) لأنهم يَعتبرون (مدّة الخدمة المسرحية) مقياسًا كافيًا لجودة ما يقدموه، والحقيقة أن الجودة في المسرح تقف على مدى (شبابيته) بغض النظر عن تراكمات تجربته والجميل في هذا الأمر أن كبار المسرحيين الذين يقدمون المسرح كشباب يزيدونه تألقًا ويضفون عليه لمعة الرصانة والجزالة.
في جانب آخر نجد أن فشل بعض الشباب مسرحيًا يكون بسبب كون المسرح الذي يقدموه (عجوز) يتكئ على زهايمر مبكِّر سببه عجز النَّفس عن فهم حقيقة المسرح ككائن نعيشه لنبقى محلقين بروح شابة مهما كانت أعمارنا.
إن مسمى "مسرح الشباب" يدفعنا إلى مساحة كبيرة من المفاهيم التي ترادفه ومن أبرزها (الحيوية)، تلك الخاصية الذهبية للمسرح بالعموم لأنه نشاط تفاعلي الأبعاد في سلسلة من الأخذ والعطاء والتأثير والتأثر والنمو والتحول وما يصاحب كل هذا من فعل تتجلى من خلاله الحيوية المستمرة.
وينبثق من ذلك مبدأ التجديد والتغيير لعدة اعتبارات منها المواكبة والعصرنة والإسهام في تكوين التغير في الأنساق المختلفة ضمن البناء الاجتماعي العام، فالتجديد لا يكون بعقل متحجر أو متطرف أو شاذ ولا يكون ببطء المتعكز أو بنفس مريضة تشكو فقرها المعرفي أو ضعف حيلتها، ولا يصنع التجديد سوى الروح الشابة متى تملكت الفعل ودفعته نحو الصناعة المؤثرة للأفكار الخلاَّقة.
أما بعد:
في النهاية استأذنكم للحديث عن بداية المقال المفترضة، وهي الإشادة بهذا المحفل الحيوي، مهرجان الفرق المسرحية لرعاية الشباب والذي نطمح أن يكون مصدرًا للتجديد المسرحي والتغيير والصناعة المبتكرة لمسرح يكون بروحه الشابة (مهما تقادمت أعمار من يقدموه) فهم مشعل المحاولة الصادقة والفكرة النيرة والخطوة الجادة نحو مسرح يفرض من خلال مواكبته للعصر تحديد النموذج الفعَّال.