الأدب الإفريقي الأمريكي هو الإنتاج الأدبي للكتّاب والشعراء الإفريقيين الأمريكيين. بدأ هذا الأدب بالظهور مع بداية القرن الثامن عشر، بمؤلفات العديد من الكُتّاب، أمثال: الكاتب فيلب ويتلي. وبلغ ذروة تألّقه مع نهضة هارلم في العام 1920 من القرن التاسع عشر، بحيث حصل العديد من الكتاب والشعراء الأفرو أمريكيون، أمثال: الكاتبة توني موريسون على أرفع الجوائز الأدبية ومنها جائزة بوليتز وجائزة نوبل للآداب.
كانت غالبية مؤلفات أولئك الكتاب في بداية القرن التاسع عشر تتناول المواضيع التي تعالج مبادئ الحريّة، العدالة الاجتماعية، إلغاء الاستعباد والعنصرية.
وعندما بدأت النظرة العنصرية تتغير في الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن تمّ الإعلان عن حقوق الإنسان، بدأ الكثير من الكتاب الأفروأمريكيين، أمثال: ريتشارد رايت، وغويندولين بركس، الكتابة بحرية أكبر عن التمييز العنصري وعن الدور الذي لعبه الإفريقيون في بناء أمريكا، وعن المشكلات التي عانى منها "الجنس الأسود". كما تغيّرت كلمة "الزنوج" التي كانت تستخدم سابقًا بالإشارة إلى الإفريقيين، واستبدلت بعبارة "السود أو الجنس الأسود".
يُعتبر الأدب الإفروأمريكي في هذا العصر الأدب المُكمّل للأدب الأمريكي، وقد بدأ يُحقق رواجه بشكل خاص مع نشر قصة "الجذور" للكاتب ألكس هالي، وقصة "اللون القرمزي" للكاتبة أليس ولكر، التي حصلت في العام 1982 على جائزة بوليتز للآداب. وكذلك بعد نشر قصة "المحبوبة" للكاتب طوني موريسون، وهي القصة التي حققت أكبر نسبة مبيعات في حينه، والتي نال الكاتب عليها أيضًا العديد من الجوائز التقديرية.
وبإمكاننا بشكل عام تعريف الأدب الإفريقي الأمريكي بأنه: الأدب الذي يشتمل على مؤلفات الكتاب والشعراء من سكان الولايات المتحدة الأمريكية الذين هم من أصل إفريقي؛ ونظرًا لما كانت عليه النظرة العرقية للجنس الأسود فإن غالبية تلك المؤلفات كانت تتناول دومًا المواضيع التالية:
- المطالبة بإلغاء التمييز العنصري.
- المطالبة بتحقيق المساواة الاجتماعية المطالبة بالحرية والديمقراطية.
وأردت التركيز في هذه المقالة بشكل خاص على الانتاج الأدبي للشاعرة مايا أنجيلو؛ نظرًا لما حصلت عليه من جوائز أدبية؛ فقد أشاد بها الكثير من النقاد، ووصفها الناقد هيغن ليمان من جامعة ميريلاند بأنها:
"السيدة التي لها قلب امرأة، وذهن كاتبة، وروح شاعرة"
السيرة الذاتية للشاعرة مايا أنجيلو :
مايا أنجيلو ناشطة في حقوق الإنسان وأشهر كاتبة وشاعرة أمريكية إفريقية، وقد بلغ عدد مؤلفاتها الستة مجلدات.
كما كانت قد حصلت على ما يزيد عن 30 جائزة تكريمية، كما تم منحها في العام 1970 جائزة بوليتز على مجموعتها الشعرية التي كانت بعنوان "أعطني جرعة ماء بارد فقط قبل أن أموت"
من أشهر قصائدها الشعرية قصيدتها التي نشرت عام 1969 بعنوان " أعلم لم تُغرد الطيور الحبيسة في الأقفاص"، وهي القصيدة التي جعلتها تحصل على شهرة واسعة، والتي حققت أكبر نسبة مبيعات والتي مُنحت عليها الكاتبة جائزة الكتابة، كما تم منحها لقب "سفيرة الشعراء الأفروأمريكيين".
كانت للشاعرة مايا أنجيلو مكانتها الكبيرة بحيث اعتبرت المُتحدّثة باسم الملوّنين (السود) وكذلك باسم السيدات.
كما كانت في العام 1950 من أعضاء نقابة الكتّاب في هارلم، ومن أكثر النشطاء حماسًا ممن يطالبن بتطبيق بحقوق الإنسان، كانت قد عملت أيضًا كمُنسقة لجمعية الدكتور مارتن لوثر كينغ.
كُلفت الشاعرة مايا أنجلو في العام 1990 بالتدريس في جامعة ويك فورست بنورث كارولاينا وحصلت على مرتبة الأستاذية، وكانت اعتبارًا منذ ذلك العام قد ألقت حوالي الثمانين محاضرة.
ألقت الشاعرة مايا أنجيلو في العام 1993 في حفل تنصيب الرئيس الأمريكي بيل كلينتون قصيدتها الشهيرة التي كانت بعنوان "مع إطلالة فجر جديد"، وكانت بذلك أول شاعرة تُلقي قصيدة منذ حفل تنصيب الرئيس جون كيندي في العام 1961.
وكانت قد تناولت في جميع مؤلفاتها المواضيع المتعلقة بمكافحة العنصرية وبالهوية وبالعائلة، كما تم تدريس العديد من مؤلفاتها في المدارس.
للدكتورة مايا أنجلو العديد من مؤلفات أخرى نالت الكثير من الرواج كان البعض منها قد أثار بعض النقد بسب الجرأة التي كانت تُعرب بها في دفاعها عن حقوق الأفروأمريكين وعن حقوق المرأة والإنسان.
مجموعاتها الشعرية هي:
*المجموعة الشعرية بعنوان "أعطني جرعة من الماء البارد فقط قبل أن أموت" التي تم نشرها عام1971.
*المجموعة الشعرية بعنوان "لا زلت أنهض وأرتقي"، والتي تم نشرها عام 1978.
*المجموعة الشعرية بعنوان "لم لا تنشد شيكر"، والتي تم نشرها عام 1983.
*المجموعة الشعرية بعنوان "لن تتم إزاحتي عن مكاني"، والتي تم نشرها عام 1990.
*المجموعة الشعرية بعنوان "المرأة الاستثنائية"، والتي تم نشرها عام 1995.
ومن أشهر قصائدها:
الحقيقة الناصعة
رسالة لابنتي
حتى النجوم تبدو وحيدة
الأفضل من بينهم
الآخر من بينهم
القمر من خلال قوس قزح
ملهى الحرية
الارتقاء
الحياة لاتخفيني
وغيرها من العديد من القصائد
وبالإضافة إلى مسيرتها الأدبية كانت مايا أنجلو قد شاركت في عدد من الأمسيات الموسيقية كما كان لها دور مميّز في مسرحية "السود" التي عرضت في برودواي.
ترجمة لبعض قصائد الشاعرة مايا أنجيلو
قصيدة مع نبض إطلالة فجر جديد..
للشاعرة الإفريقية الأمريكية مايا أنجيلو
وهي القصيدة التي ألقيت في حفل تنصيب الرئيس الأمريكي بيل كلينتون الذي تم بتاريخ 30 كانون الثاني يناير من العام 1993.
صخرة، نهر، شجرة، ضيوف رحلوا من زمن بعيد...
ديناصورات تركت مكان إقامتها هنا في الأماكن الجافة على أرض كوكبنا...
ضاع كل إنذار بيوم الحساب في ظلام رماد الأجيال...
لكن الصخرة تنادينا اليوم بوضوح و تصميم...
تعالوا... بإمكانكم اليوم أن تقفوا فوق ظهري...
عودوا إلى قدركم وواجهوه،
لكن عليكم ألا تبحثوا عن النعيم في ظلّي فلن أمنحكم أي مخبأ هنا...
فأنتم الذين خُلقتم بأقل بقليل من مرتبة الملائكة،
قد انحنيتم لمدة طويلة بتذلّل في ألم الظلام،
وكَمِنتم لمدة طويلة جدًّا، رؤوسكم في بؤرة الجهل...
الصخرة تنادينا اليوم،
بإمكانكم اليوم أن تستندوا إليّ دون أن تُخفوا وجوهكم...
فهناك، في الجانب الآخر من هذا العالم، نهر يُنشد لحنًا جميلًا. يقول:
تعالوا، استريحوا هنا إلى جانبي.
كل منكم، عالم رفيع فخور، لكنه مع ذلك يشقّ طريقه دومًا بصعوبة تحت الحصار...
فقد خلّف كفاحكم المُسلح لأجل الفوز النفايات على شاطئي والحطام فوق صدري.
لكنني مع ذلك أدعوكم اليوم إلى ضفّتي،
لو أنكم توقفتم عن التفكير بالحروب...
تعالوا إليّ يكسوكم السلام الذي منحه لي الخالق عندما كنت أنا والشجرة والصخرة شخصًا واحدًا
وقبل أن تكون سخريتكم نصلًا داميًا يلوح في أعينكم،
وسوف أنشد لكم أجمل الأغاني...
أنشد النهر واستمر في الغناء...
هناك حنين صادق يستجيب لغناء النهر وللصخرة الحكيمة.
هذا ما قاله الآسيوي الإفريقي والأمريكي والكاثوليك والمسلمون...
ما قاله الفرنسيون واليونانيون الإيرلنديون...
وما قاله الكاهن والشيخ، الصالح والفاسد، الثري، والمتشرد، والمدرس،
فهم جميعًا يُصغون إلى ما تقوله الشجرة،
هم جميعًا يسمعون ما تقوله كل شجرة تتحدث اليوم عن الجنس البشري...
تعالوا إلى هنا، تعالوا إلى جانب النهر، ازرعوا أنفسكم إلى جانبي، فكل منكم السليل لأحد من رحلوا...
أنتم، يا من أطلقتم عليّ اسمي الأول،
أنتم أيها الشعوب التي اعتمدت عليّ
ثم داستني بقدم أدمتني...
أنتم يا من سخرتموني لخدمة الآخرين،
يا من سخرّتموني لخدمة المُستميتين للحصول على المكاسب، والمُتعطشين للذهب...
أنتم جميعًا،
أنتم من اشتريتم وبعتم وسرقتكم...
أنتم با من أتيتم من كابوس، ويا من تصلّون الآن لأجل أحلامكم.
اغرسوا جذوركم هنا إلى جانبي، فأنا الشجرة المزروعة إلى جانب النهر التي لن تتحرك من مكانها...
أنا الصخرة، أنا النهر، أنا الشجرة،
أنا لكم فقد تم سداد ثمن حرية عبوركم...
ارفعوا رؤوسكم عاليًا لأن هذا الفجر المُضيء يبزغ اليوم لأجلكم...
لا حاجة، ولا يمكن، لأن يتكرّر التاريخ
بما كان فيه
ألم مُضنٍ لا يمكن احتماله وقد واجهتموه بكل شجاعة...
ارفعوا رؤوسكم إلى الأعلى فهذا اليوم يشرق لأجلكم...
أحيوا أحلامكم من جديد...
أيتها النساء، أيها الأطفال، أيها الرجال ضعوا أحلامكم في راحة أياديكم وشكّلوها بالقالب الذي يتناسب مع احتياجاتكم،
شكّلوها وفق رغباتكم وصوغوها بالصورة التي تشبهكم...
أحيوا قلوبكم، فكل ساعة جديدة سوف تحمل لكم فرصة لبدايات جديدة...
لا تُكبّلوا أنفسكم إلى الأبد بالخوف الذي فُرض نَيره عليكم...
الأفق أمامكم يعرض عليكم فسحة واسعة كي تُحدّدوا خطواتكم الجديدة للتغيير...
بإمكانكم هنا، مع نبض فجر هذا اليوم الجميل، أن تتحلّوا بالإقدام، وأن تتطلّعوا إلى الأرفع وإلى المستقبل البعيد، وإليّ... أنا النهر، الصخرة، الشجرة، موطنكم...
بإمكانكم اليوم مع إشراقة هذا اليوم الجديد أن تحصلوا على نعمة التطلّع إلى الأرفع وإلى الأمام ...
بإمكانكم اليوم أن تنظروا في عيون شقيقاتكم ووجوه أشقائكم، وإلى وطنكم،
وأن تقولوا فقط وبكل أمل،
هذا صباح جميل...
سوف أنهض وأرتقي
للشاعرة مايا أنجيلو
سوف أظلّ أرتقي...
بإمكانكم أن تكتبوا عني في صفحات التاريخ
حتى لو كان ذلك بكلمات لاذعة قاسية...
بإمكانكم أن تدوسني بأقدامكم...
لكنني سوف أنهض من جديد وسوف أرتقي...
هل تضايقكم جُرأتي؟
لِم تَكتنِفكم الكآبة؟
أهذا لأنني أختال كما لو أنني أمتلك بئر نفط ؟
نعم... سوف أنهض مع ذلك وأرتقي...
سوف أرتقي أشبه بالشمس والقمر...
سوف أرتقي أشبه بحقيقة المدّ الذي ينتشر دون توقف على الشواطئ...
وكما تُشرق الآمال في عمق حِلكة اليأس...
هل ترغبون برؤيتي مُنهارة؟
هل تريدون أن أخفض ببصري وأن أسدل كتفيّ؟
هل عليّ أن أتداعى، وأن أضعف وأن تسقط دموعي بنشيج حزين؟
هل أسيء إليكم بكبريائي؟
لا داعيَ لاهتمامكم بكل هذا القدر بكوني أضحك كما لو أنني عثرت، وأنا أحفر خلف فناء منزلي، على منجم للذهب...
قد تجرّح كلماتكم كرامتي...
قد تجلدني نظراتكم القاسية...
قد يقتلني حقدكم...
لكنني سوف أنهض من جديد...
سوف أنهض وسوف أرتقي وأرتفع كالنسيم...
هل يُضايقكم جنسي الأنثوي؟
هل تستغربون رؤيتي أتراقص كما لو أنني ممّن تمتلكن الجواهر الثمينة؟
أنا أترفّع عن ماضٍ مزّقه الألم...
أنا أشبه بمحيط أسود عريض تتحدر مياهه الداكنة بقوة...
أنا أتدفق وأجري... وأجري ...وأتحدّى التيار...
وقد تركت خلفي ليالي الرعب والخوف...
ها أنا أنهض مع الفجر المشرق الرائع وأجلب الهبات لأجدادي...
أنا حلم وأمل المُستعبدين...
وسوف أظل أترفّع وأرتقي وأرتقي وأرتقي...
أنا أعلم لم تُغرد الطيور الحبيسة في الأقفاص
للشاعرة مايا أنجيلو
أنا أعلم لِم تُغرد الطيور الحبيسة في الأقفاص.
ذلك لأن بإمكان الطيور الطليقة أن تُحلّق فوق الغيوم، وأن تطفو برفق فوق سطح المياه،
وأن تصل إلى ما وراء حدود التيار...
بإمكان الطيور الطليقة أن تغمس أجنحتها في أشعة الشمس الذهبية...
وأن تجرؤ على التحليق في أعالي السماء...
لكن الطائر الحبيس في القفص الضيق نادرًا ما يرى السماء من خلال قضبان قفصه الحديدي...
الطائر الحبيس في القفص أجنحته مُطوّقة وأرجله مقيدة، لذا فهو يفتح صدره لكي يغرد...
الطائر الحبيس في القفص يغرد سجعًا حزينًا ويُسمع تغريده الحزين عبر الهضباب البعيدة،
أتعلمون لماذا؟...
لأن الطائر الحبيس في القفص يغرّد مُناشدًا الحرية...
الطائر الحبيس في القفص يُنشد لحنًا حزينًا خوفًا من الأشياء التي لا يعرفها، و يُسمع سجع لحنه في أعالي الهضباب.
أتعلمون لماذا؟
لأن الطائر الحبيس في القفص يُنشد للحرية...
الطيور الطليقة تتطلع دوماً إلى التحليق عبر نسيم آخر، تلامس أجنحتها الناعمة الأشجار في الفجر المشرق...
هي تغرّد وكأنها تمتلك وِسع السماء...
لكن الطائر الحبيس في القفص يقف على قبر أحلامه...
الطائر الحبيس في القفص يصيح صيحة خوف وحزن وألم
و لأن أجنحته مُطوّقة، أرجله مُقيدة، فهو يفتح صدره لكي يُغرد...
الطائر الحبيس في القفص يُنشد لحنًا حزينًا خوفًا من الأشياء التي لا يعرفها والتي يتوق لمعرفتها
و يُسمع لحنه الحزين في أعالي الهضبة البعيدة.
أتعلمون لماذا؟
لأن الطائر الحبيس في القفص يُغرد مُناشدًا الحرية...
عندما تسقط الأشجار العالية
للشاعرة مايا أنجيلو
عندما تسقط الأشجار العالية تُرعد الغيوم في السماء
وتنهار الصخور فوق الهضاب البعيدة،
وتخمُد الأسود وتستكين داخل الأدغال،
حتى أن الفيلة تتحرك بتثاقل باحثة عن الأمان...
عندما تسقط الأشجار العالية في الغابات،
ترتدّ الأشياء الصغيرة بصمت،
وتتصاعد أحاسيسها إلى ما أكثر من الخوف...
عندما تموت النفوس الرفيعة النبيلة،
نتنفس بصعوبة ويصبح الهواء حولنا خانقًا زهيدًا عقيمًا.
يبرز الواقع المؤلم أمام أعيننا بكل وضوح، وتبحث ذاكرتنا التي تصبح فجأة أكثر حدّة،
عن كلمات طيبة لم تكن قد قيلت،
وعن وعود بنزهات لم تكن قد تمت قط...
عندما تموت النفوس النبيلة يتركنا واقعنا المُرتبط بها ويتخلى عنا.
تذوي أرواحنا التي تستمد غذاءها منها،
وتذوي أفكارنا التي كانت قد صيغت والتي تعلّمت مما كان لديها من تألق...
لكنّا لسنا مخبولون إلى الحدّ الذي يجعلنا نعود إلى جهل الكهوف الباردة المظلمة،
لكن عندما تموت النفوس العظيمة النبيلة لابد أن يومض الأمل من جديد،
ولابدّ أن تحلّ السكينة والأمان في قلوبنا بعد فترة من الزمن
لآشكّ أنها سوف تحلّ ببطء وبشكل غير منتظم
يجعل فراغ حياتنا يمتلئ بتردّد أشبه بتيار كهربائي
ويجعل أحاسيسنا تتجدّد وتنبعث في داخلنا من جديد
لكنها لن تكون مطلقًا ذات الاحاسيس السابقة،
وسوف تهمس لنا:
كان لهم وجودهم... كانوا أحياء... عاشوا الحياة
وبإمكاننا نحن أيضًا أن نعيش وأن نكون أفضل...
الحقيقة الناصعة المُروّعة
للشاعرة مايا أنجيلو
نحن البشر نعيش على كوكب صغير موحش مهجور مُنعزل...
نتنقل ونسافر في الفضاء
ونتجاوز أبعد النجوم عبر طريق الشموس غير المبالية
إلى وجهة تشير كل الظواهر فيها إلى أن من الممكن، وبأن من الضروري، أن ندرك حقيقة ناصعة مروعة...
نحن عندما سوف ندرك هذه الحقيقة، وإلى أن يحلّ يوم الحساب
عندما سوف نُحرر أنفسنا من قبضة الحقد
ونسمح للهواء النقي بترطيب رئتينا.
عندما سندرك ونستنج كل ذلك
عندما ستسقط الستائر
وينتهي عرض مسرحية الكراهية والبغضاء...
عندما ستصبح الوجوه نظيفة من سواد الازدراء والاحتقار الذي يكسوها...
عندما لن يُلوّث عشب ساحات المعارك والتصادم دماء أولادنا وبناتنا الذين تتربص بهم مثل هذه المؤامرات على هذه الأرض الغريبة...
عندما سيتوقف الهجوم العنيف والصياح واللغط والجلبة...
عندما ستُرفرف الإعلام ببهجة...
وعندما ستخفق جميع رايات العالم بقوّة مع النسمات النقيّة الصالحة...
عندما سنصل وعندما سيتحقق كل ذلك...
عندما سندَع البنادق تسقط من فوق أكتافنا...
عندما سنجعل ألعاب أطفالنا أعلامًا للهدنة...
عندما ستُزال الألغام الأرضية المميتة...
عندما سيكون بإمكان كبار السن السير أثناء الليل بكل أمان...
عندما لن يحرم الأطفال من حقهم في الأحلام بسبب ما يتعرضون له من استغلال وظلم...
عندما سنصل إلى هذا كله
حينئذ سوف يكون بإمكاننا أن نعترف بأن أهرامات مصر بأحجارها المرصوفة بذلك الكمال المُبهر
وبأن حدائق بابل المعلّقة بجمالها الأبدي
لا تزال تضيء الشرق تحت أشعة الشمس
وبأن الدانوب لايزال يتدفق بلونه الأزرق في أوروبا
وبأن قمّة مونت فوجي تمتد نحو الأمازون
وبأن المسيسبي يُغذّي كل المخلوقات في الأعماق وعلى الشواطئ
بأن كل هذه الأشياء ليست هي فقط من عجائب الكون...
عندما سنتوصل إلى هذا كله نحن الغرباء سكان الكوكب الصغير...
نحن الذين نستخدم يوميًّا القنبلة والنصل والخنجر...
نحن الذين يتلَمسون في الظلام رموز السلام...
نحن البشر على هذه الكرة الأرضية الصغيرة ...
نحن الذين نتحدى الكلمات الجارحة التي تتحدى حتى وجودنا...
تلك الكلمات التي تخرج مع ذلك من ذات الأفواه التي تخرج منها الأغاني
أغاني بتلك الرقة المُتناهية تجعل قلوب من يسمعونها تنفطر
والتي تجعل أرواحهم تستكين من الشعور بالرعب...
نحن سكان هذا الكوكب الصغير الذي تذروه الرياح...
نحن الذين يمكن لأياديهم أن تضرب بمثل هذه القسوة وعدم المبالاة...
نحن الذين قد تنتزع منهم الحياة بلمحة
الذين بإمكان أياديهم مع ذلك أن تلمَس وأن تواسي بكل حنان بحيث تخضع لها الرقاب بكل سعادة
وبحيث يشعر الجسم بالراحة بالانحناء أمامها...
نحن الذين علينا أن ندرك في مثل هذه الفوضى وفي مثل هذا التناقض
بأننا لسنا لا من الملائكة ولا من الشياطين...
عندما سنصل نحن سكان هذا الكوكب العُصاة بأجسامنا العائمة على الأرض
نحن الذين خُلقنا على هذه الأرض، بأن لدينا القدرة على نصوغ لهذه الأرض مناخًا جديدًا.
أن نصوغ مناخًا يكون بإمكان كل رجل وكل امرأة العيش فيه بحرية دون نفاق ودون خوف يشلّ الأجسام...
سوف يكون بإمكاننا عندما سوف نصل إلى تحقيق كل ذلك أن تعترف بأننا المرشحون للفوز
وبأننا أعجوبة ومعجزة هذا الكون
ولكن هذا فقط عندما سنصل إلى كل ذلك...
وأنا وحدي
للشاعرة مايا أنجيلو
عندما كنت ليلة الأمس مُستلقية بمفردي أفكر كيف بإمكاني أن أجد لنفسي موطنًا...
كيف بإمكاني أن أجد ملجأً ومأوىً ليس فيه ظمأ...
موطنًا لا يكون فيه الخبز من الصوّان...
توصلت إلى أمر واحد...
ليس هناك أحد وبألّا أحد بإمكانه أن يأتي إلى هذا المكان بمفرده...
أنا بمفردي... بمفردي تمامًا... لاأحد حولي...
وليس هناك على الإطلاق من بإمكانه أن يكون هنا وحيدًا...
هناك أثرياء لديهم الكثير من الأموال...
أثرياء لديهم من الأموال ما ليس بإمكانهم الاستفادة منه...
أثرياء تتجول زوجاتهم بكل خيلاء...
أثرياء يُنشد أولادهم الأغاني بكل بهجة...
لديهم أطباء بإمكانهم أن يشفوا قلوبهم المتحجرة ...
لكن لا أحد على الإطلاق بإمكانه أن يفهم ما يعني وجود المرء هنا وحيدًا...
لو أصيغتكم إليّ الآن باهتمام، فسوف أعلمكم ما أعرفه
سوف أعلمكم بأن غيوم العواصف قد بدأت تتراكم...
وبأن الهواء سوف يهبّ بشدة...
سوف أطلعكم على مُعاناة إخوتكم في الإنسانية...
إخوتكم الذين بإمكاني أن أسمع أنينهم...
أتعلمون لماذا؟
لأنه لا أحد ...
لا أحد على الإطلاق بإمكانه أن يتبيّن ذلك بنفسه ...
هذا ما بإمكاني أن أفعله أنا فقط، فليس هناك من بإمكانه أن يفعل ذلك...
فوق الغيوم
للشاعرة مايا أنجيلو
هي يمكن أن يكون هذا عالمي؟
هذا العالم الذهبي الثلجي البياض
هذا العالم الآمن حيث تتدافع الأمواج القرمزية نحو الشواطئ.
نعم! فهذا هو عالم لله تعالى وبذلك فهو عالمي أيضًا...
مدن ومروج وشواطئ هي لله –تعالى- وحده...
هي لله –تعالى- الذي لديه العديد من العوالم الأخرى
لذا فهذا هو عالمي أيضًا...
أحبائي
للشاعرة مايا أنجيلو
أحبائي!
أتساءل، في أية حياة وفي أية أصقاع من الأرض كنت قد عرفت وجوهكم المُشرقة المُحببة؟
وفي أية أصقاع كنت قد رأيت ضحكاتكم اللطيفة الجريئة؟
ومتى كنت قد عرفت فيكم كل تلك الأمور اللطيفة المُفرطة التي أحبها؟
وما الذي يؤكد لي بأننا سوف نتلاقى من جديد؟
نحن لابدّ أن نتلاقى في عوالم أخرى في وقت ما في المستقبل البعيد...
ولولا إيماني بهذا الوعد بلقاء سعيد آخر، لما كنت سأتعجّل رحيلي إلى ذلك العالم الآخر البعيد...
لمسة ملائكية
للشاعرة مايا أنجليو
نحن لم نعتَد على التخلص من اغترابنا بالبهجة
لذا فسوف نعيش يلفّنا غلاف الوحدة
إلى أن يترك الحب معبده المقدس
ويأتي لكي يُحرّرنا ويعيدنا إلى الحياة...
سوف يأتي الحب إلينا تتبعه النشوة
وتليه ذكريات المتع القديمة، وقصص المعاناة القديمة
ومع ذلك، لو كانت لدينا الجرأة، فسوف يُزيل الحب عن نفوسنا سلاسل الخوف التي تُقيدنا.
نحن نمنع عن أنفسنا ضوء المحبة يُقيدنا حياؤنا،
لكننا لو تخلصنا من حيائنا بتوهج الحب، فسوف نُدرك فجأة بأن الحب سوف يُكلفنا كل ما لدينا.
لكننا مع ذلك نعلم بأن الحب وحده هو الذي يمكن أن يُحرّرنا...
عندما أتقدم بالسن
للشاعرة مايا أنجيلو
عندما تروني جالسة بهدوء أشبه بكيس مُهمل تُرك على رف،
لا تعتقدوا بأنني أحتاج إلى التحاور مع أحدكم.
فأنا أصغي إلى ما في نفسي.
توقفوا ! توقفوا ! لاتشفقوا عليّ!
توقفوا عن تعاطفكم تجاهي.
فكل ما أطلبه منكم
بعض التفهّم لو كان بإمكانكم ذلك.
وإلا فلا حاجة لي إليكم!
عندما تتصلّب عظامي وتؤلمني
وعندما لا تُسعفني قدماي على صعود السلالم
لن أطلب منكم سوى خدمة واحدة فقط:
لا تجلبوا لي كرسيًّا متحركًا...
وعندما تروني أسير وأنا أتعثر
لا تفسّروا الأمر بشكل خاطئ
فإن كنت متعبة فهذا لا يعني أنني كسولة
وبأن كل شيء قد انتهى بالنسبة إليّ
فأنا لا أزال ذات الإنسانة التي كنت سابقًا
ربما بأقل بقليل من الشعر
وبأقل بكثير من القدرة على التنفس
لكن أليس من حسن حظي بأن يكون بإمكاني على الأقل أن أتنفس...
المرأة الاستثنائية
للشاعرة مايا أنجيلو
تتساءل السيدات الجميلات عن أين يكمُن سر سحري
أنا لست جميلة كما أن قامتي لا تتناسب مع حجم المرأة النموذجية...
وعندما أبدأ بإعلامهم عن السبب يعتقدون بأن ما أقوله ليس سوى أكاذيب...
أقول لهم:
بأن سحري يكمُن في طول ذراعي،
وفي ثبات خطوتي،
وفي التواء شفتي،
أما امرأةٌ...
استثنائية!
انا امرأة استثنائية
هذه هي أنا...
انا أدخل إلى مكان
بكل البرود الذي يُرضيكم
وبالنسبة للرجال...
فهم إما أن يقفوا
أو أن يركعوا تحت قدمي
ثم يحتشدون حولي
كما يحتشد أسراب النحل في خلية
أقول لهم:
هي النيران التي تنبعث من عيني
وهو وميض أسناني
وهو التمايل في مشيتي
أنا استثنائية...
امرأة استثنائية!
هذه هي أنا...
كان الرجال أنفسهم قد تساءلوا بعجب
عما يرونه بي؟
كانوا قد حاولوا كثيرًا معرفة ذلك
لكن ليس بإمكانهم أن
يكتشفوا ما يكمُن في روحي من سحر داخلي
وعندما أحاول إعلامهم بذلك
يقولون بأن ليس بإمكانهم مع ذلك أن يروا ذلك
أقول:
هو تقوّس ظهري
وهي رشاقة قامتي
أنا امرأة
استثنائية...
أنا امرأة استثنائية!
هذه هي أنا...
ربما تُدركون الآن
لِمَ لا أحني رأسي؟
ولِمَ لا أصرخ؟ ولِمَ لا أتراقص؟
لِمَ يكون عليّ أن أتحدث بصوت جهوري؟
علي أن أجعلكم تشعرون بالفخر...
عندما تروني أمرُّ إلى جانبكم.
لأنني امرأة استثنائية...!
هذه أنا...
أما الشاعر الكاتب الإفريقي الأمريكي لانغستون هوغ فقد حقق شهرته في قصيدته الشهيرة الي كانت بعنوان:
أحلم بعالم...
وكذلك بعد نشر قصائده التي كانت بعنوان:
الكآبة المنهكة...
أنا أيضًا...
الأسود يتحدث عن الأنهار...
أحلم بعالم
للشاعر لانغستون هوغس
أحلم بعالم لا يحتقر فيه الإنسان شقيقه الإنسان.
أحلم بعالم تسود فيه المحبة والسلام.
أحلم بعالم تتحقق فيه الحريّة.
أحلم بعالم يحصل فيه الجميع على العدالة.
أحلم بعالم لا يستنزف فيه النفوس الطمع.
أحلم بعالم لا يُتلفه البخل.
العالم الذي أحلم به هو العالم الذي يتقاسم فيه النعم السود والبيض وأي جنس آخر...
عالم يكون فيه كل رجل حرّ...
عالم يزول فيه الشقاء
وتكون فيه البهجة أشبه بلؤلؤة
عالم يحصل فيه كل الجنس البشري على احتياجاته...
هذا هو العالم الذي أحلم به...
أما الشاعر بول لورانس دانبر فكان من أول الشعراء الأفروأمريكيين وقد نُشرت له أول قصيدة شعرية وهو لا يزال في سن الرابعة عشر ومن أشهر مجموعاته الشعرية "أغنيات المحبة والضحك"، و"أغنيات الحياة المتواضعة"، و"أغنيات الشمس والظلال".
التعاطف
للشاعر بول لورانس دانبر
كم أشعر بالأسف لما يشعر به الطائر الحبيس في القفص!
عندما تُشرق الشمس على التلال...
وعندما تهب النسمات العليلة خلال العشب الندي في فصل الربيع...
وعندما تتدفق المياه الصافية في النهر بانعكاس أشبه بشعاع الشمس على الزجاج.
عندما يبدأ أول طائر بالتغريد
وتبدأ أول براعم الزهور بالتفتّح
وعندما يبدأ العطر بالانتشار بلطف من تيجان الزهور
فأنا أعلم ما الذي يشعر به حينذاك الطائر الحبيس!
وأعلم لِمَ يضرب الطائر الحبيس أجنحته بجدران القفص إلى أن تسيل دمائه عليها...
ذلك لأن عليه أن يطير إلى مَجثمه فوق غصن غضّ
ولأن سعادته تكون فوق غصن شجرة مُتأرجح
ولأن ألم المعاناة القديمة ينبض من جديد بأكثر من حدّة.
أنا أعلم لم يغرد الطائر الحبيس حتى عندما يكون جناحه مجروحًا.
وحتى عندما يكون صدره متقرحًا...
فعندما قد يتغلب ذلك الطائر على قضبان القفص...
وعندما قد يستطيع ذلك
لن يكون تغريده ترنيمة بهجة أو غبطة
وإنما هو دعاء وتوسل يُطلقه من أعماق قلبه نحو أعالي السماء...
أنا أعلم لِمَ يُغرد الطائر الحبيس في القفص!
إلى الأبد
للشاعر بول لورانس دانبر
لم أكن أعلم سابقًا بأن كلمة: إلى الأبد... كلمة الأمد... طويلة جدًّا!
ولم أكن قد سمعت من قبل الدقات البطيئة لساعة الوقت.
فمن العسير أن يعلم المرء بذلك بعد فوات الأوان.
يبدو أن على القلب الحزين الذي لا يعلم بالفعل سوى الآمال والثقة
على القلب الذي لا يعلم الشكوك والمخاوف أن ينزف ويحترق
لكن الليل ليس مظلمًا بالكامل
كما أن النهار ليس مشرقًا دومًا كما يبدو
فكلٌّ منهما بإمكانه أن يجلب لي هذا العزاء...
ويجعلني أحلم... وأحلم...
التدقيق اللغوي: خيرية الألمعي.