يمكننا التعرف على الفن الإسلامي بوجه عام من خلال تلك التصاميم الزخرفية والهندسية والفنية التطبيقية التي نشأت وتطورت وسادت في جميع المناطق والبلدان التي دخلها الإسلام وحكمها المسلمون، والممتدة - في القارات الثلاث آسيا وإفريقيا وأوروبا- من شبه القارة الهندية والمحيط الهندي وتخوم الصين شرقا إلى الأندلس والمحيط الأطلسي غربا، وكان مولد هذا الفن في القرنين السابع والثامن الميلاديين (ق1و2هـ) معتمدا على فنون الحضارات السابقة وعلى رأسها الساسانية والبيزنطية والهلينستية، ثم نما وبلغ درجة الإبداع ونضجت شخصيته الإسلامية ووضحت مميزاته وخصائصه المميزة والفريدة خلال القرون الثامن والتاسع والعاشر الميلادية (ق2و3و4هـ)، ثم ترعرع وبلغ عنفوانه خلال القرنين الثالث عشر والرابع عشر الميلاديين (ق7و8هـ)، ثم دب إليه الضعف والهرم منذ القرن الثامن عشر الميلادي (ق11هـ) بعد أن تأثر الفنانون والصناع في ديار الإسلام بمنتجات الفنون الأوربية خلال عصر نهضتها.
وهو يعبِّر عن آثار الثقافة المادية التي أنتجها الفنانون المسلمون وغير المسلمين الذين عاشوا في كيانات اجتماعية وثقافية تأثرت بقوة أنماط الحياة والفكر التي تُميز الإسلام وعقيدته؛ فهو ظاهرة ثقافية أبدعها المسلمون باختلاف أجناسهم من عرب وفرس وترك وغيرهم، وهو فن دنيوي جاء ملبيا لحاجات كل من البلاط المتمثل في الحكام والخلفاء والأمراء ورجال الدولة وأيضا الشعوب على حدٍ سواء.
وإن الفن الإسلامي بوجه عام قد مر بعدد من المراحل الفنية الأساسية تسمى المرحلة الواحدة باسم "طراز" وهو أسلوب من الزخرفة ساد وانتشر في فترة تاريخية محددة، ملائم لأمزجة حكام تلك الفترة وتحت رعايتهم، وأيضا قد يرتبط بإقليم معين في فترة محددة تحت رعاية الأسر الحاكمة.
فقد مر الفن الإسلامي بالطراز الأموي أولا، ثم الطراز العباسي بعد سقوط بني أمية سنة 750م، ولما ضعفت الدولة العباسية في القرن التاسع الميلادي (3هـ) وخلفتها إمارات ودول مستقلة في الأقاليم الإسلامية المختلفة (الدولة السلجوقية والفاطمية والأدارسية وغيرها)، بدأت تقوم على أنقاض الطراز العباسي أساليب فنية محلية يمكن تمييز كل منها، ولا سيما في ميدان العمارة؛ لأن منتجات الفنون التطبيقية كان من السهل نقلها من إقليم إلى آخر، والتأثر بالأساليب الفنية فيها.
فقد كان الفن الإسلامي بعد سقوط العباسيين في العراق نهائيا (سنة 656هـ/ 1258م) يشتمل على طراز إسباني مغربي قام في شمال إفريقية والأندلس، وعلى طراز مصري سوري قام في مصر والشام (دولة المماليك)، كما يشتمل على طراز فارسي في إيران (الدولة المغولية والتيمورية والتركمانية والصفوية والقاجارية)، وطراز عثماني في الأناضول، وطراز مغولي هندي في شبه القارة الهندية، وكان أيضا وثيق الصلة بفن صقلي نورمندي في جزيرة صقلية، وبفنون المدجننين والمستعربين وهي فنون قامت في إسبانيا بعد زوال سلطان المسلمين عنها.
وفي اللغة العربية استعملت كلمة "فن" حديثا عوضا عن كلمة "صناعة" المتعارف عليها قديما، فكل ما اقترن بكلمة "فن" وبخاصة الفنون الجميلة عرفه المسلمون تحت عنوان "الصناعة أو الصنائع أو الصنعة" حيث كانوا يقولون صناعة الأدب وصناعة الشعر وصناعة الموسيقى والغناء وصناعة البناء وصناعة الرسم ... إلخ، وكذلك يندرج التزيين والزخرفة بأنواعها تحت عنوان "الصناعة" قديما أو "الفن" حديثا.
ويشمل الفن الإسلامي مجموع الحرف أو الصناعات التي أنتجها المسلمون برعاية الحكام والأمراء، والتي تتمثل في فنون العمارة بأنواعها وأنماط زخرفتها وأيضا التحف الفنية التطبيقية بأنواعها (خزف نسيج خشب معادن...إلخ) وطرق وأنماط زخرفتها، وكذلك الورق والمخطوطات وأساليب زخرفتها وتزيينها.
أما فن المنمنمات (Miniatures) فهو فن توشيح النصوص بواسطة التصاوير أو الرسوم التوضيحية المصغرة، ويعتبر أحد أهم فروع الفن الإسلامي وأحد المجالات الفنية في التراث الإسلامي، ويندرج أيضا تحت ما يسمى بـ "فن الكتاب" (Art of Book)؛ وهو فن زخرفة وتذهيب وتزيين وتزويق الكتب أو المخطوطات.
وكلمة منمنمة في المعجم الوجيز تعني الشيء المزخرف والمزركش، ونمنم الشيء أي زركشه وزخرفه، والنمنمة هي التصوير الدقيق الذي يزين صفحة أو صفحات كتاب أو مخطوط، ومظاهرها الدقة في التصوير وتنميق المخطوط بالرسوم والألوان، وهي الصور والرسوم التوضيحية في الكتب والمخطوطات التي أنتجتها الحضارة الإسلامية، وتتميز هذه الصور رغم صغرها بكثرة تفاصيلها ودقتها وكثرة العناصر الفنية أو التشكيلية كالآدمية والحيوانية والنباتية وغيرها.
وفن المنمنمات الإسلامية هو فن التصوير الإسلامي في المخطوطات، وذلك باستخدام تقنية الألوان المائية والذهب على الورق. ويُعرَّف فن التصوير الإسلامي بوجه عام بأنه فن زخرفة المنتجات الحضارية الإسلامية كالعمارة والتحف الفنية (التطبيقية) والورق أو المخطوطات بالصور والرسوم؛ والتي تحتوي على جميع العناصر الفنية التشكيلية كالرسوم الآدمية والحيوانية والنباتية والعمائر والأثاث والتحف بأنواعها.
وبالتالي فإنه لا يمكننا دراسة التصوير الإسلامي إلا من خلال الصور والرسوم على الجدران (العمائر) وعلى التحف الفنية التطبيقية (خزف ونسيج وسجاد ومعادن وغيرها) وكذلك على الورق والمخطوطات.
وهذا النوع من الفن (المنمنمات) هو ما يسمي أيضا بفن تزويق المخطوطات، ومصطلح "التزويق" يختلف عن "التزيين"؛ فإن "التزيين" يعني زخرفة متنوعة ليست لها علاقة بالنصوص مثل الحليات والتذهيب والزخارف الجمالية بأنواعها، ولكن "التزويق" يعني الزخرفة التي تبرز المشاهد في علاقة مباشرة مع النص، أو هي تمثيلات بالأشياء والأشخاص والمشاهد التي تكون في علاقة مع النص المكتوب.
وإن معظم العمائر الإسلامية المتبقية مزخرفة بالكتابات المختلفة والزخارف النباتية والهندسية المتنوعة، ونادرا ما يوجد عمائر مزخرفة بصور أو موضوعات أو مشاهد تصويرية، أما التحف التطبيقية المتبقية فهي قليلة، وتتنوع زخرفتها بين الزخارف الكتابية والنباتية والهندسية وبين الموضوعات والمشاهد التصويرية التي تحوي عناصر آدمية وحيوانية، أما المخطوطات فبالرغم مما تعرضت له من تدمير وتلف إلا أنه ما زال يوجد منها عدد كبير من النسخ المصورة والمزوقة بتصاوير كثيرة يتضح من خلالها طرز وأساليب فنية مختلفة (المدارس) نشأت وتطورت في العصور والأقاليم الإسلامية المختلفة؛ فلذلك تعتبر تصاوير المخطوطات هي المصدر الرئيس والعمود الفقري لدارسة التصوير الإسلامي ومدارسه، حيث كانت المخطوطات ميدانا واسعا للفنانين والمصورين لإبراز مواهبهم الفنية وإرضاء أمزجة رعاة الفنون من الحكام والأمراء وغيرهم.
ولقد نشأ فن المنمنمات الإسلامية بعد استخدام العرب للورق أو الكاغد بعد نقل صناعته من الصين كبديل للرق والبردي، حيث كان العرب بعد الإسلام يكتبون على الرق (الجلد) والبردي المصري في البداية، غير أنهم لم يلبثوا أن استخدموا الورق، وساعد على اتخاذهم للورق أنهم كانوا يشجعون العلم ويحرصون على التدوين والتأليف. وقد عرف العرب صناعة الورق عندما فتحوا بلاد ما وراء النهر واستولوا على بخارى وسمرقند وساروا نحو حدود الصين؛ حيث قام الأمير زياد بن صالح بإدخال هذه الصناعة إلى سمرقند خلال القرن الثامن الميلادي (ق 2هـ) على يد جماعة من الأسرى الصينيين سنة 751م، وعملوا على تحسينها فاستخدموا فيها الكتان والقطن، ومن ثم ازدهرت صناعة الورق في سمرقند وصارت تصدره إلى سائر أنحاء العالم الإسلامي.
وقد أمر أبو جعفر المنصور ثاني الخلفاء العباسيين (136- 158هـ/ 754- 772م) بالتوسع في صناعة الورق نظرا لقلة تكاليفه كما منع استخدام البردي في الأعمال الحكومية لغلاء ثمنه. وفي عهد هارون الرشيد (170- 193هـ/ 787- 808م) نقلت صناعة الورق إلى بغداد عاصمة الخلافة العباسية، حيث أنشئ أول مصنع للورق في بغداد بإشارة من الفضل بن يحيي البرمكي الذي كان عاملا على خراسان في سنة 794م، وقد أمر أخوه جعفر بن يحيي البرمكي وزير الرشيد بإحلال الورق محل الرق في المكاتبات الرسمية. وعلى غرار مصانع بغداد أنشئت مصانع للورق في مختلف حواضر وعواصم العالم الإسلامي ومنذ القرن العاشر الميلادي وجدت صناعته بالإضافة إلى العراق في سوريا ومصر، ثم انتشرت في الشام وإيران وأسيا الوسطى والأندلس وشمال أفريقيا والمغرب وبلاد العرب واليمن. وكان من المدن المشهورة في هذه الصناعة سمرقند وبغداد ودمشق وطبرية والقاهرة وطرابلس الشام وفاس وبلنسية. وظلت سمرقند حتى القرن العاشر الميلادي تنتج أحسن أنواع الورق؛ ولكن منذ القرن الحادي عشر الميلادي أخذ ينافسها في ذلك المدن الأخرى.
ثم انتقلت صناعة الورق من الشرق الأوسط والأندلس إلى أوربا حيث تأسست أول صناعة للورق في إيطاليا بفبريانو سنة (1276م)، ثم علا شأنها لا سيما بعد تدهور الصناعة في إسبانيا (الأندلس) نفسها، وانتشرت المصانع في إيطاليا وفرنسا وألمانيا بعد ذلك خلال القرنين (13و14م)، ثم في إنجلترا في أوائل القرن (16م).
هذا وقد أدي انتشار الورق وصناعته في العالم العربي والإسلامي إلى ظهور مهنة اشتق اسمها من الورق وهي مهنة الوراقة، وهي كما عرفها ابن خلدون "معاناة الكتب بالانتساخ والتصحيح والتجليد وسائر الأمور الكُتُبيِّة والدواوين". فالوراقة مهمة انتساخ الكتب وتصحيحيها ونشرها بين الناس، بالإضافة إلى التجليد والتذهيب وبيع الورق والأقلام والمحابر، أي أن الوراقين كانوا يقومون بما تقوم به دور النشر في العصر الحديث.
ولقد اهتم العرب والمسلمون اهتماما كبيرا وغير مسبوق بفن صناعة الكتب بشكل عام، والذي كان يعمل به مجموعة من أرباب الحرف مثل النساخين والمجلدين والمذهبين والمصورين.
ونظرا لموقف الإسلام من التصوير فقد كانت مكانة المصور أقل من مكانة الخطاط والمذهب والمجلد، وكان المصور تابعا للخطاط؛ فعليه أن ينتظر فراغ الناسخ أو الخطاط من كتابة المخطوط ثم يبدأ هو بتوضيح النصوص بالتصاوير في حدود ما يتركه له من مساحة في صفحات المخطوط.
هذا وتوجد الكثير من الدلائل المتنوعة ما بين تاريخية مدونة وأثرية محفوظة تشير إلي اهتمام العرب والمسلمين بتصوير المخطوطات منذ القرون الإسلامية الأولى:
فمن الدلائل التاريخية على سبيل المثال ما يحمله كتاب كليلة ودمنة في سطوره ما يؤكد أنه كان مصورًا حين ترجمه ابن المقفع في زمن أبي جعفر المنصور (ت 158هـ)، حيث يُقرأ فيه أنه "قد ينبغي للناظر في كتابنا هذا ألا تكون غايته التصفح لتزاويقه"، ويقرأ أيضا أنه من أغراض الكتاب الأربعة "إظهار خيالات الحيوان بصنوف الأصباغ والألوان ليكون أنسا لقلوب الملوك ويكون حرصهم عليه أشد للنزهة في تلك العصور"، و"أن يكون على هذه الصفة فيتخذه الملوك والسوقة فيكثر بذلك انتساخه ولا يبطل فيخلق على مرور الأيام ولينتفع بذلك المصور والناسخ أبدا"، وقد ذكر هذا الكتاب المؤرخ ابن طولون الصالحي ضمن الكتب المصورة، وأضاف أنه وقف على كتاب العرس والعرايس للجاحظ وكتاب الديارات للشابشتي مصورين، والكتاب الأول يرجع إلى النصف الأول من القرن الثالث الهجري، في حين يرجع الكتاب الثاني إلى القرن الرابع الهجري.
ومن الدلائل الأثرية المحفوظة مجموعة من الأوراق المصورة عُثر عليها في مصر بالفيوم، وهي محفوظة في مجموعة الأرشيدوق راينر في المكتبة الأهلية في فيينا، ومنها ورقة تشمل منظرا جنسيا مؤلفا من رجل وامرأة يوضح المتن المصاحب له(سجل مرقم بـAr.2561)، وترجع إلى القرن (3هـ/ 9م) وذلك بناءً على أسلوب خط الكتابة الموجودة علي الورقة نفسها، وفي المجموعة نفسها تصويره على جزء من ورقة كانت تؤلف الورقة الأخيرة من مخطوطة (سجل مرقم بـ Ar.25612)، وعلى أحد وجهيها نص مكتوب يليه التصويرة التي تتألف من رسم شجرة إلى جانبها بناء مدرج الشكل، ويرى بعض العلماء أن هذه التصويرة ربما ترجع إلى العصر الطولوني (254-292هـ / 868-905م). وفي هذه المجموعة أيضًا تصويرة على ورقة صفراء (سجل مرقم بـAr.25615) عليها كتابة يرجع أسلوبها إلى نهاية القرن (3هـ/ 9م)، وبها رسم يمثل رجلا ملتحيًا يرتدي ملابس طويلة، وإلى جانبه زخارف لولبية تشبه زخارف سامراء والزخارف الطولونية على الخشب والجص؛ مما يؤيد نسبة الصورة إلى عصر الطولونيين.
ومن هذه التصاوير أيضًا ورقة (مرقمة بـAr.954) على ظهرها توقيع المصور "أبو تميم حيدرا" وفي أسفل الرسم عبارة بالخط النسخ من أسلوب القرن (4هـ / 10م)، ويمثل الرسم فارسًا منطلقًا بفرسه، وعلى رأسه غطاء رأسي مخروطي الشكل يشبه الطرطور، ويمسك بيده اليمني رمحًا وباليسرى درعًا. ومنها أيضا تصويرة على ورقة (مرقمة بـAr. 13682) قد انتزعت من مخطوطة مزوقة يُعتقد -على أساس الخط- أنها ترجع إلى القرن (4هـ / 10م)، وتتألف الصورة من رسم كلب أمامه إناء يشبه القلة. (لوحة1). ومنها أيضا قطعة أخرى من الورق (Ar.2575) تؤلف جزءًا من الورقة الأولى من مخطوط، ومزوقة بصورة لم يبق منها إلا رسم طائرين متقابلين، ورجلين يرتديان ثيابا فاخرة، أحدهما يجلس على دكة منخفضة، وفي يده اليمنى كأس (لوحة 2)، ويُعتقد أن هذه الصورة ترجع إلى القرن (4هـ / 10م).
لوحة 1: جزء من ورقة متبقية من مخطوط عليها رسم كلب أمامه إناء يشبه القلة. محفوظة بمجموعة الأرشيدوق راينر في المكتبة الأهلية في فيينا. مصر، القرن (4هـ/10م).
عن : Grohman and Arnord, The Islamic Book, pl.4A
لوحة 2: جزء متبقٍ من الورقة الأولى من مخطوط عليها رسم طائرين متقابلين، ورجلين يرتديان ثيابا فاخرة. محفوظة بمجموعة الأرشيدوق راينر في المكتبة الأهلية في فيينا. مصر، القرن (4هـ / 10م).
عن : Grohman and Arnord, The Islamic Book, pl.4B
وفي متحف الفن الإسلامي بالقاهرة توجد ورقة أخرى (رقم13703) عليها تصويرة ترجع نسبتها إلى العصر الفاطمي في القرن (4هـ / 10م) وتشتمل التصويرة على رسوم رجلين بينهما زخرفة نباتية فاطمية الطراز ذات زهور وأوراق وأغصان زخرفية، فضلا عن رسم أربعة طيور جميلة، وفوقهما شريط
من الكتابة الكوفية المزهرة نصها "عز وإقبال للقائد أبو منص".
وفي المتحف البريطاني بلندن ورقة عليها رسم شعبي يمثل معركة حربية ترجع إلى مصر في القرن (5 أو 6هـ/ 11 أو 12م) ويوضح الرسم فرسانًا يهاجمون قلعة وقف على أسوارها وأبراجها حماتها يدافعون عنها بالسهام. (لوحة 3).
لوحة 3: جزء من ورقة متبقية من مخطوط عليها رسم شعبي يمثل معركة حربية. محفوظة بالمتحف البريطاني في لندن. مصر، القرن الخامس أو السادس الهجري (الحادي عشر أو الثاني عشر ميلادي). عن:
Bernard lewis, The World of Islam, p 126, fig 3
ويبدو أن الكتب المصورة كانت قد بدأت تذيع وتنتشر وتستلفت نظر الناس، حتى إذا وصلنا إلي النصف الأول من القرن الخامس الهجري وجدنا أن الوزير الفاطمي أبا الحسن اليازوري – الذي كان من هواة التصوير– كان أحب شيء إليه كتاب مصور أو النظر إلى صورة أو تزويق كما يروي المقريزي.
ومعنى هذا أنه قبل حلول القرن الخامس الهجري (11م) وُجدت كتب مصورة ووُجد لها معجبون يحرصون على اقتنائها. وأكثر من هذا فلقد ظهرت في المجتمع العربي طبقة جديدة هي طبقة المصورين أو المزوقين تمارس عملها في الكتب وفي غيرها من الصور المفردة، وبلغت تلك الفئة من الكثرة ومن اهتمام الناس بها إلى حد أن صُنفت الكتب في أخبارها وطبقات أصحابها. ففي أول كتاب الفهرست يعدنا ابن النديم أن يحدثنا عن الفن الأول من المقالة الثامنة عن أخبار "المسامرين والمخرفين والمصورين وأسماء الكتب المصنفة في الأسمار والخرافات"، ولكن عندما نأتي إلى موضع هذا الفن من الكتاب نجده يُسقط المصورين من الحساب، وأكبر الظن أن هذا الجزء من الكتاب قد فُقد، وربما بمحض الصدفة وربما عمدًا.
ويذكر لنا المقريزي نقلا عن القضاعي (5هـ/ 11م) كتابًا في طبقات المصورين بعنوان "ضوء النبراس وأنس الجلاس في أخبار المزوقين من الناس"، ولعل هذا الكتاب الذي لم يُبق لنا التاريخ منه غير عنوانه كان من أوائل الكتب التي أُلفت في هذا الموضوع، وهو يدل دلالة قاطعة على أن التصوير كان قد أصبح قبل القرن الخامس الهجري الذي توفي فيه المؤرخ القضاعي فنًا معترفًا به يمارسه عدد لا بأس به من الناس.
ومما سبق يتضح أن الصور والرسوم قد عرفت طريقها إلى المخطوط العربي منذ منتصف القرن الثاني الهجري على وجه التقريب، ولكنها كانت في أول عهدها بسيطة لا تعدو أن تكون مجرد خطوط تحدد الأشكال، يرسمها الناسخ بقلمه بعد الفراغ من كتابته للنص دون أن يستعمل فيها أي نوع من الألوان أو الظل. ويبدو أن بعض الخطاطين كانوا يمارسون تزويق المخطوطات بأنفسهم حتى القرن (7هـ/ 13م)، فلم يكن هناك حينئذ حد فاصل بين عمل الناسخ والمصور والمذهب، وأهم دليل على ذلك وجود نسخة من مخطوط مقامات الحريري محفوظة في المكتبة الأهلية بباريس برقم (5847) كتبها وحلاها بالزخارف والرسوم يحيى بن محمود بن أبي الحسن الواسطي في سنة (634هـ).
ودليل آخر علي ذلك أنه من بين الأشخاص الذين اشتهروا بحسن الخط وجودة التصوير محمد بن أحمد بن عبد الله بن صابر السُّلمي الكاتب (ت 637هـ /1239م)، والذي يقول عنه ابن أيبك الصفدي (ت764هـ) إنه كتب الخط المنسوب، وتصويره أحسن وأعلى طبقة من خطه، وكان مغرما بأن ينسخ الكتاب ويصوره مثل كتاب "ديوان أبي النواس" رواية حمزة الأصبهاني، وكتاب "فلك المعاني" لابن الهبارية وغير ذلك. وذكر الصفدي أيضًا أنه ملك بخطه وتصويره كتاب "فلك المعاني"، والذي ذكر في آخره أنه كتبه وصوره في المحرم سنة ثماني عشرة وستمائة.
هذا ويُذكر أن أقدم المخطوطات الأدبية العربية المصورة الباقية حتى الآن لا يمكن أن ترجع إلى ما قبل –الغزو المغولي- القرن الثالث عشر بعد الميلاد (7هـ)، وأقدم هذه الكتب هو كتاب "كليلة ودمنة" الذي ترجمه عبد الله بن المقفع في زمن أبي جعفر المنصور(ت 158هـ) والذي كانت نسخته الأصلية مزدانة بالصور (كما سبق). والنسخة المخطوطة الأقدم من هذا الكتاب المحفوظة في المكتبة الوطنية في باريس (رقمar.3465) والتي رُجحت أنها كُتبت في الشام بين سنتي (600 - 620هـ/ 1203م - 1223م) تعد أقدم نسخة كاملة لمخطوط عربي أدبي مصور.
وأيضًا ترجع أقدم المخطوطات الإسلامية الفارسية (من إيران) المصورة إلى القرن (7هـ/ 13م)، مثل نسخة لمخطوط "مفيد الخاص" للرازي والمحفوظة في ضريح الإمام الرضا بمشهد، ونسخة من "منافع الحيوان" لابن بختيشوع والمحفوظة في مكتبة مورجان بنيويورك، ونسخة من "كليلة ودمنة" لابن المقفع (نسخة فارسية) والمحفوظة في متحف ورشستر للفن بنيويورك.
وأما بالنسبة لأقدم المخطوطات العلمية المصورة المعروفة والباقية حتى الآن، فتتمثل في بعض المخطوطات الفلكية والهيئة العربية مثل نسخة من مخطوط "صور الكواكب" لأبي الحسن عبد الرحمن بن عمر الصوفي (ت 376هـ/ 986م)، والمحفوظة في مكتبة البودليانا بأكسفورد (برقم marsh144)، وهي كتبت في نهاية القرن الرابع الهجري (10م) ، ونسخة أخرى من الكتاب نفسه محفوظة في مكتبة توبكابي سراي بإستانبول (برقم 2439) كتبت سنة 526هـ وتضم 26 صورة (أو شكل)، ونسخة ثالثة بمكتبة الفاتح بإستانبول (برقم 3422) يرجع تاريخها إلى سنة (530هـ).
وأيضا تتمثل أقدم المخطوطات العلمية في بعض المؤلفات الجغرافية (المصورة) مثل نسخة من مخطوط "المسالك والممالك" المعروف بـ "صورة الأرض" لابن حوقل، والمحفوظة في مكتبة أحمد الثالث بإستانبول (برقم 3346) وكتبت سنة (479هـ).
وكذلك نسخة من مخطوط "تحديد نهايات الأماكن لتصحيح مسافات المساكن" لأبي الريحان البيروني (ت 440هـ)، والذي يعد أول من تطرق إلى وضع حساب المثلثات الرياضية في خدمة الجغرافيا الأرضية، ومن حسن الحظ أن هذه النسخة من خط البيروني نفسه وكتبت في غزنه سنة (416هـ)، وتشتمل على أشكال حساب المثلثات المستخدمة، وقد قام بتحقيق هذه النسخة المستشرق ب- بولجاكوف وراجعها إمام إبراهيم أحمد، وصدرت بدلا من المجلد الثامن من مجلة معهد المخطوطات العربية في سنة1964م.
وأيضًا تتمثل أقدم المخطوطات العلمية في بعض المؤلفات الطبية والهندسية والبيطرية؛ مثل نسخة قديمة من مخطوط "التصريف لمن عجز عن التأليف" للطبيب الأندلسي أبي القاسم خلف بن عباس الزهراوي (ت 427هـ/1036م)، وكتبت سنة (584هـ)، ومحفوظة في مكتبة خدابخش بتنه بالهند (برقم 2146) وموضحة برسوم لآلات الجراحة تمثل مباضع ومناشير ومجارد ومقاطع. (لوحة 4).
لوحة 4 : أشكال للآلات الجراحية. من مخطوط "التصريف لمن عجز عن التأليف" لأبي القاسم الزهراوي (ت 404هـ / 1013م) بالأندلس.
عن : Bernard lewis, The World of Islam, p 191, fig 12
ونسخة من مخطوط "مجموع في الطب"، محفوظة في دار الكتب المصرية تحت رقم (100 طب تيمور)، وكتبت سنة (592هـ/1196م). وهذه النسخة تحتوي على كتاب "تذكرة الكحالين" لعلي بن عيسي الموصلي، وهو يشتمل على دوائر ورسوم للعين، وأيضا على كتاب "علل العيون وعلاجها" لحنين بن إسحاق، وبه أيضًا صور ملونة للعين. (لوحة 5).
لوحة 5 : رسمان توضيحيان لتشريح العين وأجزائها في صفحتين متقابلتين. من مخطوط "مجموع في الطب" والمشتمل على مجموعة كتب منها كتاب "تذكرة الكحالين" لعلي بن عيسي الموصلي وكتاب "علل العيون وعلاجها" لحنين بن إسحاق، كتب سنة (592هـ/1196م)، محفوظ بدار الكتب المصرية تحت رقم (100 طب تيمور).
ونسخة من مخطوط "الترياق" لجالنيوس محفوظة في المكتبة الوطنية بباريس (برقم 2964)، وكتبت سنة (595هـ/1169م)، وهي النسخة التي اكتشفها ودرسها الدكتور بشر فارس. (لوحة 6).
لوحة 6: الطبيب أندروماخس يراقب أعمال الزراعة. صورة توضيحية من مخطوط "الترياق" لجالنيوس. المحفوظ بالمكتبة الأهلية في باريس (برقم 2964). الموصل (العراق)، سنة (595هـ/ 1199م.
عن David Talbot Rice, Islamic Art, pl. 98
ونسخة من مخطوط "الحيل الجامع بين العلم والعمل النافع" (الحيل الهندسية) لأبي العز بن إسماعيل الرزاز الجزري، الذي كلفه بتأليفه السلطان نور الدين محمد بن قرا أرسلان (أحد سلاطين بني الأرتق في ديار بكر بالعراق) سنة (577هـ/1181م)، وأتم الجزري الكتاب في سنة (602هـ/1206م) في عهد ولاية السلطان الصالح ناصر الدين محمود، والنسخة محفوظة في مكتبة متحف توبكابي سراي باستانبول (برقم 3472) وتعد هي أقدم نسخ هذا المخطوط حيث كُتبت في سنة (602هـ/1206م) نقلا عن النسخة الأصلية في نفس العام الذي أتم فيه الجزري تأليف كتابه.
ونسخة من مخطوط "مختصر البيطرة" لأحمد بن الحسن بن الأحنف، منه نسخة محفوظة في دار الكتب المصرية (تحت رقم 8 طب خليل آغا) وكتبت في سنة (605هـ/1209م)، ونسخة أخرى من المخطوط نفسه ومن عمل الخطاط نفسه (علي بن الحسن بن هبة الله) كتبت في سنة (606هـ/1210م) ومحفوظة في متحف توبكابي سراي في إستانبول.
وهذا علاوة على نسخة نادرة مصورة وغير مؤرخة من مخطوط "بيطرنامه" المحفوظة بدار الكتب المصرية (تحت رقم 49 ط.م)، وقد سبق لي دراستها وتأريخها؛ حيث تعود إلى مدينة الموصل خلال القرن (6هـ/12م).(لوحة 7).
لوحة 7 : علاج مرض الدود في البطن. صورة من مخطوط "بيطرنامه" المحفوظ بدار الكتب المصرية تحت رقم (49 ط.م)
عن : تامر مندور، دراسة أثرية فنية لتصاوير مخطوط بيطرنامه، لوحة 8
ومن الجدير بالملاحظة أن المخطوطات العربية المصورة والمؤرخة والمنسوبة لبلاد الرافدين، والمحفوظة في المكتبات والمتاحف العالمية نادرة، إلا أن دراستها تشير إلى استمرار فن التصوير في المخطوطات العربية حتى نهاية القرن الثاني عشر الميلادي وقبل هجمة المغول في منتصف القرن الثالث عشر الميلادي (7ه)، وتتوزع أماكن إنتاج هذه المخطوطات بين بغداد العاصمة والموصل وما يحيط بها، بحيث كان يوجد ورشات عمل للتصوير والنسخ في البصرة والكوفة، بالإضافة إلى بعض الأماكن العليا مثل ديار بكر وفي شمال سوريا.
وبناءً على دراسة التصاوير المتبقية على الورق المحفوظ في مجموعة الأرشيدوق راينر، وفي المتحف الفني الإسلامي وغيرها، وكذلك التصاوير المتبقية في المخطوطات الكاملة التي ترجع إلى عصور مبكرة مثل القرن الرابع و الخامس والسادس من الهجرة؛ فيُلاحظ أن فن تحلية الكتاب الإسلامي والعربي على الخصوص بالتصاوير والرسوم (المنمنمات) قد وصل إلى درجة متميزة من التفوق الفني قبل نهاية القرن الرابع الهجري، ويكفي أن نأخذ (اللوحة 2) نموذجًا ومثالا لما بلغه هذا الفن من دقة وروعة في هذا الزمان (القرن 4هـ/10م) فإن ما بها من الصور والزخارف الملونة والمذهبة يدل على الكمال وعلى درجة من الفن لا تتوقع في مثل تلك الفترة المبكرة، ويوحي بالتقدم الرائع الذي وُجد في زخارف المخطوطات المتأخرة، كما ذكر جروهمان.
وبالإضافة إلى ما سبق فهناك العشرات بل المئات من المخطوطات الإسلامية والأوراق المصورة المتبقية والمحفوظة في دور الكتب والمتاحف والمجموعات الفنية على مستوى العالم؛ فهي التي تحتوي على المنمنمات الإسلامية بأنواعها وأساليبها الفنية المتعددة والمختلفة، والتي انتشرت في مختلف أقاليم العالم الإسلامي وخلال العصور الإسلامية المتوالية منذ القرن (4هـ/10م) وحتى القرن (13هـ/19م).
وتنقسم المنمنمات الإسلامية في المخطوطات الإسلامية (العربية والفارسية والتركية) المحفوظة في دور الكتب والمتاحف والمجموعات الخاصة بكثير من دول العالم إلى ثلاثة أنواع أساسية:
أما النوع الأول من منمنمات المخطوطات الإسلامية: (لوحات 8، 9، 10،11)، وأيضا (لوحات 12: 20) فهو يحمل غرضا ذا مدلول اجتماعي يتمثل في رسوم الأشخاص وأزيائهم وأدواتهم وكذلك الحيوانات والتحف التطبيقية والخلفيات الطبيعية والمعمارية وغيرها، وهدفه يتمثل في الترويح عن النفس بالإمتاع والتسلية بالنظر إلى التصاوير المعبرة ذات الألوان الزاهية الجميلة، وهنا تكون وظيفة المنمنمة (الصورة) شرح أو حكي النص بالرسم التوضيحي أو عرض مضمونه بشكل مرئي. ويشمل هذا النوع جميع التصاوير التي توضح نصوص الكتب الأدبية والتاريخية على الخصوص، فهذه الكتب والمخطوطات تضم إلى جانب القيمة الأدبية والتاريخية قيمة فنية أخرى.
لوحة 8: حاملو أعلام ورايات الخليفة أثناء الاحتفالات برؤية هلال العيد، صورة من مخطوط مقامات الحريري (المقامة السابعة)، المحفوظ بالمكتبة الأهلية في باريس برقم
(Ms. arabe 5847)بغداد، سنة (634هـ/ 1237م)
عن David Talbot Rice, Islamic Art, pl. 108
لوحة 9: السفراء المسلمون في بلاط النجاشي ملك الحبشة. صورة من مخطوط "جامع التواريخ" للوزير رشيد الدين، المحفوظ في مكتبة جامعة أدنبره تحت رقم ((No. 20. الرشيدية (تبريز)، سنة (707هـ/ 1306م)
عن: David Talbot Rice, Islamic Art, pl. 115
لوحة 10: أمير ورفاقه في زيارة إلى صوفي، صورة من مخطوط "صفات العاشقين" لمحمد بن عبد الله الإستراباذي، المحفوظ بدار الكتب المصرية تحت رقم (114م أدب فارسي). إيران، سنة (929هـ/ 1522م).
لوحة 11: الراعي ودارا ملك الفرس. صورة من مخطوط "بوستان سعدي"، محفوظ بدار الكتب المصرية تحت رقم (22م أدب فارسي). هراة، من عمل المصور بهزاد، سنة (893هـ/ 1488م).)
ومن أهم الكتب والمخطوطات الأدبية الإسلامية (العربية والفارسية والتركية الجغتائية أو الشرقية) التي تحوي هذا النوع من المنمنمات؛ كتاب "كليلة ودمنة" لعبد الله بن المقفع، و"مقامات الحريري" لأبي محمد القاسم بن علي الحريري، و"الأغاني" لأبي الفرج الأصفهاني، و"دمعة الباكي" لابن فضل الله العمري. و"الشاهنامه" أي "كتاب الملوك" لأبي القاسم الفردوسي، و"المثنوي المعنوي" أي "العروش السبعة" لجلال الدين الرومي، و"خمسة نظامي" أو "الكنوز الخمسة" لنظامي الكنجوي، و"ديوان حافظ" لحافظ الشيرازي، و"بستان سعدي" لسعدي الشيرازي، و"الجلستان" لسعدي الشيرازي، وديوان مير علي شيرنوائي، وغيرهم. ومنها كذلك مخطوطات باللغة الأردية ككتاب "كليات سودا" لميرزا محمد رفيع سودا وغيره.
ومن أهم الكتب والمخطوطات التاريخية الإسلامية (أغلبها فارسية ثم تركية جغتائية وعثمانية) التي تحوي هذا النوع من المنمنمات؛ كتاب "جامع التواريخ" للوزير رشيد الدين، و"تاريخ الطبري" (نسخ فارسية)، و"تيمور نامه" و"أكبر نامه" و"بابر نامه" و"سليمان نامه" وغيرهم.
هذا ويمكننا إضافة المنمنمات التي توضح نصوص بعض نوادر الكتب والمخطوطات (عربية وفارسية) الدينية أو ذات الطابع الديني والتي تم إنتاجها في عصور ازدهار الحضارة الإسلامية إلى هذا النوع الأول من المنمنمات ذات المدلول الاجتماعي، ومنها مخطوطات إسلامية كمثل "الآثار الباقية عن القرون الخالية" لأبي الريحان البيروني، و"معراج نامه"، ومنها مخطوطات مسيحية كمثل "الأربع بشائر" و"الرسائل وأعمال الرسل".
وهذا النوع الأول يعبر بحق عن الأساليب الفنية المختلفة للمنمنمات الإسلامية وتطورها من عصر لآخر وإقليم لآخر؛ حيث كانت المخطوطات الأدبية والتاريخية (الفارسية والتركية على الخصوص) ميدانا خصبا للفنانين والمصورين لإبراز مواهبهم وأفكارهم تحت رعاية وتوجيه من الحكام والأمراء، وهذه الأساليب الفنية هي ما اصطلح على تسميته مدراس التصوير الإسلامي (كما سيأتي).
أما النوع الثاني من منمنمات المخطوطات الإسلامية: (راجع اللوحاتين 6و7)
فهو يحمل غرضين أحدهما ذو مدلول اجتماعي (كما سبق) وهدفه الإمتاع والمؤانسة، والآخر ذو مدلول علمي وهدفه التعليم والتثقيف، وهنا تقوم المنمنمة (الصورة) بوظيفتين إحداهما الشرح أو الحكي والأخرى التعليم. ويشمل هذا النوع الكثير من التصاوير التي توضح نصوص بعض المخطوطات العلمية كما في بعض مخطوطات الهندسة والطب والصيدلة وعلم الحيوان والبيطرة والفروسية.
ومن أهم الكتب والمخطوطات العلمية وشبه العلمية المصورة (أغلبها عربية وفارسية) والتي تحوي هذا النوع من المنمنمات ذات الغرضين الاجتماعي والتعليمي (العلمي)؛ كتاب "الترياق" لجالينوس، و"خواص العقاقير" لديسقوريدس، و"الحيوان" للجاحظ، و"منافع الحيوان" لابن بختيشوع، "عجائب الحيوان" للقزويني، و"مختصر البيطرة" لأحمد بن الأحنف، و"الحيل الجامع بين العلم والعمل" لابن الرزاز الجزري، وغيرهم.
وأغلب هذا النوع من المنمنمات (التعليمية) وتصاوير المخطوطات العلمية لم تكن موجودة في النسخ الأصلية ولكن أضافها الناسخ أو المصور وربما يكون شخصا متخصصا أو عالما في النُسَخ اللاحقة لتساعد وتمكن القارئ من فهم النصوص.
ومن الدلائل على ذلك ما يذكره مُختصِر كتاب البيطرة المصوَر والمشهور (منه نسخة محفوظة بدار الكتب المصرية برقم 8 طب خليل آغا) في أول الباب الثالث أنه: "قام بتصوير ثلاث صور للفرس، ولم تكن الصور في النسخة التي كتب منها". وهذا الكلام يعني أن أحمد بن الأحنف المؤلف الأصلي للكتاب لم يصوّر شيئا، ولكن المُختصِر (المجهول) قام بتصوير ثلاث صور تابعة لمتن الباب السادس. وبناء على ذلك فربما قام ناسخ المخطوط (علي بن الحسن بن هبة الله) بتصوير جميع رسوم هذا المخطوط، ومنها ثلاث صور نقلها عن المُختصِر، وربما قام بتصوير ونقل تلك الصور أحد المصورين وقد أُغفل اسمه كما هو المعتاد.
وهذا بجانب ما ذُكر في نهاية مخطوط بيطرنامه المصوَر (المحفوظ بدار الكتب المصرية برقم 49 ط.م) في الباب الرابع والستين من الجزء الثاني أن مُختصره: "قام بتصوير الفرس كهيئته وما تهيأ في صورته من العيوب والعلل التي من جنس العيوب التي يُعاب بها الدواب ليوقف على ذلك بالعيان وليكون أشرح لمقتبس هذا العلم"، ولا توجد إشارة تفيد أن كان الكتاب الأصلي مصور أم لا.
ويعتبر هذا النوع الثاني للمنمنمات والذي يوضح بجلاء فكرة الرسوم التعليمية ذات المدلول الاجتماعي هو الأقرب لفكرة الرسوم التوضيحية التي تتخلل الكتب العلمية في عصرنا الحديث والتي لا يخلو منها أي كتاب يُدرّس في الكليات المختلفة لتبسيط العلم وشرحه للطلاب. وأيضا يؤدي هذا النوع من المنمنمات وظيفة الفيديوهات العلمية الشارحة نفسها في العصر الحديث، وهذا يؤكد مدى الوعي الكبير لدى المسلمين في تلك العصور الوسطى حيث استطاعوا تقديم خدمة جليلة للعلم بواسطة الفن، ويظهر ذلك بوضوح أكثر في تصاوير بعض مخطوطات الطب والبيطرة الإسلامية العربية كما يلي:
ففي بعض كتب ومخطوطات الطب العربي الإسلامي نجد الكثير من الرسوم التي تبين لطالب العلم فهم القضية التي تشرح له، وهذه الرسوم تشمل كل ذي روح من إنسان أو حيوان أو طيور، فهناك رسوم تُظهر الطبيب والمريض وغرفة الفحص الطبي في تلك العصور، وطريقة الكشف على المرضى، وهو ما يسمى بالفحص السريري الذي ابتدعه الأطباء المسلمون وعلَّموا أوربا فيه أحدث الطرق لاكتشاف المرض، ومعرفة أحوال المريض، وأيضًا هناك صور لعلم جبر العظام والخطوات التي يتبعها الطبيب لعلاج الكسور والخلع وغيرها، وصور أخرى لعلم الكلي، وأخرى لجراحة العيون وجراحة الدوالي، بل وأيضًا هناك صور لخطوات الولادة العسرة والجراحة القيصرية، وبعض هذه المخطوطات يعود إلى القرن الثالث والرابع الهجري، وهي أزهى عصور ازدهار العلوم العربية الإسلامية.
وفي كتب ومخطوطات البيطرة والزردقة والفروسية العربية الإسلامية يمكننا فهم الدور التعليمي الذي تقوم به تصاويرها من خلال دراسة العلاقة بين الصورة (المنمنمة) والنص؛ فقد استطاع مصوّرو هذا النوع من المخطوطات العلمية أن يعبِّروا عن موضوعات المتون والنصوص بثلاث طرق مختلفة:
أما الطريقة الأولى فتقوم على توضيح المتن بواسطة التمثيل الصريح للنص المكتوب، وتكون الصورة في هذه الطريقة عبارة عن رسم فني توضيحي مطابق للنص.
أما الطريقة الثانية فهي تقوم على توضيح المتن بواسطة التمثيل الذي يساعد على فهم النص المكتوب، وتكون الصورة في هذه الطريقة عبارة عن رسم فني توضيحي مُكمِّل للنص المتني، إما عن طريق إضافة توضيح أو معلومة إلى المتن، وإما عن طريق تفسير مصطلح غير مُفسر في المتن.
وأما الطريقة الثالثة فهي التي تقوم بتوضيح المتن بواسطة التلوين الذي يساعد على فهم النص المكتوب، وتكون الصورة في هذه الطريقة عبارة عن رسم فني توضيحي ليس له علاقة بالمتن، إلا من اللون المستخدم لتلوين الفرس أو الدابة المرسومة بوجه عام أو لتلوين أجزاء منها، وتعتبر المشاهد المرسومة نفسها في تصاوير هذه الطريقة من نتاج عقل المصور وتأثره بالبيئة المحيطة به، ولم تتأثر بموضوعات المتون التابعة لها.
ومن ذلك يتبين أن الطريقة الثانية والتي استخدمها مصوّرو مخطوطات البيطرة والزردقة في التعبير عن الموضوع العلمي (النص العلمي) هي الطريقة الأخطر والأكثر أهمية من الناحية العلمية، وذلك لأن هذه الطريقة تجعل الصورة المرسومة تعطي إضافة علمية مكمّلة للنص العلمي المكتوب، وإذا حُذفت الصور الممثلة لهذه الطريقة يحدث خلل وانتقاص في هذه النصوص العلمية المكتوبة.
وهذا بخلاف الطريقة الأولى التي تجعل الصورة المرسومة مجرد تطبيق أو شرح تمثيلي للنص العلمي المكتوب، وإذا حُذفت الصور الممثلة لهذه الطريقة لا تتأثر هذه النصوص العلمية المكتوبة.
وان الطريقة الثالثة تشبه الطريقتين الأولى والثانية؛ والسبب في ذلك أنه إذا حُذفت الصور الممثلة لهذه الطريقة (الثالثة) لا تتأثر النصوص العلمية المكتوبة بهذا الحذف ولا يؤدي إلي حدوث خلل، فهي لا تضيف معلومة ولا تفسر مصطلحا غير مفسر بالمتن، وبذلك فهي تشبه الطريقة الأولى؛ هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن تصاوير الطريقة (الثالثة) تساعد القارئ على فهم النصوص العلمية التابعة لها؛ وذلك عن طريق التمييز بين العلامات والألوان المختلفة للخيل وبين جميع درجاتها، وبذلك فهي تشبه الطريقة الثانية التي استخدمها المصورون في التعبير عن الموضوع العلمي للمتن.
وبهذه الطرق الثلاث استطاع المصورون خلق رسوم تعليمية إرشاديه متنوعة تغطي الكثير من الجوانب العملية في مجال البيطرة؛ وتتمثل في الرسوم الموضحة لبعض الأمراض وأعراضها، ورسوم موضحة للعلاجات المتنوعة القديمة والمبتكرة الأمراض نفسها أو لأمراض أخرى، وأيضا في الرسوم الموضحة لتدريب وتأهيل الخيول والمراحل التي تمر بها، هذا بالإضافة إلى الرسوم الموضحة لمميزات وعيوب وألوان وعلامات الخيول والدواب. وبذلك فإن هذه الرسوم التعليمية لها أهمية بالغة لفهم واستيعاب الجوانب المختلفة لهذا العلم الذي يختص بدراسة أحد أهم أعمدة الحياة الاجتماعية والاقتصادية والحربية للمسلمين والعرب خلال العصور الوسطى وهي الخيول والدواب.
أما النوع الثالث من منمنمات المخطوطات الاسلامية : (راجع لوحات 4، 5)
فهو يحمل غرضا ذا مدلول علمي بحت وليس له قيمة فنية، ويشمل التصاوير والرسوم التي توضح متن الكتب والمخطوطات العلمية (أغلبها عربية) كما في بعض الكتب والمخطوطات الطبية والفلكية والهندسية والرياضية والجغرافية وعلوم النبات والحيوان والبيطرة والفلاحة وغيرها، وهذا النوع من المنمنمات أو التصاوير يحتوي على معلومات قيمة كوسيلة للإيضاح وشرح النص العلمي بدون رسم لأي عناصر فنية؛ فهي رسوم علمية بحتة تعتمد على الدقة والأمانة العلمية لشرح وفهم النصوص، كمثل رسوم التشريح والأعضاء والآلات الجراحية والأدوات المختلفة وأشكال الكيات والجداول الرياضية والفلكية والخرائط ونحوها من الرسوم العلمية البحتة والتي تنقل كما هي دون اهتمام بالطابع الفني والجمالي.
ويتميز هذا النوع من المنمنمات العلمية البحتة بقيام مؤلف المخطوط نفسه برسمها، وعند نسخها يقوم الناسخ بنقل هذه المنمنمات والرسوم كما هي بدون تحريف لكونها رسوما ذات غرض علمي بحت ولا تحتمل أي محاولة للإبداع الفني.
والدلائل على ذلك كثيرة فمنها على سبيل المثال؛ ما ذكره المقدسي البشاري (ت 380هـ) في مقدمة كتابه أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم من نص صريح يخبرنا فيه أنه قام بتصوير الأقاليم لأن المعرفة بها أروج، واستعان بالخرائط المصورة والألوان لا لتزيين الكتاب وإنما ليقرب الوصف إلى الأفهام، ويقف عليه الخاص والعام.
وأيضًا ما ذكره أبو إسحاق الإصطخري (ت 346هـ/957م) في مقدمة كتابه المسالك والممالك: أن الغرض من هذا الكتاب هو تصوير الأقاليم ودراسة كل إقليم بصورته على حدة.
وأيضًا يتضح في مقدمة كتاب مسالك الأبصار في ممالك الأمصار لابن فضل الله العمري أنه قام بتصوير ما أمكن (في قسم المسالك)، وذلك فيما عدا الحيوان (له روح كالإنسان) لمناهي الشريعة الشريفة –على حد قوله– ولم يقصد بذلك التصوير إلا إعلام المواقف عليها وتعريفه.
ومن أهم الكتب والمخطوطات العلمية العربية التي تحوي هذا النوع الثالث من المنمنمات ذات الطابع العلمي البحت؛ كتاب "الحيل الجامع بين العلم والعمل" (الحيل الهندسية الميكانيكية) لابن الرزاز الجزري، و"صور الكواكب الثابتة" لأبي الحسين عبد الرحمن الصوفي، و"المسالك والممالك" المعروف بـ "صورة الأرض" لابن حوقل، و"التصريف لمن عجز عن التأليف" للطبيب أبي القاسم الزهراوي، وغيرهم.
ولقد عني مؤرخو الفنون ببحث ودراسة المنمنمات وتصاوير المخطوطات الإسلامية –في حالة النوعين الأول والثاني- من الوجهة الفنية البحتة على اختلاف موضوعاتها وقسموها على حسب طرزها وأساليبها الفنية إلى مدارس تصوير مختلفة. وتأتي جميع هذه المنمنمات والتصاوير مفسرة وموضحة لنصوص المخطوطات الأدبية والتاريخية وذات الطابع الديني وبعض المخطوطات العلمية (كما سبق).
والمدرسة هو اصطلاح يغلب عليه الطابع الزمني ويقصد به الاتفاق من حيث الأسلوب والمميزات الفنية، وأول هذه المدارس كانت المدرسة العربية (راجع اللوحات 6،7،8) والتي انتشرت في معظم أنحاء العالم الإسلامي؛ حيث ازدهرت في العراق وإيران خلال القرنين (12، 13م)، بينما ازدهرت في مصر والشام خلال القرون (12، 13، 14، 15، 16م)، بالإضافة الى شمال أفريقيا والأندلس خلال القرون (13، 14، 15، 16م). وثانيا المدرسة المغولية (لوحة 9) التي ازدهرت في إيران والعراق خلال النصف الثاني من القرن (13م) وخلال القرن (14م). وثالثا المدرسة المظفرية والجلائرية التي ظهرت في إيران والعراق خلال القرنين (14، 15م) وتعتبر مرحلة تمهيدية للمدرسة التيمورية. ورابعا المدرسة التيمورية (راجع لوحات 10،11) التي ازدهرت في إيران وأواسط آسيا خلال القرن (15م). وخامسا المدرسة التركمانية التي ظهرت في إيران خلال النصف الثاني من القرن (15م) وتعتبر مرحلة تمهيدية للتصوير الصفوي. وسادسا المدرسة الصفوية الأولى (لوحة 12) التي ازدهرت في إيران خلال القرن (16م). وسابعا المدرسة الصفوية الثانية (لوحة 13) في إيران خلال القرن (17م). وثامنا المدرسة القاجارية (لوحة 14) في إيران خلال القرن (19م). وتاسعا مدرسة سلاطين دلهي (لوحة 15)، وهي مدرسة تحمل أساليب التصوير الفارسي الإيراني وخصوصا أساليب المدرسة التيمورية بعد تطويرها لتناسب التقاليد الهندية، وقد ازدهرت في الهند خلال القرون (13، 14، 15م). وعاشرا المدرسة المغولية الهندية (لوحة 16) والتي ازدهرت في الهند خلال القرون (16، 17، 18، 19). وأما المدرسة الحادية عشرة والأخيرة فهي المدرسة التركية العثمانية (لوحة 17) والتي ازدهرت في تركيا والأناضول خلال القرون (15، 16، 17، 18م).
لوحة 12: صورة توضح مجلس الشاه. من مخطوط "ديوان حافظ" لحافظ الشيرازي، المحفوظ بدار الكتب المصرية تحت رقم (36م أدب فارسي). تبريز (إيران)، سنة (973هـ/ 1566م).
لوحة 13: مجلس سمر وشراب لعاشقين. صورة من مخطوط "كلستان" لسعدي الشيرازي، من مخطوط محفوظ بدار الكتب المصرية تحت رقم (11م أدب فارسي). إيران، أوائل القرن (17م).
لوحة 14: صورة تمثل معركة. من مخطوط "الشاهنامه" المحفوظ بدار الكتب المصرية تحت رقم (71 تاريخ فارسي طلعت). نسخه محمد بن ميرزا فيروز قوجي. إيران، سنة 1233هـ/ 1818م).)
لوحة 15: أمير خسرو يدشن قصيدته للسلطان علاء الدين خلجي. صورة من مخطوط "خمسة" لأمير خسرو الدهلوي، محفوظة في معهد الفن بشيكاغو تحت رقم (00033755-01) شمال الهند، منتصف القرن 15م).)
لوحة 16: الحورية تستقبل شابا غريبا بالحديقة. من مخطوط "خمسة" لأمير خسرو الدهلوي، محفوظة في متحف المتروبوليتان للفن بنيويورك تحت رقم (13.228.33). لاهور(الهند)، سنة (1597- 1598م).
لوحة 17: صورة تمثل بداية سير الموكب السلطاني. من مخطوط "سيرنامه مراد الثالث"، محفوظة بمتحف توبكابي بوسراي بإستانبول. تركيا، القرن (10هـ / 16م).
عن: سعاد ماهر، الفنون الإسلامية، لوحة 164
ولقد بدت الصور التي رُقنت أو زُينت بها أغلب المخطوطات الإسلامية تحمل الطابع المحور دائمًا، وهذا الطابع الذي استمر خاصية ثابتة لفن التصوير الإسلامي التشبيهي، وبالرغم مما تبقى من مخطوطات (مصورة) محفوظة في المكتبات العالمية إلا أنه فُقدت ثروات هائلة من المخطوطات في الغزوات المغولية، وغيرها من الكبوات التي مرت بها الحضارة الإسلامية، على أن ما بقي يعطينا فكرة جليلة عن المقدرة التعبيرية للمصور المسلم وعلى أسلوبه المتميز.
ولقد كان من الطبيعي أن فن تزويق المخطوطات بالتصاوير (المنمنمات) منذ العصور الإسلامية الأولى مر بمراحل تمهيدية استمد فيها كثيرًا من عناصره من فنون أجنبية قديمة (فارسية وبيزنطية وهلنستية)، ثم صهر هذه العناصر حتى تمكن من إنتاج طابع خاص ظهر في أقدم المخطوطات المزوقة بالتصاوير التي وصلتنا (السابق ذكرها). وإذا كانت هذه المخطوطات المزوقة تشتمل على عناصر مستمدة من أصول أجنبية قديمة كالفن الساساني والمانوي والهلينستي والبيزنطي؛ فإن هذه العناصر تكوّن مع باقي العناصر الأخرى أسلوبا مميزا ذا طابع خاص إسلامي الروح والذوق يسمى أسلوب المدرسة العربية في التصوير.
ولعل هذه التأثيرات والاتجاهات المتباعدة كان لها الأثر البالغ في توحيد الشكل العام للمخطوط العربي الإسلامي العالمي، والذي لم يتقيد بحدود جغرافية أو سياسية ولا بتقسيم عرقي أو سياسي.
هذا علاوةً على أنه حتى النصف الأول من القرن السابع الهجري على أقل تقدير لم تكن هناك فواصل واضحة بين عمل الخطاط وعمل الرسام، فكان الرسام ينسخ والخطاط يرسم. وقد ذكر جروهمان أن وظائف الكاتب والرسام أو الفنان الذي يزين الصفحات ويعمل زخارف العناوين وبدايات الفصول والهوامش؛ كان يقوم بها شخص واحد، ولم يكن فن صناعة الكتاب بعد من عمل جماعة من المتخصصين كما سيحدث فيما بعد.
وبالنسبة لبلاد فارس والعراق فقد انتقل إلى فن تزويق المخطوطات (المنمنمات) بعد الغزو المغولي (غزوة هولاكو) في منتصف القرن الثالث عشر الميلادي؛ روح جديدة وهي إخضاعه للتأثير الصيني، ويبدو ذلك على الأخص في صور المناطق الطبيعية، فصور الجبال والغيوم والأشجار والمياه الجارية المأخوذة عن الفنانين الصينيين تجد مكانًا لها في صور الحيوانات والقصص الطبيعية التي ظهرت في تبريز وفي تركستان.
فقد ظهر ما يسمي بالمدرسة المغولية في التصوير، وأصبحت صور المخطوطات تشتمل على مقدمة ومؤخرة تمثلان الأرض والسماء، كما ظهر فيها ميل نحو التجسيم والعمق أو البعد الثالث.
وفي هذا العصر المغولي ولأول مرة في العالم الإسلامي يتم إنشاء مؤسسة خاصة بإنتاج الكتب وتصويرها على يد الوزير والمؤرخ رشيد الدين فضل الله الهمذاني (وزير الحاكمين المغوليين "غازان خان" و"أولجايتو") في ضاحية جديدة قام ببنائها وسميت "الرشيدية" نسبة إليه وهي من ضواحي مدينة تبريز العاصمة المغولية بإيران وذلك في بداية القرن (8هـ/14م)، حيث جلب إليها الخطاطين والمصورين والفنانين، وكانت هذه المؤسسة تسمى بـ "حجرة النسخ"، ومنذ ذلك الحين تم فصل عمل الناسخ عن المصور والمزوق والمذهب.
وفي خلال القرن الرابع عشر الميلادي ضعف تأثير الشرق الأقصى في تبريز وشيراز، واستعادت الأصالة الإيرانية في الرسوم التوضيحية التي حملت تكوينًا متينًا وطابعًا مؤثرًا مُستوحى من ملحمة الفردوسي القومية، ثم ظهر أسلوب جديد في القرن (15م)، وهو أسلوب المدرسة التيمورية في التصوير، والذي اعتمد على التصوير ثنائي الأبعاد التقليدي، مع استخدام منظور عين الطائر في التصوير على الأسطح المصبوغة.
وهكذا فقد ازدهر فن تزيين وتزويق الكتب (فن الكتاب) خلال العصر التيموري في إيران (القرن 15م) بشكل غير مسبوق، حيث إنه كان من الحقائق الهامة في تطور فن التصوير الإيراني رعاية الفنانين والمصورين بواسطة حكام وأمراء الأسرة الملكية التيمورية في هراة وتبريز وشيراز وسمرقند، وكان خير نموذج لتلك الرعاية الأمير شاه رخ ابن تيمورلنك وأبناؤه أولغ بك وبايسنقر وإبراهيم سلطان وابن أخيه إسكندر. فقد تم إنشاء ما يسمى بـ "الكتبخانه" أو "الكتاب خانه"؛ وهو عبارة عن مكتبة وورشة عمل لإنتاج المخطوطات وتصويرها بالمنمنمات، وكانت الـ "كتبخانه" أو المكتبة الملكية يتعاون فيها الوراق والناسخ والمذهب وقصاص الورق وصانع الأصباغ والمصور والمجلد على إنتاج مجموعة من أروع الكتب التي ظهرت في العالم، فقد كانت مجمعات الـ "الكتبخانه" أو المكتبات الملكية بمثابة معاهد لفنون الكتاب المزوق بالتصاوير، حيث تخرج منها مشاهير الفنانين والمصورين ومنهم المصور الإيراني الشهير "بهزاد" والذي كان يعمل في المكتبة الملكية في هراة في أواخر العصر التيموري.
وفي خلال هذا العصر (التيموري) ومع علو مرتبة المصورين في المجتمع بدأت تنتشر فكرة توقيع المصورين على أعمالهم، حيث انتشرت هذه الظاهرة في إيران وأواسط آسيا خلال العصر التيموري وما بعده، ثم انتشرت في الهند وتركيا. وقد بدأت هذه الظاهرة قبل العصر التيموري وخلال العصر الجلائري (القرن 14م) الذي ازدهرت خلاله المدرسة الجلائرية الممهدة للمدرسة التيمورية (بجانب المظفرية)، حيث نجد أول مصور يوقع باسمه على منمنمة في التصوير الإسلامي بإيران؛ وهو المصور "جنيد نقاش سلطاني" الذي قام برسم صور نسخة من مخطوط "خمسة خواجوى كرماني" ووقع باسمه على إحداها وذلك في بغداد سنة (798هـ/ 1396م) إبان حكم الجلائريين لإيران والعراق، وهذه النسخة كتبت على يد الخطاط الشهير "مير علي التبريزي" ومحفوظة في المتحف البريطاني بلندن (تحت رقم 18113).
وفي نهاية القرن (15م) وبداية القرن (16م) كان هناك أسلوبان فنيان في تصوير المخطوطات في إيران؛ الأول في الشرق ويتركز في القلب وهو أسلوب تيموري متأخر، أما الثاني فهو يتركز في الغرب وهو الأسلوب التركماني الشكل، وكان قد وُجد بالشكل الأكثر نقاوة في تبريز. أما أسلوب الشرق؛ فكانت فيه عناصر التصوير ذات مقياس صغير جدا مع كثافة في الأشكال النباتية، وتفضيل زخرفة الأوراق النباتية على البتلات الزهرية، مع ميل كبير لعمل رسوم الإطارات الهندسية، وعمل تصميمات منطقية، ويتضح الدقة والتقيد العاطفي في أسلوب الرسامين. وهذا بخلاف الأسلوب الغربي؛ الذي اعتمد المصورون فيه على الإكثار من تجسيد الشكل الفني للرسم، والاعتماد على التلوين الكثيف فيما عدا الأشكال الهندسية، فلُوّنت بالألوان الخفيفة، مع وضوح التأثر الكبير بالأسلوب التيموري الشرقي، ومع ملاحظة أن أسلوب التصوير على التحف المنقولة مثل أشغال المعادن في هذه الفترة (المدرسة) التركمانية أقل انضباطًا وأقل إحكامًا ودقة عن مثيله في المدرسة التيمورية.
وكان تنافس هذين الأسلوبين إيذانًا بظهور أسلوب وطني إيراني جديد ألا وهو أسلوب المدرسة الصفوية.
ولقد استمر ازدهار فن تزيين وتزويق الكتب بالصور (المنمنمات) في إيران خلال العصر الصفوي (القرنين 16،17م)، وذلك عن طريق الرعاية الكبيرة من قبل ملوك وأمراء الأسرة الصفوية للفن والفنانين وتأسيس معاهد فنون الكتاب أو "الكتاب خانه" أو "الكتبخانه" أو المكتبات الملكية في أهم المدن الإيرانية آنذاك كتبريز وقزوين وأصفهان وبخارى وشيراز، وذلك لإنتاج الكتب والمخطوطات وتصويرها وتزينيها وكذلك إنتاج الألبومات المصورة.
فإن عادة جمع الصور المستقلة أو الأوراق المصورة بشكل منفرد أو المنزوعة من مخطوطات في ألبومات أو مرقعات قد جاءت من الصين إلى بلاط تيمورلنك في سمرقند ومنه انتشرت إلى سائر إيران والهند. وكان الرسم في أوراق أو صفحات هذه الألبومات (المرقعات) ميدانا آخر بجانب المخطوطات وبالتقنية نفسها (الألوان المائية والذهب على الورق) لإبراز مواهب الفنانين والمصورين تحت رعاية وتوجيه من الحكام والأمراء، وعلى الأخص خلال العصر الصفوي في إيران والعصر المغولي في الهند.
هذا ونجد الأباطرة المغول (القرون 16، 17، 18، 19) في الهند قد اهتموا اهتماما بالغا بفن الكتاب، بحيث كان مركز إنتاج المخطوطات وكذلك الألبومات هو الـ "كتاب خانه" أو المكتبة الملكية، وهي في الحقيقة لم تكن مجرد مكتبة لحفظ الكتب والمخطوطات ولكنها كانت أكثر تعقيدا من ذلك، فهي مكونة من وحدات (أماكن) لها وظائف مختلفة، بعض هذه الوحدات كانت في أماكن خاصة كقصر الإمبراطور وبعضها في أماكن عامة. ووظيفة المكتبة الملكية بشكل عام لم تكن مرتبطة بمدينة معينة بحيث تتواجد مع مقرّ الإمبراطور سواء أفي دلهي أم أجرا أم فتحبور سيكرى أم لاهور أم غيرهم، وقد تُنتج المخطوطة في مدينتين أو أكثر في الوقت نفسه، وقد تُنتج في مدينة ثم تُرسل إلى أماكن أخرى. وكانت الكتب التي تُنتج في المكتبة الملكية يتم حفظها في أماكن مختلفة بشكل منظم سواء أبداخل المكتبة أم بخارجها. ولقد كان إنتاج المخطوطة الواحدة يمر بعدة مراحل، وتتم هذه المراحل على أيدي مجموعة من الصناع، فمنهم صناع الورق الذين يجهزون أوراق المخطوطات، ومنهم الكُتَّاب الذين ينسخون النصوص، ومنهم المذهبون، ومنهم الرسامون والمصورون الذين يقومون بتوضيح النصوص بالرسوم والتصاوير على حسب ذوق الراعي أو الإمبراطور، ومنهم المجلدون.
وكان من أهم وحدات الـ "كتاب خانة" هو المرسم الملكي أو المرسم الإمبراطوري (الورشة أو الأستوديو) الذي يجمع مصوري المخطوطات والألبومات، وقد يُقصد بـ "الكتاب خانه" على أنه المرسم الإمبراطوري نفسه، ويتم به إنتاج التصاميم لواجهات العمائر، وكساء وزخرفة العناصر، وأهم ما يُنتج به المنمنمات وتصاوير المخطوطات والألبومات.
وإن الفنانين المسلمين لم يحاولوا استخدام قواعد المنظور والتصوير الثلاثي الأبعاد في صور المخطوطات وغيرها (من التحف الفنية) إلا في وقت متأخر من القرن (16م) حين بدأوا يتأثرون بتقنيات التصوير الأوربي.
وقد ظهر ذلك في تصاوير المدرسة العثمانية في تركيا، وكذلك الصفوية الثانية في إيران، والمغولية الهندية في الهند. وظهر أيضًا بشكل قوي في المدرسة القاجارية في إيران، وفي هذا العصر(القاجاري) انتقل فن المنمنمات من توضيح المخطوطات إلى زخرفة التحف الفنية الأخرى مثل المعادن والأنسجة والأدوات المصنوعة من الورق المقوى والتي صُنعت منه علب المرايا والمقالم وورق اللعب والدروع وغيرها من الأدوات المزخرفة بصور المنمنمات، وعلى الرغم من ذلك فقد ظل تصوير المخطوطات في العصر القاجاري مستمرا بالأقاليم الإيرانية ومحافظا على الأساليب الفنية القديمة التي سادت مدارس التصوير الإيرانية السابقة.
وأما بالنسبة لمصر والشام بعد الغزو المغولي للعراق سنة (656هـ/ 1258م) فقد استمرت أساليب المدرسة العربية في تصوير المخطوطات حتى عصر متأخر من القرن (10هـ / 16م).
ولقد استمرت أساليب المدرسة العربية في مصر والشام بعد سقوط دولة المماليك (العربية) لسنوات، إلا أنه ومع الغزو التركي العثماني لمصر والشام بدأ يظهر أسلوب قريب من الفن الشعبي الصريح، وهو الرسم العشوائي البدائي، وذلك مع الاحتفاظ ببعض تقاليد المدرسة العربية في التصوير.
غير أنه منذ أواخر القرن (12هـ / 18م) أخذ التصوير الأوربي يتوغل في تركيا شأنه شأن غيره من نظم الحياة الأوربية، ومنذ ذلك الوقت أخذ التصوير بالزيت يحل محل تزويق المخطوطات في الدولة العثمانية، وكان إدخال الحروف العربية في الطباعة التركية في سنة (1140هـ / 1727م) من العوامل المهمة التي ساعدت على هذا التحول، إذ قل بطبيعة الحال نسخ المخطوطات وبالتالي تزويقها، وأيضًا في مصر وسوريا بدأ التوغل الأوربي في الفنون بشكل عام في نهاية القرن (12هـ / 18م) وبداية القرن (13هـ /19م).
وعلى الرغم من التوغل الكبير للتأثير الأوربي في التصوير الإسلامي بوجه عام والملكي على الخصوص في إيران (العصر القاجاري) والهند (العصر المغولي) خلال القرنين (18، 19م) والمتمثل في أمور شكلية فنية كاتباع قواعد المنظور والتجسيم وتقنية الصور الشخصية (البورتريهات) والتصوير الزيتي، والأهم من ذلك البعد عن تصوير المخطوطات؛ إلا أننا نجد فن المنمنمات الإسلامي صامدا ومستمرا ومحافظا على تقاليده وأساليبه المميزة والموروثة منذ قرون، وذلك من خلال تصاوير المخطوطات الأدبية والتاريخية وبعض صور الألبومات، والتي تم إنتاجها في تلك الفترة المتأخرة وخصوصا في العاصمة الهندية دلهي وبعض مدن الأقاليم في إيران وشمال الهند. (لوحات 14، 18، 19، 20)
لوحة 18: استقبال الإمام علي لأحد الفرسان أو الأمراء. صورة من مخطوط "كليات سودا" المحفوظ في مكتبة فرستون جامعة برنستون تحت رقم
(Princeton Islamic MSS., no. 83G) صفحة رقم: (4ب-4b ) أو (4ظهر).
دلهي (الهند)، النصف الأول من القرن 19م، حوالي (1837-1857م).
لوحة 19: لقاء بين شيخين. صورة من مخطوط "خمسة" لنظامي الكنجوي، رواية "سكندر نامه"، محفوظة في متحف المتروبوليتان للفن بنيويورك تحت رقم (89.2.2154)، لاهور (شمال الهند) سنة (1790- 1791م).
لوحة 20: كسرى أنوشروان يستقبل رسول خاقان الصين. صورة من مخطوط "الشاهنامه" المحفوظ في دار الكتب المصرية تحت رقم (18 تاريخ فارسي)، كشمير (شمال الهند)، القرن (13هـ/ 19م).)
وترجع أهمية دراسة المنمنمات الإسلامية إلى إلقاء الضوء على ألوان الحياة الاجتماعية للمسلمين في العصور الوسطى بل وحتى القرن التاسع عشر الميلادي، وذلك من خلال رسوم الأزياء وأثاث المنازل والمنشآت المعمارية المختلفة، ورسوم المفروشات والمنسوجات وغيرها، وكذلك رسوم الأدوات والمتعلقات المختلفة. وأيضا في معرفة الأحوال المناخية السائدة ومدى تأثر المصورين بالبيئة المحيطة بهم، وذلك من خلال رسوم الخلفيات الطبيعية. هذا فضلا عن رسوم الأشخاص وملامح وجوههم والتي توضح بجلاء ظاهرة التنوع العرقي في المجتمع الإسلامي.
وذلك بالإضافة إلى معرفة الأحوال الاقتصادية للأقطار الإسلامية من خلال استكشاف جودة الصور المُنفذة، ومعرفة مدى اهتمام السلاطين والحكام والأمراء برعاية هذا النوع من الفنون، وكيف وجهوا المصورين للتعبير عن توجهاتهم الفكرية والسياسية.
فالواقع أن هذه المنمنمات (الرسوم والتصاوير) قد سجلت لنا الحياة الاجتماعية بالصورة من حيث الاحتفالات والأزياء وأنواع التحف التطبيقية والعمارة وغيرها، فإن كان المؤرخ يحدثنا عن عصر من العصور بالكلمة فإن المصور يحدثنا عن هذا العصر بالصورة.
وأخيرا يمكننا القول إن فن المنمنمات الإسلامي يعتبر من أطول الفنون الزخرفية الإسلامية عمرا حيث استمر من القرن الثامن الميلادي (2هـ) إلى القرن التاسع عشر الميلادي (13هـ)، ويعتبر كذلك أكثر الفنون الإسلامية ثباتا وتنوعا في الوقت نفسه؛ حيث استطاع أن يحافظ على هويته الإسلامية وطابعه الإسلامي المميز خلال هذه الفترة الطويلة والتي تتعدى أحد عشر قرنا من الزمان، هذا مع التنوع الكبير في أساليب الرسم والتصوير والمتمثل في مدارس التصوير الإسلامي. وهو أيضا أكثر فروع الفن الإسلامي تعبيرا عن المجتمعات الإسلامية وأحوالها السياسية والاقتصادية والفكرية. فهذا الفن يعبر بحق عن ثقافة الطبقة الحاكمة والشعوب على حدٍ سواء.
الهوامش
(#) للاستزادة عن الفن الاسلامي ومميزاته وخصائصه راجع مثلا :
زكي حسن، أطلس الفنون الزخرفية والتصاوير الاسلامية، دار الرائد العربي، بيروت، (د.ن).
علي أحمد الطايش، الفنون الزخرفية الاسلامية المبكرة (في العصرين الأموي والعباسي)، مكتبة زهراء الشرق، القاهرة، 2003م.
صالح أحمد اشامي، الفن الاسلامي التزام وابتداع، دار القلم، دمشق، 1990م.
David Talbot Rice, Islamic Art, Thames & Hudson, London, 1993.
Sheila R. Canby, Islamic Art in Detail, The British Museum Press, London, 2005.
(@) لمعرفة موقف الاسلام من التصوير راجع مثلا :
أبو الحمد فرغلي، التصوير الإسلامي (نشأته وموقف الإسلام منه وأصوله ومدارسه)، الدار المصرية اللبنانية، ط2، القاهرة، 2000م.
حسن الباشا: التصوير الإسلامي في العصور الوسطى، دار النهضة العربية، ط2، القاهرة (د.ن).
(&) لمعرفة الاساليب الفنية المختلفة لمدارس التصوير الاسلامي راجع مثلا :
أبو الحمد فرغلي، التصوير الإسلامي (نشأته وموقف الإسلام منه وأصوله ومدارسه)، الدار المصرية اللبنانية، ط2، القاهرة، 2000م.
تامر مندور، الشاهنامه بين الادب والفن، دار ناشري للنشر الالكتروني، 6 آذار / مارس، 2016م.
المصادر والمراجع والابحاث العربية والاجنبية
- أحمد بن الأحنف، "البيطرة" (مخطوط محفوظ بدار الكتب المصرية تحت رقم 8 طب خليل آغا).
- مجهول، "بيطرنامه" (مخطوط محفوظ بدار الكتب المصرية تحت رقم 49 ط.م).
- المقريزي (تقى الدين أحمد بن علي بن عبد القادر محمد المعروف بالمقريزي، ت845هـ)، المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار، جـ3، القاهرة، 1270ه.ـ
- ابن النديم (أبى الفرج محمد بن أبي يعقوب إسحاق المعروف بالنديم، ت380هـ)، الفهرست، تحقيق يوسف علي الطويل، جـ1، بيروت، 1960م.
- المقدسى البشاري (شمس الدين، أبو عبد الله، ت380هـ)، أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم، جـ1. عن http:www.alwarraq.com
- الأصطخري (أبو إسحاق، ت346هـ)، المسالك والممالك، جـ1. عن http:www.alwarraq.com
- العمري (ابن فصل الله العمري، ت749 هـ ): مسالك الإبصار في ممالك الأمصار (في الحيوان والنبات والمعادن). تحقيق عبد الحميد صالح حمدان، مكتبه مدبولي، ط2، القاهرة، 1996م.
- أبو الحمد فرغلي، التصوير الإسلامي (نشأته وموقف الإسلام منه وأصوله ومدارسه)، الدار المصرية اللبنانية، ط2، القاهرة، 2000م.
- أبو الحمد فرغلي، تصاوير المخطوطات في عصر الأيوبيين، رسالة ماجستير (غير منشورة)، جامعة القاهرة، 1981م
- أحمد شوقي بنين ومصطفي طوبي، معجم مصطلحات المخطوط العربي (قاموس كوديكولوجي)، الخزانة الحسنية، ط3، الرباط، 2005م.
- أحمد شوقي الفنجري، الإسلام والفنون، دار الأمين، القاهرة، 1998م.
- أسامة البسيوني عبد الله، المدرسة التيمورية في مدينة هراة تحت رعاية الأمير بايسنقر (799ه- 1397م/ 837هـ- 1433م)، رسالة ماجستير (غير منشورة)، جامعة القاهرة، 2009م.
- أيمن فؤاد سيد، الكتاب العربي المخطوط وعلم المخطوطات، الدار المصرية اللبنانية، ط1، القاهرة 1999م.
- تامر محي الدين محمد مندور، تصاوير مخطوطات الطب البيطري الاسلامية في ضوء مجموعة مخطوطات
دار الكتب المصرية (دراسة أثرية فنية مقارنة)، رسالة ماجستير (غير منشورة)، جامعة طنطا، 2009م.
- تامر محي الدين محمد مندور، تصاوير الاستقبالات والسفارات في التصوير المغولي الهندي (دراسة أثرية فنية مقارنة)، رسالة دكتوراه (غير منشورة)، جامعة طنطا، 2013م.
- تامر محي الدين محمد مندور، "المخطوطات الأدبية الإسلامية في شبه القارة الهندية خلال العصر المغولي (1526- 1857م): دراسة أثرية تاريخية"، دورية كان التاريخية، العدد الثلاثون، ديسمبر 2015. ص 167- 181.
- تامر مندور، دراسة أثرية فنية لتصاوير مخطوط بيطرنامه المحفوظ بدار الكتب المصرية تحت رقم (49 ط.م)، دار نور للنشر بألمانيا، ساربروكن، 2016م.
- حسن الباشا، فنون التصوير الإسلامي في مصر، دار النهضة العربية، القاهرة، 1973م.
- حسن الباشا، موسوعة العمارة والآثار والفنون الاسلامية، مج2، أوراق شرقية للطباعة والنشر، بيروت، 1999م.
- حسن الباشا، التصوير الإسلامي في العصور الوسطى، دار النهضة العربية، ط2، القاهرة (د.ن).
- زكي حسن، أطلس الفنون الزخرفية والتصاوير الاسلامية، دار الرائد العربي، بيروت، (د.ن).
- زكي حسن، في الفنون الاسلامية، مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة، القاهرة، 2012م
- زكي حسن، التصوير واعلام المصورين في الاسلام، مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة، القاهرة، 2013م.
- سعاد ماهر محمد، الفنون الإسلامية، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1986م.
- سميه حسن محمد إبراهيم: المدرسة القاجارية في التصوير رسالة ماجستير (غير منشورة) جامعة القاهرة، 1977م.
- صالح أحمد الشامي، الفن الاسلامي التزام وابتداع، دار القلم، دمشق، 1990م
- عبد الستار الحلوجي، المخطوطات والتراث العربي، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، 2002م.
- عفيفي البهنسي، الفن الإسلامي، دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر، دمشق، 1986م.
- علي أحمد الطايش، الفنون الزخرفية الاسلامية المبكرة (في العصرين الأموي والعباسي)، مكتبة زهراء الشرق، القاهرة، 2003م.
- محمود حسانين عشعش، المنمنمات الاسلامية في مشغولات فنية معاصرة، منشورات جامعة 7 اكتوبر، بنغازي، 2008م.
- مجموعة باحثين، الفن المملوكي : عظمة وسحر السلاطين، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، 2007.
- يحيي وهيب الجبوري، الكتاب في الحضارة الاسلامية، دار الغرب الاسلامي، بيروت، 1998م.
- Bernard lewis, The World of Islam, Faith-phople Culture, London, 1997.
- David Talbot Rice, Islamic Art, Thames & Hudson, London, 1993.
- Emmy Wellesz, "An Early al-Sufi Manuscripts in The Bodleina library in - Oxford: A Study in Islamic Constellation Images", Arts Orinetalis, Vol. 3, Freer Gallery of Art, The Smithsonian Institution and Department of History of Art, University of Michigan, 1959, pp. 1- 26.
- Grohman A. & Arnord Th., The Islamic Book, A Contribution to Its Art and History from the VII- XVIII, Leipzig printed, Paris, 1929.
- Iftikhar Dadi, "Miniature Painting as Muslim Cosmopolitanism", ISIM Review (International Institute for the Study of Islam in the Modern World), vol. 18, ISIM, Leiden, Autumn, 2006. pp. 52- 53
- Jonathan Bloom & Sheila Balair, Islamic Arts, The British Museum Press, London British library, 1991.
- Michael Brand & Glenn D. Lowry, Akbar's India : art from the Mughal City of victory, The Asia Society Galleries, London, 1985.
- Sheila R. Canby, Islamic Art in Detail, The British Museum Press, London, 2005.
- Sheila R.Canby, Shah Abbas The Remaking of Iran, The British Museum Press, London, 2009.
التدقيق اللغوي لهذه المقالة: حميد نجاحي.