يروج أنصار تكنولوجيا النانو بشكل متزايد إلى أنه يمكن وصفها بتكنولوجيا النانو "الخضراء"، والتي سيكون من شأنها تحسين الأداء البيئي للصناعات القائمة، وستحدّ إلى قدر كبير من استهلاكنا للموارد والطاقة، وبالتالي ستسمح لنا بتحقيق التوسع الاقتصادي الحميد بيئيًا. ولكن على صعيد آخر، يظن آخرون أن تكنولوجيا النانو ستزيد من التوسع في استهلاك الموارد والطاقة، وستزيد من التلوث والانبعاثات والنفايات، بل ستضيف مجموعة جديدة متكاملة سيكون لها مخاطر بيئية خطيرة.
التشكيك:
أنصار تكنولوجيا النانو على ثقة بأن تكنولوجيا النانو سوف تحل مشاكل التلوث، ومشاكل ندرة المياه وتلوثها، وتقلل الانبعاثات التي تسبب فوضى المناخ. ولكن فشل كثير من الصناعات السابقة لتكنولوجيا النانو خلقت حالة من التشكك، حيث يُظهر التاريخ أن العديد من التقنيات السابقة التي طرحت والتي سبقتها ووعدت بمكاسب الكفاءة فشلت في أن تكون متصالحة بيئيًا، هذا الأمر يدفعنا لتبني الرأي الذي يقول: بأنه ينبغي أن تُعامل الحلول التي ستقدمها تكنولوجيا النانو بقدر كبير من الحذر؛ حيث أن تجربتنا حتى الآن مع هذه التكنولوجيا تشير إلى أن الصناعة النانوية لا تزال تسعى لوضع الأرباح على المدى القصير قبل سلامة البيئة.
على أكثر من صعيد، حذر كبار العلماء أن الجسيمات النانوية والأجهزة النانوية قد تشكل فئة جديدة أو منظومة كاملة من ملوثات غير القابلة للتحلل. ومع ذلك، فقد تسارعت صناعة النانو وسارت قُدمًا في مئات المجالات، وهنالك الآلاف من المنتجات التي تحتوي على المواد النانوية، على الرغم من أن مخاطر هذه المواد على البيئة وعلى صحة الإنسان لا تزال غير مفهومة تمامًا.
يوجد حاليًا المئات، إن لم يكن الآلاف، من المنتجات في السوق العالمية التي تحتوي على المواد متناهية الصغر، بما في ذلك واقيات الشمس، ومستحضرات التجميل، والأقمشة، والأسمدة، والمنتجات الغذائية، ومواد الطلاء، والدهانات، ومواد البناء، والسيارات، ومركبات الفضاء. وبذلك يمكن للمواد النانوية أن تدخل إلى البيئة نتيجة لتصنيع تلك المنتجات أو استخدامها أو التخلص منها.
الدراسات الأولية صافرة الإنذار:
المخاطر البيئية لتكنولوجيا النانو لا تزال غير مفهومة تمامًا بسبب الكمية الصغيرة للغاية من التمويل التي يتم تخصيصها لهذا المجال من البحث. على سبيل المثال: أنفقت حكومة الولايات المتحدة 33٪ من ميزانية مبادرة تقنية النانو الوطنية (1.3 مليار دولار أمريكي) عام 2006 بشأن التطبيقات العسكرية. في حين خصصت فقط 11 مليون دولار أمريكي 0.0085 %إلى البحوث ذات الصلة بمخاطر النانو الصحية والبيئية[1].
رغم هذا فإن تلك البحوث القليلة تعطي نتائج مختلفة ومتضاربة أحيانًا ففي بعض الدراسات الأولية وجد أن بعض المواد النانوية التي تستخدم بالفعل في المجال التجاري على نطاق واسع تشكل مخاطر تصل إلى درجة السمّية على البيئة وعلى صحة الإنسان.
حيث أظهرت بعض الدراسات أن جزيئات الفوليرين (بوكي) تسبب تلف في الدماغ في بعض أنواع الأسماك المعتمدة كنموذج لتحديد الآثار السمية للبيئة[2]. كما وجد أن المنتجات الثانوية المرتبطة بتصنيع أنابيب الكربون النانوية أحادية الجدر تقتل بعض القشريات ،[3] كما يظهر في الشكل الذي يوضح امتصاص بعض المواد النانوية وتركزها في الجهاز الهضمي لبعض الكائنات الحية [3].
الشكل (1): امتصاص الكائنات الحية لمواد نانوية، وتركز المواد النانوية في جهازها الهضمي.
وقد أدّت خصائص بعض مواد النانو المضادة للميكروبات إلى المخاوف من أن تكنولوجيا النانو ستعطل الأنشطة الميكروبية، وتوالد البكتيريا المثبتة للنيتروجين وغيرها من البكتريا المفيدة في حياتنا. وهذا السيناريو له شأن بيئي هام وآثار اقتصادية جمّة. وتشير الدراسات المبكرة أيضًا أن النباتات قد تكون قادرة على إنتاج وتعديل وتركيز الجسيمات النانوية التي يمكن أن تتراكم ثم تظل على امتداد السلسلة الغذائية [4].
المصادر:
[1]Nanotechnology: Research strategy for addressing Risk- Woodrow Wilson Center-2006
[2] http://www.eurekalert.org/pub_releases/2004-03/acs-ob031904.php
[3] 2005 Progress Report: Chemical and Biological Behavior of Carbon Nanotubes in Estuarine Sedimentary Systems, EPA, August 15, 2004
[4] Brar, S., Verma, M., Tyagi, R., and Surampalli, R. (2009) Nanoparticles. Contaminants of Emerging Environmental Concern: pp. 416-445