لم يكن الإعلان الرسمي لترشح عبد العزيز بوتفليقة لموعد 8 أبريل مفاجئا للكثيرين فذلك كان منتظرا مند مدة .و العارفون لشخصية الرجل لم يكونوا ينتظرون منه سوى الإعلان عن ترشحه لعهدة ثانية لما يحمله من نرجسية،وحب الظهور،وعشق الأضواء. وقد يكون هذا جوهر الخلاف بينه وبين رؤساء الحكومات الذين عملوا إلى جانبه كأحمد بن بيتور وعلي بن فليس.وكلاهما فسر خلافه مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بأن الرجل يتدخل في كل كبيرة وصغيرة .. بل يحاول احتقار الآخرين من منطلق أنه العارف والآخرون قاصرين لم يصلوا بعد سن الرشد.إن إعلان عبد العزيز بوتفليقة عن ترشحه فهمه الكثيرون الضالعون في السياسة هو بداية لفصل آخر من المشاكل غير المنظورة وما الرسائل الموجهة من تقرت والحراش لخير دليل على ما نقوله.لأن الرجل بدل اللجوء إلى حل الأزمة بفقه الدولة والتعاون مع الجميع .. فتح على نفسه جبهات بمعاداته للجميع.
الخرجات الميدانية .. حملة انتخابية استباقية
الفخ الذي وقع فيه عبد العزيز بوتفليقة من دون أن يدري تركه للجبهة الداخلية في آخر لحظة بعد أن فضل الخارج على الداخل لخمس سنوات.ويبدو أن عبد العزيز بوتفليقة أراد تلك الخرجات أن تكون مقصودة كالتلميذ الذي يراجع دروسه قبل بدء الامتحان لتبقى المعلومات عالقة في الذهن .و بوتفليقة اختار الطريقة الإستباقية حتى يعاجل خصومه من منطلق أن له اهتمام بمشاكل الشعب في زياراته المكوكية والتي لم تكن سابقة على الإطلاق.وبالتالي لا يجد غيره ما يقولونه.. لأن الساحة ستكون بعدئذ مشبعة بتحركاته .. وصورته مغروزة في الوجدان .لكنه للأسف نسي أنه تعامل مع الواقع الشعبي بالكلام والشعب لم يعد يؤمن بالكلام .. وقد يفهم الشعب تلك الزيارات على أنها احتقارا له وخطبا لوده من أجل غنيمة انتخابية.
الوئام المدني مفخرة بوتفليقة
كانت البداية لعهدة بوتفليقة في 99 مطمئنة للجميع بدليل أن الاستفتاء حول الوئام المدني لقي استحسانا شعبيا لا نظير له.لما لهذه الخطوة من إيجابيات على الجبهة الأمنية .وقد فهم الشعب أن مسألة الوئام المدني لن تتوقف عند نزول ستة آلاف مسلح من الجبل .. بل ستتبعها سياسة جديدة ترجع الحقوق للجميع من دون إستتناء.. لكن لم يحصل شيء من هذا وبقيت جل الملفات التي كان من المفروض أن يعالجها بوتفليقة عالقة إلى يومنا هذا.فملف المفقودين الذي تحدث فيه باكورة عهدته سرعان ما أصبح في خبر كان .حتى أنه تهكم بعجوز طالبته بابنها فقال لها أن إبنها ليس في جيبه.وحتى قسنطيني المسؤول الأول عن هذا الملف سكت ولم يعد يتكلم عن هذا الملف سواء بالإيجاب أو بالسلب .بوتفليقة اليوم يتكلم عن الوئام المدني بفخار بيد أن الوئام المدني عالج عارضا من المرض ولم يعالج المرض كله.وحتى الذين استفادوا من قانون الوئام المدني لم يجدوا حقوقهم موفورة على أرض الواقع .وهناك من يتساءل إذا كان الوئام المدني هو الذي أرجع السلم والاستقرار للجزائر فلماذا الإبقاء على حالة الطوارئ.والإبقاء على حالة الطوارئ معناه أن الوضع ليس ولا بد.كذلك يتساءل أحدهم لما لم يعف عبد العزيز بوتفليقة على عباسي مدني وعلي بن حاج فور اعتلائه كرسي المرادية . وهما طرفا النزاع في مسألة السلم الجزائري . وجزء لا يتجزأ من عملية الوئام المدني .إن عبد العزيز بوتفليقة ولو أنه أعطى الغطاء السياسي عن اتفاقية الجيش الوطني الشعبي مع جيش الإنقاذ..إلا أنه لم يستطع أن يكمل هذا الإتفاق الذي كان مجرد إنزال لمسلحين ليس إلا.
الشعب لا ينخدع .. يفهمها وهي طايرة
في خطاب ترشحه الرسمي قال عبد العزيز بوتفليقة أن الشعب يفهمها وهي طايرة.. وقد كان محقا في ذلك فالشعب يعرف من سينوبه ويعرف من يسهم في رفاهيته ومن يحرص على مستقبله ومن يوظفه ويمنحه السكنات.فالشعب الجزائري عظيم يصفق آه.. لكن وقت الفصل في مستقبله ومستقبل بلاده له ما يقوله .. واسألوا التسعينات عنه.ولو أردتم دليلا فاتركوه يختار بكل حرية وستعرفونه أنه يفهمها وهي طايرة كما قال عبد العزيز بوتفليقة.