في الوقت الذي يغرقنا فيه إعلامنا العربي بقضية تشكيل حكومة جديدة في العراق ولبنان ، و النشاط الاقتصادي المحموم في الخليج، وينقل لنا أخبار فلسطين بأمانة وحياد، ونكتفي جميعًا بمشاهدة التلفزيون ومتابعة الصحف، يقوم السويدون بتظاهرات ضد إسرائيل و بحملات لمقاطعة بضائعها ويحضّرون لإجراء محاكمة لشارون وعسكره في السويد كمجرمين في حق الإنسانية.
في هذه المقالة يقوم يحي أبو زكريا بتعريفنا بمفردات تعاطف السويديين مع معاناة الشعب الفلسطيني بالقلم والصورة. نشرت صحيفة داغينس نيهيتر أو أخبار اليوم السويدية الذائعة الصيت نتائج دراسة تشير إلى تسجيل تراجع غير مسبوق في مستوى تعاطف الرأي العام السويدي مع الدولة العبرية. فبينما كان تسعة وأربعين بالمئة من السويديين ينظرون بعطف إلى إسرائيل عام ثلاثة وسبعين، أبدى ثلاثة وثمانين بالمئة منهم الآن عدم إعجابهم بسلوك إسرائيل في نزاع الشرق الأوسط. وحسب الدراسة التي سيتضمنها كتاب سيصدر قريبا للبرفيسور السويدي أولف بيريلد فإن نسبة السلبية إزاء السلوك الإسرائيلي بين المتعاطفين مع إسرائيل في حزب الشعب اليميني لا تختلف عما هي عليه في الحزب الإشتراكي الديمقراطي اليساري.
ويشير البروفيسور بيريلد إلى أن إشارات انبعاث الحياة في عملية السلام التي ظهرت بعد وفاة ياسر عرفات وانتخاب الرئيس الفلسطيني الجديد محمود عباس وتراجع مستوى العنف قد وضع إسرائيل أمام انتقادات من جانب الإدارة الأمريكية.ذلك أن خطة شارون لإزالة المستوطنات في غزة تستهدف تعزيز نظيراتها في الضفة الغربية والجزء الفلسطيني من القدس، وأن هذه السياسة تؤدي إلى أضعاف محمود عباس، وهذا ما بينته نتائج الإنتخابات البلدية الفلسطينية التي سجلت فيها حماس نجاحا ملفتًا الأمر الذي يهدد بنتائج مماثلة تضعف من الدور القيادي لحركة فتح في الإنتخابات البرلمانية المقبلة. وللإشارة فإنّ تنظيم شبيبة الحزب الإشتراكي الديموقراطي كان يوزع دوما في الشوارع لافتات كتب عليها قاطعوا إسرائيل.
و يعتبر الحزب الحاكم في السويد الحزب الديموقراطي الإجتماعي الذي يتزعمّه السيد يوران بيرشون من أقوى الأحزاب السويديّة منذ أكثر من خمسين سنة وإليه ينسب الفضل في إيصال السويد إلى الرفاهيّة التي ترفل فيها اليوم، وتقوم إيديولوجيته على مبدأ العدالة وتحقيق المساواة بين المواطنين وأخذ الضرائب من الأغنيّاء وتوزيعها على الفقراء والعجزة والمحتاجين، وتضمّ الخارطة الحزبيّة السويديّة ستّ أحزاب مركزيّة أخرى وهي حزب المحافظين وحزب اليسار والحزب الديموقراطي المسيحي وحزب البيئة وحزب الوسط وحزب الشعب، ويعتبر الحزب الديموقراطي الإجتماعي من أقرب الأحزاب إلى القضيّة الفلسطينيّة بالإضافة إلى حزب اليسار وإلى هذا الحزب ينتمي وزير خارجيّة السويد الأسبق ستين أندرشون صديق القضايا العربيّة وأحد أبرز المناصرين للقضيّة الفلسطينيّة، ومن أبرز أعضائه وزيرة خارجيّة السويد السيدة آنا ليند التي إغتيلت قبل فترة و التي فاجأت مشاهدي القناة السويديّة الرسميّة ذات يوم بتصريحها أنّها أقسمت أن لا تشترى البضائع الإسرائليّة في الأسواق السويديّة وعلى وجه التحديد الحمضيّات والأفوكادو ومجمل الفواكه التي تصدرّها الدولة العبريّة إلى السويد، وأستطردت السيدّة آنا ليند قائلة في تصريحها التلفزيوني أنّه إذا كانت لا تستطيع أن تؤثّر على سياسة الحكومة بإعلان المقاطعة فأضعف الإيمان يقضي بمقاطعة البضائع الإسرائيليّة وأنا شخصيّا بدأت بمقاطعة هذه البضائع كما قالت السيدة آنا ليند. ومن أعضائه رئيس الوزرراء السويدي يوران بيرشون الذي وعد بتقديم مبلغ وقدره 350 مليون كرونة سويديّة ( 10 كرونات سويديّة تساوي دولارا واحدا ) لإعادة إعمار منطقة جنين وبقيّة المناطق المتضررّة من الغطرسة الصهيونيّة، وقد وعد رئيس وزراء السويد برفع قيمة المساعدة قريبا جدا .
وإذا كان العديد من الرسميين في السويد يبدون تعاطفهم الكبير مع الشعب الفلسطيني ومحنته، فإنّ العديد من المواطنين السويديين باتوا يعلقّون شارات صغيرة دائريّة على صدورهم كتب عليها : قاطعوا إسرائيل، ولأوّل مرّة في تاريخ السويد وأوروبا تبلغ حساسة الإنسان السويدي والأوروبي ذروتها من الساسة الصهاينة الذين تجاوزوا كل الخطوط الحمراء، وقد أدركت السفارات الصهيونيّة في السويد والغرب خطورة الموقف، فأوعزت إلى الجاليّات اليهوديّة بتحريك تظاهرات مناوئة لمعادي الساميّة حسب زعمهم .


فكرة محاكمة شارون في السويد .

قبل رفع دعوى أمام المحاكم السويديّة على رئيس وزراء الكيان الصهيوني آرييل شارون انعقد في مدينة أوبسالا الجامعيّة التي تبعد عن العاصمة السويديّة ستوكهولم بحوالي 60 كيلومتر مؤتمر دعا إليه مركز أولف بالمة السويدي – أولف بالمة كان رئيس وزراء السويد وجرى إغتياله في سنة 1986 في العاصمة السويديّة ستوكهولم و كان من أبرز مناصري الحقوق العربيّة، كما كان أمينا عاما للحزب الإجتماعي الديموقراطي الحاكم في السويد آنذاك والذي مازال حزب الأغلبيّة في السويد – وناقش المؤتمر إمكانيّة محاكمة شارون كمجرم حرب إقترف العديد من الإعمال ضدّ البشريّة تماما كما حوكم الديكتاتور بينوشيه رئيس الشيلي سابقا في العاصمة البريطانيّة لندن. وقد نظمّ هذا المؤتمر شخصيّات فاعلة في الحزب الإجتماعي الديموقراطي الحزب الحاكم في السويد، وعلى رأسهم السيدة ليزا بيلينغ مستشارة وزيرة الإندماج وإحدى المرشحات البارزات للبرلمان السويدي في الإنتخابات المقبلة.
وقد تحدثّ لدى إفتتاح المؤتمر همّار بيري الأمين العام لمركز أولف بالمة، وبيتر بريغريست وهو قانوني وممثّل الصليب الأحمر ويان كميرون وهو أستاذ مادة حقّ الشعوب في الجامعة السويديّة، واتفق الجميع على أنّ القوانين الأوروبيّة ليست موحدّة في مجال محاكمة الذين أساءوا إلى البشريّة، فبعض القوانين الأوروبيّة ترى إستحالة محاكمة شخص وهو في موقع المسؤوليّة في بلاده، اللهمّ إلاّ القانون البلجيكي الذي يعتبر متقدمّا في هذا المجال، ولذلك يجب العمل على توحيد القوانين الأوروبيّة. وأشار أحد المتدخلين العرب في هذا المؤتمر وهو الدكتور عايد أحمد رئيس إتحاد الجمعيات الفلسطينية إلى أنّ شارون جمعت ضدّه أدلّة من قبل الجهات الصهيونيّة نفسها عقب مجازر صبرا وشاتيلا، ويمكن إستخدام نفس الأدلّة بالإضافة إلى بقيّة جرائمة المقترفة منذ صبرا شاتيلا وإلى مجزرة جنين لدى محاكته أوروبيّا.
وطالب بعض الحضور بعدم الإقتصار على محاكمة شارون فحسب بل يجب محاكمة كل الضبّاط والجنود الصهاينة الذين تورطوا في قتل الأبرياء في فلسطين.
وكانت لمنظّمة المؤتمر ليزا بلينغ من الحزب الديموقراطي الإجتماعي الحاكم مواقف قويّة ضدّ شارون حيث اعتبرته أحد المجرمين العتاة في القرن الواحد والعشرين وللتذكير فإنّ والد ليزا عمل كطبيب سويدي في المخيمات الفلسطينية في لبنان، وقد درست هي اللغة العربيّة في جامعة بئر زيت، وكثيرا ما تسير في التظاهرات العربيّة والإسلاميّة في السويد و المنددّة بالكيان الصهيوني وجرائمه في فلسطين المحتلّة.


الإنتقال إلى الفعل .

وقد أعقب هذا التمهيد إنتقال مباشر للفعل حيث قررّ تنظيم الشباب في الحزب الديموقراطي الإجتماعي الحاكم في السويد والمعروف بإسم شبيبة الحزب الديموقراطي الإجتماعي SSU رفع دعوى رسميّة على رئيس الحكومة الإسرائيليّة آرييل شارون. وقد قدمّ هذه الدعوى للمحكمة السويديّة رئيس هذا التنظيم مايكل دامبيري والذي خلفه في زعامة التنظيم شاب سويدي من أصول مهاجرة والذي قال أنّ في السويد قوانين تتيح محاكمة المجرمين الذين أساءوا للإنسانيّة . ويبلغ مايكل من العمر 29 سنة وهو من أنشط الشباب في تنظيم شبيبة الحزب الحاكم والذي ينهج نهج الحزب الديموقراطي الإجتماعي , وقد تعودّت الأحزاب الكبيرة في السويد أن تنشئ تنظيمات شبابيّة تابعة لها لتعويد الأجيال الشابة على ممارسة الفعل السياسي .
وقد أخذت المحكمة السويديّة علما بهذه الدعوى في إنتظار البتّ في قانونيتها وانسجامها مع القوانين المعمول بها في السويد، وفي حال قبول المحكمة السويديّة لهذه الدعوة فإنّ الحزب الحاكم السويدي قد يدخل في صراع مع الحكومة الإسرائيليّة
وتجدر الإشارة إلى أنّ تنظيم الشبيبة في الحزب الحاكم السويدي تزعمّ حملة مقاطعة الدولة العبريّة وقد وزع عشارات الآلاف من الشارات التي تعلّق على الصدر والتي كتب عليها : قاطعوا إسرائيل بللغة السويدية – - Bojkota Israel
وقد كان لهذا التنظيم العديد من الفعاليّات المؤيدّة لفلسطين، وقررّ في المدة الأخيرة رفع سقف المواجهة مع الحكومة الإسرائيليّة إلى أبعد الحدود.
وحسب مصادر مقربّة من تنظيم شبيبة الحزب الديموقراطي الإجتماعي فإنّ في السويد قوانين تتييح على سبيل المثال ملاحقة الذين أجرموا في حق الإنسانيّة وأساءوا إلى كينونة الإنسان، فإذا تمّ تقديم أدلّة تفيد أنّ رئيس وزراء الكيان الصهيوني هو من هذا النوع فعندها لا مناص من أن تلاحقه المحاكم السويديّة .
وتخشى بعض المصادر أن يؤدّي تفعيل هذه الدعوى التي تبنتها الجمعيات العربية والإسلاميّة إلى إحراج الحكومة السويديّة والتي رغم تعاطفها مع الشعب الفلسطيني إلاّ أنّها تلتزم الحيّاد في المنازعات الدوليّة كما ينصّ على ذلك دستور السويد .


جريدة سويدية : شارون مجرم ولا يسمع الاّ لمجرمي التاريخ .

وقد نشرت جريدة أفتون بلادت السويديّة الذائعة الانتشار مقالة بقلم أحد أبرز كتّابها رولف ألسينغ بعنوان : شارون لا يسمع إلاّ لمجرمي التاريخ، وقد تهجمّ الكاتب في مقالته على السفّاح شارون، واصفّا أيّاه بكل النعوت، وقد ذكر الكاتب في مقالته أنّ شارون اليوم هو نفسه شارون الثمانينيّات شارون مجازر صبرا وشاتيلا. إنّ شارون كما جاء في هذه الجريدة السويديّة الواسعة الإنتشار تجاوز كل المؤسسّات الدوليّة، و تجاوز قرار مجلس الأمن بضرورة الإنسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلّة بشكل فوري، وتجاوز المبادرة العربيّة التي عرضها عليه الرسميّون العرب في قمّة بيروت، ورفض كل المبادرات العربيّة. إنّ شارون حسب ما جاء في الجريدة السويديّة لا يتجاوب إلاّ مع مجرمي التاريخ وهو لايسمع إلاّ من مجرمي التاريخ الذين سبقوه في الإجرام والتقتيل والتدمير .
وحمل هذا الكاتب على رئيس وزراء السويد يوران بيرشون الذي إنساق حسب الكاتب وراء المخططّ الأمريكي القاضي بمحاربة الإرهاب. وتجدر الإشارة إلى أنّ وسائل الاعلام السويدية ورغم سيطرة اللوبي الصهيوني على كثير من وسائل الإعلام في الغرب إلاّ أنّها بدأت تضيق ذرعا بالمجرم شارون وعنجهيته، والكثير من الرسميين الغربيين بدأوا يضيقون ذرعا بالمجرم شارون، وتعتبر الجهات الرسمية في السويد والغرب أنّ إسترسال شارون في إجرامه قد يدفع بإتجّاه تحريك الجاليّات الفلسطينية والعربيّة والإسلاميّة نحو أسوأ الإحتمالات وقد تلحق هذه الأخيرة أضرارا بالأمن القومي الأوروبي وخصوصا بعد إحراق معابد يهوديّة في كل من مارسيليّا في فرنسا، ومعبد يهودي في بلجيكا و معبد آخر في غوتنبورغ السويدية. ولم يسبق لهذه الصحف السويديّة ومعها الغربيّة أن تحاملت على شارون بهذا الشكل. وفي نفس الصحيفة مقال أخر لكاتب مناهض للأمركة وهو جان غيلو وفي مقالته يحتّج غيلو على رئيس الوزراء السويدي الذي سحب يده وإهتمامه من منطقة الشرق الأوسط، ومعروف أنّ السويد كانت سبّاقة إلى تقديم المبادرات في أخطر المراحل التي كانت تمرّ بها منطقة الشرق الأوسط .
وعودة الصحوة إلى الصحف السويديّة وصحف شمال أوروبا يواكبه صحوة سياسية للعديد من الأحزاب السياسية في السويد خصوصا وشمال أوروبا عموما .


إسرائيل تعتقل ناشطا سويديّا

وقد قام الجيش الإسرائيلي قبل فترة بإعتقال الناشط السويدي توبياس كارلسون البالغ من العمر 31 سنة و الذي توجّه من العاصمة السويدية ستوكهولم إلى الأراضي المحتلة في فلسطين مع ناشطين دوليين من الدانمارك وكندا وأمريكا للتنديد بإستمرار إحتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، وكان السويدي توبياس قبل إعتقاله ينظمّ تظاهرات ضدّ الجيش الإسرائيلي بحضور بقية الناشطين الدوليين من أجل القضية الفلسطينيّة والذين كانوا ينقلون صور واقعيّة عن عنجهيّة الجيش الإسرائيلي إلى بلادهم، و توبياس كارلسون لا يعّد السويدي الأول الذي جرى إعتقاله من قبل الجيش الإسرائيلي بل سبق للكيان الصهيوني أن أعتقل و أعتدى على العديد من السويديين الذين كانوا يتوجهّون إلى الأرض المحتلّة لدعم الشعب الفلسطيني .
وكانت السفارة السويدية في تل أبيت قد نددّت غير مرّة بإعتقال مواطينين سويديين و ترحيل الكثير منهم عنوة بحجّة دعمهم للقضيّة الفلسطينية، و قد وصل التنديد بالكيان الصهيوني إلى أعلى المستويات في السويد خصوصا عندما بادرت الدولة العبرية إلى إعتقال وطرد موظفّة سويدية رسميّة كانت تقوم بمهمة لصالح الأطفال الفلسطينيين وقد أوفدت من قبل وزارة الهجرة والمساعدات الدولية السويدية، و كثيرا ما كانت السلطات السويدية تنقل مسألة إعتقال مواطنيها من قبل الأجهزة الإسرائيليّة إلى الإتحاد الأوروبي لوضعه في صورة ما يجري لمواطنين أوروبيين في فلسطين المحتلّة.
و كانت وزيرة خارجيّة السويد المغتالة آنا ليند تحمل بشدّة وقبل إغتيالها بقليل على السيّاسة الأمريكية والصهيونيّة على حدّ سواء، و كانت السيدة آنا ليند وزيرة خارجيّة السويد المغتالة تنظر بكثير من الإشمئزاز إلى الأداء السياسي الأمريكي في الشرق الأوسط وإلى السياسة الصهيونيّة الرعناء تجّاه الشعب الفلسطيني، وقد سبق للسيدّة آنا ليند أن طالبت في إجتماع للاتحاّد الأوروبي في وقت سابق في العاصمة البلجيكيّة بروكسل الرئيس الأمريكي جورج بوش بعدم الذهاب بعيدا مع رئيس الحكومة العبريّة آرييل شارون، وأعتبرت أنّ سياسة الدعم الأمريكي غير المشروط للكيّان الصهيوني من شأنها أن تورّط الشرق الأوسط، وقد أدلت بتصريحاتها هذه في أواخر شهر كانون الثاني / يناير 2002 .
وفي إجتماع للاتحّاد الأوروبي في بروكسل 03- 04 – 2002 طالبت السيدّة آنا ليند دوّل الإتحّاد الأوروبي بقطع العلاقات الأوروبيّة – الصهيونيّة، وتكلمّت بلهجة شديدة ضدّ الغطرسة الصهيونيّة، وكانت الوزيرة الوحيدة التي دعت علانيّة إلى قطع علاقات أوروبا بالكيّان الصهيوني، و كانت هذه المرأة الفولاذيّة المناوئة للغطرسة الصهيونيّة تنتمي إلى الحزب الديموقراطي الإجتماعي الحاكم في السويد وتحديدا إلى الجناح المتفهّم للقضايا العربيّة الذي يتزعمّه وزير خارجيّة السويد الأسبق ستين أندرشون الصديق الشخصي لرئيس السلطة الفلسطينيّة الراحل ياسر عرفات و الصديق الحميم للعرب، وقد دخل ستين أندرشون في المدّة الأخيرة في صراع كبير مع رئيس وزراء السويد يوران بيرشون الذي يتهمّه الكثير من السياسيين والكتّاب السويديين بتبنّي وجهات النظر الأمريكية في تفاصيل السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط.
و كانت السيدّة آنا ليند وزيرة خارجيّة السويد تعمل جاهدة قبل إغتيالها لصدّ آرييل شارون سياسيّا وديبلوماسيا وللإشارة فانّ الدول الأوروبيّة بدأت تضيق ذرعا بشارون، وحتى الدول الأوروبيّة التي صمتت عن شارون لم تفعل ذلك حبّا فيه، بل إنسجاما مع المواقف الأمريكيّة وهي في الكواليس تعتبر أنّ شارون سيجعل العرب والمسلمين في المواقع الغربيّة يحرقون اليابس والأخضر ومعروف أنّ الدول الأوروبيّة يهمّها أمنها القومي إلى أبعد الحدود.
و تعتبر السيدة آنا ليند هذه المرأة التي أفرزها مجتمع مرفّه كالسويد أفضل من العديد من حكّامنا الذي مازالوا يصرّون على أنّ العلاقة مع الكيّان الصهيوني ضرورة استراتيجيّة لابقاء منافذ الحوار مفتوحة، حتى لو قام شارون بذبح أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين .
وقد إنضم مئات الأفراد السويديين إلى الحركة العاليمة لمناصرة فلسطين والتي تضم آلاف الشباب الغربيين وكان إثنان من السويديين إنضمّا إلى المقاومين في كنيسة المهد في بيت لحم عندما حاصرت إسرائيل هذه الكنيسة، و بعد عودتهم إلى السويد أستقبلا في مطار ستوكهولم من قبل جمعيات فلسطينيّة حيث حيّاهم مستقبلوهم العرب على صمودهم الشجاع ووقوفهم إلى جنب الشعب الفلسطيني والصامدين في كنيسة المهد، وقد نقلا هذان السويديان إلى وسائل الإعلام السويديّة حجم الدمار الذي لحق بالبنى التحتيّة الفلسطينيّة بالإضافة إلى المجازر الصهيونيّة في حقّ أبناء الشعب الفلسطيني، وقد أعتبرت شهادات هذين السويديين شهادات حيّّة ومؤثّرة للغاية .
وقد لعبت شهادات هذين السويديين دورا كبيرا في تصحيح الكثير من الرؤى والخلفيات الفكريّة الراسخة في ذهنيّة الإنسان السويدي، خصوصا وأنّهما خاضا التجربة بنفسيهما وليس فلسطينيين أو عربيين ليحتمل تحيزهما المفترض للقضيّة الفلسطينيّة، وفي هذا السيّاق يشار إلى أنّ الغربيين الذين يناصرون القضيّة الفلسطينية يؤثرون إلى أبعد الحدود على الرأي العام الغربي وأكثر من العرب والمسلمين المقيمين في الغرب.

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية