ودعت هيرسي ـ خلال تسلمها جائزة مواطن المدينة في ألمانيا ـ الغرب إلى أن يقلق من الإسلاميين الأصوليين، وأن يلتفت إلى نفسه في حواره مع الإسلاميين، معتبرة أنه على "الإسلام أن يصلح نفسه" قبل إقامة هذا الحوار.
وأضافت أنه حين تطلب مراكز الضغط المنظمة جدا في أوروبا تليين القوانين الغربية؛ فيجب عدم التساهل معها، فالجهاد والشريعة الإسلامية جزءان أساسيان من الإسلام اليوم"، مشيرة إلى أنهما لا يلقيان تأييد جميع المسلمين. ووصفت الكاتبة سياسة التهدئة القائمة على شعار "إذا رضخنا فسيدعوننا وشأننا" بأنها "ساذجة وخطيرة"
قائلة: إن هذه السياسة ستقود إلى طلبات جديدة وإلى التخلي عن كل القيم الغربية، "وكلما استسلمنا صار سهلا على الإسلاميين الفاشيين تسميم الشباب".
يشار إلى أن أيان هيرسي علي معروفة بانتقادها للإسلام الأصولي، وكانت نائبة عن الحزب الليبرالي الهولندي قبل أن تعترف بأنها كذبت حين طلبت اللجوء السياسي في هولندا.
في عام 2002 أثارت ضجة إعلامية بعد إعلانها أن "الإسلام ثقافة رجعية"، ووضعت تحت حماية الشرطة بعد اغتيال صديقها المخرج الهولندي ثيو فان خوغ في نوفمبر 2004، وهي الآن تقيم في الولايات المتحدة , و كانت هرسي قد طالبت أيضا بحظر الحجاب في أوروبا , تماما كما فعلت وزيرة الإندماج السويدية المسلمة الأصل صابوني عندما إعتبرت أنّ الحجاب يمثل ذروة إضطهاد المرأة . والواقع فقد نجحت فرنسا والتي حظرت الحجاب في مدارسها في تعويم معركتها ضدّ الحجاب في معظم العواصم الغربية التي بدأت مؤسساتها وجمعياتها في وضع كمائن متعددّة أمام الحجاب الإسلامي الذي أصبح ظاهرة ملفتة للعيان في تفاصيل الحياة الغربية ليس في المدارس فحسب , بل أصبح معمما في كل القطاعات من قبيل أسواق العمل والمستشفيات و دور العجزة حيث تمكنت المرأة المسلمة أن تعمل بجدارة في هذه المؤسسات .
بالإضافة إلى إنتشاره في الشارع الغربي حيث أصبح الحجاب مألوفا وطبيعيا , غير أنّ التأثير الفرنسي الواضح على السياسات الداخلية الأوروبية كون أنّ فرنسا تعتبر دولة كبيرة ومؤثرّة في الإتحّاد الأوروبي و شروع الدول الأوروبية في وضع دستور موحّد قوامه العلمانية و بروز حركات اليمين المتطرف بقوّة في أوروبا و عودة اللوبي الصهيوني إلى التحرّك بقوة أيضا وخصوصا عقب نشر نتائج الإستطلاع الأوروبي الذي إعتبر الدولة العبرية دولة شريرة كل هذه العوامل مجتمعة وغيرها ساهمت في الشروع في رسم إستراتيجية الحدّ من إنطلاقة الإسلام في الغرب من خلال الإضرار بمصاديقه ومنها الحجاب الإسلامي .
وللإشارة فقد أظهر تقرير أصدرته منظمة حقوقية دولية أن وسائل إعلام أوربية عمدت في أعقاب هجمات 11 سبتمبر على الولايات المتحدة إلى رسم صورة نمطية سلبية عن المسلمين وهو ما ساهم في تزايد مظاهر العداء والتمييز ضدهم.
أشار في هذا الصدد إلى قوانين صدرت في عدة دول أوربية أضرت المسلمين بها على وجه الخصوص ومنها قوانين متعلقة بمكافحة الإرهاب وحظر إرتداء الحجاب.
واستعرض تقرير إتحاد هيلسينكي الدولي لحقوق الإنسان الصادر يوم 7-3-2005 تحت عنوان التعصب والتمييز ضد مسلمي أوروبا مظاهر التعصب ضد المسلمين في كل من النمسا وبلجيكا والدانمارك وفرنسا وألمانيا واليونان وإيطاليا وهولندا وأسبانيا والسويد وبريطانيا ، مشيرا إلى أن معدل الإعتداءات التي سجلت ضد المسلمين في تلك البلدان في تزايد وتتراوح ما بين المضايقات اللفظية والإعتداءات الجسدية وعمليات التخريب ضد ممتلكات المسلمين وحتى الإعنداء على مقابرهم ومساجدهم .
وأشار التقرير الصادر في 160 صفحة إلى أن هناك ميلا من جانب بعض وسائل الإعلام إلى معالجة القضايا المتعقلة بالمسلمين بأسلوب نمطي وهو ما أدى إلى ظهور تقارير صحفية تعمق من المفاهيم الخاطئة لدى عامة الناس عن الأقليات المسلمة في الغرب .
وتابع قائلا: إن ممثلي المسلمين بأوروبا أعربوا عن أسفهم إزاء ميل وسائل الإعلام إلى تسليط الضوء على بعض المسلمين الذين يحملون أفكارا متطرفة والذين لا يمثلون غالبية المسلمين.
وأدان التقرير تصوير وسائل الإعلام للإسلام على أنه متعصب ومنغلق على نفسه ودخيل على أوروبا و إعتبار المسلمين غرباء عن التركيبة الإجتماعية الغربية.
وضرب التقرير مثلاً بالإعلام البريطاني الذي صنع إنطباعا لدى الجمهور بأن نظام القضاء الجنائي في البلاد نجح في مقاضاة الإرهابيين المسلمين ، مشيرا إلى أنه تم اعتقال مئات المسلمين تحت ذريعة قانون مكافحة الإرهاب، وتم إطلاق سراحهم دون توجيه أي تهمه إليهم بينما تم توجيه تهم لثلاثة فقط ومقاضاتهم.
وأشار التقرير إلى مثال آخر بألمانيا، حيث أظهر استطلاع للرأي أجري عام 2004 أن 80% من المستطلع آراؤهم ربطوا بين كلمة الإسلام بكلمتي الإرهاب و إضطهاد المرأة .
و التحامل الغربي على الإسلام متعدّد الأبعاد والتفاصيل ولعلّ ظاهرة الحجاب نالت حصة الأسد من هذا التحامل الغربي الذي بدأ في فرنسا ولن ينتهي إلا بحظره في الدستور الأوروبي الموحّد كا يخطط لذلك بعض الإستراتيجيين في الغرب .
وقد دعت ليزي بوركوب وزيرة الداخلية النمساوية إلى منع المدرسات المسلمات من إرتداء الحجاب، وهو الأمر الذي أثار غضب الهيئة الدينية الإسلامية التي تعد الممثل الرسمي لمسلمي النمسا، ودفعها إلى مطالبة حزب الشعب اليميني بإتخاذ موقف رسمي من تصريحات الوزيرة التي تنتمي لهذا الحزب صاحب الأغلبية في الحكومة. كما انتقدته جهات حكومية ومعارضة.
وقالت الوزيرة في لقاء مع مجلة فالتر الحكومية الأسبوعية نشر الثلاثاء 8-3-2005: أبحث حاليا في مدى قانونية حظر الحجاب في المدارس ؛ ولكنني على أية حال أؤيد الموضوع، معتبرة أن إرتداء الحجاب يعد تنافيا مع ما أسمته "القيم" التي يقوم على أساسها المجتمع النمساوي.
وأضافت أن التسامح بلغ مداه فالإسلام المتطرف هدد المرأة المسلمة في النمسا، على حد قولها. وإدعت وزيرة الداخلية النمساوية أن المرأة المسلمة لا تحظى بأية حقوق داخل المجتمع الإسلامي، وقالت: إنه يجب مكافحة "الزواج القسري" للمرأة المسلمة، وظاهرة "القتل دفاعا عن الشرف" وهو الأمر الذي وصفته بأنه من عادات المسلمين. وبلهجة تبشيرية قالت الوزيرة: يجب علينا أن نوضح للمرأة المسلمة التي تتعرض للضرب وهي قابعة في بيتها أن الحال لدينا أفضل.
وقبل النمسا طالبت الأحزاب اليمينية في هولندا بحظر الحجاب و دعت الحكومة
الهولندية إلى حظر الحجاب في فرنسا أسوة بما فعلته فرنسا .
وفي الشمال الأوروبي السويد والدانمارك والنرويج و فنلندا فإنّ المؤسسات المدعومة حكوميا والتي تتولى الدفاع عن حقوق الطفل تجري إتصالات بالفتيات المحجبات وتسأل هؤلاء الفتيات بطريقة فيها الكثير من المكر :
هل أنتنّ مقنعات بالحجاب أم لا ! وإذا أجابت الفتاة المسلمة بأنّها أكرهت على إرتداء الحجاب من قبل عائلتها فإنّ الشرطة تتصل فورا بوالد الفتاة وتوجّه إليه إنذارا أولا وأخيرا بأنّه لا يحق له الضغط على إبنته لإرتداء الحجاب , و هكذا تخلع البنت حجابها وإذا ما أراد أبوها
المسلم إجبارها على إرتداء الحجاب فإنّها تتصل فورا بالشرطة , التي قد تسجن الأب , و في أحسن الحالات تأخذ المؤسسات الإجتماعية البنت إلى جهة مجهولة وتفقد أي إتصال مع عائلتها وتعيش حسب المسلكية الإجتماعية للنرويجيات أو السويديات أو الفنلنديات .
وتتلقى الفتيات المسلمات المحجبات تعليمات كاملة في المدارس من قبل المؤسسات الإجتماعية التي تملك سلطة هائلة في الغرب ولها أن تأخذ الأبناء من أيدي أبائهم إذا تبث أنّ الأولاد يتعرضون للضرب أو العنف ومن قبل مؤسسات حماية حقوق الطفل حيث تضطلع هذه المؤسسات في التأثير المعنوي على البنت المحجبة بالإيحاء لها أنّ حجابها يعارض حريتها التي يكفلها لها القانون أو أنّ الحجاب سيحول بينها وبين الدخول إلى أسواق العمل التي ترفض العاملة المحجبة من أساسها , و بهذا الشكل تجري الفتاة المسلمة مراجعة لنفسها ويحدث ما للم يكن في الحسبان .
وقد يحدث و أن تنفتح قريحة الفتاة المسلمة على أفكار شيطانية كتلك الفتاة المسلمة السويدية من أصل جزائري التي كانت تنظر بريبة إلى إستعدادات أبيها لترك السويد و الإقامة في أرض الوطن الجزائر وعندها توجهّت إلى الشرطة السويدية و إتهمت أباها بإغتصابها و جاءت الشرطة إلى بيت والدها على الفور وجرى إعتقاله , وعندما وجهت إليه تهمة إغتصاب إبنته واجه التهمة بإستهزاء كامل على أساس أن إبنته بكر وعذراء , فطالب بإجراء فحص طبي عليه , و لما تبينّ أنّها ثيبّ أكدت الشرطة التهمة وسجن على الفور , حيث ما زال يقبع في السجن وقد صدر الحكم بحقه بسجنه ثلاث سنوات .
و في إيطاليا وإسبانيا والبرتغال وهي دول تقع في الجنوب الأوروبي و مجاورة لفرنسا فإنّ العديد من المنظمات النسائية و الحكومية بدأت تطلب بالحذو حذو فرنسا في منع الحجاب وتوحيد النمط الإجتماعي الغربي إلى درجة أنّ بعض المجلات باتت تنشر صور لمنواليزا – لوحة ليونارد دافينتشي الشهيرة – وهي ترتدي الحجاب في إشارة إلى التهديد المحدق بالهوية الأوروبية .
وبدأت بعض الدول الغربية تدرس مسألة تجريد المرأة المسلمة من حجابها عن تريد تقديم صورة لها للحصول على جواز سفر أوروبي ومعروف أنّ فرنسا وقبل إقرارها حظر الحجاب بالكامل بدأت بهذه المطالب الصغيرة إلى أن إنتهى بها المطاف إلى حظر كامل للحجاب في المؤسسات التعليمية , و عين هذه المطالب الصغيرة بدأت تنتشر كالنار في الهشيم في جنوب أوروبا وشمالها الأمر الذي ينذر بمؤامرة تحاك ضدّ الحجاب تمهيدا للتوافق على قانون أوروبي موحدّ بشأنه لدى وضع الصياغة النهائية للدستور الأوروبي .