بعد التحية التي أشعر أنني صادق في إلقائها على جنابك الفاخر دون وجل أو خوف .. و السلام الذي أعلم يقينا أنك تحبه إلى حد الصبابة.. لأن في السلام وأجوائه الهادئة تمارس هوايتك في الحكم والتحكم والتحاكم لنزوة النفس ومقتضيات دوام السلطة .. والعرفان بأنني لست في طولك أو مقامك .. فأنت وحدك القادر في الأرض لك القدرة في امتلاك الأجساد كلها بأن تلقى الهوان على يديك وتشقى في غياهب السجون تضطجع مع الجرذان وخفافيش أديم الأرض ..فبعد كل هذا أستسمحك في دقائق من وقتك الثمين لتقرأ خطابي هذا.. واعذرني لو أسأت الأدب في حضرتك في رمي كلماتي التي لا أقصد منها سوى مقصد الخير وما تعنيه في كل حاو للكلمات من القواميس التي تكرمت بها أنت وسمحت بها أنت كي تباع في الأسواق ونقتنيها نحن عباد الله الضعاف..

سيدي الحاكم العربي …
كم لك من السنين وأنت جالس على كرسي الحكم وكلامك كل كلامك عن الديمقراطية والتداول على السلطة.. فهل تعلم بأن الذين تخاطبهم بهذا الكلام من جموع الشعب .. لا يصدقونك حتى المقربين منك ولو صفقوا وهتفوا بحياتك..ولست أدري أتدري أنت بأننا ندري بأنك لست صادقا فيما تقول و اعذرني في هذه العبارة لكن حتى لا أقول كلمة تقول عني من خلالها أنني أتطاول فمعاذ الله أن أتطاول عليك.إنك سيدي تخاطبنا الساعات الطوال عن الحكم الراشد ، وعن التنمية ،وعن المؤامرة الخارجية وكم هي جميلة عبارة المؤامرة الخارجية حتى أضحى الشعب برمته يلقي بفشله حتى في تسيير بيته على ما هو خارج طاقته أو الرجل يضرب زوجته لأن ذلك خارج عن طاقته.. لقد أوهمتنا بأن السنة التي تلي السنة الحالية نجد أنفسنا في بحبوحة من العيش ورغده .. وسنعانق الحضارة كأترابنا في الضفة الأخرى، وسننعم بالرخاء ،وسنجابه أعداء الإسلام والمترفين الذين يتربصون بنا وبمستقبلنا من قوم الفرنجة.. إننا سيدي الحاكم نقلنا ما قلته في خطبك العصماء إلى أبنائنا والذين يثقون في عرفاننا عن أننا لنا ولو مقدرة متواضعة في فهم الألفاظ الرنانة التي تشيعها على مسامعنا.. إننا قلنا لهم حرفيا ما وعدتنا به وما زدنا عن ذلك قطميرا..فأصبحوا بعد مرور الوقت والزمن لا يأتمنوننا فوقعنا سيدي في الحرج .. فبالله عليك ماذا نحن فاعلون اللحظة.. إننا أصبحنا نكذب أمام عوائلنا فكيف السبيل إلى إعادة الثقة كرة أخرى وهل لو قالوا ملاسنة أنهم واثقون فينا فهل هذا صحيح.. لقد فقدنا كبرياءنا أمامهم .. أرجوك سيدي الحاكم أفعل شيئا كي لا نفقد عوائلنا بعد أن فقدنا أنفسنا في ظل حكمك .

سيدي الحاكم العربي …
وقفنا جميعا كأمة مترامية الأطراف من الماء إلى الماء كيف انهار نظام صدام حسين ،وكيف ذاب هو شخصيا بمعية جنوده أمام شمس الحقيقة..إن الحقيقة هنا هي " أن الظلم لا يدوم وإذا دام دمر" " وأن الظالم ينتقم به الله ثم ينتقم منه"..أسألك كيف كان شعورك وأنت تسمع وترى صدام حسين بجلاله وسلطانه الذي كان يقتل في الشارع ،ويمتلك العراق من الحدود إلى الحدود يسقط نظامه ويتوارى عن الأنظار في طرفة عين.. أنت تعلم أن صدام مطالب من طرف أمريكا فهل بمقدوره اليوم أن يمر على الشارع نفسه بمفرده ولو خلسة بعد أن كان يمر عليه بالنياشين والأهازيج .هل تعلم السيد الحاكم لماذا سقط حكم صدام بتلك السرعة غير المتوقعة ؟ أعلم أنك تعلم لكن لا علينا لو ذكرتك فإنها تنفع .. إن نظام صدام حسين سقط بتلك الضربة القاضية على الرغم من أن الأبواق النظامية كانت تفبرك الحقيقة وتتحكم في زمام الأمور بقبضة ميتة أو مشلولة ..لأن الشعب العراقي العظيم اجتمع عنده في الوقت نفسه خوفان .. خوف صدامي- نسبة إلى صدام حسين- ، وخوف أمريكي فآثر الخوف الأقوى.. وكان بالطبع الخوف الأمريكي الأقوى لهذا جاء التسليم عفويا ليس حبا في أمريكا ولكن نكاية في صدام حسين قاتل العلماء والشعب ومشرد الأخيار في الأمصار.وأسألك مرة ثانية ألم تفكر بمصيرك أن يكون شبيها بالذي جرى لصدام حسين ومعينيه.. إن السيناريو بالشكل الذي حدث مع صدام حسين لن يتكرر.. لكن يتكرر السقوط بالشكل الذي يجب أن يكون عند التمادي في التنكر للشعب وازدرائه كآخر من يحترم أو يستشار.. ولا نسألك الاستشارة ولكن نسألك الصدق في الكلام،والحكم بالعدل لأن هذا يريح الشعب ويريحك أنت بالذات كما يطيل حكمك..وتجد سندا لو لا قدر الله هاجمتك الفرنجة تريد اقتلاعك… إن الشعب السيد الحاكم سندك فلا يغرنك الآخرون بأنه عدوك.. فالدم لا يتحول أبدا إلى ماء….

سيدي الحاكم العربي ….
لا شك في أن بن لادن أبكى بوش وكل أمريكا وحتى العالم .. ولا شك في أن بن لادن مخطئ فيما يفعله وما يقوم به.. والإرهاب مرفوض في كل الشرائع سماوية وغير سماوية .. لكن الأدهى أنك سيدي تحاكي الكبار في تعريفهم للإرهاب وتقترنه بالإسلاميين.. فهل فتحت مع هؤلاء الإسلاميين في يوم من الأيام باب الحوار أو أجلستهم بجانبك وأردت أن تعرف ما يريدون؟.. إنهم أبناؤك قبل أن يكونوا متهمين من قبل الغير كونهم خطرا على الكوكب الأرضي وعلى كل المجرات..إذا لم ترحمهم أنت فمن يرحمهم غيرك أنت الولي الشرعي عليهم؟.لا تقل لي أنهم يرفضون الحوار .. كن صادقا وقربهم منك واطلب ما ذا يريدون..أنا متأكد من أنهم سيصغون إلى داعي الخير من جنابك لو لمسوا الصدق والرأفة والعطف..ساو بينهم وبين الشيوعيين في المأخذ والمطلب ودعهم يتكلمون كما يتكلم الذين لا يعرفون سوى إشاعة الرذيلة و الفسق وزرع الفتنة وبعث الوشاية.. أصغ سيدي إلى ضميرك قبل أن تصغي لمن لا يعرف سوى سياسة الأرض المحروقة.وأعلم أن الإرهاب صناعة غذتها الديكتاتورية.. وأمريكا والعالم الغربي لا يحبك السيد الحاكم بقدر ما يحبك أبناؤك الذين يقال عنهم إرهابيين .فهل الإرهابي الذي يلتحي أو يلبس قميصا أو يصلي.. فلو كان الإرهاب بأداء الشعائر الإسلامية ،والذود عن حياض أمتنا بمحاولة صد الهجمات التغريبية وإحياء تراث نبينا عليه الصلاة والسلام .. فمرحى بالإرهاب ونعن أننا من اليوم في خانة الإرهابيين…

سيدي الحاكم العربي …
أرجو أنني لم أطل عليك لأنني وعدتك بذلك.. فانظر كيف أفي بوعدي.. ولو أنني أود أن أتحدث إليك لأيام وأيام.. لأن الكلام حول مستقبلنا لا أمله كما لا ينتهي عند رزمة أسطر..فهل تعدني بأن تراجع نفسك ونقترب من بعضنا بعضا .. فالعدو خارجي والمؤامرة كما تدعي أيضا خارجية لكن علينا جميعا بما فيها أنت .. فلا تظنن بأنك بمنأى عن الخطر الغربي .. فالإرهاب رديف كل من يملك الجنسية العربية الإسلامية.. ولو صنفت فعلا حاكما فلست في نظرهم سوى بيدقا تنفذ ما يملى عليك ثم يجعلون ما تحتك وما دونك قاعا بلقعا.. فلماذا لا نتصالح مع الله أولا ثم نتصالح مع أنفسنا كحاكم وكمحكوم .. فلسنا أعداء ولسنا غرباء .. وابق إن شئت الدهر كله حاكما ولكن أحكم بالعدل ولا عدل إلا عدل الله…

سيدي الحاكم العربي …
أرجو المعذرة مرة أخرى لو أطلت أو أسأت الأدب.. فالحضارة لم تصلني بعد.. والإتيكيت لم يصلني يبعد .. والنفاق والعياذ بالله أخشاه لأنني أحبك وأخشى عليك ولا أريد أن يحدث لك ما حدث لصدام حسين وللحكام الذي مروا … وأذكر دائما أن السلطة لو دامت لغيرك ما وصلت إليك…
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية