تحولّ الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز وبسبب مواقفه السياسية وتصريحاته النارية ضد الولايات المتحدة الأمريكية ورئيسها جورج بوش الإبن إلى ظاهرة سياسية تحظى بكثير من الإحترام والتوقير من قبل شرائح واسعة في العالمين العربي و الإسلامي و في العالم الثالث أيضا , وشافيز الذي دغدغ العواطف العربية بسبب موقفه من واشنطن وتل أبيب على حدّ سواء وتحديدا موقفه من إسرائيل لما شنّت حربها المفتوحة جوا وبرحا وبرا على لبنان قبل أشهر , أصبح ظاهرة في الغرب أيضا حيث باتت شخصيته تحللّ و أبعاد سياسته تقرأ بعمق من قبل مراكز الأبحاث و دوائر الخارجية والديبلوماسية و المعاهد الأكاديمية بل تحولّ هوغو شافيز إلى رمز لقوى السياسية و قوى المجتمع المدني المناهضة للعولمة والأمركة.

والواقع أنّ الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز البالغ من العمر 52 سنة -ولد هوغو شافيز في 28 يوليو/ تموز 1954 بسابيناتا في ولاية باريناس في الجنوب الغربي لفنزويلا. ونشأ في أسرة متواضعة، وهو متزوج من ميرازابيل دو شافيز وله خمسة أولاد. ويعرف بحبه الشديد للقراءة.


الذي يعلن بإستمرار أمام شعبه من على شرفة قصر ميرافلوريس الرئاسي أنّ بلاده الأغنى في مجال النفط في أمريكا اللاتينية  لن تكون على الإطلاق مستعمرة أمريكية ليس ظاهرة شاذة في تاريخ أمريكا اللاتينية ذات الإرث الطويل و العريق في محاربة أمريكا الأمبريالية التي كانت على الدوام تعتبر حديقتها الخلفية إمتدادا لها سياسيا و إقتصاديا و إستراتيجيا وأمنيا , فالرئيس شافيز هو إمتداد لصاحب الثورات المشهورة على أمريكا سيمون دي بوليفار الذي قال قبل أزيد من قرن أنّ أمريكا تتلذذ بتعذيب الشعوب , و هو إمتداد لإرث شي غيفارا الذي نذر حياته لمحاربة الأمبريالية الأمريكية , و حتى لما نالت الجزائر إستقلالها و دعاه أولّ رئيس للجزائر أحمد بن بلة لزيارة الجزائر ومنحه بعد ذلك فيلا جميلة في أحد مرتفعات الجزائر , تخلىّ عنها و قال لصديقه بن بلة ما للرفاهية خلقت , و غادر الجزائر متوجها إلى الكونغو لدعم ثورة مواطنيها ضد الحركات الإستعمارية في إفريقيا , و مازال شافيز يستعمل نفس الخطاب الثوري الإشتراكي الذي إستخدمته كافة الثورات في أمريكا اللاتينية , فعندما تمّ الإعلان عن فوزه في الإنتخابات الرئاسيّة الأخيرة قال شافيز : لقد لقنّا الأمبريالية الأمريكية درسا كبيرا , إنها هزيمة أخرى للشيطان الذي يدعّي قيادة العالم ...

وكانت الدوائر الأمريكية و قبل الإنتخابات الرئاسية الفنزويلية كلفّت العديد من دوائر الرأي ومعاهد الإستطلاع بإستكشاف وقراءة ما سوف يكون عليه مستقبل فنزويلا و هل ستستمر ظاهرة شافيز بالتمددّ , فكانت النتيجة الصدمة التي أعلنها أليكس إيفانز مدير معهد الإستطلاع الأمريكي و الذي قال بأنّ شافيز يحظى بدعم واسع من الفقراء الذين يشكلّون غالبية السكان والذين سخرّ شافيز النفط لخدمتهم و مساعدتهم ..ويعترف هذا المعهد الأمريكي أنّ شخصية شافيز تتمتّع بكاريزما عالية و أنّه شخصية محببة إلى قلوب الفنزويليين.

والأمر الذي يزعج أمريكا كثيرا من ظاهرة شافيز هو تلويحه المستمّر بقطع النفط عن الولايات المتحدّة الأمريكية , و إنعكاس ذلك فيما لو تمّ على أسعار الطاقة في الولايات المتحدة الأمريكية ..

وللإشارة فإنّ فنزويلا تعّد -رابع منتج للنفط في العالم- ثاني أكبر مصدر للولايات المتحدة الأميركية‏.‏ إلا أن الولايات المتحدة غير راضية عن شافيز لعدة أسباب، منها علاقته الخاصة بالرئيس الكوبي فيدل كاسترو، وزيارته للعراق وليبيا, وانتقاده قصف أميركا لأفغانستان في حربها ضد طالبان والقاعدة، والتزامه الحياد في حرب النظام الكولومبي ضد الثوار الشيوعيين.

وقد سارعت الولايات المتحدة إلى تأييد عزل هوغو شافيز، كما سارعت بتأييد الرئيس الذي تم اختياره من قادة الجيش.

وحسب بعض الدراسات الأمريكية التي تصدرها معاهد البحث والدراسات الإستراتيجية و التي تساهم إلى أبعد الحدود في صناعة القرار الأمريكي فإنّ ممّا يخيف أمريكا أكثر هو صحوة الفكر الإشتراكي المعادي للتغريب والليبيرالية و الأمركة في العديد من الدول في أمريكا الجنوبية و هو الأمر الذي سجلّ بوضوح إخفاق أمريكا في بسط سيطرتها على هذه المنطقة وهي التي ضخّت وعبر وكالة الإستخبارات الأمريكية ملايين الدولارات في هذه المنطقة من أجل صناعة إنقلابات ورؤساء و تجمعات سياسية موالية لأمريكا , و ها هي هذه الميزانيات الضخمة لخلق أنظمة موالية لواشنطن في أمريكا اللاتينية تتبخّر و لم تحصد أمريكا شيئا منها .

وعلى الصعيد الإستراتيجي و الجيوسياسي فإنّ أمريكا متخوفة من أن يبنى جدار برلين بينها وبين أمريكا الجنوبية وبالتالي لا يبقى أمامها إلاّ الشمال أي كندا وهذه الأخيرة لا تعتبر سوقا كبيرة بالمقارنة مع الحديقة الخلفية لأمريكا والتي نهبتها أمريكا على مدى مائة سنة ويزيد .

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية