كتبت المقالين السابقين محذرًا من تغلل الفكرة الصهيونية اللا إنسانية في صحافتنا المحلية بقصدٍ أو دون قصد، عبر مجموعة من أصحاب الزوايا الصحافية التي تعترف بالكيان الصهيوني المحتل، وتعتبر المقاومة الفلسطينية عملاً (غير حضاري) في كثيرٍ من الأوقات.
وأقول إن علينا عدم الملل أو الخجل من فضح الأخطاء ونصح المخطئين، فلا خير فينا إن لم نقلها ولا خير فيهم إن لم يسمعوها، وواجبنا هو الدعوة للخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، انطلاقًا من قوله عز وجل: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر}.
أما نتيجة الكلام ومصلحة المقالات فهي – بعد بذلنا للأسباب – بيد الله تعالى وحده، فهو الهادي إلى سواء السبيل، وهو القائل سبحانه: {إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم}، فنسأل الله لهؤلاء الكتّاب الهداية وأن ييسر عليهم الخطوة الأولى نحو الاستقامة وقول الحق ولو كان مرًا.
وها هو الكاتب فؤاد الهاشم ينكأ الجراح، وينشر بدوره معلومات غريبة ومريبة، يقول فيها جازمًا: (( إن القوات الإسرائيلية تقاتل إلى جانب حركة (حماس) ضد عناصر من حركة (فتـح) )) ! (الوطن) 18/5.
وما زاد الطين بلة أن تلك الصحيفة قد طالعتنا في ذات اليوم بعنوان كبير، يتحدث عن تدمير الطائرات الصهيونية لمقار القوة التنفيذية لوزارة الداخلية، وهي قوات مقربة من حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
كما أن الحصاد الدموي اليومي للقوات الصهيونية يميل بشدة ضد هذه الحركة الجهادية بالذات، وأغلب الشهداء والمعتقلين تكون من نصيب قياداتها وأعضائها وأنصارها، بل أنها تطال في أحيانٍ كثيرة زوجات وأطفال وأقارب المنتمين لحركة (حماس).
فكيف قبل الهاشم على نفسه تمرير معلومة بهذا الشذوذ، دون أن يتعب نفسه في سياق ولو دليل واحده على ذلك الزعم؟
وإذا لم تقنع الأخبار الصحافية ووكالات الأنباء الكاتب فؤاد الهاشم بخطأ نظريته، فلعل شمعون بيريز يتمكن من ذلك، فها هو يقول: ((من الواضح وضوح الشمس أن علينا أن نشن مواجهة ضد حماس، وأن ندعم دون تردد أبو مازن)).
ودعا في الحديث ذاته إلى إقامة جبهة مشتركة، بين الرئيس الفلسطيني المنتمي إلى (فتح) وبين الكيان الصهيوني الغاصب، ضد ما يعتبره الصهيوني بيريز إرهابًا ونعتبره نحن مقاومة واجبة ومشروعة.
إنني لا أتهم الكتّاب صالح الشايجي وعبد الله الهدلق وفؤاد الهاشم بشيء معين، لكنني أدعوهم لمزيد من الهدوء والبحث قبل تسطير الكلمات في اتهام هذا أو ذاك، خصوصًا عندما يكون المتهمون أناسًا يمارسون حقهم في تحرير وطنهم ومقاومة المحتل.
ختامًا: إنني أرجو أن لا تكون قيمنا الإسلامية ومواقفنا القومية هي الحلقة الأضعف، في معيار مراعاتنا للآخرين حينما نمارس حريات الصحافة والنشر والإعلام، وأنا لا أطلب محاباةٍ أو مداراة لأحد، لكنني أنادي ببذل الجهد نحو صحافة كويتية ذات موضوعية أكبر ومصداقية أكثر، خصوصًا وأننا في حالة حرب قائمة مع كيان صهيوني غاصب، والحمد لله أولاً وأخيرا.