في ملاحظة دقيقة بين اللوحتين التي رسمت على الساحة الطلابية والمحلية خلال أقل من شهرين الماضيين عشنا فترة الانتخابات لمجلس الأمة 2008 قريبا، ولا ننكر أن معظم طلبة الجامعة كانت لهم مشاركات إما خفيفة أو كاملة الدسم حسب توجهات وانتماءات وقبائل وتيارات كل واحد منهم، حتى لو كان سن البعض أقل من سن التصويت، لاكتساب الخبرة العملية لأجل مستقبل برلماني أفضل، والقلة القليلة التي أبت على نفسها واعتزلت العرس الديمقراطي في الكويت، وبعد نتائج يوم 17/5 طار النواب والمرشحين بأرزاقهم، ففاز من فاز وخسر من خسر بقدرة الله وإرادة الشعب.
ولكن الطلبة لم يرتاحوا بعدها وانشغلوا بل غاصوا بين صفحات كتبهم لاقتراب موعد الاختبارات بعد الانتخابات فورا، وخلال أسبوعين انتهت الامتحانات وظهرت النتائج فنجح من نجح وسقط من سقط بفضل الله وجهود الطالب.
وتزامنا لاقتراب الحدثين رصدت تصرفات الشريحتين (الطلاب والنواب)، فوجدت نفسي ألعب لعبة الفوارق السبعة ولكن هذه المرة التشابهات السبعة بينهما لأن الفوارق كثيرة ولا تحصى، والسطور المقبلة تحكي لكم ما هي العلامات المشابهة بين حال الطالب في الاختبارات الجامعية والمرشح في الانتخابات البرلمانية ؟؟ علما بأن قاعدتي لها استثناءات، وأمثلتي لا تطبق على كل واحد ولا تطبق على أي واحد.
أولا : بعد حل المجلس وفتح باب الترشيح يمتلك المرشح شهرا ذهبيا يستغل فيه كل دقيقة ليستذكر الأصحاب والأحباب والديوانيات والناخبين من جميع الفئات والذي طواهم النسيان من ذاكرته لضمان أكبر عدد من الأصوات ، كحال الطالب الذي لا يعرف عن دروسه إلا في الفترة المختصة للدراسة قبل الاختبارات بشهر أو أسبوعين ليستذكر دروسه ويبعد الغبار عن كتبه التي نسيها في أدراجه، لضمان أعلى الدرجات.
ثانيا : قبل الانتخابات لا يعرف المرشح غير ناخبيه ، فيبتعد عن الأسرة والأهل والأصدقاء، ولا يرى أمام عينيه سوى صورة الناخبين ، فيجالسهم ويسامرهم ويتابع كل صغيرة وكبيرة لديهم ويكسب ودهم ، كحال الطالب الذي يعتزل عن مجتمعه ويحضن الكتب فلا يحلم إلا بصفحات المنهج الدراسي ، ويجالس أشطر الطلبة لعل وعسى يستفيدوا من خبرات بعضهم البعض.
ثالثا : يتمتع النائب قبل الانتخابات بذاكرة قوية جدا، حيث يتذكر كل شخص يمر أمامه من دائرته بل ويذكر شجرة عائلته من الأصول إلى الفروع فردا فردا ، ويسأل عنهم ويسلم عليهم، كالطالب الذي يتذكر قبل موعد الاختبار كل سطر وكلمة مكتوبة في الكتاب حتى لو بالهوامش، خوفا من أن يأتي السؤال اللي مش عالبال ويتوهق .
رابعا :النائب ليلة الانتخابات يخاف ويحاتي ولا ينام الليل قلقا على حاله، يزيد من الطاعات والدعاء من الله على أن تصبح ورقة التصويت بصالحه حتى لو لم يصوتوا له الأغلبية، فيتمنى أن ترى لجنة الفرز علامة ( ) عند اسمه حتى لو غير موجودة، كما يدعي الطلبة منذ الأزل أن يعمي الله عيون الأساتذة عن الإجابات الخاطئة، فلا يروا إلا الصحيح منها ، راجيا من الله أن تعود عليه ورقة الاختبار وهي مليئة بعلامة ( ) وبس .
خامسا: قبل الإعلان عن النتائج تجتمع الأسرة حول المرشح ليساندوه ويؤازروه فيفرحوا لفرحه ويبتهجوا ويحتفلوا بل يبدأ التخطيط للمشاريع المستقبلية ذات العيار الثقيل لو فاز بالكرسي الأخضر، ويخففوا من وقعة الصدمة الكهربائية لو خسر مكانه تحت القبة، فتبدأ عمليات الإسعافات الأولية بتهدئة حالة المرشح ليستعد قواه للمجلس المقبل، مثل الطالب المسكين الذي يتعب ويجتهد للاختبار ولكن تظل آماله معلقة حتى يرى بأم عينيه تلك الورقة المعلقة على مكتب الدكتور، ويتأكد من معدله ، فإذا كانت الثمرة ذات لذة A هناك سفر واحتفالات وهدايا، ولكن إذا كان الشبح يرتدي ثوب ال F يخيم الحزن والكآبة بانتظار الفصل الثاني.
سادسا: بعد الانتخابات معظم النواب يعاني من فقدان الذاكرة ، فينسى من سانده ووقف بجانبه فكان له القفل والمفتاح في الدائرة، والسلم الذي من خلاله صعد، والباب الذي من خلاله دخل إلى قلوب الكثيرين، واليوم ينساه ولا يذكر حتى ملامحه ، كما الطالب الذي غالبا ينسى كل ما حفظ من المواد والدروس المتينة، فلو تسأله سؤالا أسهل بكثير من حجم دراسته تجده غير واثقا من الإجابة لأنه نسى وتناسى ما حفظ .
سابعا : وأخيرا لا ننس الصفة المشتركة عند بعض الخاسرين في أي مكان بالعالم ألا وهي الطعن بالنتائج ، فالمرشح اللي مو عاجبه عدد الأصوات التي أعلنته لجنة الفرز يرفع قضية ويطعن بالنتيجة معترضا على هذا الواقع ، كالطالب الذي ينصدم من درجاته ومستواه بعد مشقة سهر الليالي لطلب العلا ، فيقدم على التظلم ويطالب الدكتور كشف درجاته وورقة الاختبار ليتأكد من نفسه فقد يصيب أو يخطأ.
وقد تكون هناك الكثير من العوامل المشتركة بين ملامح الطالب والنائب قد غفلت عنها ، ولكن تبقى المسؤوليات الوطنية موحدة على عاتق الجميع، فليسع كل في مجاله ليكون عنصرا إيجابيا في بناء هذا المجتمع.