قد يتبادر إلى الأذهان على أن التعبئة الشاملة التي يقوم بها المحسوبين على جبهة ابن افليس بحجة ديكتاتورية رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة ومطالبته استخدام جبهة التحرير الوطني مطية من أجل غرض انتخابي.. هي بالدرجة الأولى تخدم ابن افليس كمرشح للرئاسيات.. ومن ثمة تكون جبهة التحرير الوطني قوة سياسية بديلة لحزب السلطة بحكم أنها تحوز على الدعم الشعبي القاعدي وتنطلق من فضاءات الديمقراطية .. لكن الحقيقة عكس ذلك لأن التصدع الحاصل وانفراد علي ابن افليس على مجامع المعارضة داخل جبهة التحرير الوطني الأم مؤشر قوي على اضمحلالها في الفترة القادمة لعدة اعتبارات: أوله : أن ابن افليس شخصيا على الرغم من ادعائه للديمقراطية وتغنيه بها إلا أنه يعاكسها تماما وإلا كيف نفسر لجوءه لتعيين المحافظين الولائيين بقرار فوقي ضاربا عرض الحائط بالديمقراطية والانتخاب.. وابن افليس هنا شبه عبد العزيز بوتفليقة الذي لا يعير اهتماما للديمقراطية.. فلماذا نلوم إذن عبد العزيز بوتفليقة على تجنيه على الديمقراطية واستحواذه على مطلق القرار والدستور ينص على كل ذلك.حتى إقالته كانت دستورية .
ثانيه: يبدو علي ابن افليس مظلوما ومسكينا لكنه ظلم نفسه عندما أراد أن ينقلب على ولي نعمته .. وربما نسي علي ابن افليس ما كان يقوله عن عبد العزيز بوتفليقة عندما كان مدير حملته الانتخابية وتذكر فجأة أن بوتفليقة يريد أن يجعله مطية.. إن كل هذا كله كفيل بأن يلغي كل مظلومية لعلي ابن افليس لأن الشعب لا ينسى لو كان يظن سي علي أن الشعب ينسى.
ثالثه: لما دستر عبد العزيز بوتفليقة الأمازيغية أين كان علي ابن افليس وقتئذ أم كان في المعارضة أو مع علي بن حاج في سجن البليدة؟.
رابعه: المنسحبون من الحكومة الحالية أين كانوا عندما كان عبد العزيز بوتفليقة يمرر قراراته على أيديهم .. أم كانوا مخمورين أو مسحورين..
خامسه: هل يأمن علي ابن افليس على نفسه من قضاء الجزائر الذي يتهمه بأنه مقصر وبأنه خارق للقوانين بأن يطالبه بالأدلة .. كما أن ابن افليس ليس في مأمن عن أن يرفض ترشحه جملة وتفصيلا مهما جمع النصاب المحدد حسب قانون الإنتخابات .. لأن السلطة لو أرادت شيئا تقول له كن فيكون وكما حدث للمرحوم محفوظ نحناح أن قبل ملفه للترشح لرئاسيات 95 و رفض لنفس الغرض في رئاسيات 99 فقد يجري لبن افليس ما جرى لمحفوظ نحناح الذي وجد مخرجا من المطب الذي وضعته فيه السلطة الفعلية أن تحول من مؤيد لطالب الإبراهيمي إلى ضمن السرب المدعم لعبد العزيز بوتفليقة.
لو جمعنا هذه المؤشرات وحللناها تحليلا منطقيا وبالكرونولوجيا نجد أنفسنا منساقين إلى التأكيد على أن الذين يحيطون بابن افليس والداعمين له هم من هواة المؤامرات العلمية.. ومهما قيل عن مشروعية ما يقوم ابن افليس لأن كل مواطن جزائري له الحق في أن يطمح بأن يكون رئيسا للجمهورية .و الواضح هذه المرة القناصون أخطئوا الهدف و هم بدل من النظر إلى الواقع بعين الناقد المتبصر راحوا يعيدون نفس السيناريوهات المترهلة التي ألفها الأطفال الصغار.لكن الذي أكل عليه بدفع الثمن. وزيادة على كل هذه المؤشرات فإن جبهة علي ابن افليس قد تقصى نهائيا من الساحة السياسية وستكون كمثلها من الأحزاب المجهرية خصوصا إذا لم يطرأ طارئ وتظهر بوادر جديدة لا ينتظرها جماعة ابن افليس .. بما أن الإدارة ليست بيدها وبيد غيرها.. وكما يعلم علي ابن افليس أن الديمقراطية التي تعطي للمعارضة الحقيقية التمثيل في الجزائر مغيبة تغييبا نهائيا ولم يحن ظرفها بعد حتى ولو ابن افليس معتمد على بعض الوجوه الإستئصالية التي لا تزال تخرف وتظن نفسها تعيش فترة التسعينات. إن الأزمة الحاصلة على مستوى جبهة التحرير الوطني قد تفصل نهائيا في أمر الأغلبية البرلمانية بحيث سيلجأ الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مضطرا إلى حل البرلمان- إذا لم يكن هناك سيناريو التضييق على ابن افليس في فترة جمع التوقيعات- ومنه ضرب الأغلبية التي تتغنى بها جماعة ابن افليس والرهط الإستئصالي الواقف وراءهم من صحافة وشخصيات معروف عنها وقوفها ضد اختيار الشعب السيد في المقاتل .. وحتى إجراء الانتخابات في ظرف ثلاثة أشهر كما هو مد ستر في الدستور فسوف يعطي الحجم الحقيقي لجبهة ابن افليس والذين لفوا لفها .سيكون سابقا لأوانه لو أكدنا جازمين على أن عبد العزيز بوتفليقة سيلجأ للإسلاميين بما أن علي ابن افليس لجأ إلى الإستئصاليين من أجل المساندة والإسلاميون كما هو معروف عنهم لهم قدرة فائقة في تجنيد الشارع .. وبما أن عبد العزيز بوتفليقة في هذا الظرف الحرج بحاجة للإسلاميين كي ينقذوه من جماعة ابن افليس .. فإن الإسلاميين هم أيضا بحاجة لعبد العزيز بوتفليقة ليرد لهم المظالم ويعيد لهم مكانتهم.. والصراع اليوم الدائر هو بين الاستئصال والمصالحة ولو أن العناوين مختلفة.. والتمثيل مختلف. وجماعة ابن افليس مادامت انساقت وراء الإستئصاليين من أجل المصلحة الحزبية الخاصة للقضاء على كل قوة بجانب عبد العزيز بوتفليقة فإن ذلك يعطي حجة للشعب كي يلفظهم في الانتخابات التشريعية المسبقة لوحل البرلمان.. لأن الشعب برمته لا مصلحة له سوى أن يعيش في كنف الحرية والعدالة والديمقراطية .. والشعب يؤيد من يرى فيه الرجلة والمحافظة على حقوقه. . لا المصلحة الخاصة الحزبية الضيقة .