متهورون.. هذه هي الكلمة التي وُصِف بها أبناء المقاومة الكويتية الذين كانوا يحاربون "بالشوازن" و"النباطات" الجيش العراقي المدرع بالسلاح والعتاد
متهور.. وَصَف الصحابة بها البراء بن مالك في معركة اليمامة حينما قذف نفسه بالمنجنيق ليقتحم حصن حديقة الموت.. وفتح باب الحصن
مجنون.. هو الوصف المناسب لماجلان قبل أن يكتشف كروية الأرض.. بطل.. هو الوصف المناسب لماجلان بعد أن طاف الكرة الأرضية بسفينته "ترينيداد"
إن العقلية التي خرج بها أبناء الكويت المتضامنون على أسطول الحرية.. هي نفس العقلية التي قاتل بها جماعات ضعيفة العتاد قوية المبادئ جيش نظامي مسلح عظيم في الغزو.. وقيل عنهما نفس الكلام.. متهورون.. وكم حذرت أمهات أبناء المقاومة أبناءهم من مواجهة العراقيين وجلسوا على عتبة باب البيت يشدون ثياب أبناءهم ويصرخون باكين: لا تخرجوا ! فينظر إلى أمه نظرة مودع ويقبل رأسها ثم يدير ظهره وينصرف.
وإن قال البعض: أن المقاومة الكويتية في الغزو بطولة لأن المعتدي دخل يهددنا في أرضنا.. لكن أهل الأسطول "شنو اللي حادهم" على الذهاب إلى المعتدي وإلى التهديدات؟
أعتقد أن المتضامنون في الأسطول لهم أبعاد مختلفة للأرض التي يعيشون عليها.. ولهم روابط إنسانية وإسلامية تتجاوز حدود دول الكويت صغيرة الحجم كبيرة القدر وكأن قول الشاعر جرى على لسانهم فقال:
في الشام أهلي وبغـــداد الهــــوى وأنا***في الرقمتين وفي الفسطاط جيــــراني
وأينـما ذُكـــــــــــر اســم الله في بلـــدٍ***عــددت ذاك الحمى من صُـلبِ اوطاني
ما الفرق بين التهور والتضحية؟
كلاهما فيهما خطورة.. وكلاهما قد يؤديان إلى أضرار تصل إلى الموت.. لكن المتهور قد يعرض نفسه للخطر من أجل شيء تافه كالاستهتار في قيادة السيارة.. فهو إن أصابه مكروه فعليه إثم وعليه اللوم أيضاً.. أما من يعرض نفسه للخطر من أجل مبدأ إنساني أو إسلامي أو وطني.. فله الأجر وله البطولة.. وهذه تُسمّى -في جميع اللغات-.. تضحية.