فى أجواء الانتخابات الرئاسية المحمومة، والتى تشهد إطلاق حزمة من الوعود لكل ناخب، أطلق أحد المرشحين حملة المئة يوم الأولى من توليه مهام منصبه، لينزلق الدكتور مرسي وكان مرشح حزب الحرية والعدالة الثانى بعد الاعتراض على خيرت الشاطر نائب مرشد الإخوان، ليطلق هو الآخر تبنّيه لنفس المدة لحل مشاكل الأمن والمرور والوقود والقمامة والخبز. وفى خطابه الجماهيرى الحاشد بمناسبة ذكرى انتصار أكتوبر قدم كشف حسابه، الذى رضي عنه البعض، وتربصت به القوى السياسية المناوئة له وللإخوان باعتباره محسوبًا على الجماعة، كما أن كافة القوى السياسية جلست للرجل بالمرصاد، لتعد عليه سكناته وحركاته وإنجازاته، وإخفاقاته ونجاحاته بالدقيقة والثانية.
الواقع المر الذى تسلمه الدكتور مرسي يحتاج لأكثر من مئات الأيام، وما حققه يدلل على أن الرجل يسير فى الاتجاه الصائب، ويحتاج فقط لصبر ومساندة من الشعب، الذى تعاطف معه الأغلبية منه، بينما القوى الأخرى أعلنت أن مرسي رسب إن لم يكن فشل، ووجدوها فرصة ذهبية لحشد المظاهرات فى يوم الجمعة 11/10/2012، لعلها تكون القاضية بإزاحته عن المشهد هو وحزبه وجماعته، ليخلو المشهد لمرشح ليبرالى يريحهم من ظلال الدولة الدينية. تكاثفت فوق رأس الرجل الكثير من سحابات الهموم التى يحملها على كاهله المواطن البسيط الذى نظر إلى مرسى على أنه المنقذ، ومرسي جاءه بحزمة من السياسات التى تبدو وكأنها فى صف الفقير إلا أنها تحتاج لكثير من الوقت، ولم يعد للأفواه الجائعة فى قوس الصبر منزع، ليظلل رؤوسهم المثقلة ببوادر إجراءات تقشفية، ورفع الأسعار، وهم الذين يعانون من ارتفاع الخضراوات واللحوم، مع فرض إغلاق للمحلات بعد العاشرة مساءً. ثم لاحت فى الأفق أنباء عن إقالة النائب العام، وسط ترحيب من الأغلبية أيضًا، وقلق ومخاوف من الأقلية؛ إذ يبدو أن مرسي يحكم قبضته على مفاصل الدولة العميقة من جيش وشرطة، وأجهزة رقابية، وأخيرًا النيابة، أي أن الإخوان يكسبون كل يوم أرض جديدة فى سعيهم الحثيث إلى الهيمنة على مصر ومن ثم تحويلها إلى إمارة إخوانية بإمتياز، مع خنق الأصوات المعارضة بطريقة ناعمة وتدريجية. وهكذا اصطدمت المظاهرات الحاشدة من الإخوان والتى خرجت معترضة على أحكام القضاء ببراءة المتهمين فى موقعة الجمل الشهيرة، مع المظاهرات التى تحمل أعلام الحزب الشيوعي المصري، وحزب التجمع، وحركة شباب 6 إبريل الجبهة الديمقراطية والتى خرجت هى الأخرى لتطالب بكشف حساب عن أيام مرسي المئة، ليسفر التراشق عن إصابة 110 متظاهرين من الجانبين تم نقلهم وتوزيعهم على عدة مستشفيات بالقاهرة، ما بين إصابات بسيطة ومتوسطة، وحرق حافلتان تخصان إخوان محافظة بورسعيد. ليعقد بعدها السيد البدوي رئيس حزب الوفد مؤتمرًا صحفيًا استنكر فيه ما حدث، كما استنكر صمت الجهاز الرئاسي فى التعليق على الأحداث. بينما وجهت وزارة الداخلية نداءً تهيب بكل القوى والتيارات السياسية المتواجدة بالميدان إنهاء التظاهرات عند هذا الحد، انطلاقًا من المسؤولية الوطنية، وذلك لعدم إتاحة الفرصة لعناصر الشغب لتحقيق أغراضها، وتجنبًا لمزيد من العنف، وحتي تتمكن الأجهزة الأمنية من التعامل مع تلك العناصر بالوسائل والطرق التي كفلها القانون، وقد انسحبت جموع من متظاهري الإخوان من الميدان بناءً على أوامر صادرة من قيادتها، عدها الطرف الآخر نصرًا مؤزرًا فأطلقوا الشماريخ والألعاب النارية ابتهاجًا. بينما قبع الرئيس مرسي مع مساعديه ومستشاريه فى القصر الرئاسى يبحثون حلول مقترحة تكون أكثر جدية ونفعًا وإصلاحية يحس بها الفئة الأكبر من الشعب، وكذلك البحث عن مخرج مقبول من أزمة إقالة النائب العام. فهل سينجح الرجل وهو يبدأ مشوار المئة يوم الثانية؟
التدقيق اللغوي: لجين قطب.