الجزائر التي انطلقت مع كوريا وإسبانيا من منطلق زمانى واحد.. لماذا أخفقت في نهضتها ولم تصل إلى ماو صلت إليه هاتان الدولتان؟..
الجزائر التي كنا ننتظر منها أن تكون يابان إفريقيا توشك أن تصير بنغلاديش آسيا- كما كان يقول الشيخ المرحوم محمد الغزالي في أواخر الثمانينات..
الجزائر التي إذ ذكرت أمام رجال الأعمال والاستثمار اليابنيين والألمان سال لعابهم مما تزخر به من ثروات ونعم قل أن توجد في بلد آخر.. الجزائر وهي ثاني بلد عربى غني بعد السعودية.. لماذا شعبها اليوم فقير، وتجتاحها الأوبئة والأمراض، وينتحر أفرادها من الجوع، ويتآكل بنيانها بفعل ضربات الجرائم والفضائح..
كان بإمكان القائمين على أمر الجزائر أن يتداركوا ما حصل من تعثر في مسيرة الجزائر بعد الاستقلال-بعد أحداث أكتوبر 1988-، ولكن سرعان ما انكشف الغطاء ، وتأكد الرأى العام أن العملية دبرت بليل، وأنها مجرد لعبة للانتقال إلى الضفة الأخرى وإلى الوجه الجديد من السيستام المتعفن..
جاءت الديمقراطية التي وعدت بالانتخاب الحر، وكان بإمكان القائمين على أمر الجزائر تصحيح سهم البوصلة وحركة التاريخ ، وتجاوز التركة الثقيلة من الأخطاء وترك الشعب يقررمصير بنفسه.. لكن التجربة أجهضت بمجرد ان إمتلأت الصناديق ذات يوم بورقة السيس "6"، وصودرت إرادة الأمة في ضوء النهار وتحت مرآى ومسمع العالم، وإتهم الشعب وقتها بالقصور وعدم النضج، وأدخل الانقلابيون البلاد في أتون فتنة مازالت شظاياها إلى حد الساعة تصيب الجزائريين..
هكذا طالت محنة الجزائريين وغرقت البلاد في المجهول، وصارت الأزمة تستنسخ نفسها بشكل يدعو للرثاء، وغدا التعفن عنوانا عريضا للكثير من قطاعات الحياة.. فهل حلت الانتخابات المتوالية الأزمة الرهيبة التي سقطت فيها البلاد ؟ وهل حفضت من منسوب الأزمة المتصاعد ..؟
المشهد الجزائرى اليوم كأن به يريد أن يدفع الأمة صوب حدث واحد وهو انتخاب 2004، وتصويره كأنه القشة التي تنقدنا من الغرق الأكيد،بل إلى حد تعويمه بالكثيرمن الأصوات والألوان والحركات، كما لو أن الاستحقاق القادم سيخرج البلاد من النفق المظلم ويقفز بها إلى دائرة النور، وينجيها من الموت المحقق..
مظهر الغرابة في كل الذي يحدث ويتحرك على لوحة الشاشة الآن ، أن الشخوص اللاعبة هي نفسها التي حققت طيلة عهدة كاملة فشلا بامتياز، وكانت متخندقة في صف واحد مثل البنيان المرصوص، فما السر في هذا الطلاق الحاصل، والتصدع المفزع وإيهام الناس بأن الفشل متسبب فيه أحد الطرفين، وأن الطرف الثاني هو الخلاص للجزائر.. أليس هذا ضحك على الذقون ومحاولة لإلغاء العقول ..؟
متى كان الانتخاب طريقا لحل الأزمة المعقدة بعد أن جرب الشعب الكثير من الاستحقاقات التي كانت نتيجتها في النهاية إرتفاع خطيرفي منسوب الأزمة، وإزدياد الاحتقان بشكل غير مسبوق.. فهل إلى خروج من سبيل..؟
إن السبيل الى ذلك هو المصالحة الشاملة التي لا تتطلب تأجيلا آخر ..فهل الرئيس عازم على فعل ذلك وهو ما انفك يلح على هذا الأمر..؟ جدية الرئيس تكمن في تهيئة المناخ المناسب بقررات هامة، والعجلة في المضي فيها فالوقت جزء من العلاج ،والشعب نفذ صبره..