إن القارئ للتاريخ يعرف بأنه في الحقيقة ليس هناك قوانين تحكم التاريخ؛ إلا قانونًا واحدًا وهو قانون العناية الإلهية، ولأنني أكتب الكتب الممنوعة من النشر في بلدي الجزائر، ولا توجد دار نشر واحدة ـ حسب علمي ـ قبلت نشر عمل من أعمالي، أو حتى قصة قصيرة، فأنا بالنسبة لهم (ابن حداد) وأبناء الحدادين مشهورون في التاريخ بأنهم يسبّبون المشاكل، وقد يصلون للحكم. والأمر الثاني أنني من طبقة المواطنين؛ لأنه في الجزائر ـ للأسف ـ عرفتُ نظام الطبقات، مثل الممالك القديمة، لكن في الجزائر هناك طبقتين: طبقة الحكوميين، وهم الذين يحكمون البلد ويسيطرون على كل شيء، ويحتكرون السلطة والثروة، مخالفين المقولة التي قالها المفكر راسل: (الديمقراطية هي العدل في توزيع السلطة والثروة) والحقيقة هم يتجاوزون مليون جزائري يمتلكون حسابًا بريديًّا تصب فيه رواتبهم كل شهر؛ لهذا فهؤلاء أغلبهم ينتمون إلى حزب جبهة التحرير الوطني لكن ليس هذا الحزب ورث التسمية من الجزائرين الذين كافحوا الاستعمار الفرنسي لهذا تجد كلمة جبهة التحرير، ولا بأس أن نقول بأنه الآن تحوّل إلى شبه نادٍ للراغبين في الوصول إلى السلطة من الحكوميين. أما الطبقة التي أنتمي إليها أنا وأغلب الجزائرين هي طبقة المواطنين الذي لا يمتلكون حسابًا بريديًّا ولا يتلقون رواتب من الحكومة هؤلاء هم في الحقيقة ـ إن لم أظلمهم ـ هم شعب الجزائر الحقيقي،
فهم لا يحبون السياسة ولائهم وتعصبهم الفكري يكون بكلِّه للمنتخب الفريق الوطني لكرة القدم، فنحن اشتهرنا بحبنا لكرة القدم، وكلما تعرض فريقنا لخسارة ترى الشعب الجزائري في حالة حزن شديد، وهذه الطبقة كما قلتُ تتميز بتنوعها لكن ـ للأسف ـ تطورت حاجتها كل يوم وهي في اتساع لهذا تراها ترغب في الثورة على الحكوميين واستبدالهم بحكوميين جدد، لكن الحكوميين الذين أغلبهم مفرنسين ومتمسكين بالثقافة الفرنسية لا يسمحون لأي طائر أن يطير فوق سماء الجزائر يتكلم اللغة العربية أو يكون متأثرًا بالثقافة الإسلامية. لنعُد إلى الموضوع: ماهي قوانين الثورة؟ ببساطة قوانين الثورة: الثورة = شعب فقير عنده مطالب + نظام يحتكر الثروة والسلطة + عدم تلبية المطالب، هذه هي عناصر الثورة والتي قد نسميها سبب الربيع العربي، فنجد التوانسة قالو (خبز وماء وبن علي لا)، وأما المصريين قالوا: ( ياجمال قول لابوك شعب مصر بيكرهوك)، ثم توحدت الشعارات إلى أن وصل الأمر بتوحيد الشعار (الشعب يريد رحيل النظام). مما يعني أن قوانين الثورة هي قوانين حقيقية ، ثم السؤال المطروح: هل ستعرف الجزائر ربيعًا عربيًّا؟ وهل الشباب الجزائري سيخرج إلى الشوارع وينادي: (الشعب يريد رحيل النظام)؟ الإجابة على هذا السؤال ستكون (لا)؛ لانني رغم كوني من طبقة المواطنين وعندي احتياجات أعتقد أن الربيع العربي قد مر على دولة الجزائر وانتهى في سوريا لعدة أسباب من بينها أزمة سوريا، لأن الربيع العربي كان سلسلة من الأحداث المتتالية ولعل سوريا هي الدائرة الأخيرة، فإن لم يكن الربيع العربي بداية النهضة الثانية، فهو بالتأكيد بداية فجر جديد والذي سينير طريق التفكير في النهضة. لهذا أعتقد أنه حتى الثورة مجرد مزحة تاريخية وأنه بالفعل هي مجرد صدفة.
التدقيق اللغوي: خيرية الألمعي.