مقدمة:
تعددت أسباب فهم مسألة المخاطر واستفاض حولها النقاش وكثرت بخصوصها زوايا النظر. وهي الأمور التي تجد تفسيرها أولا في كون دراسة المخاطر أضحت علما قائم البنيان، متعدد المستويات science pluridisciplinaire يسبر الأغوار العميقة لشتى تخصصات العلوم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والاستراتيجية، كما يمتح منها مختلف الآليات المنهجية التي يتوسل بها في تحليلاته ودراساته المتعلقة أساسا بمفهوم "المخاطرة" كمفهوم متعدد الأبعاد[1]، ثم ثانيا بالنظر إلى التصنيفات المتنوعة والتيبولوجيات المتشعبة المرتبطة بالمخاطر :السياسية،الاقتصادية، البيئية، الطبيعية، الأمنية ...والتي تحتم على كل نوع من هذه المخاطر البحث عن النمط الخاص للتعامل معه؛ حيث يفتح تصنيف المخاطرة عالما على جانبي التمييز الواضح بين المعرفة وعدم المعرفة ، بين الصحيح والخطأ، الخير والشر. فقد تشذرت الحقيقة الواحدة إلى مئات الحقائق النسبية التي نتجت عن القرب من المخاطرة والتأثر بها [2] .ثم ثالثا وأخيرا، لاعتبار هذا التعامل المنتظر من التفكير في مجابهة المخاطر المحدقة يستلزم بالضرورة طرح جوانب "فهمية" متعددة كمدخلات لإيجاد الصيغ التدبيرية الناجعة كمخرجات على مستوى أية مخاطرة من المخاطر المحتملة [3].وهي المخرجات التي غالبا ما تصطدم برعونة جديدة واستهتار بالمخاطرة بسبب فشل مواصفات وشروط حسابها ومعالجتها مؤسسيا[4]
..
عموما أضحت "المخاطر" سمة من سمات العصر الراهن، كما أنها أصبحت بمثابة "ضريبة من الضرائب" التي يدفعها العالم مكرها، نظير تقدمه و تطوره ونيابة عن العولمة" .فالمخاطر توجد في كل مكان وتغطي كل مجال وتهدد كل كيان.. حيث إنه في ظل سياقات إرهاصية نشأت ظاهرة العولمة كصيرورة من صيرورات التطور البشري غير المسبوق، والمتلاحق الأبعاد .وهي الظاهرة التي صاحبتها جملة من التحديات، جعلتها تعرف رجات وهزات، هددتها ومازالت تهددها في العمق، وذلك من منطلق أن المخاطر أضحت من أبرز عناوينها: أمنيا، اقتصاديا، اجتماعيا، ثقافيا، بيئيا...على هذا الأساس تحول المجتمع الإنساني برمته من الأمن النسبي إلى مجتمع المخاطر، والذي يعد نتاجا خالصا للصدمات القوية الكابحة لتطوره السلس،[5] وذلك بالرغم من انبثاقه كبراديغم جديد يتغيى إيجاد الحلول للمشاكل المختلفة [6] .لقد أخذ المجتمع الدولي بأسره يتسم بصفات الهشاشة والضعف ويتبلور كمجتمع مهدد في العمق، تحدق به المخاطر من كل صوب وحدب، وتصيره بالتالي مجتمعا رخوا، قابلا للاختراق في كل وقت وحين.
كل ما سلف ذكره حتم ويحتم على صناع ومتخذي القرار وعلى جميع المستويات الدولية والوطنية والمحلية؛ التفكير مليا وبعمق في إيجاد الاستراتيجيات الناجعة لإدارة وتدبير هذه المخاطر عبر تعزيز شفافية أنماطه [7].على هذا الأساس؛ تنبثق الملامح الكبرى لحكامة المخاطر باعتبارها إحدى السبل و الإواليات المفكر بها بعمق وتبصر؛ لبلورة أسس وأركان التدبير الجيد للمخاطر والتعامل المحوكم معها، بالنظر إلى أن الحكامة بشكل عام، هي براديغم حيوي ودينامي للتدبير الواعي لبنيات أي نظام من الأنظمة أو أية مؤسسة من المؤسسات، أو أنها نمط من التدبير أضحى ملزما باستعمال جملة من الأدوات للتعبير وتقييم مضامين وحمولات العديد من الرؤى والسياسات[8] . ومن ثم تتبلورالحكامة كآلية نموذجية للتدبير، أو أنها جملة متراصة من الإواليات، وكل موحد من المبادئ المتوسل بها للوصول إلى تدبير ذي كفاية وفعالية، شفاف وتشاركي، رشيد ومعقلن، مندمج ومسؤول، استشرافي واستراتيجي، بصيغة واحدة: تدبير حكاماتي لمختلف المخاطر الناشئة، ومنها المخاطر الأمنية. هكذا تتجسد الحكامة الأمنية كمجمع لمختلف التدابير والإجراءات الوقائية -الاستباقية - الاستشرافية للحد أو التخفيف من المخاطرالأمنية الواقعة أو المحتملة الوقوع، والتي يمكن أن تشمل مختلف أصناف الأمن الإنساني :الأمن الداخلي، الأمن الاستراتيجي، الأمن الصحي، الأمن الغذائي، الأمن البيئي ... وتمس سائر أرجاء المعمور دوليا، وإقليميا ومحليا، ومنها أرجاء القارة الإفريقية؛ التي أصبح لزوما عليها -ولمجابهة مجمل المخاطر الأمنية المحدقة بها من كل جانب، والتي مازالت ترزح تحت نيرها وتكتوي بنارها شتى بلدانها- وبنوع من الأمل المشوب بالحذر من خلال الاستفادة من التجارب السابقة[9] ، أن تضيف إلى تبنيها لآليات برنامج التقويم الهيكلي Programme d'Ajustement Structurel لمعالجة اختلالاتها الاقتصادية المختلفة، آليات أخرى ترتبط بما يمكن أن نسميه برنامج التقويم الأمنيProgramme d'Ajustement Sécuritaire لمعالجة مخاطرها الأمنية المتعددة، في إطار إصلاحها المستمر ومواءمتها المتواصلة لأنماط حكامتها وضمان انتقاليتها من حكامة سيئة إلى حكامة جيدة[10]. إنه؛ وبالنظر لما تتوفر عليه القارة الإفريقية من موارد بشرية وطبيعية هامة، ولما تمثله من رهانات استراتيجية على الصعيد الدولي؛ بما فيها أولا الخصوصيات الجغرافية الحيوية، مادامت الجغرافيا ستارة خلفية لتاريخ البشرية نفسه [11]؛ إذ تقع أغلب مناطقها (54 دولة) في المناطق المدارية، يحدها المحيط الأطلنطي من جهة الغرب، والمحيط الهندي والبحر الأحمر من جهة الشرق، والبحر الأبيض المتوسط من جهة الشمال [12]، وبما فيها ثانيا الثروات النفيسة التي تزخر بها والإمكانيات الهائلة التي تتوفر عليها من بترول وغاز و معادن، فالقارة الإفريقية مثلا تنتج 9 ملايين برميل يوميا من النفط، ويبلغ احتياطي النفط الإفريقي 80 بليون برميل، وتحتكر نيجيريا الدولة الأكثر سكانا في القارة[13] 70 في المائة من هذا الاحتياطي[ 14] ، وبالنظر أيضا إلى بؤر التوتر العديدة الكائنة في أرجائها (نيجيريا ،مالي، السودان، تونس، ليبيا...وكذلك مختلف تمظهرات المخاطر المحدقة بتصنيفاتها الأمنية المتداخلة: المخاطر البيئية، المخاطر الصحية، المخاطر الطبيعية ... بالنظر إلى كل ذلك يجدر بنا التفكير في إيجاد نمط تدبيري محوكم لمجابهة هاته المخاطر الواقعة أو المتوقعة بإفريقيا، وذلك كله لاعتبار أن إفريقيا اليوم هي في أمس الحاجة لوضع استراتيجيات وأدوات وآليات مبتكرة لدعم مسيرتها نحو التقدم [15] ومواجهة التحديات التي أضحت تواجه النوع البشري وآفاق نمائه في زمننا الحالي، وعلى رأسها نشأة العديد من المسببات والبواعث التي جعلت الأنماط المتسلسلة للتطور والتقدم تعرف أنماطا أحيانا "غير منتظرة" وأحيانا أخرى غير مفهومة من التذبذب وعدم الاستقرار[16] ، وهي المسببات والبواعث التي تنغرس أكثر في الكيانات الإفريقية في إطار شكل من أشكال ترسخ وضعية اللاأمن الإنساني. أولا مخاطرالأمن الانساني بإفريقيا :التحديات المرصودة يمكن القول بداية إن مشكل إفريقيا بشكل عام هو مشكل حكامة أو بالأحرى "سوء حكامة"، وفشلها الذريع في إيجاد العلاجات لمختلف الاختلالات، وفي سائر المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، والثقافية والأمنية ... مما طرح ويطرح أمامها تحديات حقيقية، تستوجب على كياناتها الدولتية؛ ووفق رؤية مشتركة؛ بذل المزيد من الجهود الحثيثة للتعامل المحوكم مع تجلياتها المختلفة؛ خاصة على مستوى التخفيف أو الحد من تداعياتها السلبية وآثارها الوخيمة، بما فيها تلك المتعلقة بمسألة الأمن [17] .هذا الأخير الذي نجد أن من أبرز معانيه بشكل عام ما ورد في القاموس العالمي الجديد؛ بأنه ذلك "التحرر من الخطر والخوف والقلق وعدم اليقين أو الشك، كما يعني أيضا الثقة أو الضمان والحماية ضد التقلبات المختلفة وأهمها الاقتصادية والسياسية" 18]]، الشيء الذي يجعله القيمة الأكثر أهمية في الحياة[19]. إن الإجماع الذي يسود بين علماء السياسة الدولية بخصوص محورية دراسة ظاهرة الأمن يتلاشى عندما نحاول استكشاف ماهية هذا الأمن[20] ، والذي ما فتئت تتعدد تجلياته لترتبط بمفهوم أعمق هو مفهوم الأمن الإنساني [21] الذي شرع في استخدامه على المستوى الدولي منذ سنة1994[22] ، وهو المفهوم الذي نقل مجالات اهتمام الدراسات الأمنية من "الدولة" إلى"الفرد "، أي أنه المفهوم الذي يركز في دراساته على الأمن الذي محوره الإنسان Human Based Security، والذي يمكن تعريفه بـ "العمل على إزالة المخاوف من مغبات وقوع البشر أو اقترابهم من حافة الفقر العام "[23] . وعموما؛ يمكن رصد بعض التحديات المطروحة على البلدان الإفريقية فيما يخص المخاطر المرتبطة بالأمن الإنساني كما يلي:
أ- الأمن الاستراتيجي:
وهو المرتبط من جهة بمخاطر الإرهاب، الذي تعددت تعريفاته [24]، باعتباره يعد من أخطر الظواهر العنيفة التي عرفتها المجتمعات البشرية وبأشكال مختلفة منذ القدم، إلا أنه يمكن القول إن مخاطره بدأت تتصاعد بفظاعة وتتزايد بقوة في وقتنا الحالي؛ أكثر من أي وقت مضى (تنامي نشاط الجماعات الإرهابية في مناطق الهشاشة الأمنية في شمال إفريقيا والساحل والصحراء، تزايد أعمال القرصنة البحرية، التهديد المستمر بالإرهاب البيولوجي و الكيميائي، انتشار إرهاصات للجريمة الإلكترونية والإرهاب الإلكتروني ...) كما يرتبط الأمن الاستراتيجي من جهة أخرى بمخاطر النزاعات المسلحة وتمظهراتها المختلفة من حروب وانقلابات وتمردات وانفصالات وشتى بؤر التوتر الأخرى التي تهدد أسس الأمن الاستراتيجي: قاريا وجهويا ووطنيا. 25]] إن التحديات في البلدان الإفريقية أصبحت جد معقدة، وهي ذات أبعاد مختلفة يتداخل فيها الاجتماعي والاقتصادي والأمني. ففيما يخص البعد الأخير فالأفارقة أضحوا يعيشون على وقع التحديات الأمنية؛ مثل المقاتلين الأجانب الذين يعودون من العراق وسوريا، والجماعات المتطرفة والإجرامية، وهي تحديات مشتركة بين جميع الدول. على هذا الأساس؛ فالجماعات الإجرامية يمكن أن تؤدي إلى عدم استقرار في مجموعة من المناطق، مع ما ينجم عن ذلك من عيش سكانها على وقع الخوف؛ باعتبار الإرهاب إطارا للرعب المنظم [26]. إنه عندما لا تكون هناك إرادة حكومية تطرح التحديات الأمنية، ومع غياب الاستقرار؛ فإن كل ذلك يؤدي إلى ضعف الحكومات وارتفاع وتيرة المظاهر الاجتماعية الفاسدة .وعكس ذلك تعمل الجماعات الإجرامية على تطوير آليات اشتغالها المنظم من خلال عقد اتفاقيات واستغلال التكنولوجيا؛ وبالتالي التزود بإمكانات كبيرة، الشيء الذي يؤثر سلبا على البلدان على الرغم من امتلاكها منظومة عسكرية[ 27] خاصة وأن أغلبية هذه الجماعات تستغل الكثير من الفراغات في عدد من المجالات الأمنية من أجل فرض وجودها [28] مما جعلها تهدد في العمق العديد من الدول الإفريقية كأوغندا والكونغو وبروندي ورواندا ...والتي أضحت تعيش تحت رزح مخاطر حقيقية أفرزت انعكاسات سلبية مثل: تدمير المدارس والطرقات، وتراجع خدمات الصحة والتعليم، وصعوبة تنقل الأفراد... مع العلم أن الجماعات الإرهابية مافتئت تدرك كون الدول الإفريقية تعتبر أرضية خصبة لتطورها، خصوصا أنها تستقطب الفقراء [29] مستغلة مؤشرات الجهل والبطالة والفقر والشعور بالإحباط السائد لديهم تجاه لا عدالة المنظومة الدولية، خاصة فيما يتعلق بالتفاوت الاقتصادي والاجتماعي .ويشكل كل ذلك عقبة كأداء أمام تحقق التنمية في شتى تجلياتها في سائر دول إفريقيا . فالتهديدات الأمنية ما فتئت تعرقل تنمية الدول الإفريقية؛ إذ إن الجماعات المتطرفة والإجرامية التي أضحت إفريقيا أرض تجارب لها تخلف خسائر كبيرة في بعض الدول الإفريقية كجماعة "بوكوحرام"[30] التي نفذت ما بين فبراير 2013 ويناير 2015نحو120 عملية [31] لدرجة معها أضحت تبرز كفاعل من الفاعلين الدولتيين؛ الذين يشكلون اليوم تهديدا حقيقيا، ليس فقط بالنسبة للدول التي تتحرك فيها ولكن أيضا بالنسبة للسلام والأمن الدوليين. مما يجعل الإرهاب يتبلور كتحد شامل لسلطات الدول ولوحدتها الترابية، وكتهديد حقيقي لحقوق الإنسان الأساسية؛ الشيء الذي يفرض العمل على مواجهته بشكل جماعي؛ حيث يتعين على الدول التي تواجه خطر جماعات مثل بوكو حرام إقامة تعاون عابر للحدود [32] .
ب- الأمن البيئي:
لقد أضحت" البيئة "من المفاهيم الكبرى في الوقت الراهن، كما أصبحت تجسد انشغالا رئيسا على صعيد كل المستويات: الأفقي والعمودي، الشمولي والمحلي .. في الاستراتيجيات البنيوية والهيكلية، في السياسات العمومية، في الخطابات والتكريسات. إنه الانشغال المحقق لكيانه، والمعبرعن ذاته كمحفز لرسم معالم صرح " التنمية المستدامة" أوالتنمية المأمول تحقيق أسسها وأبعادها، عن طريق تبني آليات" الإقتصاد الأخضر "باعتباره أحد أبرز النماذج الجديدة "المنبثقة" بقوة للتنمية الاقتصادية والبشرية المستدامة، وهو الاقتصاد الذي ينشأ بالضرورة مع تحسين أنماط الوجود الإنساني وتعزيز أنواع التعامل الإيجابي مع كل ما من شأنه تحقيق غايات وأهداف هذه التنمية، سواء أعبر توفير الأجواء المناسبة أم من خلال إتاحة الإمكانيات الملائمة للتقليل من المخاطر البيئية المحدقة بكينونتنا الإيكولوجية. ولن يتأتى بناء صرح "الاقتصاد الأخضر" إلا عبر الاستخدام الأنجع للموارد والتوظيف الأمثل للخطط القمينة بالتخفيض- وبكفاءة وكفاية – من مسببات التلوث، والحرص الدائم على تثبيت أسس التنوع البيولوجي، والتمكين المستمر من ضبط التوازن الإيكولوجي. كل ذلك يتم تركيز دعائمه، في منأى عن سلبيات ما يسمى بـ " الاقتصاد البني"، الذي ما فتئت ظلاله القاتمة وغيومه الملبدة تخيم على كوكبنا وتجثم على" صدر" بيئتنا وتسود حيواتنا، القابلة للتلاشي والاندثار، في أية لحظة من اللحظات "البئيسة" بيئيا، وذلك باعتباره نمطا من الاقتصاد الكارثي، المبني بالأساس على التنمية الملوثة للبيئة، والذي يبقى للأسف الشديد النمط السائد في شتى أرجاء المعمور في الوقت الحالي[33]؛ مما يجعله النمط الأكثر تهديدا للأمن البيئي، وبالتالي للأمن الإنساني، والتي تحيل المخاطر المرتبطة به، على أي نوع من أنواع عدم الأمان غير المتوقع أو غير الاعتيادي الذي يمكن أن يهدد أمن الإنسان [34] ، ومن ثم كل ضرر يمكن أن يصيب الأشخاص، والممتلكات والبيئة [ 35] وهنا يشكل الوعي بضرورة المحافظة على البيئة أحد أبرز الرهانات الاستراتيجية المستقبلية؛ لما له من أبعاد اقتصادية وسياسية وعلمية وأمنية. فعلى مستوى البعد الأمني تؤدي المحافظة على البيئة إلى استبعاد التطرف البيئي، والذي تغذيه النزعة المقيتة المنغرسة في دواخل أولئك الذين يحرصون على تدمير البيئة بدون شفقة أو رحمة. كما نجد أن من بين أوجه المخاطر البيئية على المستوى الأمني ما عرف في وقت من الأوقات بتهديد "الجرثومة الخبيثة"، والذي شكل خطرا إرهابيا بيئيا حقيقيا[36]. هذا النوع من المخاطر المرتبط بالبيئة، قد يخرج عن نطاق السيطرة والمعالجة الميدانية متى استهدف بواسطة أعمال إرهابية أو تخريبية للثروة الطبيعية للمكون البيئي؛ فيعمد إلى تدميرها أو تلويثها أو تعريضها للخطر بأي شكل من أشكال الدمار أو التلويث، مما يفتح الباب على مصراعيه أمام أزمة طبيعية وكارثة بيئية في منتهى الخطورة تتجاوز بكثير آثار وخطورة الجرائم التقليدية[37] ، خاصة إذا كانت المؤثرات المرتبطة بالجرائم البيئية ذات طبيعة بيولوجية أو كيميائية. وعموما؛ يتميز الإجرام البيئي بطابع انتشاري تتعدد فيه الأخطار والضحايا، لدرجة يصعب التجسيد الفعلي له، ويتنامى هذا الطابع بغياب الوعي البيئي بالأخطار والأضرار التي يحيا فيها الإنسان. وإن كانت الجرائم عموما تمثل علاقة آثمة بين أطراف ممكن تحديدها؛ فإن جرائم البيئة يصعب فيها هذا التحديد، ونقترب من مسميات "الإجرام الخفي" أو "الإرهاب الصامت". وبهذا المسمى يتسم "الإجرام البيئي" بالضرر الآجل والخطر العاجل[38] . فكثير من الأشخاص قد يعيشون في بيئات طبيعية تشكل وسائط خطيرة على حياتهم وسلامتهم الجسدية، دون أن يدركوا طبيعة هذا الخطر إلى أن يقع الإضراربهم، فيتعدد الضحايا ويستفحل الخطر .وهو ما يدفع إلى القول بأن جرائم البيئة هي كوارث في النهاية[39] . ومادام الإطار الطبيعي يتحكم في اقتصاد الأمم والشعوب ويؤثر في تشكيل طبائعهم وألوانهم ويسهم في صياغة سلوكياتهم وعاداتهم40] ]؛ فإن أي مخاطرة تمسه قد تجعله إطارا مهددا في الصميم، وتجعل الأمن المرتبط به أمنا هشا .إن الخصوصيات السابقة فيما يتعلق بالمخاطر البيئية تتجسد أكثر في الدول الإفريقية؛ باعتبارها وعلى مر التاريخ ظلت حقلا للتجارب؛ بما فيها ذات الصلة بالبيئة؛ وقواعد خلفية للممارسات المرتبطة بالمخاطر البيئية، بما فيها الإشعاعية والكيميائية والبيولوجية. وهو ما يمثل نموذج "تصدير واستيراد التعرض للخطر"، كذلك المرتبط بالنفايات والمواد الخطرة [41]. ثم تلك المخاطر المهددة للبقاء الإيكولوجي، ومنها تدمير الغابات وجعلها في وضعيات متدهورة، كما هو حاصل بقطع الأشجار في سيراليون وليبيريا [42]دون إغفال تلك المؤثرة في التنوع البيولوجي وما ينجم عن تهديداتها من أمراض تكمن أساسا في الارتفاع الملحوظ بالإصابة بالملاريا في العديد من الدول الإفريقية [43].
وعموما تشكل المخاطر البيئية تهديدا مباشرا للأمن البيئي بإفريقيا، وبالتالي لسبل التنمية والرفاهية في هاته القارة، وذلك للعلاقات السببية القوية التي توجد بين حالة البيئة ورفاهية الإنسان والتعرض للخطر، كسمة أصيلة للأشخاص الذين يواجهون خطرا، وهو متعدد الأبعاد والتخصصات والقطاعات، بما فيها تلك المرتبطة بالبيئة [44].
ت-الأمن الغذائي :
يعتبر الأمن الغذائي أحد الأبعاد الرئيسة لمفهوم الأمن الإنساني[45] . هكذا نجد أن من بين أبرز المخاطر المرتبطة بالأمن الإنساني المسلط عليها الضوء في هذا السياق -وكما ترى ذلك منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)ـ نجد معضلة انعدام الأمن الغذائي (الجوع) والأزمات الغذائية (المجاعات)، وما قد ينجم عن كل ذلك من انتشاركاسح لحالات من عدم الاستقرار السياسي، وغياب آلية حكم القانون، وتفشي الفساد المعمم في إطار نشوب نزاعات محتدمة على الموارد الطبيعية [46] الممكنة؛ من الشروط السليمة للأمن الغذائي .إن الحالات الآنفة الذكر، كثيرا ماينظر إليها ـ ووفق العديد من المستويات ـ باعتبارها أسبابا ونتائج لغياب أو نقص الأمن الغذائي. إنه إذا كان الأمن الغذائي-والذي تطور مفهومه بشكل ملفت للنظر؛ حيث حددت محاولات تعريفه في 200 محاولة، كما تم إحصاء حوالي 450مؤشر لضبط عناصره[47] ، يعني في أبسط تعريف له "إمكانية الحصول والوصول الى الغذاء"[48]، كما أنه يتحقق -حسب الفاوـ عندما يتمتع البشر كافة في جميع الأوقات بفرص الحصول من الناحيتين المادية والاقتصادية على أغذية كافية وسليمة ومغذية تلبي حاجاتهم التغذوية وتناسب أذواقهم الغذائية كي يعيشوا حياة توفر لهم النشاط والصحة - فإن هناك العديد من العوامل المعمقة لحدة ودرجة المخاطر المحدقة بهذا الأمن، خاصة في دول العالم النامي وعلى رأسها الدول الإفريقية. معظم هذه العوامل ترسخت بشكل أكبر منذ السبعينيات من القرن الماضي، لتخلق برمتها في نهاية المطاف وضعية اللأمن الغدائي [49] ، وهي الوضعية التي يمكن الوقوف على تجلياتها من خلال المؤشرات الأربعة التالية:[50]
أولا: النمو الديموغرافي، خاصة في دول العالم النامي الكثيفة السكان. ورغم تمكن بعض دول هذا العالم (الصين، والهند والبرازيل...) من التخفيف من ويلات النمو السكاني المتسارع، فإننا نجد أنه في المقابل بقيت بعض الدول تعيش أزمة نمو ديموغرافي كارثية، مثل الكثير من الدول الإفريقية، مما يؤشر بقوة عن مدى جسامة المخاطر المتوقعة والناجمة عن هذا النمو "الكارثي".
ثانيا: استنزاف البيئة والضغط القوي على مكوناتها المختلفة في صور تهدد الأمن البيئي، وهو ما يتمظهر في النقاط التالية:
*التراجع في خصوبة الأراضي الرطبة والجافة، والمبالغة في استخدام المحسنات الزراعية، مما قد يخلق مخاطر حقيقية فيما يخص الخصوبة الزراعية و التأثير السلبي على أنماط الري المتوازن.
*الحاجة إلى مزيد من الغذاء وخامات الكساء، مما ينجم عنه بالضرورة مخاطر تتمثل في ارتفاع الأعباء على عاتق الزراعة وانخفاض الموارد الزراعية للوفاء بحاجة السكان الجدد.
*اقتلاع أشجار الغابات والأحراج بهدف بناء المدن أو لتوسيع الأراضي الزراعية بالمزروعات الواحدة، مما يؤدي إلى نشوء مخاطر عديدة، تبرز على شكل خلل يمس التوازن الغازي والجوي والحراري والمائي للأرض.
*ارتفاع نسبة التلوث بسبب النفايات التي تسببها التجمعات السكانية في المدن الكبرى، والتكاثف غير المتحكم فيه لأنشطة الصناعات الثقيلة المختلفة، والازدياد الهائل في وسائل النقل. وقد تؤدي مخاطر التلوث إلى تفشي الأمراض والأوبئة.
*ظاهرة التغير المناخي أو الارتفاع في حرارة الأرض، مما يتسبب في انتشار الكوارث البيئية كالأعاصير والفيضانات وانتشار الأمراض والأوبئة المدارية ومشكلة الفقراء والنازحين البيئيين الجدد.
*تزايد الطلب على الماء، فنقصان الماء وصعوبة التزود به كمادة حيوية يسببان العديد من الأمراض كالكوليرا والإسهال والتيفوس ...وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أنه في دول المعمور يقدر عدد الذين لا يصلون إلى الماء الصالح للشرب بمليار نسمة .نسبة كبيرة منهم من الدول الإفريقية.
ثالثا: المسببات السياسية -الاقتصادية، وهي ما يتمثل في:
*سوء توز يع الثروات وتوسع الهوة الثقافية والمادية بين الشعوب، والتي تتفاقم باستمرار؛ مما قد يشكل مع مرور الوقت مخاطر صاعدة.
*سوء سياسات التخطيط وعدم الاهتمام بالأبحاث والمشاريع الزراعية وبالبنى الزراعية التحتية والطرق الريفية، الشيء الذي قد يتولد عنه إخلال بين على مستوى التوازن البيئي، وبالتالي التأثير في الاقتصاديات المحلية والناشئة منها على وجه الخصوص.
*الجوع كسلاح سياسي؛ حيث لم تصبح كثير من المجاعات اعتباطية؛ بل تحولت إلى استراتيجية فتاكة في يد دول الهيمنة العالمية، كما لم تعد الكثير منها مجانية بل يقودها جماعات أو أفراد حرمهم انتهاء الحرب الباردة من مردود مادي كبير[51]. لقد شهدت دول إفريقية كثيرة مثل هذا النوع من المجاعات، ومنها الصومال والسودان وليبيريا ...حيث عمل المسؤولون الحكوميون ورؤساء الحروب على أخذ رهائن مدنيين لتجويعهم بغية الحصول على رغباتهم السياسية، وأحيانا يعمدون إلى أساليب وحشية ومنها مثلا ما وقع في دولة سيراليون حين قامت عناصر من Rebel United Front بقطع أيدي الفلاحين لمنعهم من القيام بالأنشطة الزراعية. [52] ويترافق الجوع أيضا مع انتشار الحروب؛ حيث يلاحظ أنه في البلاد ذات مستوى الأمن الغذائي المتدني تنتشر حالات عدم الثبات السياسي وعدم سيادة القانون، وأحيانا الفساد المعمم. في هذه الأحوال تؤدي الخلافات السائدة إلى تقطيع أوصال اللحمة السياسية والقانونية، مما يؤدي إلى نتائج وخيمة، أهمها الفقر والجوع وتدني مستويات قطاعات الصحة والتعليم والزراعة والخدمات. في هذا السياق أبرزت العديد من الدراسات كون 80في المائة من البلاد الأقل نموا عانت من ويلات الخلافات السياسية خلال السنوات الخمس عشرة الأخيرة، ومنها بعض الدول الإفريقية من قبيل ليبيريا وبروندي وسيراليون... وعبر ذلك تشكل الحروب الأهلية نسبة 95في المائة منها[53] كما أشارت إحصائيات منظمة الأمم المتحدة إلى وجود مؤشرات لتناقص واضح في الإنتاج الغذائي الفردي إبان فترات الحروب المندلعة في بعض دول القارة الإفريقية بنسبة 12.4في المائة.
*سوء سياسات المساعدات بالنسبة إلى الدول الفقيرة والتي تدور في فلك مصالح الدول الغنية. حيث تتحول هذه المساعدات إلى أداة ضبط وهيمنة في يد الدول المانحة، مما يخلق وضعية التبعية المطلقة كإحدى أبرز المخاطر الجديدة المحدقة بمستقبل الدول الممنوحة.
رابعا: المرض وتدني الحالة الصحية، فالسل والسيدا والملاريا ... أمراض تتفشى بشكل مهول في مناطق من العالم، خاصة في الدول الفقيرة؛ حيث يموت سنويا بسبب هذه الأمراض نحو ستة ملايين شخص، جلهم من إفريقيا. إن سوء الأمن الغذائي هنا يتولد عنه سوء آخر يرتبط بالأمن الصحي.
ث- الأمن الصحي:
مع صدور تقريرالتنمية البشرية للبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة في عام1994، أضحى الاهتمام ينصب أكثر على أمن البشر -الإنسان؛ باعتباره من أهم القيم الواجب الحفاظ عليها وتأمينها والدفاع عنها؛ حيث بدأ العلماء يركزون على دراسة متغيرات غير عسكرية -غيرعنيفة، وآثارها في الدولة والأفراد مثل الفقر، والتخلف، والأمراض والأوبئة[54]. ومادامت الصحة عموما بالنسبة لجميع البشر ضرورية لتحقيق السلم والأمن[55] ؛ فإن كل ذلك يجعل من الأمن الصحي يدخل بدوره في خانة الأمن الإنساني كبعد من أبعاده؛ نظرا لمعناه المختصر في "إمكانية الحصول على الرعاية الصحية والوقاية من الأمراض" [56] . وتعتبر المخاطر المرتبطة بالأمراض والأوبئة أو جملة المؤثرات المباشرة أو غير المباشرة، التي تهدد حياة وصحة الأفراد [57] بمثابة مخاطر جسيمة تتسم بفداحة نتائجها؛ خاصة إن لم يتم الاهتمام بدراستها وإيجاد طرق لمعالجتها واحتوائها وتقليل عواقبها على البشر [58] .تلك العواقب التي تقلص من فرص الارتقاء بصرح الأمن الصحي وتجعل المنظومة الصحية ككل منظومة معتلة. إن الأمن الصحي هو ذاك الأمن الذي يسهر بالدرجة الأولى على تفادي السقوط في براثن المخاطر الصحية، والتي كثيرا ما تثقل كاهل الدول، الممكن أن تنشأ فيها .وهي المخاطر التي تتمظهر في بروز أمراض جديدة تأخذ شكل أوبئة مثل الإيدز وإيبولا... لتتجسد كمخاطر متحركة تمثل النموذج السائر أو المتحرك للمخاطر[59]. إذ تبدأ هذه الأخيرة في مكان ما، ثم تتحرك في اتجاه مغاير أو تنتقل إلى مكان آخر، وذلك نتيجة لعوامل طبيعية أو بشرية .و قد تتفاقم أوضاعها وتتزايد حدتها في حالات عدم التقدير الجيد للتعامل معها أو كذا بسبب إهمال أو تقصير .ولعل من أبرز المخاطر المتحركة التي تفشت بدرجة كبيرة في الآونة الأخيرة نجد الأوبئة الفتاكة، وعلى رأسها الوباء القاتل إيبولا، الذي اعتبرته منظمة الصحة العالمة منذ مدة "مرضا وخيما"، ولتصفه في غشت 2014بـ"الفاشية الطارئة على الصحية العمومية؛ التي أضحت تثير قلقا دوليا متزايدا ".وهو الوصف الذي يجد دقته بالنظر إلى المعدل المرتفع من الوفيات الناجمة عن حالات الإصابة بعدوى هذا المرض، خاصة مع التفشي المزمن له ـ منذ مارس2014، علما أن أول ظهور له كان سنة 1976ـ بالعديد من الدول الإفريقية وعلى رأسها التي تتسم أنظمتها الصحية بالهشاشة والضعف نتيجة معاناتها من ويلات النزاعات ومختلف أشكال اللاإستقرار -غينيا، سيراليون، ليبريا، نيجيرياـ وباعتباره آفة عويصة تدخل في تصنيف المخاطر المتحركة والمتنقلة؛ فقد عرفته العديد من الدول الإفريقية[60] - كونغو الديمقراطية، السودان، الغابون، أوغندا، جنوب إفريقيا ... -كما عرفته مؤخرا الولايات المتحدة الأمريكية وإسبانيا ...مما يؤشر على الطابع الشمولي المعولم لهذا النموذج المتطور والمتصاعد من المخاطر المتحركة [61]. إن التحليل السابق لهذا النوع من المخاطر يجعل من منظومة الأمن الصحي منظومة مهددة في العمق .وهو التهديد الذي مافتئ يترسخ إفريقيا بالنظر إلى النزاعات المتواصلة التي تعد نتاجا خالصا لتجمع عوامل وظروف عديدة تنبثق من هاته النزاعات في حد ذاته62] ]، وبالنظر أيضا إلى تفشي العديد من الأوبئة [63] والتي تحرص منظمة الصحة العالمية على دق ناقوس الخطر بخصوصها، لكونها مخاطر محدقة بمنظومة الأمن الإنساني برمتها وبالإنسانية جمعاء، وحتى الأمم المتطورة منها [64].
ثانيا: حكامة تدبير مخاطرالأمن الإنساني بإفريقيا :الرهانات المطروحة
يعتبر مفهوم "الحكامة" في علاقته الترابطية مع مفهوم"التدبير "مزيجا من التفاعلات، تتماهى في أعماقه الهياكل والعمليات القادرة على تحديد كيفية الرفع من نجاعة الفعل التدبيري في مختلف المجالات وشتى الميادين. عبر هذا التحليل، المنغرس في البساطة التداولية والبداهة المعرفية، يمكن النظر إلى مفهوم "الحكامة" باعتباره نمطا للتدبير الواعي والرشيد لبنيات أي نظام من الأنظمة، وأية مؤسسة من المؤسسات، ومن ثم تبلوره كآلية نموذجية للتدبير، آلية تشاركية وشفافة، تمكن وبفعالية من اتخاذ قرارات مضبوطة ومعقلنة، تهم كل القضايا والإشكاليات المطروحة دوليا وجهويا وإقليميا ومحليا؛ في إطار عمل ممأسس،و تشاوري، وتشاركي، ومندمج، والتقائي، وموحد وتجميعي، يتوسل بالصيغ الممكنة والأسس الحقيقية الكفيلة ببلورة تنمية مستدامة، يتوطد صرحها على رؤى استشرافية ومخططات استراتيجية ... على أساس هذا المنظور يمكن تعريف الحكامة عموما بكونها تعبيرا عن ممارسة السلطة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وإدارتها لشؤون المجتمع وموارده إدارة علمية وعملية، ضبطية وتوجيهية، وهو التعبير الذي يحيل على معنى وظائفي هو ضمان الأداء الجيد[65] .
على ضوء هذه التحديدات إذن تنبثق حكامة المخاطر، كأحد المسالك المفكر فيها بعمق وتبصر لبلورة أسس وأركان التدبير الجيد للمخاطر .هذه الأخيرة التي أضحت محدقة - وبحدة متسارعة- بعالمنا، بل أصبحت تمثل تهديدا حقيقيا غير مأمول العواقب للنوع البشري برمته، الشيء الذي يستوجب منا -وفق شروط التفكير الملي والتأمل العميق ـ الحرص الأكيد على إيجاد الصيغ الملائمة والحلول المواتية لمعظم الإشكاليات العويصة المطروحة، التي يمكن أن ترتبط بهذه المخاطر، وبالتالي مواجهة كل المخاطر المحتملة.[66] انطلاقا مما سبق؛ وحتى يتم إرساء اللبنات الوطيدة لصرح حكامة تدبير المخاطر الأمنية بإفريقيا وترسيخ رهاناتها ينبغي التوسل بالآليات التالية:
أ-الآلية التنسيقية:
فعلى مستوى الأمن الاستراتيجي ولمواجهة المخاطر المحدقة بالقارة الإفريقية ومنها الإرهاب؛ ينبغي تضافر جهود جميع الدول الإفريقية وتوطيد أواصر التعاون بينها، عبر الأخذ بمنظومة "الأمن الجماعي" وخلق إواليات تنسيق إفريقي-إفريقي وتنسيق إفريقي -كيان قاري آخر، والحرص على تبادل المعلومات الاستخباراتية الأمنية .فمخاطر الأمن الاستراتيجي هي مخاطر عابرة للحدود والقارات؛ مما يجعل من اللازم اعتبار الآلية التنسيقية أولوية الأولويات، والاستعانة بالتدخل التشاركي لمواجهة المخاطر الواقعة، وهو التدخل الذي يفترض توزيع الأدوار بين جل المتدخلين على مستوى تدبيرها وعدم احتكار وسائل ومجالات التدخل :المعلومة أساسا . فالجانب التنسيقي هنا يظهر بمثابة المنفذ الضروري لمعالجة مختلف الآثار المحتملة والناجمة عن المخاطر المحدقة. [67] إن التنسيق على صعيد الأمن الاستراتيجي يستلزم جعل الأجهزة المكلفة بالمعلومة الأمنية في أية دولة من الدول الإفريقية تؤمن بضرورة الاستناد على الرأي المتموقع في منأى عن نتائج المخاطر[68]. وعبر ذلك تتطلب أي سياسة من السياسات؛ بما فيها تلك المتعلقة بتدبير المخاطر توفير مجالات متعددة من المعلومة الأمنية، [69] وعلى رأسها المجال التنسيقي المرتبط بها .وبذلك نصل إلى الحقيقة التالية، وهي أن الجانب التنسيقي يجعل من تدبير المخاطر صيرورة تجميعية للإجراءات الأمنية الكفيلة بجعل المخاطرة تتحقق في مستويات مقبولة من ناحية التكلفة [70] .وهو ما يفرض بالدرجة الأولى تبني الآليات التنسيقية للحكامة الشمولية .هذه الأخيرة التي تتبنى كبراديغم تدبيري أدوات ومناهج المقاربة الشمولية المندمجة في معالجة أي ظاهرة من الظواهر كظاهرة الإرهاب [71] والتطرف وكل أشكال الإجرام الدولي العابر للحدود. في هذا الصدد فالأمن لا يقتصر على اعتماد نظم أمنية؛ بل إن الأمر يتطلب سياسات ناجعة من أجل تنمية مستمرة، ووجود مؤسسات حكومية قوية، فضلا عن الحفاظ على حقوق الإنسان .ولن يتحقق كل ذلك إلا بالتوسل بآليات التعاون والتنسيق بين الدول على المستوى الأمني من أجل الوصول إلى نتائج ملموسة [72] .إن التحديات المشتركة تفرض بالضرورة عملا مشتركا بين الدول . فالبحث عن الأمن المتبادل بإفريقيا يتطلب التنسيق والتعاون بين أجهزة الأمن في مختلف الدول، وانخراط المجتمع الدولي في هذا الجهد . فهناك تكلفة للأمن يجب أن يكون دفعها مشتركا [73] .ومثال ذلك محاربة جماعة بوكو حرام التي تستلزم انخراطا دوليا واسعا [74] وتبادلا للمعلومة، في إطار تنسيقي بين كل دول العالم، مادامت الأعمال الإرهابية أضحت تتصف بصفات معولمة .إن الآلية التنسيقية تفرض تواجداتها في شتى أبعاد الأمن الإنساني الأخرى من قبيل الأمن الغذائي . فهذا الأخير ـ ومن أجل فعالية أكبرـ تحرص منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)على وضع برامج ومبادرات لبناء القدرة على الصمود لتحسين هذا النمط من الأمن بالتنسيق مع مجموع البلدان الأعضاء، التنسيق السياسي والمؤسساتي لاستئصال الجوع وتعزيز الأمن الغذائي والتغذية . فمجمل المخاطر والأزمات الناشئة في هذا السياق، تفرض تقاسم المسؤولية بين البلدان والسلطات والمجتمعات المحلية والمجتمع المدني والقطاع الخاص والمجتمع الدولي .كما أنه ؛ وفي نفس الإطار نفسه؛ تتطلب المرونة قدرا كبيرا من الترابط والتكامل بين التدخلات الإنسانية والإنمائية والاستثمارية والتدخلات في مجال السياسات من أجل دعم المؤسسات والمجتمعات المحلية والوطنية مدعومة بنظام عالمي فعال من العناصر المنسقة [75] .هذا بالإضافة إلى الاندماج الإقليمي الذي يمكنه أن يقدم ردودا عن عدد من تحديات الأمن الغذائي. في هذا السياق ينبغي على بلدان إفريقيا اعتماد مقاربة شمولية وجماعية للأمن الغذائي تراعي تدبير المخاطر [76] ، ومنها الحرص على وضع إطار للتنسيق على مستوى تبادل المنافع و المصالح؛ بالاستعانة بمصادر خارجية، كما عملت ليبيا عبر اتخاذ إجراءات استثمارية (استئجار الأراضي) في بعض الدول الإفريقية (السودان ومالي وليبيريا [77] وعقد اتفاقيات شراكة كتلك الواقعة بين المغرب والجزائر والسودان من أجل تعزيز الأواصر الضامنة للأمن الغذائي فيما بينها. وبالنسبة لمخاطر الأمن الصحي، فالتنسيق يبدو أكثر إلزامية، لكون هذا النوع من المخاطر يعد -كما سبقت الإشارة -من المخاطر المتحركة، والتي تتوفر دوما الظروف المواتية لانتقالها السريع من دولة لأخرى .في هذا الصدد تأتي الخطوة التي قام بها المغرب في شهر أبريل 2015 ، والمتمثلة في تقديم التعاون والمساعدة لدولة غينيا؛ بعد أن تجدد ظهور فيروس إيبولا بها. وفي الإطار نفسه تأتي مبادرة كل من منظمة الصحة العالمية والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية في إنشاء مكتب مشترك معني بالمناخ والصحة، وذلك بهدف تعزيز تنسيق و تطوير واستخدام الخدمات المناخية والاستفادة منها في تحسين الصحة، وبناء شراكة فعالة للتكيف مع المناخ وإدارة مخاطره الصحية بالأساس، كالإصابة بأمراض من قبيل الملاريا والاسهال ونقص التغذية .وهو المكتب الذي أوكلت إليه مهمة أعمال التنسيق وتعبئة الموارد والدعم التقني للمشاريع الإيضاحية والبحوث، وهو ماعرف انطلاقته بالبرنامجين للتكيف الخاصين بالخدمات المناخية في مالاوي وجمهورية تانزانيا [78]. أما فيما يتعلق بالأمن البيئي فيمكن القول إن من أبرز توصيات المنتدى السادس عشر لتوقعات المناخ للقرن الإفريقي الأكبر المنعقد في شتنبر 2005في نيروبي نجد الالتزام بالبعد التنسيقي، باعتبار ذلك من أهم سبل استراتيجيات مواجهة المخاطر البيئية والطبيعية، والجانب نفسه تم التأكيد عليه في جلسة عمل نظمت في السنة نفسها من لدن برنامج الأمم المتحدة للبيئة، في كون التنسيق أداة ناجعة لإدارة الطوارئ البيئية، وأيضا المؤتمر العالمي المعني بالحد من الكوارث، المنعقد في كوبي هيوجو باليابان في يناير2005 من خلال تنصيصه في تقريره على ضرورة الاستجابة الفعالة عبر التنسيق والشراكة والتقييم المتكامل[79].
ـ الآلية الوقائية:
إن المخاطرة هي "عبارة عن ربط بين احتمال وقوع حدث والآثار المترتبة عن حدوثه" [80].و بالتالي تشكل عناصر: الإمكانية، الفرضية، الاحتمال، عناصر جوهرية في مفهوم المخاطرة .وحتى يتم توظيف هذه العناصر توظيفا إيجابيا ، يبدو من الضروري اللجوء إلى بعض الطرق الكفيلة بفرض نمط تعامل فعال، يكون في مستوى خطورة وحدة وحجم المخاطر المتوقع حدوثها. ومن أبرز هذه الطرق تبني الاحترازية والوقائية في مواجهة قبلية للمخاطر المحتملة. فمن المفروض وبشكل دائم ومستمر، أن تجعل الدول -ومن أجل تحصين كيانها- نصب أعينها جميع الاحتمالات وتطرح أمامها جميع الفرضيات، دون ترك المجال لأدنى نسبة من الصدفة. إن الفهم الوقائي للمخاطر يحتم على الجميع: ساكنة، مجتمع مدني، دولة... تبني مواقف وإجراءات قادرة على تفادي أي وضعية من الوضعيات الخطيرة أو التهديدية، والحد من تفاقمها (حادثة، وباء، هجوم مسلح...) فالوقاية هي القدرة على رسم تصورات احترازية للحد أو التقليل من إمكانية تحول حادث معين إلى ظاهرة خطيرة، وعلى رأسها التصورات التي تؤكد على إجراءات الحماية وجعل المنظمات والدول تعيش في منأى عن أي مخاطرة محتملة . في هذا الإطار ـ و بالنظر لكون الحماية وسيلة أساسية من وسائل تدبير المخاطرـ يبدو من الضروري خلق مؤسسة قادرة على تجميع الفرص الممكنة من الرصد الوقائي للمخاطر وتوجيه التنبيهات اللازمة لأخذ الاحتياطات وعدم المجازفة والتسرع في إيجاد الصيغ الملائمة لمواجهتها. وهي المؤسسة التي يمكن أن تتبلور في مرصد أو مركز أوجهاز، مكلف بالدرجة الأولى بتشخيص المخاطر الراهنة؛ بغية مأسستها وتنظيمها على شكل مجموعة من الانشغالات والتوظيفات الوقائية، وذلك عبر اللجوء إلى آليات الجرد والرصد، وكذا تجميع المعطيات وتوفير المعلومات .ومن ثم إصدار التوجيهات والتنبيهات والإشارات الخاصة ببلورة المنطق الوقائي للمشاكل المطروحة، وعلى مستوى مختلف أوجه الأمن الإنساني .فالبنسبة للأمن البيئي، نجد أن المغرب مثلا سعى من أجل ترسيخ الأبعاد الوقائية للمخاطر البيئية المحتملة إلى وضع آليات للوقاية والرصد البيئيين، تسعى أساسا إلى تقوية ميكانيزمات التتبع والتقييم والوقاية؛ عن طريق تدعيم بعض المؤسسات المكلفة بذلك من قبيل: المختبر الوطني والمرصد الوطني للبيئة، مع التنصيص على إحداث مؤسسات أخرى جديدة كالمراصد الجهوية للبيئة، والتنمية المستدامة وإحداث لجان؛ كاللجنة الوطنية واللجان الجهوية لدراسة التأثير على البيئة [81] وإدماج البعد البيئي في مشاريع التنمية[82] .هكذا تعد الوقاية من المخاطر البيئية من بين أبرز أسس التنمية المستدامة لتي تؤكد على ضرورة تطبيق الإجراءات الوقائية الضرورية لتفادي وقوع إفرازات التلوث وحوادث صناعية ذات آثار وخيمة على البيئة وسلامة السكان .وقد أكد العديد من الدراسات أن هذه الإجراءات الوقائية تكلف أقل من التدخل لمعالجة المخاطر البيئية بعد وقوعها . وفي هذا الصدد عمل قطاع البيئة بالمغرب على ترسيخ مبدأ الوقاية في الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة، وفي برامجه الاستراتيجية، والتي تمخضت عنها أنشطة فعلية، غالبا ما يتم إنجازها بتنسيق مع جميع الشركاء المعنيين على الصعيد الوطني والدولي [83].أما بالنسبة للأمن الصحي فيمكن الإشارة إلى التعاون الدولي الموسع لمواجهة المخاطر الصحية، والقائم بين تحالف قوة العمل للصحة العالمية، والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر و الهلال الأحمر، والمفوضية العليا للأمم المتحدة لللاجئين، وصندوق منظمة الصحة العالمية، وهو التعاون الذي يجعل من الوقاية أبرز الإجراءات لمواجهة المخاطر الصحية المحتملة، وبالتالي بناء مجتمعات أكثر صحة وأمنا ومرونة، وذلك من خلال:
ـ زيادة قدرة الوصول للرعاية الصحية الأساسية PHC الوقاية من الأمراض وتحسين الحياة بواسطة الممارسات العائلية الأساسية مع عناصر أساسية أخرى مثل التغذية والماء والنظافة العامة والشخصية والغذاء والزراعة والمأوى والتعليم.
- المساهمة في الوقاية من الأمراض التي تحتاج علاجا طويل المدى وإدارتها مثل فيروس نقص المناعة البشرية HIV والسل.
-الوقاية والاستعداد :المساهمة في تقييم المخاطر لتحديدها وإبراز نقاط الضعف ومجموعات وقدرات الخطورة العالية.
ـ المساهمة في اكتشاف الأمراض التي لها إمكانية للتحول إلى أوبئة، والوقاية منها والتحكم فيها (مثل الوقاية من وباء الأنفلونزا بالحد من التعرض للحيوانات المصابة بالعدوى.
– توفير الوعي بالمخاطر والتعليم الصحي على سبيل المثال بترويج الماء، التنظيف والنظافة العامة والشخصية.
- المساهمة في التعبئة الاجتماعية والاستعداد للطوارئ للأسر والمجتمعات والأنظمة الصحية[84]، وبالتالي قام التحالف السابق بإصدار توصيات لامتلاك سياسات واستراتيجيات تجعل من الوقاية أسس تدبيرها الجيد، وبناء ثقافة وقائية كجزء من الاستراتيجية الدولية للأمم المتحدة للحد من الكوارث. أما فيما يخص الأمن الغذائي ورغم أن تقرير"حالة انعدام الأمن الغذائي في العالم لسنة 2014 يؤكد أن هناك تقدما عاما على مستوى خفض نسبة من يعانون نقص التغذية في البلدان النامية إلى النصف بحلول عام2015 ؛ فإنه يؤكد من جهة أخرى على أن إافريقيا جنوب الصحراء أصبحت موطنا لما يزيد عن ربع من يعانون نقص التغذية في العالم .ويعود ذلك إلى تزايد عدد من يعانون الجوع فيها بـ 38 مليونا منذ الفترة1990-1992[86] ، وبذلك يظل نقصان توفر الأغذية عنصرا رئيسا لانعدام الأمن الغذائي في المناطق الأكثر فقرا في العالم، وخصوصا في إفريقيا جنوب الصحراء؛ حيث كان التقدم المحرز محدودا نسبيا. ومن ثم لا تزال إمكانية الحصول على الأغذية تشكل تحديا في معظم دولها؛ إذ ظل نمو الدخل بطيئا، في مقابل تواجد معدلات الفقر مرتفعة. كما لاتزال البنية التحتية الريفية محدودة وقد تدهورت في كثير من الأحيان. [85] إن كل ذلك فرض ويفرض اتخاذ إجراءات تدخل في سياق حكامة الأمن الغذائي، ومنها جعل الآلية الوقائية أمرا بالغ الأهمية، خاصة على مستوى السياسات الزراعية. وعلى ضوء ذلك يصبح تعهد زعماء العالم بعدة التزامات متعلقة بخفض الجوع وسوء التغذية خفضا جذريا أو القضاء عليهما وتحقيق الأمن الغذائي المستدام للجميع مسألة واقعية وذات جدوى وليس مجرد كلام[86]. كما نجد أن بعض الدول الإفريقية سعت إلى تنفيذ جملة من الإجراءات في مجال السياسات لتحقيق أهداف الأمن الغذائي كملاوي التي تعتبر أحد البلدان الأقل نموا في العالم: "برنامج النهج الشامل لقطاع الزراعة"،"برنامج إعانات دعم مدخلات المزارع"،"الخطة الاستراتيجية والسياسة الوطنية للتغدية" وكمدغشقر "خطة عمل مدغشقر الوطنية للأمن الغذائي" . . . إلا أن وضعية عدم الاستقرار التي ما فتئت تعاني منها هذه الدول ساهمت وبقوة في إضعاف التخطيط والبرامج والاستراتيجيات المتبناة على صعيدها؛ حيث ظلت نتائجها دون المستوى المأمول.
ت -الآلية الاستباقية:
عرف مفهوم"الاستباقية" ـ كمبدأ من المبادئ الاستراتيجية ـ انبثاقه الإرهاصي الأول في ميدان السياسة الدولية، خاصة على المستويين العسكري والأمني: الأمن الجماعي، الحرب ضد الإرهاب، والضربة الاستباقية. وقد شكل مفهوم "الاستباقية" محورا أساسيا من محاور استراتيجية الأمن القومي للولايات المتحدة الأمريكية، والتي انبنت بالدرجة الأولى على ترسيخ أسس هذا المفهوم وجعله قطب رحى هذه الاستراتيجية برمتها، باعتباره" نقل المعركة إلى أرض العدو وتشويش خططه ومواجهة أسوإ التهديدات قبل أن تظهر"، أي القدرة على القراءة المسبقة لما يحتمل من مخاطر محدقة، ومواجهة التهديدات الناشئة خاصة الإرهابية منها. وقد تطورت استخدامات هذا المفهوم لتشمل مجالات أخرى من قبيل المعلوميات .هنا يمكن ذكر نظام الدفاع الاستباقي Poractive defense للحماية من مخاطر البرامج الضارة أو الخبيثة. وهو النظام الذي يتوخى باعتباره مضادا للفيروسات ،Anti Virus اكتشاف مجموع التهديدات المرتبطة بالعالم الافتراضي .كما امتدت توظيفية مفهوم "الاستباقية" إلى ميدان الأمن الداخلي على صعيد مجابهة المخاطر الأمنية الواقعة والمحتملة؛ عبر إرساء نظام لحملات أمنية استباقية لمكافحة جميع أنواع الجريمة، بما فيها الجريمة الإرهابية، بغية بعث المزيد من الشعور بالأمن والطمأنينة في نفوس المواطنين :مثلا المقاربة الاستباقية التي تم تبنيها من لدن المصالح الأمنية المغربية بخصوص التصدي الصارم للظواهر الإجرامية، كظاهرة "التشرميل"، و كذا "مخطط حذر" لمواجهة المخاطر الإرهابية ...وعموما يتبلور مفهوم الاستباقية، كأحد المفاهيم المرجعية لكسب الرهانات وربح التحديات؛ بالنظر إلى تبلوره كمفهوم ريادي لمواجهة المخاطر بشتى تصنيفاتها بما فيها المخاطر الأمنية المتزايدة. إن الاستباقية على مستوى مواجهة المخاطر تستلزم التوسل بجملة من الآليات ومنها: الاستشرافية، التخطيط الاستراتيجي، التنسيق، التواصل، التدخل الدقيق والسريع ... وبذلك تتمكن الاستباقية من بلوغ مراميها من التخفيف من الآثار السلبية المحتملة للمخاطر بل والحد منها في المنشأ. مما يضمن حماية أكيدة ومستمرة لأرواح وممتلكات المواطنين[87]. إن وضع التوصيفات اللازمة للمخاطر يفترض ضمان التعامل الاستباقي معها [88].في هذا الصدد نؤكد على قول رئيس مجموعة البنك الدولي جيم يونغ كيم في معرض حديثه على هامش صدور تقرير التنمية في العالم لسنة 2014"إننا ننادي بتغيير واسع في الطريقة التي تدار بها المخاطر. ونهجنا الجديد يدعو الأفراد والمؤسسات إلى التحول من كونهم مجرد مكافحين للأزمات ليصبحوا مدبرين للمخاطر على نحو استباقي ومنهجي. وسوف يسهم تحقيق ذلك في بناء القدرة على الصمود وحماية المكاسب الإنمائية التي تم الحصول عليها بشق الأنفس ..." إن المقاربة الاستباقية هي الكفيلة بضمان الأمن بإفريقيا برمتها في مواجهتها للتهديدات الإرهابية على وجه الخصوص .في هذا الإطار طرح منتدى مراكش للأمن في دورته السادسة ضرورة نهوض الدول الإفريقية بتعاون جدي، والمواءمة بين المصالح من أجل التصدي للتهديدات الأمنية التي تحيط القارة الإفريقية، خاصة وأن الحركات الإرهابية أضحت تتغذى من مناخ التوجس القائم بين الدول .كما دعا المشاركون في المنتدى نفسه إلى "تعزيز جميع أشكال الضغط على المجموعات الإرهابية والإجرامية من أجل الحد من قدراتها على إلحاق الأضرار بالآخرين، "خاصة على مستوى مواجهة ظاهرة المقاتلين الأجانب، التي تفرض تبني مقاربة استباقية، والتي أصبحت تكتسي طابعا استعجاليا؛ بالنظر إلى كون ظاهرة المقاتلين الأجانب، التي كانت من قبل محدودة، أخذت حاليا حجما كبيرا بسبب تعدد الحركات الإرهابية في عدة مناطق بالعالم .إن المنظور الاستباقي عليه أن يتوطد أكثر؛ بالنظر إلى كون العصر الحالي يتميز بظهور أشكال جديدة، وعالم متطور يتعزز بظاهرة العولمة، والأزمة الاقتصادية العالمية، وتفشي الأوبئة التي تعرض حياة الملايين من الأشخاص للخطر. كما أن الهشاشة التي يعاني منها عدد من الدول والمتمثلة في انتشار التوترات الداخلية، واتساع التناحر العرقي، وتزايد الضغط الديمغرافي، كلها عناصر أضحت تهدد بعدم الاستقرار بإفريقيا وتهدد أمنها، وبالتالي تصبح الدول الهشة أهدافا سهلة ومحتملة للأعمال الإرهابية وكل أشكال الفوضى. ومن ثم تصاعد المخاطر المحدقة بالقارة. ومثال ذلك أن ضعف الأداء الاستباقي جعل حركة بوكو حرام تتحول خلال عشر سنوات من حركة بسيطة للاحتجاج إلى تهديد حقيقي لعدة بلدان إفريقية. خاصة أنهاعملت على استغلال ضعف القدرات العسكرية للدول الناشئة في أحضانها. إن الإشكال المطروح على هذا المستوى هو غياب البعد الاستباقي لدى المنتظم الدولي في مواجهته لآفة الإرهاب؛ فالمجتمع الدولي غير نشيط فيما يخص الرد على الإرهاب الذي أصبح عابرا للحدود والقارات؛ مما يهدد في العمق أحد الأبعاد الرئيسة للأمن الإنساني.
ث-الآلية الاستخلاصية:
عند نشوء المخاطر وانبثاق آثارها يصبح من اللازم التأسيس لنمط تفكير معمق، يتوخى تقديم القراءات المتعددة المستويات للمخاطر: الأسباب، النتائج، التقييمات .وهي القراءات القمينة بجعل المسؤولين يقفون أمام أنفسهم وقفة تأمل ومراجعة الذات وضبط الحسابات وأخذ العبر واستخلاص الدروس، باعتبار كل ذلك خطوة استشرافية نحو المستقبل ووضع التشخيصات الضرورية للآثار الناجمة عن المخاطر المباشرة وغير المباشرة، وجعلها مع مرور الزمن مخاطر متحكما فيها، مع عدم ترك المجال سانحا أمام الثغرات الممكنة وأوجه القصور المرصودة . في هذا السياق يتبلور مبدأ "الأخذ في الاعتبار عودة التجربة". ويبقى على ضوئه الهدف هو تمكين المصالح والفاعلين المؤسساتيين من فهم أفضل لطبيعة الحادث ونتائجه، وهكذا فإن كل حدث كبير (إرهاب، تلوث بيئي، مجاعة غذائية، وباء...) هو موضوع لجمع معلومات مثل قوة الظاهرة والاتساع المكاني، ويمكن إدخال الخسائر البشرية والمادية في قواعد البيانات من وضع حصيلة لكل كارثة، على الرغم من أنه من الصعب استخلاص جميع الدروس. إنه لأجل كل ذلك ينبغي وضع خطة محكمة تمتح عناصرها من الاستفادة المتراكمة من التجارب المتلاحقة إيجابا أو سلبا، وتقوم بالأساس على ما يلي:
*الرفع من الإنتاج السياسي /التشريعي :
عبر سن القوانين والسياسات ورسم معالم سياسة تشريعية فعالة، عبر تحديث القوانين الجاري بها العمل، وإحداث قوانين جديدة تواكب المستجدات الطارئة، وتساير الأحداث المتوالية، تعمل جاهدة على تقديم الأجوبة الشافية للمشاكل المطروحة، ووضع استراتيجية محكمة للبدائل المتاحة، وتوفير الأرضية القانونية الصلبة للفرص الممكنة، والبحث عن المحيط السياسي السليم للفرص الضائعة. إن التجارب التي يمكن رصدها عبر المخاطر المتوالية، تمكننا لا محالة من القيام بالتشخيصات الواقعية والتقييمات الموضوعية لحجم وحدة ومستوى المخاطر، وبالتالي التزود بالآليات الإرشادية لتجاوز هذه المخاطر في المستقبل المنظور، أوعلى أقل تقدير التخفيف من الآثارالسلبية التي يمكن أن تلحقها بأية منظومة من المنظومات .في هذا الإطار يأتي تبني قانون جديد خاص بمكافحة الإرهاب وغسيل الأموال بتونس ـ مباشرة بعد هجوم باردوـ والذي عمل على تحيين مقتضيات قانون 2003والشيء نفسه بالنسبة للمغرب والقانون 03.03 الذي جاء عقب أحداث 16ماي2003 مع حرص الحكومة المغربية على إدخال تحيينات مستمرة من حين لآخر، ومنها ماعرفه مؤخرا من إضافات تخص تجريم الالتحاق ببؤر التوتر، وكذا الإشادة بالأعمال الإرهابية.
*الحرص على تحديد المسؤوليات المختلفة المرتبطة بالمخاطر الواقعة، وجعل ذلك بمثابة استشراف للمؤشرات الغائية على مستوى الممارسات اللاحقة والكفيلة بجعل تدبير هذه المخاطر تدبيرا شفافا وفعالا، يستقي أهميته من أدوات التقييم الموضوعي للخسائر الناجمة عن هذه المخاطر ومحاولة تفاديها في المخاطر المستقبلية .وهو ما يمكن أن نستشفه في خطوة الحكومة التونسية على مستوى الإقدام على إقالة مسؤولين أمنيين في مارس 2015عقب الحادث الإرهابي لباردو.
*التمكين من تحديد المهام والاختصاصات، وتوضيح مستويات التدخل وربطها بنجاعة الخطط وكفاية الاستراتيجيات؛ عبر وضع تصور شمولي للطوارئ وتيسير سبل الإغاثة والإنجاد، وجعل التجربة محكا ضروريا لإيجاد الإطار المناسب لهذا التصور الشمولي؛ حتى يحقق مراميه التي يتوخاها .وهو ما يمكن أن نلاحظه على مستوى تدخل منظمة الصحة العالمية في استجابتها للأزمة الإنسانية الكبرى التي نجمت عن فاشية الإيبولا، والتي أضحت تهدد مخاطرها حياة 22مليون شخص يعيشون في بلدان غرب إفريقيا الأكثر تضررا، وهي ليبيريا وسيراليون وغينيا خلال شهر شتنبر.
2014*استحضار الدرس الأساسي الناجم عن المخاطر، والمتمثل في كونها أحداثا عند حصولها تؤدي إلى مشاكل،.ومن ثم يصبح من اللازم الشروع في التعرف إلى المخاطر في الأصل؛ أي من مصادر المشاكل، والبحث عن جذورها في حد ذاتها، ليكون الدرس الأول المستفاد منه هو ضرورة التعامل مع المخاطر باعتبارها مشاكل تمتلك الاستراتيجيات والخطط من الإمكانيات؛ مما يساعدها على إيجاد الحلول المناسبة لها .في هذا الصدد نرصد أولويات عمل منظمة الأغذية والزراعة في الفترة الممتدة من 2012إلى 2013على مستوى إفريقيا في الاستعداد للطوارئ وإدارة المخاطر لمواجهة المخاطر المرتبطة بالأمن الغذائي.
*الاستعانة بالتدخل التشاركي لمواجهة المخاطر الواقعة، فاستخلاص العبر يفترض توزيع الأدوار بين جل الفاعلين على مستوى تدبيرها، بما فيهم الفاعلون الدولتيون .فالجانب التنسيقي يظهر بمثابة المنفذ الضروري لمعالجة مختلف الآثار المحتملة والناجمة عن المخاطر الواقعة أو المحدقة .وهو ما عبر عنه المغرب في مارس 2015 من خلال منتدى كرانس مونتانا بـ "ضرورة تعبئة آليات التعاون البيني إفريقي .فالترابط والتكافل الاقتصادي والسياسي والاجتماعي هو شرط أساسي لتحقيق الإقلاع".
خلاصة: إجمالا تعتبر الحكامة ـ ككائن تدبيري جديد يعري عن تواجداته في سائر مجالات الحياة، ويخترق بأبعاده الإيجابية كل مناحي الوجود؛ بما فيه وجودنا المرتبط بالأمن الإنساني، الذي يظل في أمس الحاجة إلى توفير الأرضيات الصلبة لضمان حمايته والمحافظة عليه، وبالتالي ستجسد الحكامة -إن أحسن استعمالها- الحل"السحري" الأنجع لمختلف المشاكل الإنسانية .في هذا الصدد تظل الحقيقة الأكثر بداهة التي على الدول الإفريقية برمتها الإيمان الراسخ بها والاقتناع بجدواها هي ضمان الانتقال السلس لدولهم من "دول حكم" إلى "دول حكامة".
الهوامش
• [1 ]Terje Aven, Ortwin Renn « Risk Management and Governance: Concepts, Guidelines and Applications», Springer 2010, P:1.
• [2 ] أولريش بيك" مجتمع المخاطر العالمي. بحثا عن الأمان المفقود" ترجمة علا عادل، هند ابراهيم، بسنت حسن، المركز القومي للترجمة الطبعة الأولى 2013، ص 24
• [ 3]محمد البكوري "المخاطر الإرهابية وضرورة الحكامة الشمولية "جريدة " أخبار اليوم" المغربية . العدد 1635 ،الجمعة 27/ 03/ 2015، ص7
• [ 4]أولريش بيك، مرجع سابق، ص :27
• [5 ]محمد البكوري "تدبير المخاطر الأمنية بإفريقيا. أية حكامة؟" جريدة "أخبار اليوم" المغربية. العدد1605 ، الجمعة 20/02/2015، ص8.
• [ 6] Ulrich Beck « Risk Society. Towards a new Modernity», SAGE Publications LTD 1999, P:8.
• [7 ]Thomas Hartmann- Wendels, Peter Grundke and Wolfgang spok« Basel II and The Effects on The Banking Sector » In« Risk Management Challenge and Opportunity», Micheal Frenkel, Ulrich Hommel ,Markus Rudolf Editors. 2 nd Edition Springer 2005 .p 4.
• [8 ] Mohammed Harakat « Le concept de gouvernance au Maroc, signification et pertinence », dans « Du gouvernement à la gouvernance :Les leçons Marocains» Publications REMALD, Série« Mangement Stratégique» N 5, 2004, P 7.
• [9 ] Raymond W.Copson « Peace in Africa? The Influence of Regional and International Change» In «Conflict Resolution in Africa » Edited By Francis M. Deng/ I.Willian Zartman . The Brookings Institution 1991, P 20.
• [ 10] محمد البكوري "تدبير المخاطر الأمنية بإفريقيا. أية حكامة ؟" مرجع سابق.
• [ 11]روبرت د. كابلان "انتقام الجغرافيا.. ما الذي تخبرنا به الخرائط عن الصراعات المقبلة وعن الحرب ضد المصير؟" ترجمة إيهاب عبد الرحيم علي، سلسلة عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الكويت، يناير 2015ص48.
• [ 12] حمدي عبد الرحمان حسن "إفريقيا و تحديات عصر الهيمنة...أي مستقبل؟" القاهرة مكتبة مدبولي 2007.ط1 ص243
• [13] تعتبر نيجريا أكبر الدول الإفريقية من حيث عدد السكان؛ حيث قدر عددهم سنة 2000 بـ 111,5 مليون نسمة،أي بمعدل 1.3% من إجمالي سكان العالم.
• [ 14] خالد حنفي علي "النفط الإفريقي... بؤرة جديدة للتنافس الدولي" مجلة السياسة الدولية، عدد164، 2006ص 86
• [ 15] مقتطف من الرسالة الملكية لمحمد السادس، ملك المغرب، والموجهة لأشغال منتدى المؤسسة "كرانس مونتانا" المنعقد بمدينة الداخلة يوم الجمعة 13 مارس 2015 للمزيد من التفاصيل حول الرسالة يرجى زيارة الموقع على الرابط التالي: httpHYPERLINK "http://arabi-press.com/news%20/%20865942"://arabi-press.com/newsHYPERLINK "http://arabi-press.com/news%20/%20865942" / HYPERLINK "http://arabi-press.com/news%20/%20865942"865942
• [ 16] محمد البكوري"كرانس مونتانا وريادة النموذج المغربي للاستقرار" موقع الحوار المتمدن العدد 4749 بتاريخ 15/03/2015. مقال موجود على الرابط التالي: http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=HYPERLINK "http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=459463"459463 [ 17] محمد البكوري"تدبير المخاطر الأمنية بإفريقيا. أية حكامة ؟" مرجع سابق.
• [ 18] محمد سيد فهمي "الرعاية الاجتماعية والأمن الاجتماعي" المكتب الجامعي الحديث، الإسكندرية 2002 ص 233
• [ 19] أحمد محمد أبوزيد "التنمية والأمن :ارتباطات نظرية "ضمن" النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة في الدول العربية.. الأبعاد السياسية والاجتماعية" مجموعة مؤلفين، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بيروت، الطبعة الأولى فبراير2013 ص 219
• [20 ] David A. Baldwin« The concept of Security» ,Review of International Studies, vol. 23,no.1 January 1997 pp5 26-
• [ 21] للمزيد من التفاصيل حول هذا المفهوم يرجى الاطلاع على: "Human Security" Report 2009 :The Shrinking Cost of War (Canada, Simon Fraser University, 2010)
Robert Bedeski "Human Security, knowledge, and the Evolution of the Northeast Asian State" (Centre for Global Studies University of Vicotoria. 8 February 2000)
Mary Kaldor "Human Security" Polity Press. First published 2007.
• [ 22] Abdemola Abass,« An Introduction to Protecting Human Security in Africa» In« Protecting Human Security in Africa» Abdelmola Abass. Oxford University Press 2010. p 1.
• [23] Gary king and Christopher J.L. Murray, «Rethinking Human Security» Political Science Quarterly vol 116. No 4 (Winter 2001-2002) p 606.
• [ 24] Philip P.Purpura« Terrorism and Homeland Security An Introduction with Applications» The Butter Worth- Heinemann. Homeland Security Series 2011,p 14.
• [ 25] Michel J. Siler «Strategic Security Issues in Sub-Saharan Africa. A Comprehensive Annotated Bibliography» Praeger Publishers. First published 2004.(Preface and Introduction P XVII).
• [ 26] "ماهو الإرهاب ؟" في حوار مع الفيلسوف جاك ديريدا، ترجمة مصطفى النحال، جريدة الاتحاد الاشتراكي، الجمعة 20 فبراير 2004 العدد 7495 ،ص6
• [ 27] كيفين كوفازيتش، مدير الاستراتيجية والخطط والبرامج في إفريكوم (القيادة العسكرية الأمريكية بإفريقيا) في كلمة له في الجلسة الافتتاحية للدورة الخامسة لمنتدى مراكش للأمن (إفريقيا أمن 2015) في 13 فبراير 2015 والمنظم من لدن المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية، بشراكة مع الفيدرالية الإفريقية للدراسات الاستراتجية، تحت شعار(إفريقيا في مواجهة التهديدات العابرة للحدود الوطنية واللامتماثلة).[ 28] محمد بنحمو، رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتجية، في كلمة له في المنتدى نفسه .
• [29] أفان كوريتا ضابط عسكري بوزارة الدفاع الأوغندية، في مداخلة له في المنتدى نفسه.
• [30] بلغة قبائل "الهوسا" المنتشرة في شمال نيجريا تعني"بوكو حرام" التعليم الغربي حرام، وهي جماعة نيجرية مسلحة أنشئت في يناير 2002 على يد محمد يوسف، وهي تقول بأنها تأسست لتطبيق الشريعة الإسلامية في جميع ولايات نيجريا، حتى الجنوبية ذات الأغلبية المسيحية، وقد بايعت "حركة بوكو حرام" في شخص زعيمها الحالي أبوبكر شيكاو تنظيم ما يعرف بـ "الدولة الإسلامية في العراق والشام" خلال شهر مارس 2015
• [31] مويل كامبي، مستشار خاص في الرئاسة الكاميرونية، في كلمة له في المنتدى السالف الذكر.
• [32] محمد أوجار، السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة بجنيف، في مداخلة له بالجلسة الخاصة الطارئة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف، لبحث الهجمات الإرهابية والانتهاكات التي ترتكبها جماعة بوكو حرام الإرهابية، وهي الجلسة المنعقدة في أبريل 2015
• [33] محمد البكوري" الجمعيات الايكوتنموية وآفاق الاقتصاد الأخضر بالمغرب" مجلة الاقتصاد والمستهلك العدد 13/14. فبراير / مارس 2015 ص 15
• [ 34] Ronald Paris « Human Security: Paradigm Shift or Hot Air ?»International Security vol 26, no 2 . Autumn 2001 p 89.
• [ 35] A. Desroches, A. Leroy et F. vallee « La gestion des risques. Principes et pratiques»Paris ERMES sciences 2003. P 31.
• [36] محمد البكوري " تدبير المخاطر الأمنية بإفريقيا: أية حكامة؟" مرجع سابق.
• [37] يوسف بنباصر " الجريمة الإرهابية بالمغرب وآليات المكافحة القانونية "الجزء الأول قانون (03-03) المتعلق بمكافحة الإرهاب، سلسلة بنباصر للدراسات القانونية والأبحات القضائية، العدد السادس، السنة الثانية، ماي 2004.ص 91
• [38] حسنة كجي" الاعتداء على المجال البيئي جريمة إرهابية (الفصل 3-218 من القانون رقم 03.03 المتعلق بمكافحة الإرهاب)" المجلة المغربية للسياسات العمومية،عدد مزدوج 3/2، 2008،ص 200
• [39] محي الدين محمد مؤنسي" البيئة في القانون الجنائي دراسة مقارنة" مكتبة أنجلو المصرية 1995ص 6
• [40] عبد الهادي البياض"المناخ والمجتمع" إصدارات المجلة العربية (220) 2015 ص 12
• [41] "تقرير توقعات البيئة العالمية 4 ( 4- GEO) البيئة من أجل التنمية" نشر برنامج الأمم المتحدة للبيئة 2007ص 315
• [42] المرجع نفسه، ص 19
• [43] المرجع نفسه، ص 168
• [44] المرجع، ص 304
• [45] United Nations Development Programme « Human Development Report 1994 » New York: Oxford University Press 1994. pp 22-46.
• [46] Abiodun Alao “Natural Resources and Conflict in Africa. The Tragedy of Endowment” University of Rochester Press First published 2007. ( preface xi)
• [47] C Sage “Food Security” in EA Page and M Redclift (eds), Human Security and the Environment International Comparisons (Cheltenham :Edward Elgar 2002) p 129.
• [48] أحمد محمد أبوزيد "التنمية والأمن ارتباطات نظرية" مرجع سابق، ص 250
• [49] Opeoluwa Badaru “Food Security in Africa” in “ Protecting Human Security in Africa” pp 24-26.
• [50] جليانا تراك المقدسي" مشكلات الجوع في العقود الأخيرة، تحليل أزمة الغذاء 2008 ماذا بعد 2008؟ "مجلة عالم الفكر، العدد4، المجلد42، أبريل – يونيو 2014، ص 82-87
• [51] Ignace Ramonet “ stratégie de la faim” Le Monde Diplomatique, Novembre 1998 , p1. [52] Ibid .
• [53] Rapport 2005, Sur « la sécurité humaine » Octobre 2005 Université « British Columbia» Canada. Dans “l’engrenage guerre-pauvreté” laurence CARAMEL, le Monde , 7 mars 2006.
• [54] أحمد محمد أبوزيد، مرجع سابق، ص 227
• [55] Stefan Elbe “ Security and Global Health” Polity Press First published 2010 p 1.
• [56] أحمد محمد أبوزيد، مرجع سابق، ص.250
• [57]Kanti Bajpai “Human Security: Concept and Measurement” kroc Institute Occasional Paper n 19, Notre Dame, Ind, University of Notre Dome, August 2000p9.
• [58]Robert Kaplan “The Coming Anarchy: How Scarcity Crime ,Overpopulation, Tribalism and Disease are Rapidly Destroying the Social Fabric of our Planet” Atlantic Monthly, vol 273. No 2 ,(February 1994) ,pp271-296.
• [59] تعددت التصنيفات التيبولوجية للمخاطر، ومن بينها التصنيف الرباعي الذي يحددها في: أولا: المخاطر الطبيعية، وهي التي تتحكم في دواليبها الطبيعة ويبقى الإنسان في منأى عن التسبب في وقوعها، في حين قد يعمق أسباب زيادة حجم الخسائر الناجمة عن وقوعها، ثم ثانيا: مخاطر من صنع البشر، وهي التي يلعب العنصر البشري دورا لايستهان به في حصولها، لنجد ثالثا: المخاطر المهجنة، وهي نوع مركب من النوعين السابقين، ثم أخيرا المخاطر المتحركة، وهي المتنقلة من مكان إلى آخر.
• [60] إذ عرف مرض إيبولا ظهوره الأولي بالقارة الإفريقية.
• [61] محمد البكوري"المخاطر المتحركة إيبولا نموذجا" موقع الحوار المتمدن العدد 4772 9 أبريل 2015 مقال على الرابط التالي: http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=HYPERLINK "http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=463002[62"463002HYPERLINK "http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=463002[62"[HYPERLINK "http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=463002[62"62] George klay kieh.jr « Theories of Conflict and Conflict Resolution” In “Zones of Conflict in Africa: theories and Cases” Edited by George klay kieh and Inda Rousseau mukenge Library of Congress Cataloging-in- Publication Data 2002p 18.
• [63]Tatah Menton “ Africa Facing Human Security Challengs in the 21st Century” Langaa RPCIG 2014.p 234.
• [64] Marie Smyth “Insider- Outsider Issues in Researching Violent and Divided Societies” in “Researching Conflict in Africa: Insights and Experiences” Edited by Elisabeth Porter, Gillian Robinson, Marie smyth, Albrecht Schmabel and Eghosa Osaghae,United Nations University 2005.p 11.
• [65]Carlos Santico “Quel modèle politique est sousjacent au concept a politique de gouvernance?” dans “Les nondits de la bonne gouvernance » Edition KARTHALA 2001.P69.
• [66] محمد البكوري" الكوارث الطبيعية بالمغرب: من تدبير الأزمات إلى حكامة المخاطر" جريدة" أخبار اليوم" المغربية، العدد 1614 الثلاثاء 03/03/2015
• [67] محمد البكوري " تدبير المخاطر الأمنية بإفريقيا. أية حكامة؟"، مرجع سابق.
• [68] Alan Calder, Steve G.Watkins“ Information Security Risk Management for ISO 270001ISO/ 27002” IT Governance,2010 P 45.
• [69] Evan Wheeler “Security Risk Management Building an Information Security Risk Management Program from the Ground UP” Elsevier INC 2011.p 134.
• [70] Carl A Roper “Risk Management for Security Professionals” Butter Worth- Heinemann 1999.p.17.
• [71] محمد البكوري" المخاطر الإرهابية وضرورة الحكامة الشمولية" ، مرجع سابق.
• [72] كيفين كوفازيتش، مرجع سابق.
• [73] محمد بنحمو، مرجع سابق.
• [74] مويل كامبي، مرجع سابق.
• [75] الفاو "زيادة قدرة سبل العيش على الصمود أمام التهديدات والأزمات "http://www.fao.org/about/what-we-do/soHYPERLINK "http://www.fao.org/about/what-we-do/so5/ar/"5HYPERLINK "http://www.fao.org/about/what-we-do/so5/ar/"/arHYPERLINK "http://www.fao.org/about/what-we-do/so5/ar/"/ 76] ] كريمة بونمرة بن سلطان، مديرة مكتب شمال إفريقيا، لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لإفريقيا، ضمن "الأمن الغذائي في شمال إفريقيا: تحليل الحالة واستجابات الدول لعدم استقرار الأسواق الزراعية"، الأمم المتحدة، اللجنة الاقتصادية لإفريقيا، مكتب شمال إفريقيا، الرباط، الطبعة الأولى 2012 ص 2
• [77] "الأمن الغذائي في شمال إفريقيا"، مرجع سابق ص 35
• [78] للمزيد من التفاصيل حول هذه الآلية التنسيقية فيما يخص الأمن الغذائي. يرجى الاطلاع على:: -Banque Mondiale Rapport sur le développement dans le monde (RDM 2008) « l’argiculture au service du développement » 2008. -FAO Rapport Agriculture mondiale horizon 2015.2030 -Bilan Commun de pays « CCA-UNDAF»2011 Mouritanie Maroc.
• [79] تقرير مجلس إدارة برنامج الأمم المتحدة للبيئة على هامش الدورة الاستثنائية التاسعة لمجلس الإدارة/ المنتدى البيئي الوزاري العالمي. دبي 7-9 فبراير 2006ص 15-16
• [80] حسب تعريف 73 ISO/IEC/ Guide
• [81] "حصيلة المنجزات"، الوزارة المنتدبة لدى وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة المكلفة بالبيئة، المملكة المغربية، 2014ص 17 يمكن الاطلاع على هذا التقرير بشكل مفصل على الرابط التالي:
http://www.environnement.gov.maHYPERLINK "http://www.environnement.gove.ma/PDF"/HYPERLINK "http://www.environnement.gove.ma/PDF"PDF /Rapport _17x24_AR _ EXE.pdf.
•
• [82] وجوب دراسة تقييم الأثر البيئي لجميع المشاريع الاستثمارية وفق أحكام القانون 03-12 من تقييمات الأثر البيئي. أكثر من 900 دراسة للتأثير البيئي تم فحصها خلال الفترة الممتدة من أكتوبر 2013 إلى دجنبر 2014
• [83] http://www.environnement.gov.ma/index.php/ar/prevention.risques.ar.
• [84] " إجراءات المنتدى العالمي الثالث للحد من مخاطر الكوارث، والمؤتمر العالمي لإعادة الإعمار جنيف سويسرا 8-13ماي.2011 الاستثمار اليوم من أجل غد أكثر أمانا. زيادة الاستثمار في برامج العمل المحلي" ص82.
• [85]منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، الصندوق الدولي للتنمية الزراعية ، برنامج الأغذية العالمي، "حالة انعدام الأمن الغذائي في العالم لسنة 2014 تعزيز البيئة التمكينية لتحقيق الأمن الغذائي والتنمية "من ص12 إلى ص17.
• [86]في قمة الاتحاد الإفريقي المنعقدة في يوليوز 2014 في مالابو، بغينيا الاستوائية، التزم رؤساء الدول الإفريقية بالقضاء على الجوع في القارة الإفريقية بحلول سنة 2025
• [87] محمد البكوري "الضربة الأمنية الاستباقية" موقع الحوار المتمدن العدد 4758 بتاريخ 23/03/2015 مقال على الرابط التالي: http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=HYPERLINK "http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=460862"460862
• [88]. Even wheeler« Security Rrisk Management... » p90
التدقيق اللغوي: حميد نجاحي.