نظرا للمستجدات الحالية على الساحة العربية عامة والفلسطينية خاصة وتغلغل الغدة السرطانية "إسرائيل" في جسد الآمة العربية باسم التطبيع، ارتأيت تذكير المواطن العربي المضلل من قبل بعض "النظام العربي" وبعض "المثقفين" وأنصاف المثقفين باعتبار الكيان الصهيوني طبيعي وله الحق في اغتصاب آرض عربية وتشريد شعب، بأنه لا يزال ذلك العدو الغاشم المحتل المجرم بحق الإنسانية وأنه كيان وظيفي ووكيل الاستعمار الغربي في المنطقة ولا ننسى شعاره هو من "الفرات إلى النيل" ويحظ بدعم الغرب الاستعماري عامة والولايات المتحدة الأمريكية خاصة.

كيف قبل الغرب و"الصحافة الحرة" ووافقت وصمتت عن التطهير العرقي وعنصرية المؤسسة "الإسرائيلية" على المدى الطويل متحدية كل القوانين الدولية وما يسمى القيم الغربية بنفاق والكيل بمكيالين حيال السياسة "الإسرائيلية". إنه شيء "يبرجل" العقل الإنساني حقا.

من الكليشيهات التي أصبحت ممجوجة ومشوبة بالغموض والشك التي يتشدق بها المثقفون والكتاب ومحررو الصحف ووسائل الإعلام المختلفة هي "حقوق الإنسان" التي أصبحت أكثر أهمية عند الولايات المتحدة ودول حلف الأطلسي حتى أضحت القوة الرئيسة للتأثير على السياسة الخارجية منذ عقود خلت ويتم استخدامها بانتقائية فجة.

 

لقد كتب دافيد ريف David Rieff أن حقوق الإنسان "قد أخذت مكانها ليس كخطاب غوغائي ولكنها أصبحت مبدأ عملياتيا في عواصم الغرب قاطبة،" ورفيقه في السلاح مايكل إغناتيف Michael Ignatieff يدعي أن "غرائزنا الأخلاقية" المحسنة قد قوت " مواصلة التدخل عندما تصبح المذابح والإبعاد سياسة دولة." لقد بني هذا الموقف لسبب حقيقي على أساس التجربة وعدم قراءة سليمة للتطورات أثناء تفكك يوغوسلافيا سنة 1990، حيث كان خط الدعاية أن الناتو قد دخل في ذلك النزاع مترددا ليوقف التطهير العرقي والإبادة الجماعية التي ارتكبها الصرب. وهذا التدخل له جذوره في إنسانية بلير-كلينتون- شرودر المدعومة بضغط على هؤلاء القادة من قبل الصحفيين ومدعي حقوق الإنسان.

كان هناك الكثير من الأخطاء حول هذا التفسير والتحليل لتاريخ منطقة البلقان الحديث وكان من أهم هذه الأخطاء أن تدخل الناتو كان سببا رئيسا في التطهير العرقي الذي تلا وكما تم تشجيعه بتفكك يوغوسلافيا بطريقة تركت الأقليات الكبيرة غير المحمية في الجمهوريات الجديدة عرضة للنزاع العرقي. لقد تم اختراق اتفاقات السلام في هذه الدول في السنوات 1992- 1994 وشجعت الأقليات غير الصربية في أن تأمل من المساعدة العسكرية للناتو للوصول إلى حلول نهائية والتي وصلوا إليها في نهاية الأمر. إن قوات الناتو" دعمت إتمام معظم التطهير العرقي في حروب البلقان.

نذكر هذا الحدث كمثال على نفاق الغرب الاستعماري في تصديه لما يسميه التطهير العرقي في البلقان وتغاضيه بل ودعمه لما يقوم به الكيان الصهيوني من تطهير عرقي ظاهر وتمييز عنصري واحتلال غاشم . وبنفس القدر من الأهمية لأن نعرف الانتقائية في هذا التركيز والجذور السياسية لهذه الانتقائية. إن المتدخلين الإنسانيين كانوا صامتين تماما أثناء المذابح التركية للأكراد وحرق قراهم والقتل والمذابح الكبيرة في الكونغو التي ارتكبها غزاة من خارج الحدود من راوندا واوغندا. ولسبب ما " الغريزة الأخلاقية" للسياسيين الإنسانيين لم تصل هذه القضايا حيث القتلة كانوا حلفاء لهؤلاء السياسيين وحصلوا على الأسلحة والمساعدات العسكرية والتدريب منهم. وبالمثل أيضا، فشلت الغريزة الأخلاقية للتدخل الإنساني للمثقفين والصحفيين والإعلاميين أن يقفز على هذا التركيز المنحاز لقياداتهم السياسية ولكنهم بدلا من ذلك عملوا بالتوازي مع هذا الانحياز الصارخ. وهذا ساعد قياداتهم السياسية أن يلاحقوا "الأشرار" المستهدفين بعنف أقوى وأعظم، بحرف الانتباه جزئيا عن الأشرار الحقيقيين وعن الخراب والتدمير الذي سببوه لضحاياهم.

الحالة الصارخة في "إسرائيل"

ربما القضية الأكثر اهتماما والأكثر أهمية للقضاء على ما يسمى "الوازع الأخلاقي" هي ما يتصل بإسرائيل حيث تواصل الدولة سياسة منتظمة في تجريد الفلسطينيين من ملكيتهم وفي التطهير العرقي في الضفة الغربية و القدس لعقود من السنين، وليس فقط بدون جواب مفيد من العالم الحر ولكن بدعم ثابت ومباشر من الولايات المتحدة وبتأييد ودعم وموافقة من الحلفاء الديموقراطيين. إن قدرة القيادات الغربية السياسية ووسائل الإعلام والمثقفين و العاملين في حقوق الإنسان على الغضب والاستنكار على "الأشرار" المفترضين عندهم في سنوات خلت، مثل عرفات وشافيز وميلوسيفيتش بينما عاملوا بيغن وشارون وبيريز وشامير ورابين وكما يعاملون الآن نتنياهو وبينيت وغانتس بلطف كرجال دولة يستحقون المساعدات العسكرية والاقتصادية والدعم الديبلوماسي، لهي معجزة من خداع الذات والكيل بمكيالين وفساد أخلاقي أو فضيحة أخلاقية.وما يجعلها معجزة أو أعجوبة هو أن البناء الفكري الأساسي وكذلك أداء الدولة العبرية يضرب بكل قيم التنوير التي من المفترض أن تكون أساس الحضارة الغربية عرض الحائط. هي دولة مارقة بكل المعايير القانونية والأخلاقية والإنسانية للممارسات التالية على سبيل المثال لا الحصر:

أولا، إنها دولة عنصرية من ناحية أيدولوجية ومن ناحية قانونية. إنها رسميا دولة يهودية وأكثر من 90% من الأرض مخصصة لليهود فقط. لقد منع الفلسطينيون (أصحاب الأرض الأصليون) من تأجير أو شراء أراضي مملوكة من قبل الدولة التي تمت مصادرتها في سنة 1948 ولاحقا، وأما اليهود القادمون من جميع أنحاء العالم فلهم الحق أن يأتوا إلى فلسطين ويصبحون مواطنين بمجرد الوصول بامتيازات تفوق بدرجات عن تلك التي لغير اليهود (أصحاب الأرض) . وهذا النوع من الأيديولوجية والقانون كان غير مقبول في حالة الدولة العنصرية في جنوب إفريقيا مع انه من المهم أن ريغان Reagan كان متعاونا جدا مع هذه الدولة العنصرية. وكذلك مارغريت تاتشر, Margaret Thatcher وجدتها متسامحة ويمكن احتمالها وان عمليات الجنوبيين ضد الإرهاب تم دمجها مع تلك في العالم الحر. إن تعامل النازيين مع اليهود في ألمانيا كان ولا يزال يعتبر فظيعا ومفزعا (مع العلم تم التشكيك في ذلك من قبل مؤرخين كثر). ولكن الشبيه الإسرائيلي لمحاكمات نوريمبيرغ وقيام دولة مبنية على أساس التمييز العنصري يلاقي القبول في الغرب الديموقراطي التنويري. إن "الشعب المختار" يحل محل "العرق السيد" وليس هذا مقبولا فقط وإنما إسرائيل تعتبر نموذجا للديموقراطية تنير العالم على حد قول الصهيوني العنصري (أنتوني لويس). وبالممارسة والتطبيق في خلق "إسرائيل" قطاعا من البشر تعتبرهم الدولة مواطنين من الدرجة الثانية أو أقل كثيرا في المناطق المحتلة طبقا للقانون والسياسة هو مقبول عند الغرب أيضا. فهذا نظام فريد من نوعه "العنصرية المتفوقة" .

ثانيا، لقد سمح للدولة العبرية بتجاهل العديد من قرارات مجلس الأمن واتفاقية جنيف الرابعة فيما يتعلق باحتلال الأراضي الفلسطينية وكذلك تجاهل الحكم الصادر عن محكمة العدل الدولية بخصوص الجدار العنصري وببساطة تجريد الفلسطينيين من أرضهم وحقوقهم في مصادر المياه وتدمير آلاف البيوت وقطع أشجار الزيتون التي تعتبر المصدر الرئيس لرزقهم وتدمير البنى التحتية وإنشاء شبكة حديثة من الطرق في الأراضي المحتلة مخصصة لليهود فقط بينما تطبق العراقيل الخطيرة في حركة الفلسطينيين في جميع الأراضي المحتلة. وهذا التطهير العرقي المنظم قد تم تنفيذه بواسطة جيش مدرب على أعلى المستويات ومسلح بأحدث الأسلحة في العالم على الإطلاق ويقوم بممارساته الهمجية والعنصرية على شعب أعزل صاحب الأرض والوطن الأصلي كي يوسع رقعة الاستيطان اليهودي في تحد سافر للقوانين الدولية التي تحدد مسؤولية المحتل لأراضي الغير. وهذا حقا لهو نظام فريد من نوعه "التطهير العرقي المميز" أي صاحب الامتياز و"مخالفة القانون المميز" و "والاستثناءات المميزة لقرارات مجلس الأمن وأحكام المحكمة الدولية."

ثالثا، لقد عبرت الدولة العبرية الحدود لتشن الحرب على سوريا ولبنان التي استمر العدوان عليها عبر الغارات وأعمال الإرهاب من اغتيالات وتدمير وحصار عبر سياسة ما أطلقت عليه القبضة الحديدية التي تسببت في مقتل الآلاف من الشعب اللبناني والفلسطيني وكانت تقوم بهذه العمليات بمعزل عن المقاومة وإنما كانت في معظمها أعمال استفزازية تستوجب الرد بالمثل. وبالطبع لم يكن هناك أي مساءلة أو عقاب أو مقاطعة ضد الدولة العبرية على هذه الأعمال لأن إسرائيل تستفيد من " حق الامتياز في الاعتداء وإرهاب الدولة ورعاية الإرهاب،" وهو غير عادي ولكنه يأتي من وضعها المميز كحليفة لأمريكا ودولة عميلة.

رابعا، وعلى الرغم من إعطائها الحق في التطهير العرقي وفي إرهاب الدولة وتحدي القرارات الدولية والقانون الدولي، إلا أن ضحاياها ليس لهم الحق في المقاومة. قد يطردون من أرضهم وقد تدمر بيوتهم وقد تقلع أشجارهم وقد يقتل أفرادهم بدم بارد على يد ما يسمى جيش "الدفاع "وقطعان المستوطنين ولكن المقاومة المجبرين عليها غير مقبولة ويطلق عليها "إرهاب" ويجب استنكارها ووقفها. لقد قتل حوالي 1000 فلسطيني في أول انتفاضة لا عنف فيها ما بين 1982-1992 ولكن المقاومة السلبية لم تؤثر على الاحتلال والمجتمع الدولي لم يعمل شيئا للتخفيف من مآسي الشعب الفلسطيني وأن الدولة العبرية لديها الضوء الأخضر والتفهم الواضح من قبل الولايات المتحدة أنها مدعومة في ضرب الانتفاضة حتى كسرها. فمعدل القتلى من الفلسطينيين مقارنة مع الإسرائيليين خلال سنوات الانتفاضة الأولى هو 25 إلى 1 أو أكثر بقليل ولكن بإعطاء إسرائيل الحق في الإرهاب ما زال يطلق على الفلسطينيين "إرهابيين". ومن الواضح من كل أعمال الاحتلال هو استهداف فئة الشباب والأطفال من قتل واعتقال حيث تم قتل واعتقال آلاف الأطفال والشباب في السنوات الأخيرة.

خامسا، مع كل الحق الكامل للتطهير العرقي والإرهاب، والإعفاء من القانون الدولي كان للإسرائيليين أيضا مطلق الحرية بأن تنصب رجلا كرئيس للوزراء هو مسؤول عن العمليات الإرهابية ضد المدنيين وعن مذابح صبرا وشاتيلا التي لم يعرف بالتحديد عدد القتلى فيها وإن يقال تجاوز العدد الثلاثة آلاف شخص. ومن العجيب، لقد افترضت محكمة يوغوسلافيا الدولية أن مجرد النية في الإبادة الجماعية قد تستنتج من أفعال قد تؤدي إلى قتل مجموعة من الناس في منطقة معينة وحتى لم تكن هناك خطة لقتلهم في مكان آخر مع ذكر قراراتهم السابقة زائد قرار الجمعية العمومية لسنة 1982 الذي نص على أن ذبح ٣٠٠٠ في صبرا وشاتيلا كان "إبادة جماعية". ولكن هذا الحكم طبق على أهداف الصرب ولم يطبق فقط على شارون وإنما حتى أنهم لم يتدخلوا في أن يكافأ ويصبح رأس الدولة العبرية.

سادسا، مع كل الحق لهم في التطهير العرقي والإرهاب، لقد تم تمويه معاني هذه الكلمات عندما تنطبق على الدولة العبرية. لقد تم تطبيقها بكل فخر على عمليات الصرب في كوسوفو التي كانت من ملامح الحرب الأهلية ( التي أشعلت من الخارج) ولم تكن كما هي الحالة الإسرائيلية تم تصميمها وتخطيطها لتهجير المواطنين الأصليين وإحلال المستوطنين في أرضهم. ولم يتم إعفاء اسرائيل من تغيير معاني الكلمات والمصطلحات فقط ولكنها أيضا كانت المستفيدة من استخدام المصطلحات المميزة مثل "الأمن" و"العنف". كان الفلسطينيون ولا يزالون بعيدين عن الأمن والأمان ولكنهم يتعرضون في نفس الوقت لمستوى كبير من العنف الثابت لا يتغير وهم مطالبون بتخفيض أو وقف العنف الذي لا وجود له على المستوى التي تصوره "إسرائيل" وانقلبت المسألة إلى كيف نجعل "إسرائيل" أكثر أمنا. وأصبح الأمن الفلسطيني ليس بذي قيمة وليس هو القضية في الغرب لأن كونهم ضحايا للعنف لا يعنيهم وعدم أمنهم أتى من فشلهم في قبول عملية التطهير العرقي ومقاومتهم لهذه العملية. إنهم ضحايا غير مهمين لا يستحقون التعاطف معهم وهذا يأتي من فضيلة الغرب الانحياز المتأصلة في نفوسهم إلى الكيان الصهيوني.

إن عملية التطهير العرقي التي يتخللها الإرهاب بالجملة وقوة الإجرام التي جلبت المقاومة الفلسطينية بالمفرق لهو في الواقع وضع ( مع وجود الجدار) كضرورة لحق "إسرائيل" الشرعي في الرد على الإرهاب. وبذلك يفلت الإرهابيون الحقيقيون من العقاب.

سابعا، إن "إسرائيل" هي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي بنت قوة كبيرة من الأسلحة النووية وتم مساعدتها في إنجاز ذلك ليس من الولايات المتحدة فقط وانما قامت فرنسا وبريطانيا والنرويج بمساعدتها في ذلك أيضا. لقد حدث هذا رغم التطهير العرقي والاستمرار في رفض المطالب والقرارات الدولية والقانون الدولي والغزوات المتعددة للجيران. ورغم حصولها على امتياز الحق في امتلاك الاسلحة النووية واعفائها من قرارات وكالة الطاقة الدولية ومعاهداتها ورغم ذلك فهي محمية من قبل الولايات المتحدة ايضا.

ثامنا، إن العالم الحر مذهول من احتمال أن إيران قد تستطيع تصنيع أسلحة نووية في وقت ما في المستقبل على الرغم من إبرام الاتفاق النووي معها. ويتم تهديد إيران بالطبع بتغيير النظام وبالقصف وهجومات أخرى من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل، ولكن أعمال إيران تتعارض مع ميزة النظام حيث إسرائيل فقط (والقوة العظمى التي تؤيدها) لديها مشكلة أمنية ولها الحق في الدفاع عن النفس؛ أما الآخرون مثل الفلسطينيين فيجب عليهم قبول الدونية والخوف الدائم والتطهير العرقي وجدار الفصل العنصري وما يترتب على ذلك من سياسات خطيرة. وكذلك لا يزال آخرون مثل إيران يجب عليهم التعايش مع التهديد بالعدوان والعقوبات بسبب التمسك بالأفعال القانونية ولربما يبحثون على وسائل نووية دفاعا عن النفس بدون مساعدة من العالم الحر المشغول بإرضاء الولايات المتحدة والكيان الصهيوني في الشرق الأوسط. وهكذا ليس "إسرائيل" فقط لها حق امتلاك الاسلحة النووية ولكنها قادرة على الحصول على مساعدة العالم الحر لجعلها الوحيدة التي لها هذا الحق في الشرق الأوسط والتي يعطيها بالطبع حرية أكبر للتطهير العرقي.

تاسعا، لقد انزعج العالم الحر أيضا بانتصار حماس في الانتخابات الفلسطينية التي تمت في 26 من كانون الثاني ٢٠٠٧. لقد عبر معظم المتحدثين الرسميين والسياسيين وغير السياسيين في العالم الحر عن خيبة أملهم وأن انتصار حماس سيشكل ضربة قوية للعملية السلمية وسيعرقل المفاوضات. وشجعوا على الانقسام وفصل قطاع غزة عن الضفة علانية إلى يومنا هذا. وقام الكيان الصهيوني بشن الحروب على غزة٠ وبفضل ذلك تنامت شعبية حماس والمقاومة بصورة عامة لأن فتح والسلطة في رام الله فشلت في مسارها التفاوضي مع الكيان الصهيوني الذي دام لأكثر من ٢٥ عاما الذي أطلق عليه "العملية السلمية" التي أصبحت هدفا بحد ذاتها وما نتج عنها وخاصة اتفاقية "أوسلو" المشؤومة التي أدت إلى ما نشاهده من دمار للقضية الفلسطينية ومن صفقة القرن .

كي نفسر هذا النفاق المقزز؟

لقد حدث هذا لأن القيادة الصهيونية أرادت المجال الحيوي للشعب المختار، وأن صمود ومقاومة الشعب الأصلي في طريق هذه الأحلام ولذا يجب أن يشرد أو يطرد، وقد استطاعت الحركة الصهيونية القيام بذلك بالدعم الكبير والدعم العسكري والديبلوماسي الأمريكي. وهكذا إذن فالمقاومة الفلسطينية المسلحة التدريجية مع الضعف النسبي الفلسطيني أظهرت مشروع التطهير العرقي إلى العلن مع ازدياد الوحشية على مر السنوات ساعدت مع زيادة "إسرائيل" بقيادتها مجرمي حرب كبار. فمساعدة الولايات المتحدة وحمايتها للمشروع كان هاما ومفصليا حيث منعت اي استجابة دولية فاعلة للسياسات التي تخترق الأخلاق الأساسية والقانون الاساسي الدولي ولو أنه تم من قبل دولة أخرى لأدى إلى قصف ومحاكمات على جرائم حرب.

إن دور الولايات المتحدة الأمريكية وتحييد أي "وازع أخلاقي" في الولايات المتحدة نفسها ناتج جزئيا من اعتبارات جيوبولوتيكية ودور "إسرائيل" الوظيفي للولايات المتحدة والمنفذ لسياساتها وفي الجزء الآخر من قدرة اللوبي الصهيوني المناصر للسياسة الإسرائيلية (إيباك) مثلا وكذلك الدعم الآتي من المحافظين الجدد وأتباع المسيحية الصهيونية لإجبار وسائل الإعلام والمؤسسة السياسية لدعم واضح ومفضوح لمشروع التطهير العرقي. فتكتيكات اللوبي الصهيوني تتضمن الاستغلال البشع للشعور بالذنب بما حصل في الهولوكوست ومساواة انتقاد التطهير العرقي بالمعاداة للسامية مع تزامن التصادم ومحاولات احباط الانتقاد في المناظرات التي تتزايد مع زيادة عملية التطهير العرقي.

وهذه الجهود قد تعززت بأحداث الحادي عشر من أيلول "الحرب ضد الإرهاب" التي ساعدت على وضع العرب في قالب الأشرار وجعل السياسة الإسرائيلية جزءا من الحرب المفترضة. فاللوبي وممثلوه في إدارة بوش كانوا من أشد المؤيدين للحرب على العراق وهم الآن يدفعون بشدة بشن العدوان على إيران. وفي هذا الإطار كان ولا يزال أداء "المجتمع الدولي" ، متمثلا بالاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والمنظمات الدولية، في وجه مشروع التطهير العرقي كان مخزيا وانعدام وازعهم الأخلاقي آمام التزام الولايات المتحدة للكيان الصهيوني واستغلالها للهولوكوست.

الخلاصة

إن فلسطين هي منطقة الأزمة بامتياز حيث يعيش شعب عاجز تساء معاملته على جميع المستويات. يتم إذلاله في كل لحظة ويتم طرده بالقوة من أرضه لإحلال مستوطنين قادمين من مختلف أصقاع الأرض ومحميين بقوة السلاح الكبيرة وبدورها مدعومة ومحمية من قبل الولايات المتحدة وبموافقة صريحة منها إن لم يكن أكثر من ذلك من بقية العالم الحر. إن القضية الكبرى الآن للعالم الحر هي أن تخضع المقاومة وحماس خاصة وتقبل بوجود الكيان الصهيوني والتطهير العرقي (الذي لا يزال جاريا) وقد يعطون بانتوستان على أحسن تقدير. إن القوة والعنصرية تحيد ذلك "الوازع الأخلاقي" في الغرب عندما تأتي المسألة لهذه القضية الهامة جدا.

إن الملايين العديدة من الفلسطينيين يعيشون في حالة مزرية في حالة مأساوية من العنف التي يمكن إنهاؤها بسهولة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الدولي ببساطة بوقف "إسرائيل" عند حدها بالتهديد بقطع المساعدات وفرض مقاطعة اقتصادية. ولكنهم في الغرب لا يرون في "إسرائيل" قوة احتلال وتطهير عرقي ولكنهم يرون المقاومة ضد هذه الأعمال المتوحشة. وهذا الموقف غبي وشرير وفعلا هو تبرير منطقي للعنصرية والانتهازية السياسية والدعم لمشروع التطهير العرقي.

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية