الحديث عن "اعتقال "صدام" هو حديث الدنيا كلها من دون شك ، وبقدرما يؤشر على نهاية دراماتيكية لرئيس ظل أسطورة وهاجسا للكثيرين، فإن هناك تداعيات أخرى مختلفة ستبرز على المديين القريب والمتوسط وعلى كثير من المستويات...
بغض النظر عن الرواية الأمريكية وأكذوبتها في مسألة إعتقال "صدام"-وهي من العيار الثقيل -..
وبغض النظر عن ردود الأفعال الرسمية والشعبية المتباينة حيال هذا الحدث، ودون الدخول في تخمينات حول اتجاهات الأحداث للمشهد القادم، إلا أن قراءتنا نحن-الجزائريين- لهذا الحدث الذي ملأ الدنيا، لا تخرج عن زوايتين اثنين.. وطنية جزائرية، وأخرى قومية إسلامية.. * على مستوى المشهد الوطني الجزائري.. فإن سقوط "صدام" وهو الموصوف بـ "الديكتاوري الدموي" وبهذه الطريقة"التراجيدية" المهينة والمذلة، بقدر ما يعطى الانطباع على أن مصير الجبابرة والطغاة والذين قمعوا شعوبهم لا يخرج عن هذه النهاية المخزية، بقدر ما يفتح لحكامنا وللانقلابيين- الذين فتحوا أبواب جهنم على الجزائر لأكثر من عقد من الزمن- أن ينظروا إلى هذا المصير المفجع، ويصححوا مسار علاقاتهم مع شعوبهم، فالظلم ظلمات، والعدل تاج على صاحبه في الدنيا والآخرة.. والتوبة هي الخيركله.. والمصالحة هي منجى الجميع.. فلا مجال لمزيد من الإقصاء والإلغاء، ولا مجال لمزيد من العسف والتضييق ..وليكن الانتخاب القادم هو بداية الانفراج الحقيقي في الأزمة الجزائرية، بل بداية العرس نحو المصالحة، والديمقراطية، والنهضة ،والتعايش.
* أما على المستوى القومي الاسلامي فحكامنا هم بلاؤنا من دون شك، ونحن نقف مع الشعب العراقي في تصفية قضاياه الداخلية مع نظام "صدام" القمعى.. لكن في المقابل نقف مع "صدام" ولو تكتيكيا في مناهضته للاحتلال الأمريكي البريطاني الصهيوني..
وإذا كانت الحكمة العربية القديمة تقول إن "الظالم سيف الله ينتقم به ثم ينتقم منه" فان مشهد نهاية صدام على تلك الطريقة الهوليودية الماكرة تفوح منها الكثير من روائح الإذلال والإهانة والاحتقار لكل ماهو عربي واسلامي.. كما لو أن النموذج الحضاري الأمريكي هو مخلص الشعوب من الظلم والطغيان والجبروت ..وحامل لرسالة الحرية والكرامة والانسانية والانعتاق مع أن الأمر معاكس لذلك تماما ..
هكذا صارت" أمة العرب والاسلام" يتداعى عليها التحالف الصليبي اليهودي ، بعد أن صارت كالغثاء ، بأسها بينها شديد، وقلبها مملوء بالوهن، ولا منقذ لها إلا التصالح الصادق فيما بينها، والعودة الى شعوبها.. وليكن نصب أعين الجميع ذلك الشعار "لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.. " والآية الكريمة"إن تنصروا الله ينصركم"..

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية