بعد النتائج التي أدى إليها التطرف أصبح من الضروري ـ حسب البعض ـ من نفض الغبار عما هو معاد للثقافة والحياة في التراث ، لاسيما فيما يخص ما بلورته " إيديولوجية الموت " من تكفير التفكير وتبديع الإبداع . تلك الإيديولوجية التي ارتكزت على التفكير القرنوسطى الذي قال من تمنطق تزندق وأن المنطق يؤدي إلى الفلسفة وما يؤدي إلى الكفر كفر ، أي المرتكزة على الجوانب المظلمة في التراث، المعادية لنور العقل، واستمدت منه سلاحين من أسلحة الدمار : الرقابة والقتل . هذه الإيديولوجية هي المسئولة على أحداث ماي بالدار البيضاء ، وقبلها عن دعوى الردة على الفنان محمد عبد الوهاب من أجل أغنية " من غير ليه " ،وكذلك الحكم بالردة على نصر حامد أبو زيد ، والاعتداء على نجيب محفوظ بالسلاح الأبيض تنفيذا لفتوى بردته من أجل " أولاد حارتنا ".
لماذا " إيديولوجية الموت " تتبع هذا المنحى؟ تكفير التفكير والمفكرين ويبدعون الإبداع والمبدعين وينشرون الموت والدمار ؟ أولا لأن التعصب متأصل في بنيتهم النفسية ، يوهمهم امتلاكهم للمعرفة الإلهية. وفي واقع الأمر إن التعصب يكون بديلا عن حقيقة لا يستطيع مواجهتها دون التفكير في الانتحار. كما أن المتعصب والمتطرف يكون مسكونا برغبة في توجيه البشرية ، وهذه الرغبة مزيج من الزجسية والسادية والميل إلى التلصص ، الشيء الذي أدى به إلى فرض وجهة نظره على الآخرين أي على جميع الذين لا يفاقونه الرأي .