أقام المواطن الكويتي والناشط الإسلامي جابر الجلاهمة مؤتمراً صحفياً نشرته صحيفة ( الوطن ) الكويتية في عددها الصادر يوم الاثنين 3/11 الفائت ، وقد انتظرت شهراً كاملاً أترقب ردود الأفعال الرسمية أو الشعبية على التساؤلات التي وجهها السيد الجلاهمة أو الإجابات التي قدمها بشأن أفكاره وأنشطته ، ولكنني مع الأسف الشديد لم أجد سوى الصمت والتجاهل ممن يفترض بهم التفاعل والإيضاح ولذلك سمحت لنفسي بتدوين النقاط التالية حول ذلك المؤتمر الصحفي : أولا - أشار السيد جابر الجلاهمة إلى أن إيقافه وتعطيله في اليمن الشقيق وأكثر من بلدٍ آخر كان بسبب معلومات وردت لتلك البلدان من الأجهزة الأمنية الكويتية ! حيث قال : ( صرح مسؤول كبير لي بأنه من الواضح وجود تنسيق بين السلطات الكويتية واليمن ) و ( صرح لي رجل مسؤول هناك – في اليمن – بأن المنع تم من خلال الكويت ) و ( قالوا لي : يا شيخ هذه المعلومات من بلدك ) وإلى آخره من العبارات التي سأفترض دقتها لعدم رد أي جهة رسمية عليها .
وهذه المعلومات التي عطلت حرية المواطن الكويتي جابر الجلاهمة وقيدت حركته والتي وصفها بأنها معلومات تفصيلية ودقيقة عنه وعن مواطنين كويتيين آخرين ليس لها علاقة من قريب أو بعيد بتلك الدول الشقيقة من جهة وتتعلق باتهامات تمت تبرئته منها من جهة أخرى ، مما يجعلني أقول وبكل صراحة بأن أفعال الجهات الأمنية هذه تشكل مخالفة للمواد الدستورية والمبادئ القانونية التالية:
1- المادة 30 من الدستور ونصها : ( الحرية الشخصية مكفولة ) حيث أن هذه التسريبات الأمنية عنه للدول الأخرى مست هذه الحرية من خلال هتك أسرار وتفاصيل الحياة الشخصية لمواطن كويتي أمام أجهزة دول أخرى ليس لها موقع من الإعراب في دستور وقوانين دولة الكويت مما شكل انتهاكاً لما قرر الدستور كفالته .
2- المادة 31 من الدستور ونصها : ( لا يجوز القبض على انسان أو حبسه أو تفتيشه أو تحديد إقامته أو تقييد حريته في الإقامة أو التنقل إلا وفق أحكام القانون . ولا يعرض أي إنسان للتعذيب أو للمعاملة الحاطة بالكرامة ) حيث من شأن تصرف الجهات الأمنية الكويتية – والتي لا نشكك بحسن نواياها – أن يمس حرية السيد الجلاهمة وغيره في التنقل والإقامة مع احتمال تعريضهم لمعاملة حاطة بالكرامة في دول ديكتاتورية لا قدر الله .
3- المادة 32 من الدستور ونصها : (لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون) وتسريبات الجهات الأمنية الكويتية ما لديها من تحريات وتحقيقات مع المواطن الكويتي جابر الجلاهمة شكلت إيقاع عقوبة لم ينص عليها القانون عبر جعله وغيره مشتبهين أمام مطارات ونقاط حدود الدول العربية .
4- المادة 35 من الدستور ونصها : ( المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع . ويحظر إيذاء المتهم جسمانيا أو معنويا ) وقد انتهكت هذه الضمانة الدستورية من جانبين أولهما اعتبار الجهات الأمنية الكويتية هذا المواطن متهما يجب التحذير منه قبل أن تثبت إدانته وثانيهما عبر قيام هذه الجهات بإيذاء هذا المتهم معنويا عبر التبليغات التي أعقبتها مضايقات وتحقيقات له من قبل أجهزة الدول الأخرى الأمنية .
ثانيا – لا يفوتني الإشادة بالفهم المعتدل الذي يعتنقه الناشط الإسلامي جابر الجلاهمة للإسلام عبر إثباته أن ما حصل من عمليات إرهابية في الكويت تجاه القوات الأمريكية هو شيء غير صحيح ولا ينسجم مع واقع الكويت التي هي ليست بحالة حرب – بل سلام ومعاهدات – مع الولايات المتحدة الأمريكية ، كما أنه قد أكد على مشاعر وطنية خالصة عبر قوله : ( إنني لم أظهر على قناة الجزيرة للتحدث من خلالها لأنني أفضل أن يكون انطلاقنا للنقد أو خلافنا مع الحكومة في أي مشكلة من خلال النقد داخل الكويت ) وهذا الحرص على الأوطان بلا شك منسجم مع شريعة الإسلام السمحاء الذي بينه الشاعر بقوله :
ما اخترنا حبك يا أوطان لكن الله قد اختاره
حب الأوطان من الإيمان إنا لا نعلن أسرارا
وأحب أن أؤكد – شخصياً – على أن حب هذا الرجل الكريم لوطنه الكويت ليس أقوال وشعارات بل شيء قد أكده عبر تحذيره من نظام صدام البعثي البائد قبل الغزو العراقي الغاشم وقد أشار لذلك في مؤتمره الصحفي ، وقد كانت له مواقف مشرفة وشجاعة منها ما رأيته بعيني وسمعته بأذني في فريجنا بمنطقة مشرف عام 1990 وأنا ابن الحادية عشر آنذاك ، إذ قام هذا المواطن الكويتي الشهم بتسهيل خروج العديد من الأسر الكويتية ومن بينهم زوجات وبنات شخصيات بارزة عبر الحدود الكويتية – السعودية خلال فترة الاحتلال دون خوف أو وجل من القبض عليه في جريمة كانت عقوبتها القتل بلا أدنى شفقة .
ختاماً : اتفاقي أو اختلافي مع الأطروحات الفكرية أو المواقف السياسية للمواطن الكويتي والناشط الإسلامي جابر الجلاهمة يجب ألا يمنعني أو يمنع غيري من الدفاع عن حقوقه الدستورية وضماناته القانونية ، فدولة العدالة والمؤسسات هي هدف الكويتيين جميعا حكومة وشعبا والتنازل عنها اليوم لإيذاء شخص يخالفنا بأفكاره أو لتحجيم تيار يعارضنا بآرائه ستكون مقدمة لردة وفتنة لا فكاك منها ، حفظ الله الكويت وكافة بلاد المسلمين من كل مكروه.