السلطة الفعلية التي عملت طيلة عقود من الزمن، وفي كل إستحقاق رئاسي على تجديد عذريتها ، وإعادة إنتاج نفسها، هل ستترك هذه السنة غير الشريفة، وتلقي بها جانبا خلال رئاسيات أفريل القادم ؟
هل ستقف فعلا على الحياد التام، فضلا عن تأمينها لمناخ مجهز بكل أدوات الشفافية والنزاهة والنظافة ؟ أم أن الأمر غير ذلك تماما ، وأن مسلسل المناورات سيستمر وبأشكال من العيار الثقيل..؟ م تعد النوايا تقنع أي طرف سياسي أو مدني .. ذلك أن إنتخابات 99 والتي تي رافقتها خطابات مطمئنة ومشجعة للمترشحين سواء من الجيش أو من الرئيس "زروال" نفسه ، أعطت في بداية السباق نكهة متميزة ، إلا أن المشاهد الأخيرة "المريبة" والتي دفعت المنافسين لمرشح الجيش الى الانسحاب، أكدت على أنها مجرد تصريحات تفتقد الى المصداقية وموجهة للاستهلاك ليس إلا .
رئاسيات 2004 تضع سلطة الظل في حرج، فهذه الأخيرة لا تريد أن تسقط عنها ورقة التوت ، ولا أن تنكشف حقيقتها أمام معارضة صارت أكثر إصرارا على محاصرتها وفضح " حراميتها " أمام الرأي العام الداخلي والخارجي ، بل وأكثر إيمانا من أي وقت مضى بضرورة وضع حد لـ "حالة اللاشرعية "التي كانت سببا في كل كوارث البلاد ومآسيها الى يوم الناس هذا ..
مبايعة " أو يحي " لـ" بو تفليقة وتزكيته لـ " عهدة ثانية" لم تأت من فراغ ، خاصة وأن المعروف عند المراقبين بأنه " شوشو" المؤسسة العسكرية، إن لم يكن هو الآخرجنرالا متقدما في زي مدني.. فماذا يعني مثل هذا الموقف ؟
هل يعني أن الجيش حسم مسألة الرئيس القادم وهو الأقل سوءا بتعبير بعضهم ؟ أم أن الجيش غسل يديه نهائيا عن مسألة "صنع الرؤساء " وترك الأمر للسياسين والمدنيين ، وهو أمر مازال ينظر إليه بعين الريبة..
بل حتى خلافات بن فليس مع الرئيس والتي شغلت الناس لوقت ليس بالقصير، وأعطت الانطباع على أن إخفاق الرئيس في عهدته الاولى يعود إلى فشل بن فليس وأن برنامج بوتفليقة لا يرى طريقه الى التجسيد إلا في العهدة الثانية ..هذه الخلافات هي مجرد مسرحية أبدع اللاعبون في إخراجها بالشكل المثيرالذي ظهرت به.. "ولا يمكن - كما يقول آيت أحمد - أن نصدق أن بن فليس الذي إصطنع زواجا لبوتفليقة حتى يستوفي شروط الترشح لمنصب الرئاسة ثم أصبح مديرا لحملته الإنتخابية ثم رئيس حكومة ، واليوم لا يتفق مع الرئيس فلا يعقل أن يكون رجل في كفة ونظام أكمله في الكفة الأخرى من الميزان"..
إن تحصين نظام" العائلة الواحدة"، وتعزيز جهاز مناعتها حتى لا يصيبه أي مكروه أو سوء،أو خلل ،هو العمل الذي ما فتىء يأخذ الجهد والوقت وكل شيء.. وما الطبخات التي تنضجها المخابر وأساليب توزيع الأدوار هي بكل تأكيد من أجل أن تستمر "العائلة"الواحدة " سواء في جانبها المنظور أو غير المنظور..
أليس ما نراه على شاشة المشهد هو مجرد طبخة " العائلة الواحدة " لتستمر وتضمن إمتيازاتها المعهودة ..؟