الطلاق الذي حدث في الجزائر بين بوتفليقة وغريمه بن فليس-رئيس الحكومة المقيل- دفع المشهد الانتخابي إلى دائرة الضوء قبل أوانه.. وحتى المونشيتات المتعلقة به في الصحف بدأت تحتل الصفحات الأولى بشكل لم تعرفه الاستحقاقات السابقة..
وإذا كانت تداعيات الصراع على حزب "جبهة التحرير الوطني" قد زادته إهتماما وطغيانا، فإن المعارضة ظلت ترقب هذه المواجهة بتحفظ ، منتظرة ارتفاع الأدخنة لترى الأشياء على حقيقتها، وتتأكد من جدية الفعل السياسي من عدمه، وكذا خريطة صراع السرايا ومواقعها.. المراقبون للشأن الجزائري أجمعوا على أن عام 2004 سيكون عاما ساخنا بكل المقاييس، وأن الجزائر ضبطت ساعتها على مخاض جديد ، لا نعرف بعد حركة اتجاهه، بل إن تسخين الساحة السياسية ودفع المشهد نحو رواق واحد كأمر واقع ، ليس من قبيل الصدفة كما يقول بعضهم..فهل هي فن الاستراتيجية التي طبختها المخابر والتي تكثفت أحداثها واتخذت صورا مثيرة بحيث غطت على كل شيء قد يزعج السلطة، حتى تراءت مبادرة عباسي كما لو أنها لا حدث..؟
الرئيس والمعارضة والعسكر والرأي العام هي المفردات التي تشكل حديث الناس في المجالس والصحف والكواليس..؟ فهل تستحق الرئاسيات القادمة كل هذه الهالة الضخمة وكل هذا الاهتمام البالغ ، كما لو أنها ستخرج الناس من جهنم إلى جنات تجري من تحتها الأنهار كما يتساءل بعضهم..؟
قد يقترب الاستحقاق القادم من هذا ، إذا صدقت نوايا الماسكين بزمام اللعبة، وأرادوا أن يصدقوا مع الله والتاريخ ومع شعبهم،بتوفير كل أدوات وشروط النزاهة والنظافة لمثل هذا العمل المصيري، وساعتها قد تكون هذه الانتخابات بداية انفراج وتسوية ومصالحة وإقلاع حضاري واعد..؟ ولكن ماذا يقرأ المراقبون في المؤشرات المتاحة ومعطيات المشهد الراهن..
المعارضة تقول أن رائحة التواطؤ مع الرئيس بدأت تزكم الأنوف رغم ما تحقق على مستوى تعديل قانون الانتخاب وإلغاء الصناديق الخاصة - المخصصة لإقتراع كل أسلاك الأمن والشرطة والجيش والتي تشكل قرابة المليونين صوت،وقد إعتادت المعارضة إتهام السلطة بتوفير هذه الأصوات لمترشحها-.. فالرئيس كما يقولون يستغل وسائل الدولة في جولاته الانتخابية المسبقة، ويستخدم أموال الخزينة في شراء الذمم، ويسخر الإدارة والعدالة من أجل تحقيق حلمه في عهدة ثانية، ولذلك تداعت هذه المعارضة لعدة لقاءات أسفرت عن تأسيس جبهة لمقاومة التزوير وتجنب سيناريو99-وهو الانسحاب بعد التأكد من التزوير-..ويطالبون العسكر أن يكون حياده إيجابيا يمتد إلى مراقبة الإدارة وكل مراحل العملية الانتخابية وأن يكون حكما نزيها بين المتنافسين..
الرئيس هو الآخر يعتبر مطالب العشرة شعبوية فولكلورية ، ويتحداهم بالإحتكام الى الشعب الذي هو المحك الحقيقي..
وأمام هذه الاتهامات المتبادلة تبقى الروح الرياضية هي المطلوبة في مثل هذه الانعطافات المصيرية..وليكن شعار الجميع هو خضوع الكل الى جلالة الديمقراطية ،واحترام نتائج الصندوق..أليس هذا هو الحل الأمثل للجزائر ولجميع الجزائريين..؟