وإليك –أخي الصائم- هذه الفوائد تباعاً، وفقك الله تعالى لأداء حقوق هذه الشهر العظيم.
الفائدةُ الحاديةَ عشْرَةَ : في حكمِ زكاة الفِطْر وحِكمَتِها
1- زكاة الفِطر واجبة على كلِّ مسلم ، لقول ابن عمرَ رضي الله عنهما : " فَرَضَ رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم) زكاةَ الفِطرِ منْ رمضانَ صاعاً من تمرٍ أو صاعاً من شعيرٍ ، على العبدِ والحُرِّ ، والذكر والأُنثى ، والكبيرِ والصغيرِ ، من المسلمين " .
2- من حكمةِ زكاةِ الفِطْرِ أنها تطهِّر نفسَ الصائمِ مما يكون قد عَلِقَ بها من آثار اللغو والرَّفث ، كما أنها تُغني الفُقَراءَ والمساكينَ عن السؤالِ يومَ العيدِ ، فيظهرونَ بِمَظهرِ سائر الناسِ ، فقد قال ابن عباسٍ رضي الله عنهما : ( فَرَضَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم زكاةَ الفطرِ ، طُهرَةً للصائمِ من اللغوِ والرَّفثِ ، وطُعمةً للمساكين . وقال (صلى الله عليه وسلم) : " أغنُوهم عن السؤالِ في هذا اليومِ " .
الفائدةُ الثانيةَ عشْرَةَ : في مقدارِ زكاة الفِطْرِ وأنواعِ الطعام التي تُخرَجُ منها
مقدارُ زكاةِ الفِطِر صاعٌ . والصاعُ أربعةُ أمدادٍ ، أي ما يُعادلُ (2.5 كغ) تقريباً، وتُخرَجُ من غالبِ قوتِ البلدِ ، سواءٌ أكان قمحاً أو شعيراً أو تمراً أو أرزَّاً أو زبيباً أو أقِطَاً ، لقول أبي سعيدٍ الخُدْريِّ رضي الله عنه : "كنَّا إذْ كانَ فينا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم نُخْرِجُ زكاةَ الفِطْرِ ، عنْ كلِّ صغيرٍ وكبيرٍ ، حرٍّ أو مملوكٍ ، صاعاً من طعامٍ (أي قمحٍ) ، أو صاعاً من أقطٍ (وهو اللّبن المُجَفّف) أو صاعاً من شعيرٍ أو صاعاً من زبيبٍ .
[ ويجوزُ إخْراجُ قيمتها نقوداً ، على مذهبُ أبي حنيفة رحمه الله ، وهو ما يُرجّحه كثير من العلماء المعاصرين ]
الفائدةُ الثالثةَ عشْرةَ : في وقت إخراج زكاة الفطرِ و وقت وجوبها
تَجِبُ زكاةُ الفطرِ من أولِّ ليلةِ العيدِ ، وأوقاتُ إخراجها ثلاثةٌ :
1- وقتُ جَوازٍ ، وهو إخْراجها قبل يومِ العيدِ بيومٍ أو يومين ، لِفعلِ ابنِ عمرَ ذلك . ( أو خلال أيام رمضان كلها) .
2- وقتُ أداءٍ فاضلٍ ، وهو من طلوعِ فجرِ يومِ العيدِ إلى قُبيلِ الصَّلاةِ . لأمرهِ صلى الله عليه وسلم بزكاةِ الفطرِ أن تُؤدَّى قبلَ خروجِ الناسِ إلى صلاةِ العيدِ ، لقولِ ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما : " فَرَضَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، زكاةَ الفِطْر طَهْرَةً للصائمِ من اللَّغوِ والرَّفثِ ، وطُعْمةً للمساكينَ، من أدَّاها قبلَ الصلاةِ فهيَ زكاةُ مُتقبَّلةٌ ومن أدَّاها بعْدَ الصلاةِ فهي صدقَةٌ مِنْ الصَّدقاتِ " .
3- وهناكَ وقتُ قضاءٍ وهو مِنْ بعدِ صلاةِ العيدِ فصاعداً ، فإنها تُؤدّى فيه ولكن مع الكراهة.
[ وأجاز كثير من العلماء إخراجها من أول رمضان، وخلال أيامه، خاصة إذا كانت نقوداً؛ ليتمكّن من شراء ما يحتاجه].
الفائدة الرابعة عشْرة : فيما يُستحَبُّ من الصيام في غير رمضان
يستحب صيام الأيام التالية ، وكلها ورد فيها أحاديث صحيحة :
1- يوم عرفة ، لغير الحاج ، وهو التاسع من ذي الحجة .
2- يوم عاشوراء ، ومعه يوم قبله أو بعده . وهو العاشر من المُحرّم .
3- ستة أيام من شوال ، لقوله صلى الله عليه سلم :" من صام رمضان وأتبعه سِتاً من شوال كان كصيام الدهر " .
4- الأيام التسعة الأولى من شهر ذي الحجة .
5- الأيام البيض ، وهي الثالث عشر ، والرابع عشر ، والخامس عشر ، من كل شهر قمري .
6- يوم الإثنين ويوم الخميس ، من كل أسبوع . وهو أكثر صيام النبي صلى الله عليه وسلم .
7- صيامُ يومٍ وإفطارُ يومٍ ، في غير رمضان . وهو صيام داود عليه السلام .
8- الإكثار من الصيام ، للأعزب الذي لا يستطيع الزواج .
الفائدة الخامسةَ عشْرةَ : فيما يُكرهُ ويَحْرمُ من الصوم
* يُكره صيامُ الأيامِ الآتية ، كراهةً خفيفةً ، أيْ كراهةَ تنزيهٍ .
1- صيام يوم عرفة لمن كان واقفا بها. 2- صيام يوم الجمعة منفرداً .
3- صيام يوم السبت منفرداً . 4- صوم النصف الثاني من شهر شعبان .
* ويُكرهُ صيامُ الأيامِ الآتية ، كراهةً مغلظةً ، أيْ كراهةً تحريميةً .
1- الوِصالُ ، وهو مواصلة الصوم ، يومين فأكثر بِلا إفطار .
2- صومُ يوم الشَّك ، وهو يوم الثلاثين من شعبان ، إذا غُمَّ علينا .
3- صومُ الدهر ، وهو صوم السنة كُلِّها بلا فِطرٍ فيها …
* ويَحْرُمُ صيامُ الأيام الآتية ، تحريماً قطعياً ، و هي :
1- يومُ عيد الفِطر و يوم عيد الأضحى . 2- أيامُ التشريق الثلاثة ، وهي التي تلي يوم عيد الأضحى .
3- صومُ المريض الذي يخشى على نفسه الهلاك .
الفائدة السادسةَ عشْرةَ : في خصوصية ليلة القدر
إنَّ لله تعالى خواصَّ ، في الأزْمِنَةِ والأمكِنةِ والأشخاصِ .
ومن خواصِّه في الأزمنةِ ، تفضيلُ شهر رمضان على غيره من الشهورِ ، وذلك بمضاعفةِ الأجرِ فيه . وزادَهُ خصوصيةً ، بأن جعل فيهِ ليلةً ، هي خيرٌ منْ ألفِ شهرٍ ليسَ فيها ليلةُ القَدْرِ ، من حيثُ الكرمُ الإلهيُّ والعطاءُ الرَّبانيَّ ، وإسباغُ الرحمةِ وبسطُ المغْفِرةِ .
فلمَّا قدَّر الله سبحانه وتعالى أعمارَ المسلمينَ ، وهي قصيرةٌ بالنسبةِ لأعمارِ أتباعِ الأنبياءِ من الأمم السابقةِ ، فقدِ اختصرَ سبحانه لنا الزَّمن ، لمن أراد منَّا السَّبق في الخيرِ فجعل ليلةً واحدةً أفضلَ من ألفِ شهرِ ، أي بِضْعٌ وثمانونَ سنة ، فلو صادَفَتْكَ مرةً في عمرِك ، فكأنما ازدادَ عُمُرك بِضعاً وثمانين سنة ، من الخيرً . [ فتأمل –أخي المسلم- رحمةَ اللهِ تعالى وكَرَمَهُ ].
الفائدة السابعةَ عشْرةَ : في تحرِّي ليلةِ القدر ، وفضلها ، وماذا نقول فيها
عن عائشةَ -رضيَ اللهُ عنها- قالتْ : كانَ رسولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) يُجاوِرُ في العشرِ الأواخرِ من رمضانَ ويقولُ: " تحرُّوا ليلةَ القدرِ في العشرِ الأواخرِ من رمضانَ " .
وعنها رضيَ اللهُ عنها أن رسول اللهِ (صلى الله عليه وسلم) قالَ : " تحرُّوا ليلة القدرِ في الوِترِ من العشرِ الأواخرِ من رمضان " [ رواه البخاري ] .
وعن عائشةَ أيضاً قالت : " كان رسول اللهِ (صلى الله عليه وسلم) يجتهدُ في رمضانَ ما لا يجتهدُ في غيره ، وفي العشرِ الأواخرِ منه ما لا يجتهدُ في غيرها " [ رواه مسلم ] .
وعنها رضي اللهُ عنها قالت : قلتُ يا رسولَ اللهِ أرأيتَ إنْ علمتُ أيُّ ليلةٍ ليلةُ القدرِ ما أقولُ فيها ؟ قالَ : " قولي : اللهمَّ إنكَ عفوٌّ تحبُّ العفْوَ فاعفُ عنِّي " [ رواه الترميذي ] .
وعن أبي هريرة رضي الله عنهما عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : " من قامَ ليلةَ القدْرِ إيماناً واحْتساباً غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنْبِهِ " . [ متفق عليه ] .[ جعلنا الله وإياكم من أهلِ ليلةِ القدر ].