نسبه وشهرته:
هو حمزة بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
وأمه هالة بنت وهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي...ألخ النسب. وهي ابنة عم آمنة بنت وهب والدةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو شقيق صفية بنت عبد المطلب أم الزبير بن العوام .
ويكنى أبا يعلى وابا عمارة بولديه يعلى وعمارة، وكان يقال له أسد الله، وأسد رسوله ، وسيد الشهداء لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " سيد الشهداء يوم القيامة حمزة بن عبد المطلب ورجل قام إلى إمام جائر فنهاه وأمره فقتله" .


وولادته ونشأته:
ولد قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنتين على الأصح وقيل بأربع سنين، وأرضعته ثويبة مولاة ابي لهب التي أرضعت النبي عليه الصلاة والسلام بعد ولادته، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وحمزة بن عبد المطلب أخوين بالرضاعة .
ونشأ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وربطتهما صداقة أسهم في توثيق عراها تقارب سنيهما. وكانت نشأته على غرار ما درج عليه فتيان قريش في الشجاعة والبطولة والنجدة وكرم الأخلاق. وعندما كان في العشرين من عمره أو أكثر قليلاً شارك في حرب الفجار التي اندلعت في السنة العشرين بعد عام الفيل بين قريش وحلفائها من جهة وقيس وحلفائها من جهة أخرى، وانتصرت فيها قريش. ومثلت مشاركته فيها تدريباً عملياً له على استعمال السلاح وتحمل مشقة الحرب وأعباء القتال .
إسلامه:
في السنة الثانية بعد البعثة النبوية أسلم حمزة. وكان سبب إسلامه أن أبا جهل اعترض رسول الله صلى الله عليه وسلم فآذاه وشتمه ونال منه ما يكره فلم يجبه النبي عليه الصلاة والسلام وانصرف أبو جهل إلى ناد لقريش عند الكعبة. وبينما كان حمزة راجعاً من الصيد استوقفته مولاةٌ لعبد الله بن جدعان التيمي شهدت ما جرى فأنبأته به فثار غضبه ويمم من فوره مجالس قريش بحثاً عن أبي جهل حتى إذا رآه أقبل عليه وضربه بقوسه فشجّه، وتحدى مناصري أبي جهل في المجلس وأعلن لهم أنه على دين محمد صلى الله عليه وسلم فقال أبو جهل: دعوا أبا عمارة، فإني والله لقد سببت ابن أخيه سبًا قبيحًا .
وأدركت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عز وامتنع بإسلام حمزة فكفوا عن بعض ما كانوا يتناولون منه . وبعد أن أسلم عمر خرج المسلمون في صفين حمزة في أحدهما وعمر في الآخر حتى دخلوا المسجد فنظرت قريش إليهم واصابتهم كآبة لم يصبهم مثلها .
هجرته:
وبدأ المسلمون بالهجرة إلى المدينة المنورة إثْر اشتداد أذى المشركين لهم ولكن حمزة بقي في مكة إلى وقت قريب من هجرة النبي عليه الصلاة والسلام. وبعد هجرته آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين زيد بن حارثة الذي جعل حمزة إليه وصيته وهو خارج إلى أحد إن قُتل في ذلك اليوم .
جهاده:
عقد له رسول الله صلى الله عليه وسلم راية وأرسله على رأس ثلاثين رجلاً لاعتراض عيرٍ لقريش كانت قادمة من الشام، وقيل إنها كانت أول راية عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحَدٍ من المسلمين، فسار حتى وصل سيف البحر من ناحية العيص والتقى بأبي جهل يقود القافلة في ثلاثمائة راكب وكاد الفريقان يقتتلان لولا أن حجز بينهما مجدي بن عمرو الجهني وكان حليفاً للطرفين فافترقوا دون قتال .
يوم بدر:
وشهد حمزة بدراً وأبلى فيها بلاء عظيما وكان يقول إنه اسد الله وأسد رسوله صلى الله عليه وسلم . وصرَع في هذه المعركة شيبة بن ربيعة وطعيمة بن عدي بن نوفل وشارك علياً رضي الله عنهما في قتل عتبة بن ربيعة، وغيرهم.

استشهاده:
وشارك في معركة أحد مشاركة باسلة وقاتل فيها بسيفين وقتل حملةَ لواء قريش وقضى على واحد وثلاثين نفساً من الكفار قبل ان يُستشهد يوم السبت في النصف من شوال سنة ثلاث للهجرة وهو مشرف على الثامنة والخمسين من عمره.
قصة مقتله:
والذي قتله هو وحشي بن حرب،وكان غلاماً حبشياً لجبير بن مطعم وكان يمتاز بدقة الرمي يقذف بحربة له قذف الحبشة قلّما يخطئ بها. ، ولم ينازل حمزة في ساحة المعركة أو يواجهه بل ترصد له وكمن حتى إذا اقترب حمزة من مكمنه وصار في مرماه صوّب رمحه إليه من خلفه فأرداه.
وذكر ابن هشام أن هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان كانت تحضه على قتله وتغريه به وتقول له : " ويْهَا أبا دسْمَةَ اشْفِ واسْتشفِ، وكان وحشي يكنى بأبي دسمة" . وقيل أيضاً إنها أقسمت ألا تبكي أحداً من قتلاها في بدر، وهم أبوها وعمها وأخوها وابنها الذين كان لحمزة اليد الطولى في قتلهم، إلى أن تأخذ بثأرهم منه. فمنّت وحشياً الذي اشتهر بحسن الرماية وتسديد الاصابة بكل ما يتمنى من ملذات الحياة وما تملك من مال وحلي إن هو شفى لها هذا الغليل .
وخرج وحشي إلى أحد وصار يترصد حمزة فلم يكن له شغل بسواه حتى إذا انتهز منه فرصة طعنه بحربته فقتله .
وقامت فئة من نساء قريش بالتمثيل بقتلى المسلمين يُجدّعن الآذان والأنوف، واتخذت هند من آذان الرجال وأنوفهم خلاخل وقلائد وأعطت خلاخلها وقلائدها الحقيقية لوحشي موفية بوعدها له، وبقرت عن كبد حمزة فلاكتها فلم تستطع أن تستسيغها فلفظتها .
إن هذه الصورة هي الشائعة عن دور هند في قتل حمزة وما فعلته به بعد استشهاده. بيد أن ما رواه وحشي نفسه عن الحادثة، وأوردت بعض كتب الحديث روايته عنها، لا يأتي على ذكر هند أو على دورٍ لها على الاطلاق وإنما يصرح بأن جبيراً هو الذي أغراه بقتل حمزة ومنّاه.
أخبر وحشي عبيد الله بن عَدي بن نوفل بن عبد مناف وجعفر بن عمرو بن أمية الضمري أنه سيروي لهما الواقعة كما حدّث بها رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: " إن حمزة قتل طعيمة بن عدي بن الخيار ببدر فقال لي مولاي جبير بن مطعم: إن قتلتَ حمزة بعمي فأنت حر. قال فلما أن خرج الناس ...خرجتُ مع الناس إلى القتال...وكمنتُ لحمزة تحت صخرة، فلما دنا مني رميته بحربتي فأضعها في ثُنّتِه حتى خرجت من بين وركيه. قال: فكان ذلك العهد به، فلما رجع الناس رجعتُ معهم فأقمتُ بمكة حتى فشا فيها الاسلام فخرجت إلى الطائف..." .

وعندما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما فعل المشركون بعمه حزن حزناً شديداً وقال: " لولا أن تحزن صفية ويكون سنة من بعدي لتركته حتى يكون في بطون السباع وحواصل الطير. ولئن أظهرني الله على قريش في موطن من المواطن لأمثلنّ بثلاثين رجلاً منهم، فلما رأى المسلمون حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيظه على من فعل بعمه ما فعل قالوا: والله لئن أظفرنا الله بهم يوماً من الدهر لنمثلنّ بهم مثلة لم يمثلها أحدٌ من العرب" .
فنزل قوله تعالى:" وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرِينَ " ، فعفا رسول الله صلى الله عليه وسلم وصبر ونهى عن المثلة .
وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على شهداء أحد فصلى على حمزة وكبر عليه سبع تكبيرات، ثم أُتيَ بالقتلى فكانوا يوضعون إلى جانب حمزة فصلى عليهم وعليه معهم حتى صلى عليه اثنتين وسبعين صلاة .
وحزنت عليه شقيقته صفية لما فُعل به، ولكنها استرجعت وصبرت ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم به فدُفن .
وسمع النبي صلى الله عليه وسلم نساء الأنصار يبكين قتلاهن فقال: " لكن حمزة لا بواكي له"، فجاءت نساء الأنصار إليه يبكين على حمزة عنده فاستيقظ وهن يبكين فقال: "يا ويحهن أنتنّ ههنا تبكين حتى الآن؟ مروهنّ فليرجعن ولا يبكين على هالكٍ بعد اليوم" .
إسلام وحشي:

وأما وحشي فقد أسلم بعد فتح مكة وغيّب وجهه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم امتثالاً لأمره: " غيّب عني وجهك فلا أراك" . وشارك في حرب المرتدين باليمامة وكان يبحث عن مسيلمة ليقتله ويكافئ به حمزة، فتمكن منه وقتله بوضع حربته بين ثدييه حتى خرجت من بين كتفيه . ثم إنه من بعدُ استوطن حمص وبقي فيها إلى مماته.
وقيل إن وحشياً لم يزل يُحَدّ في الخمر حتى خُلع من الديوان، فكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: " قد علمتُ أن الله تعالى لم يكن ليدع قاتل حمزة" .

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية