لقد وضعت الشريعة الإسلامية بعض القواعد العامة والهامة لصحة الفرد ، تلك القواعد من شأنها القضاء على الأمراض بإزالة أسبابها ، كما أرشدت السنة أبناء الأمة إلى طرق الوقاية من الأمراض عن طريق الالتزام بتعاليم شريعتهم وسنة نبيهم المصطفى صلى الله عليه وسلم عند أكلهم ، وشربهم ، ونومهم ، وقيامهم ، في كل شيء حال حياتهم ، وعند مماتهم ، وحتى بعد موتهم .
ومن القواعد العامة والهامة التي وضعتها الشريعة للوقاية من الأمراض والقضاء عليها ما يلي :
1) الأمر بالمحافظة على الصحة
حيث أكدت الشريعة الإسلامية على أن الوقاية دائماً هي خير من العلاج ، فالإنسان الذي يحافظ على صحته يكون أقل الناس عرضة للمرض ، ومن ثم فقد أمرت الأحاديث النبوية الشريفة بالتزام أمور ، وحذرت من أخرى ، ونبهت إلى ثالثة ، وذلك كالآتي :
- سؤال الإنسان عن صحته :
وعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (لا تَزُولُ قَدَمُ ابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ : عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ أَبْلاهُ ، وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ ، وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ) .
- الوقاية خير من العلاج :
فقد روي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لا يُورَدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ) .
وعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ : (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : نَهَى أَنْ يُقَدَّ السَّيْرُ بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ) .
وعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ : (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ الطَّاعُونَ فَقَالَ : بَقِيَّةُ رِجْزٍ أَوْ عَذَابٍ أُرْسِلَ عَلَى طَائِفَةٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ، فَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلا تَخْرُجُوا مِنْهَا ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَلَسْتُمْ بِهَا فَلا تَهْبِطُوا عَلَيْهَا) .
وعَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ حُسَيْنٍ ، عَنْ حُسَيْنٍ عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (لا تُدِيمُوا النَّظَرَ إِلَى الْمُجَذَّمِينَ ، وَإِذَا كَلَّمْتُمُوهُمْ فَلْيَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ قِيدُ رُمْحٍ) .
- تنظيم الطعام ، والمحافظة على المعدة :
فقد روي عَنْ مِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (مَا مَلأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ ، بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ ، فَإِنْ كَانَ لا مَحَالَةَ : فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ ، وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ ، وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ) .
- النهي عن الأكل والشرب قائماً :
روي عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسٍ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (أَنَّهُ نَهَى أَنْ يَشْرَبَ الرَّجُلُ قَائِمًا ، قَالَ قَتَادَةُ : فَقُلْنَا : فَالأَكْلُ ؟ فَقَالَ : ذَاكَ أَشَرُّ أَوْ أَخْبَثُ) .
- اختيار موضع الخلاء :
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ : (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ الْبَرَازَ انْطَلَقَ حَتَّى لا يَرَاهُ أَحَدٌ) .
عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ : (إِنِّي كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ فَأَرَادَ أَنْ يَبُولَ فَأَتَى دَمِثًا فِي أَصْلِ جِدَارٍ فَبَالَ ، ثُمَّ قَالَ : صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَبُولَ فَلْيَرْتَدْ لِبَوْلِهِ مَوْضِعًا) .
- النهي عن البول في المسجد :
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ : (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى أَعْرَابِيًّا يَبُولُ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ : دَعُوهُ حَتَّى إِذَا فَرَغَ دَعَا بِمَاءٍ فَصَبَّهُ عَلَيْهِ) .
- النهي عن البصاق في المسجد :
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ : (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ فَحَكَّهَا بِحَصَاةٍ ، ثُمَّ نَهَى أَنْ يَبْزُقَ الرَّجُلُ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ أَمَامَهُ ، وَلَكِنْ يَبْزُقُ عَنْ يَسَارِهِ ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى) .
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (الْبُزَاقُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ ، وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا) .
- النهي عن البول في الجحور :
عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ : (أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي جُحْرٍ ، قَالُوا لِقَتَادَةَ : وَمَا يُكْرَهُ مِنْ الْبَوْلِ فِي الْجُحْرِ ؟ قَالَ : يُقَالُ إِنَّهَا مَسَاكِنُ الْجِنِّ ) .
- النهي عن النوم على قارعة الطريق :
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (إِيَّاكُمْ وَالتَّعْرِيسَ عَلَى جَوَادِّ الطَّرِيقِ ، وَالصَّلاةَ عَلَيْهَا ، فَإِنَّهَا مَأْوَى الْحَيَّاتِ وَالسِّبَاعِ ، وَقَضَاءَ الْحَاجَةِ عَلَيْهَا فَإِنَّهَا مِنْ الْمَلاعِنِ) .
2) الأمر باتباع العادات الصحية
حيث أرشدت الشريعة الإسلامية أبنائها إلى العادات الصحية التي في اتباعها اجتناب الأمراض والبعد عنها بقدر كبير ، ومن الأحاديث التي جاءت في ذلك ما يلي :
- المحافظة على العشاء :
فقد روي عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لا تَدَعُوا الْعَشَاءَ وَلَوْ بِكَفٍّ مِنْ تَمْرٍ ، فَإِنَّ تَرْكَهُ يُهْرِمُ) .
- غسل اليدين بعد العشاء :
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَنْ بَاتَ وَفِي يَدِهِ رِيحُ غَمَرٍ فَأَصَابَهُ شَيْءٌ فَلا يَلُومَنَّ إِلا نَفْسَهُ) .
- تغطية الأواني :
فقد روي عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (غَطُّوا الإِنَاءَ ، وَأَوْكِئُوا السِّقَاءَ ، فَإِنَّ فِي السَّنَةِ لَيْلَةً يَنْزِلُ فِيهَا وَبَاءٌ لا يَمُرُّ بِإِنَاءٍ لَمْ يُغَطَّ ، وَلا سِقَاءٍ لَمْ يُوكَ ، إِلا وَقَعَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ الْوَبَاءِ) .
- للمريض طعام مخصوص :
فقد روي عَنْ أُمِّ الْمُنْذِرِ بِنْتِ قَيْسٍ الأَنْصَارِيَّةِ قَالَتْ : (دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ عَلِيٌّ ، وَعَلِيٌّ نَاقِهٌ مِنْ مَرَضٍ ، وَلَنَا دَوَالٍ مُعَلَّقَةٌ ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ مِنْهَا ، وَقَامَ عَلِيٌّ يَأْكُلُ مِنْهَا فَطَفِقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِعَلِيٍّ : مَهْ إِنَّكَ نَاقِهٌ حَتَّى كَفَّ ، قَالَتْ : وَصَنَعْتُ شَعِيرًا وَسِلْقًا فَجِئْتُ بِهِ قَالَتْ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ : مِنْ هَذَا أَصِبْ فَهُوَ أَنْفَعُ لَكَ) .
وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قِيلَ لَهُ إِنَّ فُلانًا وَجِعٌ لا يَطْعَمُ الطَّعَامَ ، قَالَ : عَلَيْكُمْ بِالتَّلْبِينَةِ فَحَسُّوهُ إِيَّاهَا ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَغْسِلُ بَطْنَ أَحَدِكُمْ كَمَا يَغْسِلُ أَحَدُكُمْ وَجْهَهُ بِالْمَاءِ مِنْ الْوَسَخِ) .
- دفع التثاؤب :
فقد روي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (التَّثَاؤُبُ مِنْ الشَّيْطَانِ ، فَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَالَ : هَا ، ضَحِكَ الشَّيْطَانُ) .
- سقوط الذباب في الشراب :
فقد روي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (إِذَا سَقَطَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ ثُمَّ لِيَنْزِعْهُ ، فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ دَاءً ، وَفِي الآخَرِ شِفَاءً) .
- عند النوم :
فقد روي عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وَضُوءَكَ لِلصَّلاةِ ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَنِ وَقُلْ : اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ ، رَهْبَةً وَرَغْبَةً إِلَيْكَ ، لا مَلْجَأَ وَلا مَنْجَا مِنْكَ إِلا إِلَيْكَ ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ ، فَإِنْ مُتَّ مُتَّ عَلَى الْفِطْرَةِ فَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَقُولُ) .
وعَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : (كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ مِنْ اللَّيْلِ وَضَعَ يَدَهُ تَحْتَ خَدِّهِ ثُمَّ يَقُولُ : اللَّهُمَّ بِاسْمِكَ أَمُوتُ وَأَحْيَا ، وَإِذَا اسْتَيْقَظَ قَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ فِرَاشَهُ فَلْيَنْفُضْهُ بِصَنِفَةِ ثَوْبِهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ وَلْيَقُلْ : بِاسْمِكَ رَبِّ وَضَعْتُ جَنْبِي ، وَبِكَ أَرْفَعُهُ ، إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَاغْفِرْ لَهَا ، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ) .
- الاستتار من البول :
فقد روي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ أَوْ مَكَّةَ فَسَمِعَ صَوْتَ إِنْسَانَيْنِ يُعَذَّبَانِ فِي قُبُورِهِمَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يُعَذَّبَانِ ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ ، ثُمَّ قَالَ : بَلَى ، كَانَ أَحَدُهُمَا لا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ ، وَكَانَ الآخَرُ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ ، ثُمَّ دَعَا بِجَرِيدَةٍ فَكَسَرَهَا كِسْرَتَيْنِ فَوَضَعَ عَلَى كُلِّ قَبْرٍ مِنْهُمَا كِسْرَةً ، فَقِيلَ لَهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ فَعَلْتَ هَذَا ؟ قَالَ : لَعَلَّهُ أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُمَا مَا لَمْ تَيْبَسَا ، أَوْ إِلَى أَنْ يَيْبَسَا) .
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ : (أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ خَلْفَهُ فَأَسَرَّ إِلَيَّ حَدِيثًا لا أُحَدِّثُ بِهِ أَحَدًا مِنْ النَّاسِ ، وَكَانَ أَحَبَّ مَا اسْتَتَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَاجَتِهِ هَدَفٌ أَوْ حَائِشُ نَخْلٍ) .
- وضع الماء عند الخلاء والتطهر بعد البول :
روي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ : (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الْخَلاءَ فَوَضَعْتُ لَهُ وَضُوءًا ، قَالَ : مَنْ وَضَعَ هَذَا ؟ فَأُخْبِرَ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ) .
وعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ : (أَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُبَاطَةَ قَوْمٍ فَبَالَ قَائِمًا ، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَجِئْتُهُ بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ) .
وروي عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ : (مُرْنَ أَزْوَاجَكُنَّ أَنْ يَغْسِلُوا عَنْهُمْ أَثَرَ الْخَلاءِ وَالْبَوْلِ ، فَإِنَّا نَسْتَحْيِي أَنْ نَنْهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُهُ) .
3) الأمر بتجنب مسببات المرض
فقد أمرت الشريعة الإسلامية أبنائها بالمحافظة على صحتهم ، وحذرتهم من سلوك أي طريق يؤدي إلى الإصابة بالمرض ، فقد روي عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : (كَانَ فِي وَفْدِ ثَقِيفٍ رَجُلٌ مَجْذُومٌ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّا قَدْ بَايَعْنَاكَ فَارْجِعْ) .
وعَنْ فَرْوَةَ بْنَ مُسَيْكٍ قَالَ : (قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرْضٌ عِنْدَنَا يُقَالُ لَهَا أَرْضُ أَبْيَنَ ، هِيَ أَرْضُ رِيفِنَا وَمِيرَتِنَا وَإِنَّهَا وَبِئَةٌ ، أَوْ قَالَ : وَبَاؤُهَا شَدِيدٌ ، فَقَالَ النَّبِيُّ : دَعْهَا عَنْكَ ، فَإِنَّ مِنْ الْقَرَفِ التَّلَفَ) .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (فِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنْ الأَسَدِ) .
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ : (أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ حَتَّى إِذَا كَانَ بِسَرْغَ لَقِيَهُ أَهْلُ الأَجْنَادِ ، أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَأَصْحَابُهُ فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ الْوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِالشَّامِ ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فَقَالَ عُمَرُ : ادْعُ لِي الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ ، فَدَعَوْتُهُمْ فَاسْتَشَارَهُمْ وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ الْوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِالشَّامِ ، فَاخْتَلَفُوا فَقَالَ بَعْضُهُمْ : قَدْ خَرَجْتَ لأَمْرٍ وَلا نَرَى أَنْ تَرْجِعَ عَنْهُ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : مَعَكَ بَقِيَّةُ النَّاسِ وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلا نَرَى أَنْ تُقْدِمَهُمْ عَلَى هَذَا الْوَبَاءِ ، فَقَالَ : ارْتَفِعُوا عَنِّي ثُمَّ قَالَ : ادْعُ لِي الأَنْصَارِ ، فَدَعَوْتُهُمْ لَهُ ، فَاسْتَشَارَهُمْ فَسَلَكُوا سَبِيلَ الْمُهَاجِرِينَ وَاخْتَلَفُوا كَاخْتِلافِهِمْ ، فَقَالَ : ارْتَفِعُوا عَنِّي ، ثُمَّ قَالَ : ادْعُ لِي مَنْ كَانَ هَاهُنَا مِنْ مَشْيَخَةِ قُرَيْشٍ مِنْ مُهَاجِرَةِ الْفَتْحِ ، فَدَعَوْتُهُمْ فَلَمْ يَخْتَلِفْ عَلَيْهِ رَجُلانِ فَقَالُوا : نَرَى أَنْ تَرْجِعَ بِالنَّاسِ وَلا تُقْدِمَهُمْ عَلَى هَذَا الْوَبَاءِ ، فَنَادَى عُمَرُ فِي النَّاسِ إِنِّي مُصْبِحٌ عَلَى ظَهْرٍ فَأَصْبِحُوا عَلَيْهِ ، فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ أَفِرَارًا مِنْ قَدَرِ اللَّهِ ؟ فَقَالَ عُمَرُ : لَوْ غَيْرُكَ قَالَهَا يَا أَبَا عُبَيْدَةَ ، وَكَانَ عُمَرُ يَكْرَهُ خِلافَهُ ، نَعَمْ نَفِرُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ إِلَى قَدَرِ اللَّهِ ، أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَتْ لَكَ إِبِلٌ فَهَبَطَتْ وَادِيًا لَهُ عُدْوَتَانِ إِحْدَاهُمَا خَصْبَةٌ وَالأُخْرَى جَدْبَةٌ أَلَيْسَ إِنْ رَعَيْتَ الْخَصْبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ اللَّهِ وَإِنْ رَعَيْتَ الْجَدْبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ اللَّهِ ، قَالَ : فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَكَانَ مُتَغَيِّبًا فِي بَعْضِ حَاجَتِهِ فَقَالَ : إِنَّ عِنْدِي مِنْ هَذَا عِلْمًا ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : "إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ" ، قَالَ : فَحَمِدَ اللَّهَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ثُمَّ انْصَرَفَ) .
وعَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ : (أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ مَرَّ بِامْرَأَةٍ مَجْذُومَةٍ وَهِيَ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ فَقَالَ لَهَا : يَا أَمَةَ اللَّهِ لا تُؤْذِي النَّاسَ ، لَوْ جَلَسْتِ فِي بَيْتِكِ . فَجَلَسَتْ ، فَمَرَّ بِهَا رَجُلٌ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ لَهَا : إِنَّ الَّذِي كَانَ قَدْ نَهَاكِ قَدْ مَاتَ فَاخْرُجِي ، فَقَالَتْ : مَا كُنْتُ لأُطِيعَهُ حَيًّا وَأَعْصِيَهُ مَيِّتًا) .
وعَنْ أَنَسٍ : (أَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا إِذَا حَاضَتْ الْمَرْأَةُ فِيهِمْ لَمْ يُؤَاكِلُوهَا ، وَلَمْ يُجَامِعُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ ، فَسَأَلَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : "وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ" إِلَى آخِرِ الآيَةِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إِلا النِّكَاحَ) .
وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : (تَنْتَظِرُ النُّفَسَاءُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ نَحْوَهَا) .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا) .
4) الأمر بالتداوي
فقد أكدت الشريعة الإسلامية على مبدأ هام وهو أن لكل داء دواء ، ومن ثم فقد أمرت بالتداوي ، والبحث عن الدواء وطلبه ، ومداواة المرضى ، ويقول الإمام ابن القيم عن التداوي :
(وقد اتفق الأطباء على أنه متى أمكن التداوي بالغذاء لا يُعْدَل عنه إلى الدواء ، ومتى أمكن بالبسيط لا يعدل عنه إلى المركب ، قالوا : وكل داء قدر على دفعه بالأغذية والحمية ، لم يحاول دفعه بالأدوية .
قالوا : ولا ينبغي للطبيب أن يولع بسقي الأدوية ، فإن الدواء إذا لم يجد في البدن داء يُحلِّله ، أو وجد داء لا يوافقه ، أو وجد ما يوافقه فزادت كميته عليه ، أو كيفيته ، تشبث بالصحة ، وعبث بها ، وأرباب التجارب من الأطباء طبهم بالمفردات غالباً .
والتحقيق في ذلك أن الأدوية من جنس الأغذية ، فالأمة والطائفة التي غالب أغذيتها المفردات ، أمراضها قليلة جداً ، وطبها بالمفردات ، وأهل المدن الذين غلبت عليهم الأغذية المركبة يحتاجون إلى الأدوية المركبة ، وسبب ذلك أن أمراضهم في الغالب مركبة ، فالأدوية المركبة أنفع لها ، وأمراض أهل البوادي والصحارى مفردة ، فيكفى في مداواتها الأدوية المفردة) .
وقد جاءت الأحاديث تأمر بالتداوي :
فقد روي عَنْ جَابِرٍ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : (لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ ، فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرَأَ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ) .
وعَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ : قَالَتْ الأَعْرَابُ : (يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَلا نَتَدَاوَى ؟ قَالَ : نَعَمْ ، يَا عِبَادَ اللَّهِ تَدَاوَوْا ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلا وَضَعَ لَهُ شِفَاءً ، أَوْ قَالَ : دَوَاءً ، إِلا دَاءً وَاحِدًا ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُوَ ؟ قَالَ : الْهَرَمُ) .
وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (إِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ ، وَجَعَلَ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً فَتَدَاوَوْا ، وَلا تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ) .
وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : (الشِّفَاءُ فِي ثَلاثٍ : شَرْبَةِ عَسَلٍ ، وَشَرْطَةِ مِحْجَمٍ ، وَكَيَّةٍ بِنَارٍ ، وَأَنْهَى أُمَّتِي عَنْ الْكَيِّ) .
وروي عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ : (دَخَلْتُ أَنَا وَثَابِتٌ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَقَالَ ثَابِتٌ : يَا أَبَا حَمْزَةَ اشْتَكَيْتُ ، فَقَالَ أَنَسٌ : أَلا أَرْقِيكَ بِرُقْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : بَلَى ، قَالَ : اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ مُذْهِبَ الْبَاسِ اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي لا شَافِيَ إِلا أَنْتَ شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا) .
وعَنْ جَابِرٍ قَالَ : (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الرُّقَى ، فَجَاءَ آلُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّهُ كَانَتْ عِنْدَنَا رُقْيَةٌ نَرْقِي بِهَا مِنْ الْعَقْرَبِ وَإِنَّكَ نَهَيْتَ عَنْ الرُّقَى ، قَالَ : فَعَرَضُوهَا عَلَيْهِ ، فَقَالَ : مَا أَرَى بَأْسًا مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَنْفَعْهُ) .
5) الأمر بالنظافة
قال تعالى :
(فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) .
(إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) .
حيث أمرت الشريعة الإسلامية بالنظافة والزينة وحسن المظهر ، فالنظافة هي عنوان الصحة ، ورمز المدنية والحضارة ، ودليل الإيمان ، ومن ثم أمرت الشريعة بنظافة البدن ، والثياب ، والمكان ، وكل ما يستعمله الإنسان ، فقد روي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ ، قَالَ رَجُلٌ : إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا ، وَنَعْلُهُ حَسَنَةً ، قَالَ : إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ ، الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ ، وَغَمْطُ النَّاسِ) .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ ؟ قَالُوا : لا يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ ، قَالَ : فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ يَمْحُو اللَّهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا) .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (الْفِطْرَةُ خَمْسٌ : الْخِتَانُ ، وَالاسْتِحْدَادُ ، وَنَتْفُ الإِبْطِ ، وَقَصُّ الشَّارِبِ ، وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ) .
وعَنْ خَالِدُ بْنُ إِلْيَاسَ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي حَسَّانَ قَال : سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ : (إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ يُحِبُّ الطَّيِّبَ ، نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظَافَةَ ، كَرِيمٌ يُحِبُّ الْكَرَمَ ، جَوَادٌ يُحِبُّ الْجُودَ ، فَنَظِّفُوا أُرَاهُ قَالَ أَفْنِيَتَكُمْ ، وَلا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ) .
وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : (أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَى رَجُلا شَعِثًا قَدْ تَفَرَّقَ شَعْرُهُ ، فَقَالَ : أَمَا كَانَ يَجِدُ هَذَا مَا يُسَكِّنُ بِهِ شَعْرَهُ ! ، وَرَأَى رَجُلا آخَرَ وَعَلْيِهِ ثِيَابٌ وَسِخَةٌ ، فَقَالَ : أَمَا كَانَ هَذَا يَجِدُ مَاءً يَغْسِلُ بِهِ ثَوْبَهُ !) .
وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : (كَانَ النَّاسُ عُمَّالَ أَنْفُسِهِمْ فَكَانُوا يَرُوحُونَ كَهَيْئَتِهِمْ ، فَقِيلَ لَهُمْ : لَوْ اغْتَسَلْتُمْ) .
وعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : (أَنَّهُ كَانَ لا يَرُدُّ الطِّيبَ ، وَزَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لا يَرُدُّ الطِّيبَ) .
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ ، وَسِوَاكٌ ، وَيَمَسُّ مِنْ الطِّيبِ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ) .
وعَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلأُ الْمِيزَانَ ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلآَنِ أَوْ تَمْلأُ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ، وَالصَّلاةُ نُورٌ ، وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ ، وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ ، وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ ، كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَايِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا ، أَوْ مُوبِقُهَا) .
وعَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ : (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنْ الْجَنَابَةِ بَدَأَ بِغَسْلِ يَدَيْهِ ، ثُمَّ تَوَضَّأَ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلاةِ ، ثُمَّ يُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي الْمَاءِ فَيُخَلِّلُ بِهَا أُصُولَ شَعَرِهِ ، ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاثَ غَرَفَاتٍ بِيَدَيْهِ ، ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى جِلْدِهِ كُلِّهِ) .
وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلا أَطْهُرُ أَفَأَدَعُ الصَّلاةَ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لا ، إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِحَيْضٍ ، فَإِذَا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ فَدَعِي الصَّلاةَ ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ ثُمَّ صَلِّي) .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (لَوْلا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ) .
6) الأمر بالمحافظة على البيئة
إن الاهتمام بالبيئة والمحافظة عليها نظيفة هو مظهر أكيد للصحة العامة ، كما أنه مظهر من مظاهر الرقي والمدنية ، وقد حثت الشريعة المسلمين على الاهتمام بالبيئة والمحافظة عليها بالتشجير ، والنظافة ، وعدم تلويث الماء والهواء بأي ملوثات ، بل وشددت الأحاديث في النهي عن كل فعل من شأنه أن يؤدي إلى تلوث البيئة ، وإليكم بعض الأحاديث التي تحث على المحافظة على البيئة :
- غرس الأشجار :
فقد روي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (مَا مِنْ مُسْلِمٍ غَرَسَ غَرْسًا فَأَكَلَ مِنْهُ إِنْسَانٌ أَوْ دَابَّةٌ إِلا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ) .
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (إِنْ قَامَتْ السَّاعَةُ وَبِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَفْعَلْ) .
- إماطة الأذى :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ ، أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً ، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الإِيمَانِ) .
وعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (عُرِضَتْ عَلَيَّ أَعْمَالُ أُمَّتِي حَسَنُهَا وَسَيِّئُهَا ، فَوَجَدْتُ فِي مَحَاسِنِ أَعْمَالِهَا إِمَاطَةَ الأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ ، وَوَجَدْتُ فِي مَسَاوِئِ أَعْمَالِهَا النُّخَاعَةَ ، قَالَ عَارِمٌ : تَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ لا تُدْفَنُ) .
- عدم قضاء الحاجة في الطريق أو الظل أو الماء :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ قَالُوا : وَمَا اللَّعَّانَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ ، أَوْ فِي ظِلِّهِمْ) .
وعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (اتَّقُوا الْمَلاعِنَ الثَّلاثَةَ : الْبَرَازَ فِي الْمَوَارِدِ ، وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ ، وَالظِّلِّ) .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (لا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ ثُمَّ يَغْتَسِلُ مِنْهُ) .
7) الاهتمام بالرياضة
إن الاهتمام بالرياضة له تأثيره الإيجابي على صحة الفرد ، جسده وعقله ، وكما يقال : "العقل السليم في الجسم السليم" ، ومن ثم فقد اهتم الإسلام بالرياضة لضمان صحة الأبدان والعقول ، وقد روي عَنْ أَبِي جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ رُكَانَةَ ، عَنْ أَبِيهِ : (أَنَّ رُكَانَةَ صَارَعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَرَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) .
وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : (أَنَّهَا كَانَتْ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ ، قَالَتْ : فَسَابَقْتُهُ فَسَبَقْتُهُ عَلَى رِجْلَيَّ ، فَلَمَّا حَمَلْتُ اللَّحْمَ سَابَقْتُهُ فَسَبَقَنِي ، فَقَالَ : هَذِهِ بِتِلْكَ السَّبْقَةِ) .
وفي رواية أخرى عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : (خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ وَأَنَا جَارِيَةٌ لَمْ أَحْمِلْ اللَّحْمَ وَلَمْ أَبْدُنْ ، فَقَالَ لِلنَّاسِ : تَقَدَّمُوا . فَتَقَدَّمُوا ، ثُمَّ قَالَ لِي : تَعَالَيْ حَتَّى أُسَابِقَكِ ، فَسَابَقْتُهُ فَسَبَقْتُهُ ، فَسَكَتَ عَنِّي حَتَّى إِذَا حَمَلْتُ اللَّحْمَ وَبَدُنْتُ وَنَسِيتُ ، خَرَجْتُ مَعَهُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ ، فَقَالَ لِلنَّاسِ : تَقَدَّمُوا . فَتَقَدَّمُوا ، ثُمَّ قَالَ : تَعَالَيْ حَتَّى أُسَابِقَكِ ، فَسَابَقْتُهُ فَسَبَقَنِي ، فَجَعَلَ يَضْحَكُ وَهُوَ يَقُولُ : هَذِهِ بِتِلْكَ) .
وعن عبد الله بن بريدة قال : " ينبغي للرجل أن يتعاهد من نفسه ، كما ينبغي له ألّا يدع المشي ، فإن احتاج إليه يوماً قدر عليه .." ، أخرجه ابن عساكر .