تعلمت من أمي أبي رحمهما الله قيمة عليا مهمة في حياتنا وهي قوة الإيمان بالله التي تجعلك تخالف كل التوقعات وكل التخمينات والتي تجعلك تعتقد في القوة الخفية لله سبحانه وتعالى وغير المرئية من الآخرين والتي تجعلك تنظر إلى الأمور بمنظار آخر؛ فأنت تجتهد وتسعى وتنظر حولك وتبحث في كل الأسباب الظاهرة وتعمل عليها؛ للوصول إلى ما تصبو إليه، ولكن لا تنس مسبب الأسباب ولا تنس الأسباب الخفية التي تتعلق بخفي الألطاف الله سبحانه وتعالى، والتي تدخل في الوقت المناسب لتنقذك ولتحقق ما تسعى إليه .
فعندما تقف الأسباب الظاهرية العلمية التي في علم البشر عاجزة، فهناك أسباب لا يعلمها إلا العليم سبحانه وتعالى، يقول تعالى في محكم كتابه: "وفوق كل ذي علم عليم" (سورة يوسف: الآية 76).
كما أن قوة الإيمان بالله تجعلك تؤمن بالقوة الخارقة لله سبحانه وتعالى التي تخالف كل التوقعات والتخمينات أيضا، فيقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: "وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ ۖ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي ۖ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} (سورة القصص: آية7).
فأي قوة خارقة غير قوة الله سبحانه وتعالى تجعل إنقاذ طفل رضيع من القتل في إلقائه في النهر وهو متوقع له أن يموت غرقا، ولكن إلقائه في النهر يكون طوق النجاة له من قتل فرعون مع أنه ذهب إلى فرعون ليقوم بتربيته بدلا من قتله، حتى يشب ويبلغ أشده، ثم يصبح رسولا بعد ذلك.
تلك القوة الخارقة التي تجعل أمرأة نبي الله إبراهيم تلد وهي عجوز عقيم والتي جعلت نبي الله زكريا يرزق بولد وقد وهن عظمه واشتعل رأسه شيبا وأمرأته عاقر.
ولم تكن تلك القوة الخارقة قاصرة على الأنبياء والمرسلين وإنما امتدت لعباد الله الصالحين الذين لهم كرامات والذين مشوا على الماء مثل الصحابة ومنهم سعد بن أبي وقاص ومن معه في معركة القادسية ومثل التابعين ومنهم أبو مسلم الخولاني ومن معه عندما مروا بنهر في بلاد الروم.
ولم تتوقف القوة الخارقة من الله سبحانه وتعالى لعباده عند زمن ما، فهي مستمرة عبر الأزمان، وقوة الإيمان بالله تصنع المعجزات، فسبحان من يعز ومن يذل ومن يغني ومن يفقر ومن يرفع ومن يهبط، ومن يؤتي الملك لمن يشأ وينزعه عمن يشاء، يقول سبحانه وتعالى: " قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ ۖ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" (سورة آل عمران: الآية 26).
هذه القوة الخارقة الخفية بالله وسبحانه وتعالى تجعلنا نؤمن بحقيقة قوله تعالى:" إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون" (سورة يس: آية 82) وتجعلنا الآن نفتح أبواب الحياة ونجتاز أزمة كورونا ونتعافى منها صحيا واقتصاديا بعون الله وقدرته ومشيئته ولطفه ورحمته برغم كل التوقعات المتشائمة لخبراء الصحة والاقتصاد.