تكلمنا في المقالة السابقة عن الفقر والفقراء، وقلنا إن الإسلام قد اهتم بالفقراء، ووضع الخطوات التي تقود إلى حل المشكلة دون استحداث لمشاكل أخرى قد يعاني منها المجتمع، واليوم نتكلم عن اثنين من هذه الخطوات أولاهما:
أولاً: معاملة الفقراء بالحسنى:
إن الفقراء على مر العصور والأزمان، وفى مختلف الأماكن والبلدان كانوا يعانون من الفاقة وقلة المال أو عدمه، كما يعانون من الإهمال وعدم الاحترام وقلة الاهتمام.
حتى قال بعضهم:
إن الغني وإن تكلم بالخطـــــــــــأ قالوا صدقت وصدَّقوا ما قال
وإذا الفقير أصاب قالوا كلهم أخطأت يا هذا وقلت ضلالا
إن الدراهم في المجالس كلها تكســــو الرجال مهابة وجلالا
فهي اللسان لمن أراد فصاحة وهي الســـلاح لمن أراد قتــالا
وقال آخر:
يمشي الفقير وكل شيء ضده والناس تغلق دونه أبوابَهـــــا
حتى الكلاب إذا رأت ذا ثروة هُرِعت إليه وحركت أذنابَها
وإذا رأت يوماً فقيراً عابــــــــراً نبحت عليه وكشرت أنيابَها
وقد اهتم الإسلام بالفقراء اهتماماً عظيماً، فأعلن المساواة بين المسلمين جميعاً، غنيهم وفقيرهم، فقال تعالى في سورة الحجرات الآية 10:
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)[1].
كما منح الإسلام الفقراء رخصاً وامتيازات وأسقط عنهم شعائر وعبادات، وخصهم بذلك دون الأغنياء.
كما نبه الإسلام على حقيقة هامة وهي أن الغِنَى ليس بكثرة المال والممتلكات، وإنما يكون الغني بغنى النفس، فالنفس الغنية هي التي تَشبَع وتَقنَع وتعرف قيمة النعمة فتؤدي شكرها، كما جاء في الحديث الذي رواه الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ، وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ)[2].
لذلك فإن الإسلام لا يضع للمال وزناً في تقييم الناس، بل جعل التقييم بالتقوى والعمل الصالح، قال تعالى:
(إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)[3].
** وامتثالاً لأوامر القرآن وتعاليم الإسلام فقد زوج النبي ﷺ ابنته فاطمة الزهراء من الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنهما وهو فقير لا يملك شيئاً، وهو النبي ﷺ سيد الخلق، كما زوج بعض صحابته رضوان الله عليهم وكانوا فقراء من مسلمات أسرهن أثرياء، وقد رضين طاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وامتثالاً لقوله تعالى في سورة النور الآية 32:
(وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)[4].
ولكن ما يحدث في زماننا:
إذا خطب الغنيُّ بناتِ قومِ رقصن من المسرة والبشارة
وإن جاء الفقير ولو تقيــــــــــاً ذهبن إلى صلاة الاستخارة
روى الترمذي في سننه عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(كَمْ مِنْ أَشْعَثَ أَغْبَرَ ذِي طِمْرَيْنِ لَا يُؤْبَهُ لَهُ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ مِنْهُمْ الْبَرَاءُ بْنُ مَالِكٍ)[5].
أي لَا يُبَالَى به ولا يُلْتَفَتُ إليه، والطِّمْرُ: الثَّوْبُ الْخَلَقُ، أي: ذو ثياب بالية
** وقد أمر الإسلام بمعاملة الفقير كالآتي:
- المعاملة الحسنة التي تليق بأخوة الإسلام.
- عدم نهر الفقير أو إهانته أو إيذائه بالقول أو الفعل.
- عدم احتقار الفقير وازدرائه أو التكبر عليه.
- الاجتهاد في البحث عن الفقراء وإيصال الصدقة إليهم.
- أن المال الذي يأخذه الفقير (صدقة أو زكاة) هو حق له.
- أن الفقير ليس عبئاً أو عالة على الغني.
- أن الفقير هو الدليل الذي يأخذ بيد الغني للطريق المؤدي به إلى الجنة.
قال تعالى في سورة الضحى الآية 10:
(وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ)[6].
وقال تعالى في سورة الإسراء الآيات 26، 27، 28:
(وَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (27) وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا)[7].
قولا ميسوراً: قولاً ليناً
وقال تعالى في سورة البقرة الآية 273:
(لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ
يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ
تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ)[8].
** وامتثالاً لأوامر القرآن وتعاليم الإسلام فقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يبحثون عن الفقراء ليدفعوا إليهم صدقاتهم وزكاة أموالهم، ومنهم من كان يعطر الدراهم والدنانير قبل أن يعطيها للفقير ويقول أنها يتقبلها الله بيمينه قبل أن تنزل في يد السائل أو الفقير.
** هذا عما يجب معاملة الفقير به، ولكن هناك واجب على الفقير حتى تصل الصدقات إلى مستحقيها، وحتى لا يجور من لا يستحق على حق من يستحق.
فنحن نرى ونسمع في زماننا هذا عن أناس يمتهنون السؤال أو التسول، وتدر لهم تلك المهنة ما يكفيهم، بل ويغنيهم، وأمثال هؤلاء يجرمون في حق إخوانهم من الفقراء الذين يمنعهم الحياء من سؤال الناس.
* فمن الناس من يضج بالسائلين لكثرتهم ولامتهانهم تلك المهنة فيمتنع عن التصدق.
* ومنهم من إذا تصدق مرة فليس في مقدوره التصدق مرة أخرى.
* ومنهم من لا يعرف فقيراً يستحق الصدقة فيدفع صدقاته لهؤلاء.
وفي نهاية الأمر فإن هؤلاء السائلين والمتسولين يستولون على حقوق إخوانهم، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الفعل، فقد روى البخاري في صحيحه عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ)[9].
وروى مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا، فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْرًا فَلْيَسْتَقِلَّ أَوْ لِيَسْتَكْثِرْ)[10].
وروى الترمذي في سننه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(مَنْ سَأَلَ النَّاسَ وَلَهُ مَا يُغْنِيهِ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَسْأَلَتُهُ فِي وَجْهِهِ خُمُوشٌ أَوْ خُدُوشٌ أَوْ كُدُوحٌ)[11].
ثانياً: الترغيب في الصدقة والحث عليها:
قال تعالى في سورة البقرة الآية 261:
(مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)[12].
وفي سورة الحج الآية 28:
(وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ)[13].
وفي سورة البقرة الآية 195:
(وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)[14].
وفي سورة الرعد الآية 22:
(وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ
وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ)[15].
وفي سورة فاطر الآية 29:
(إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ)[16].
وروى أبو داود في سننه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ عَلَى مُسْلِمٍ سَتَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ)[17].
وروى أحمد في مسنده عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(مَنْ أَرَادَ أَنْ تُسْتَجَابَ دَعْوَتُهُ، وَأَنْ تُكْشَفَ كُرْبَتُهُ، فَلْيُفَرِّجْ عَنْ مُعْسِرٍ)[18].
وروى البخاري في صحيحه عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ، وَخَيْرُ الصَّدَقَةِ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ)[19].
حيث دعا الإسلام المسلمين للتصدق، وأجزل الثواب على الصدقات في الدنيا والآخرة،
فجعل الحسنة بعشر أمثالها وتزيد إلى سبعمائة ضعف.
كما بين أن الصدقة تنمو وتزيد بفضل الله وكرمه كما ينمي الإنسان ماله،
حتى تبلغ في حجمها كالجبل، قال تعالى في سورة البقرة الآية 276:
(وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ).
وزيادة في التشجيع على الصدقات رفعت الشريعة عن المتصدق استشعار الحرج من ضآلة صدقته، لضيق ذات يده، وطلبت منه التصدق دون نظر لحجم ما يتصدق به أو قدره مهما كان صغيراً أو قليلاً،
فقد روى البخاري في صحيحه عَنْ عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
(اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ) [20].
وروى البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلَّا الطَّيِّبَ،
وَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ،
ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ)[21].
قال تعالى في سورة البقرة الآية 261:
(مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)[22].
وفي سورة الحج الآية 28:
(وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ)[23].
وفي سورة البقرة الآية 195:
(وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)[24].
وفي سورة الرعد الآية 22:
(وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ
وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ)[25].
وفي سورة فاطر الآية 29:
(إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ)[26].
وروى أبو داود في سننه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ عَلَى مُسْلِمٍ سَتَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ)[27].
وروى أحمد في مسنده عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(مَنْ أَرَادَ أَنْ تُسْتَجَابَ دَعْوَتُهُ، وَأَنْ تُكْشَفَ كُرْبَتُهُ، فَلْيُفَرِّجْ عَنْ مُعْسِرٍ)[28].
وروى البخاري في صحيحه عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ، وَخَيْرُ الصَّدَقَةِ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ)[29].
حيث دعا الإسلام المسلمين للتصدق، وأجزل الثواب على الصدقات في الدنيا والآخرة،
فجعل الحسنة بعشر أمثالها وتزيد إلى سبعمائة ضعف.
كما بين أن الصدقة تنمو وتزيد بفضل الله وكرمه كما ينمي الإنسان ماله،
حتى تبلغ في حجمها كالجبل، قال تعالى في سورة البقرة الآية 276:
(وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ).
وزيادة في التشجيع على الصدقات رفعت الشريعة عن المتصدق استشعار الحرج من ضآلة صدقته، لضيق ذات يده، وطلبت منه التصدق دون نظر لحجم ما يتصدق به أو قدره مهما كان صغيراً أو قليلاً،
فقد روى البخاري في صحيحه عَنْ عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
(اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ) [30].
وروى البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلَّا الطَّيِّبَ،
وَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ،
ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ)[31].
وبمشيئة الله تعالى نكمل حديثنا في المقالة القادمة.
[1] - سورة الحجرات الآية 10.
[2] - رواه الشيخان.
[3] - سورة الحجرات الآية: 13.
[4] - سورة النور الآية: 32.
[5] - سنن الترمذي.
[6] - سورة الضحى الاية: 10.
[7] - سورة الإسراء الآيات من 26: 28.
[8] - سورة البقرة الآية: 273.
[9] - رواه البخاري.
[10] - رواه مسلم.
[11] - سنن الترمذي.
[12] - سورة البقرة الآية: 261.
[13] - سورة الحج الآية: 28.
[14] - سورة البقرة الآية: 195.
[15] - سورة الرعد الآية: 22.
[16] - سورة فاطر الآية: 29.
[17] - سنن أبي داود.
[18] - رواه أحمد.
[19] - رواه البخاري.
[20] - رواه البخاري.
[21] - رواه البخاري.
[22] - سورة البقرة الآية: 261.
[23] - سورة الحج الآية: 28.
[24] - سورة البقرة الآية: 195.
[25] - سورة الرعد الآية: 22.
[26] - سورة فاطر الآية: 29.
[27] - سنن أبي داود.
[28] - رواه أحمد.
[29] - رواه البخاري.
[30] - رواه البخاري.
[31] - رواه البخاري.