قال الراوي : عندما وقف الذينَ حكيتُ أخبارهم ،في منتصف المسافة بينَ ما مضى وبين ما هو قابل، أحسست أنَّ النص الذي رويتهُ قد تمرَّدَ عليَّ، واستقرَّ شاهراً حجتهُ القوية في وجهي، وخاطبني بلسان جديد، ما سمعتُ مثلهُ من قبلُ قطَّ، وأحكم عليَّ الحصار، وبادرني بإقفال المسار، وعاجلني في موضع حكيم أمره، وضعف حيلتي أمامَ جبره، فلمّا تيقنت أني غير قادر عليه، أسلمتُ أمري لما طالبني إليه، وعدتُ أسردُ الحكاية من جديد ٍحواليه، وهو ينظر إليَّ حانقاً كلّما حاولتُ أن أحيد، وآتي بما أغفلهُ المريد، فيتطايرُ الشرَّرُ من عينيه، ولا أستطيعُ إلا انقياداً إليه، فلما وصلتُ إلى ما كنتُ توقفتُ عنده، قبلَ أن يجمعَ عليَّ جنده، افترت شفتاه عن ابتسامة، وقال بوركت يا سلامة، الآن ننطلق من جديد، وإياكَ وقول المزيدْ...
فصلُ الترابْ :
لا يُرْضعُ البحرُ السُّفنْ
لا تحضنُ الصحراءُ أطيافَ القواقلِ والخطامْ
لا ينَبْتُ التاريخُ في عَجُزِ الروايةْ
لا تَسمعُ الريحُ الحطامْ
لا يكتبُ الغيبُ الحضورْ
لا ينسيءُ الحِلُّ الحرامْ
فبأيِ أنباءِ الجنونِ تُكَذِّبانْ
قالَ الذي دخلَ الروايةَ من جديدْ
وهنا/هناكَ تبعثرت بعضُ التفاصيلِ المريبةِ في المكانْ
واشتقَّتِ البابَ المقابلْ.....
-*-
منْ يستطيعُ البوحَ بالحرفِ المكمِّلِ لمْ يقمْ
وَمضى على حيطانِهِ خوفاً ونامْ
لا فرقَ بينَ الموتِ نوماً أو غياباً،
فهوَ ترجمةُ العبارةْ
وهوَ الوقيعةُ بينَ أحزانِ الحضارةْ
وهوَ الرّغامْ
وهوَ الرّغامْ
ُدلّوا على هُذيانِه من جحفلِ الذعرِ المقيمِ ،
وفارقوهُ بالقطيعةِ في الإشارةْ
ماذا تسمِّيهِ الحكايةُ بعدَ ذلكَ لا يهمُّ ،
ولا يفيدْ
فهو التواجدُ بالخطأ ْ
وهوَ التناسلُ بالخطأ ْ
وهوَ الفراغْ........
-*-
منْ يستطيعُ البوحَ بالحرفِ المكمِّلِ لمْ يقمْ
مضغَ الذي مضغَ الكلامْ
هذا حوارٌ في الوجوبْ
صوتٌ تردَّدَ في المقامْ
وصفَ الذي بينَ الشراعِ وفتحةِ البحرِ العنيدِ،
وأومأَ الطرفَ السقيمَ إلى الأمامْ
ومضى يعلِّمُ حكمةَ الترفِ الطروبْ
وبريقُ عينيهِ يقول:-
لا بدَّ من درسِ الخطوطْ
لا بدَّ من فحصِ الخيوطْ
لا بدَّ من جمعِ الشِّعارْ
لا بدَّ من نقرِ المسارْ
فإذا تمنَّعتِ الزوايا في الإشارات البعيدةِ ،
كانَ حتماً أن نعودَ إلى موازينَ جديدةَ ،
ثمَّ نفترشُ البصيصَ إذا تبدّى بينَ أحزمةِ الظّلامْ
فلتنظروا أينَ التقلُّبُ في الجِوارْ
هذا بيانٌ للورى
ما قالَ إلا ظهرَهُ الملقى وأثخنَ في الترابْ
فيهِ المعادِلُ في الهروبِ وفيهِ أقبيةُ السِّوارْ.....
-*-
منْ يستطيعُ البوحَ بالحرفِ المكمِّلِ لمْ يقمْ
قامَ الذي نسيَ الكلامْ
قامَ المعمَّدُ بالغرامْ
ورمى حروفَ المعجمِ البريِّ منْ طرفِ اللسانْ
ثمَّ استدارْ
ماذا أصابَ منَ النّهارْ ؟
لا شيءَ بعدُ فما يزالُ الفصلُ يَسبحُ بالدّوارْ
لكنّهُ لابدَّ يخترقُ الحصارْ
فهوَ الوحيدُ المستقرُّ على الحصانْ
طوبى لكمْ
طوبى لعشّاقِ الرمايةِ ما سَعواْ
طوبى لنسلِ الجامحينَ بِعشقهمْ
طوبى لكمْ
لا تنفذُ الكلماتُ والبحرُ نفذْ
طوبى لأفئدةِ المراكبِ ما مضواْ
طوبى لكمْ
من شاءَ أنْ لا يستريحَ بعجزِ أشرعةِ الهوانْ
منْ يشتهى أن لا تظلَّ القاعُ قاعاً ،
علَّهُ يصلُ الحَمامْ
أو يستزيدُ منَ الرِّهانِ على القيامْ
يصحو هناكَ ولا يحيدْ
يصحو على شفقِ المقاتلِ والتواريخِ العفيَّةْ......
-*-
أما الذي دخلَ الروايةَ من جديدْ
وصلَ الشِّراعَ فخطَّ من فرطِ الحماسِ ،
هنا الختامْ
وبكى على زرقاءَ مسفرةَ اليمامةِ ثمَّ دارْ
وأشارَ بالجرحِ العتيقِ إلى البعيدِ،
وثغرةٍ بينَ الحطامْ
يا الجازيةْ :-
أينَ الخروجُ من النسيءْ
أينَ الذِّهابُ منَ القدومْ
قولي لنا
أينَ الدليلُ على الوصولْ
أينَ المحمّلُ بالهلاكْ
قولي لنا
أينَ البريءُ منَ الفِطام ِ، وأينَ كعبُ سلامةَ المشدودُ فينا ،أبْصَرَتْهُ فرتَّلتْ:-
ليسَ الذي فوقَ السفائنِ ،طاردتْ
موجاً فرملاً ، ثمَّ رملاً ،ثمَّ موجاً، ثمَّ غيماً ، ثمَّ آهْ...
واستَرْسَلتْ وقتَ التُّرابِ وقد تجمَّرَ ساعداهْ
منْ أنسأَ الحذفَ الأخيرَ هو الخبيرْ
منْ أنسأَ الوصلَ الخطيرَ هوَ الوضيعْ
أو ربّما صنمُ اليبابِ وقاتلٌ دونَ انتباهْ
واحرَّ قلبيَ منهُ لا يلجُ البرازخَ والحدودْ
ليسَ الجوابُ كسيحَ عمرٍ إنّما صمتُ الذهولْ
هذي مرايا الرِّحلتينِ فصاحَ من سطرِ الدّخولِ الآنَ جاءْ
نحنُ الذينَ سنبدأ الماضي رجوعاً مرتينْ
نحنُ الذينَ سنبلغُ الآتي على قدمِ الضَّياعِ ،
وَلَنحنُ حاضرُ لم يعدْ من رحلةٍ بينَ اليدينْ
مشوارُنا الملكُ الضليلُ إلى دوارٍ في الجديدْ
نحنُ المعادْ
ولنا الترابْ
لم نسترحْ يوماً بمعطفِ ساترٍ
كلا ولا سكنَ المضرَّجُ بالغوايةِ في الحضورِ،
وما تنشَّقَ فسحةً بابَ سلامْ......!
فصلُ النَّار:
منْ كوّةِ الأحلامِ نخترقُ الروايةَ علّنا،
نمشي إلى تغريبةِ الإنسانِ في الإنسانْ
نمشي إلى كذبِ الصِّوَرْ
نمشي إلى خدعِ البصرْ
نمشي إلى جوعِ الوحوشِ إذا تنازلتِ البشرْ
نمشي إلى وهْمِ النزولْ
فنميطَ عنها كلَّ توتٍ أو قناعٍ مستريحْ
ماذا جنينا من شفاه القارئينْ ؟
ماذا جنينا من ضميرِ التائبينْ ؟
ماذا جنينا من مشاركة ِ الضحايا موتهم كلَّ حريقْ !
هل خفَّفَ الوجعَ التشاركُ في المصيرْ
هل ينقذُ الشكُّ الجراحَ ،
ويسعفُ النَّدمُ الضحيَّةْ......
-*-
اليومَ لم تُشبعْ مطابعَها الجريدةْ
فهناكَ من يسعى إلى استبدالِ أحبارِ الكتابةْ
كلُّ الذينَ تبادلوا الأدوارَ فيها مترفونْ
بل بعضهم ينسى بأنَّ الوقتَ حفّارُ الأساطيرِ المجيدةْ
وهيَ التي قالت ، وما تدري بأيِّ الحرفِ تكْتبُ،
موتها في أيِّ لحظةْ
قلْ: إنما هيَ متعةُ العَبثِ الوحيدةْ
ماذا تُكلِّفُ ناثريها غيرَ بضعةِ أحرفٍ في وصفِ مذبحةٍ جديدةْ !
ولربما صورُ النهايةِ نخبُها الأحجامُ فظّةْ
تلكَ الإطاراتُ وئيدةْ
أوَ هل يهمُّ بكيفَ خانت صعقةَ الروحِ التي لم تُلْتَقطْ
أوْ كيفَ كانت في سلاستها رشيدةْ
أوْ هل أناب َ ضَحيَّةُ الخبرِ المقدّمِ ذا دواةَ الجائعينَ لموتهِ ،
في قفزةِ الحلقومِ والأخذِ الرهيبْ......
-*-
حطباً أغاثوا صرخةَ الملُقْى على نارِ المكيدةْ
أو بالمزيدِ من الوثاقْ
فاجتاحتِ النارُ الطريقَ
وأوصَدت دربَ التماثيلِ البليدةْ
لا صوتَ بعدُ ولا خطابْ
يا نارُ "كوني" لم تجلجلْ مرةً أخرى،ولا أخرى جديدةْ
ليست بحارسةِ الحلُمْ
بل أنها النَّابُ الأجيرةْ
كلُّ الذي في الصورةِ الأخرى دخانْ
كلُّ الذي في الجولةِ الأخرى حصارْ
والنارُ لم تبردْ
ولا خرجَ السياقُ عن المسارْ
حطباً أغاثوا صرخةَ الملُقْى على نارِ المكيدةْ
أو بعضَ أبياتٍ تردِّدُها القصيدةْ
في هكذا كانَت مفاجئةُ الإعادةِ والنشيدِ المستحمِّ بفيءِ
أسوارِ القبيلةْ....
-*-
لا يحسنُ الخوفُ التخفِّيَ عندما اللغةُ طريدةْ
إنَّ الحدودَ تهشّمتْ قبلَ الإطارْ
لسعاتُ عينيهِ تجاوزتِ المهارةْ
والطعمُ ذاتُ الطعمِ في بندِ الإثارةْ
لا فرقَ إن قطعَ الطريقَ منَ السماءِ أو الترابِ أو الفراغْ
فالمهلةُ المثلى إشارةْ
وَلَكلُّ أجسادِ الضحايا مشرعةْ
َوَلكلُّ أسماءِ الضحايا مشرعةْ
َوَلكلُّ أشياءِ الضحايا مشرعةْ
ماذا تبقّى كي نساومَ عقلنا ألا يكونَ العزفُ منفرداً
ولا تطوى الصحائفُ مثلَ قرعِ الريحِ في بابِ المغارةْ......؟
-*-
أنتَ العدوُّ وأنتَ في الموتِ الغويِّ رفيقُ رحلتيَ القعيدةْ
لا شيءَ نقتسمُ الخطى في بَعْدِنا
فلكَ المسارُ لغيرِ أجنحةِ الفراشْ
وليَ الطريقُ إلى النسائمِ من جديدْ
وليَ الولوجُ إلى علاهْ
وليَ المعادُ إلى سناهْ
وليَ القيامةُ في البذورْ
ولكَ التسمُّرُ في النِّقاشْ
لا شيءَ نقتسمُ الخطى في بَعْدِنا
أما التي في قبلِنا فالأرض ُ تتسعُ الوقوفَ ببطنها
مثلُ التهاويمِ الوليدةْ
كلُّ الحضورِ أنا المقيمُ وأنت صدفةْ
وأنا النّماءُ وأنتَ نقصانُ الحصادِ على المداميكِ الشديدةْ
لا بأسَ لو حاصرتَ غيبيَ فالحضورُ لهُ المواعيدُ الوطيدةْ
أما أنا
لا من سبيل ٍكي أساومَكَ الغداةَ على غيابٍ لم يكنْ
إلا سراباً في أمانيكَ الكذوبِ، وأنتَ لا مِنْ شيءَ ينهضُ دونها
فأنا هنا وأنا هناكَ و بينَ بينَ أنا المكانُ ،
وأنتَ فسحةُ هامشٍ في ثغرةِ الحظِّ اللعوبِ،
كعابرٍ بينَ الفواقِ وحلمِ يقظتهِ التليدةْ
ما ليسَ لي هوَ أن أرى لكَ غيرَ وجهٍ واحدٍ ، وحشاً ،
يناوشُ ما تنوء بهِ الطريدةْ
ما ليسَ لي هوّ أنْ أراجعَ في سجلّاتِ الدماءِ قضيّةً ،
لا لبسَ فيها ،
كيْ أحمّلها شكوكَ نخاسةٍ تمحو ملامحها الأكيدةْ
ما ليسَ لي هو أن أساومَ لحظةً تبدو بفتواها الصعودَ،
وكلّها جرفُ السقوطِ،
وعارُ رحلتنا الفريدةْ...........
فصلُ الماء:-
في صفحةِ الماءِ الملامحُ لا تغيبْ
كلا ولا تقوى الإضافةُ أن تقودَ مناورةْ
فمساحةُ الخطرِ المؤكّدِ لا تجاملهُ الحقيقةْ
وإذا تهوّرَ ما يغامرُ بالخداعْ
لن يستعيدَ سوى فراغاتٍ كئيبةْ
هذا ملخَّصُ ما يردِّدهُ طويلاً كلِّ يومْ
هوَ قالَ أنَّ الماءَ أصلبُ ما تقدِّمهُ القصيدةْ
والغيمُ هذا اليومَ لم يبرحْ سروجَ صباهْ
يرنو إلى سفرِ ابنِ زعترَ في الأقانيمِ الجليلةْ
فهنا تباركَ سعيهُ كلَّ صباحْ
وهنا تحمَّلَ بالنشيدِ إذا استراحْ
وهنا تجلّلَ بالقداسةِ والقرابينِ العجولةْ
هوَ قالَ أنَّ الوقتَ خاتمُ بينَ أصبعهِ وأسماعِ الحبيبةْ.....
-*-
في صفحةِ الماءِ المرايا لا تقومُ إذا تخلّلها الكدرْ
في صفحةِ الماءِ المقيمِ قطيعةٌ بينَ الخيانةِ والبصرْ
في صفحةِ الماءِ المقيمِ توازنٌ بينَ الذي ما كانَ إلا بالنفاذِ، وبينَ قانونِ السَّفرْ
هوَ لم يعدْ يحتاجُ مختبراً حديثاً كيْ يزاولَ مهنةَ الكشفِ الشقيّةْ
فالكشفُ بينَ يديهِ أوراقُ الفدائيِّ الذي قد ودّعهْ
والكشفُ صورةُ قريةٍ بقيت ملامحُها العصيّةْ
والكشفُ قبلةُ جارةِ الزيتونِ في سفحِ الصّبا خلفَ المطرْ
والكشفُ بعضُ وصيّة الأمِّ القديمةِ عندما لاحَ الخطرْ
والكشفُ أوَّلُ أمنيةْ
والكشفُ كرّاسُ المحطّاتِ الوفيّةْ
والكشفُ ما قطعَ الوجودُ منَ العدمْ
والكشفُ جبهتهُ النديّةْ
لا يحتوي الماءُ المسافرُ غيرَ ماءٍ مطلقٍ
حتى ولو سحبت سواهُ قوى المداراتِ العتيّةْ..........
-*-
يا أيُّها الماشي منَ البحرِ الذي في وجههِ
يا أيّها الغاشي الذي في نفسهِ
كلُّ الصّعودِ سواءْ
هوَ قالَ موعدُ رحلةِ الماءِ تعدّدَ في الوثوبْ
فهوَ الذي بعدَ الجليدْ
وهوَ الذي بعدَ الفوارْ
وهوَ الذي لمّا تناثرتِ الفوارقُ في الجدارْ
وهوَ الذي ضدَّ الحفاةِ فالرعاةِ فالجباةِ فالعصاةِ فالزُّناةِ فالبغاةِ فالتتارْ
وهوَ الوجوبْ
من بعدِ فُلْكِ نبيّهِ الطوفانُ يمتلكُ القرارْ
في كلِّ شارعَ لم يزلْ من وحدهِ
وهوَ الصليبُ والهلالُ والنقوشُ والتفاصيلُ الصَّغيرةُ باختصارْ
وقضيةُ الماشي بسيطةْ
في حجمِ معصمِ مشيتهْ......
-*-
في بابِ طرفةَ وامرِيءِ القيسَ المقدّمِ قد تجمّع عاشقونْ
ما شأنهم إن لم تصلْ برقيّةُ الشغفِ الفتونْ
مرّوا على بابِ (الحسينِ) وخاطبوهُ ،
كما تحلَّقَ حولَ (جيّابَ) السنونو بالمساءْ
وقفوا ينادونَ المطرْ
يا شَعْرَ (أرنستو) الجميلَ لكَ الهطولْ
وارسم قصيدتكَ البهيّةَ في القمرْ
هذا مخيّمنا البتولْ
وهنا مضاربُ حنظلةْ
ورفاقُ (غسّانَ) البهيِّ ومنقلةْ
وهنا الحقولْ
كلُّ الذينَ تحبُّهم وحفظتَ موعدَهم هنا
وهنا تباركت النِّساءْ
وتقاسمَ الزمنُ الطويلُ ثيابهنَّ المعجزةْ
وتعلّمَ الأبناءُ في محرابهنَّ محاسنَ الوثبِ الحنونْ
حيثُ الضرورةُ للوقوفِ ولاختيارِ اللونِ في خشبِ البنادقْ
لا وقتَ للحلوى وأسماءُ الشوارعِ مقفلةْ
ليسَت رجولةُ قابضِ الحلماتِ فتوىً عندنا
كلا ولا مسُّ الجنونْ
هلْ من خيارٍ بينَ سكِّينِ اللصوصِ وبينَ تشبيهٍ مطابقْ ؟
-*-
عرشٌ على ماءِ المزونْ
عرشٌ على ماءِ الشِّجونْ
عرشٌ وتحملُهُ العيونْ
ولقدر رآهُ فهل رأى غيرَ الذي ما كانَ يحلمُ أن يراهْ
من جاءَ بالإفكِ المبينِ سعى خراباً واشتهاهْ
الدارُ ذاتُ الدارِ لكنَّ العوالقَ سافرةْ
واللمسُ عندَ اللمسِ لكنَّ المقابضَ كافرةْ
والعجلُ مرفوعاً على كتفِ المنابرْ
أينَ الفِرارْ
هيَ ساعةُ الرؤيا تبدِّلُ ثوبها
يا منتهاهْ
يا منتهاهْ
دمهُ الذي قد سالَ في كلِّ التقاويمِ الكبيرةِ والصغيرةِ واستقامَ مفكِّرةْ
من أينَ تنبتُ صورةُ المسخِ الشقيِّ ،
وليتَ أمَّهُ عاقرةْ
سقطت سهامُ العلقميِّ بضرعها
لا يزرعُ الجوعُ السنابلَ مطلقاً لكنَّهُ لا ينشرُ الأثداءْ
انقشْ على عوراتها وشمَ الدّخيلِ ،
ولا تمكّنها التخفيَّ بالورمْ
ما زالَ وقتٌ للقيامةِ فوقَ صلبانِ الدّماءْ
كلُّ الذي تحتاجهُ في وصفةِ الحفلِ الأخيرِ وليمةٌ في مائدةْ.......
-*-
فصلُ الهواء:-
والريحُ تُسألُ عن قوافلَ ضُيِّعَتْ
والريحُ تُسألُ عن عِشارٍ عُطِّلتْ
والريحُ ما تجني وما تلدُ الجهاتْ
والريحُ صاحبةُ الموانيءِ والشرانقِ والبراعمِ واللقاحْ
والريحُ موعدُ ظلمةِ القبرِ وشارقةُ الصّباحْ
والريحُ تقطعُ ، ما روت إلا وكانَ هوَ المصيرُ وأقومُ الفتوى دليلا
والريحُ أعظمُها عويلا
والريحُ أبلغُها غليلا
والريحُ جامعةُ الفراقِ وفرقةُ الجمعِ الوطيدِ وساحةُ الحقِّ العفيةْ
والريحُ مالئةُ الصِّفاتْ
فاصدعْ لأمر الريحِ تقتنصُ الحياةْ.....
-*-
لا تشعِلُ الريحَ العتيَّةَ أمنيةْ
أو تحفظِ الريحَ الجليلةَ أغنيةْ
كانتْ وصيّة َمنْ يعلِّمنا الإزاحةْ
هلْ من إضافةْ ؟
غَرقتْ زوارقِكُم إذا رقصَ العبيدْ
ذهبتْ زوابِعِكُم إذا أَغوى الحديدْ
وأضافَ حتى لا يكونَ لنا ادّعاءْ
هل منْ فصاحةْ ؟
فانظر هناكْ
ماذا تقولُ لكَ الحروفُ مفكَّكةْ !
قالت بأنَّ العصرَ يحتملُ البدعْ
تُستأجرُ الريحُ الزنيمةُ في أجنداتِ استراحةْ
فإذا هوت فوقَ الخريطةِ أشعلتْ فيها مناحةْ
وتلوَّنت ثيرانها عندَ انتهاءِ الوصلةِ الكبرى لتفترشَ المساحةْ......
-*-
يا عازفَ اللَّحنِ الحزين ْ
ناشدتكَ اللّه ترفّقْ
بلْ خذ عظاميَ واجعلِ القلبَ قلادةْ
( بورْيوسُ) ليسَ رفيقَ رحلتِنا الشهيّةِ منذُ أمسْ
ورفاقهُ كانوا جميعاً حاضرينْ
افتحْ جراحيَ مرَّةً أخرى ودقِّقْ
لا لن تجدْ غيرَ كتابِ الغائبينْ
أسماءُ كنعانَ الوحيدةُ ما ترتّلُها العبادةْ
ويبوسُ أجملُها وأبهاها وأجذرُها وأشملُها وأولها وآخرها وتقواها وخيراً لغرسْ
لا تنطقُ المدنُ اللغاتِ المستحاضةْ
بل تنطقُ المدنُ الولادةْ
مهما تسلّطَ حرفُ نحسْ.........
-*-
يا ريحنا لا تكرهينا إننا العهدُ القديمُ والجديدُ والصغيرُ والكبيرُ والوحيدْ
يا ريحنا لا تنظري فينا سوى سعفُ الولادةِ والشهيدةِ والشهيدْ
يا ريحنا إنا على عهدِ الوفاءِ ولن نحيدْ
يا ريحنا ولتغفري ما دنّسَ الخطوَ الشريفَ
وقامَ ينشدُ للعبيدْ
لم نأتِ من كهفٍ ولا نرنو إلى قبوٍ بليدْ
كلُّ الذينَ حملتِ فينا واقفونْ
كلُّ الذينَ عشقتِ فينا صامدونْ
ماذا خسرنا غيرَ تجّارِ الوصيدْ
فلتغسلي عارَ الحديدْ
يا ريحنا لا تذهبي لا جسرَ دونَكِ لا طريقْ
لا يخدعُ الجمرَ البريقْ
يا ريحنا إنا هنا
من أجلكِ اخترنا النشيدْ......
-*-
لا / ليسَ للريحِ هوايةْ
أو تقبلِ الريحُ النبيلةُ أن تساومَ في المكانْ
لا ليسَ مدبرةً ولا فرَّت سواعدُها
ولا صَدِئتْ مفاصلُها
ولا تَعِبَتْ منَ الكرِّ المصانْ
تَعِبَ الذي تعبا
تعبَ الذي يحتالُ في فتوى النسيءِ وَيرهنُ الوقتَ نِكايةْ
تعبتْ توابيتُ (الحذيفةِ) واشترتْ وعظَ الوقايةْ
قد علَّقتها فوقَ أستارِ الحصانْ
من شاءَ أن يرمي بألواحِ النسيءِ يجَدِّدُ العهدَ لريحِ القافلةْ
ولهُ الوراثةُ والسَّرابيلُ الحِسانْ
فليعلنْ الآنَ الخروجْ
وَلتكتبُ الآنَ الروايةُ من جديدْ...