انتظر انتظر
قبل أن تدخلني المقبرة
أعد لي أشلائي المُبعثرة
انظر هنا
انظر هناك
في كل مكانٍ مُتناثرة
واجمع قطراتُ دمي
اجمعها كُلها
فهي دماءٌ ثائرة
دمائي للوطنِ رِواءٌ
نقية ٌ طاهرة
لا تدنسها
لا تتركها على الأرض
فتدوسها أقدامكم العاثرة
أعدلي أشلائي المبعثرة
قبل أن تدخلني المقبرة
أريد أن يجتمع جسدي تحت التراب
بعدما فرقتموه في حياتي الغابرة
وأريده قبرٌ فرديٌ
فارهٌ واسعٌ
ليس جماعيٌ ٌ فيه جُثتي مُنحشرة
انتظر انتظر
قبل أن تدخلني المقبرة
سأحكي لك قصتي
لعلها تكون مُعبّرة
أنا إنسانٌ فلسطينيٌ بسيطٌ جدًا
أحلامي وطنٌ
بلا جيوش
ومنزلٌ خلف الريفِ
به مزرعة ٌ عامرة
أن استيقظ كل صباح
أجمعُ ثمراتَ التُفاح
بلا خوفٍ أذهب للسوق
أبيعُ محصولي مُرتاح
وأعود للبيتٍ مُعافى
تستقبلني زوجتي
فَرَحة ً مُستبشرة
وأسرة ٌ قليلة ٌ الأفرادِ
أمٌ وأب ٌ
وابنة ٌ كالملاكِ صائرة
أحلامي رحمة
أحلامي حُبٌ
وسلامٌ يَعمُ الديارَ المجاورة
ليس كما حدث اليوم
أيقظتني ابتني
على غير عادتها , مُبكرة !
كانت تداعب ُ وجهي
وتجلس فوق الخاصرة
تقول كم أحبك يا أبي
بابتسامةٍ رقيقةٍ طاهرة
وتنظر لنا زوجتي ضاحكة
وفي عيناها دمعة ٌ حائرة
كأنها قد أحست
بأن عُمُري قد حان آخره
طبعت ُ على جبينها قُبلة
ونظرتُ في عيناها الغائرة
وخرج ت للكسبِ الطيّب
متجهًا نحو السوق
تحتي حُطامُ وطني
شوارعٌ مُدمرة
بيوتٌ مُهدمة
مدارِسٌ مُكسرة
ودماءٌ في كُلِ مكان
ملطخة ٌ بها الجدران
تحكي قصصًا
بأسماءِ البطولةِ مُعطرة
رأيتُ صديقًا من بعيد
ابتسمتُ ملوحًا لهُ بيدي
فعاجلتنا قنبلة ٌ غادرة
بحثت عن يدي فلم أجدها
بحثت عن رجلي فلم أجدها
بحثت عن عيني فلم أجدها
نظرت إلى صاحبي بجانبي ممدًا
يشكو إليَّ منظره !!
نظرت ُ فوقي فوجدتُكَ واقفـًا
تُمسكُ بالكامرة
لتوّثق للعالمِ أجمع
نهايتي المؤثرة
ولتُنشر تلك الصورة في التلفاز
فيُغيّرُ العربي المحطة
إلى أخرى بها الأغنياتُ الساهرة
ولتنشر تلك الصورة في الجرائد
في صفحة السياسة
حيث لا يقرأها إلا السماسرة !!
فيساومون على جسدي
يساومون على وطني
يساومون على أسرتي وابنتي
ويسلمون البلادَ للجيوشِ الكافرة