المدير شخص مكروه في جميع الأحوال، فإذا كان من النوع الجاد والمنضبط الذي يكافئ المجتهدين ويحاسب الخائبين، كرهه المتسيبون العاجزون، وإذا كان من النوع المتغطرس الذي يستمتع بتعيين الناس وإنهاء خدماتهم كرهه الجميع، وفي منطقة الخليج كتيبة من المديرين أسهل كلمة على ألسنتهم هي "فنشوه": فلان غائب عن العمل منذ يومين ولا ندري سبب ذلك! فنشوه! ويتضح لاحقا أن فلانا ذاك توفي قبل يومين، ويحس المدير بالحرج فيقول: بلاش تفنشوه.. أعطوه لفت نظر!! ومعظم القراء تعامل مع المديرين من كل الأشكال والألوان، ولكن مجلة نيو ساينتيست العلمية نشرت مؤخرا بحثا يقول إن نسبة لا يستهان بها من المديرين من ذوي الشخصيات السيكوباتية.. أي يعانون من اضطرابات عقلية خطيرة،.. والسيكوباتي قد يقتل أو يسبب أذى جسيما لشخص لا يعرفه في نوبة هياج، ولكن المجلة تقول إن الشخص السيكوباتي لا يخلو من انتهازية تجعله يمارس النفاق و"التمثيل" حتى يصل إلى منصب رفيع ويتمتع بصلاحيات واسعة، وبعدها تبدو عليه أعراض المرض.. ليس لأنه بالضرورة يضرب الموظفين بطفاية السجائر أو يطعنهم بأقلام الرصاص، بل بغطرسته وغروره واستغلاله لجهود وإنجازات الآخرين ونسبها إلى نفسه، مع محاسبة الآخرين على أخطائه هو،.. والمدير السيكوباتي موجود في بيئات العمل بكثرة، وتستطيع أن تتعرف عليه إذا كان من سبقوك إلى العمل معه يسألون سكرتيره قبل الدخول عليه: هه.. شلون مزاج المدير اليوم؟ هذا يعني أن المدير من فصيلة ابن ماء السماء، عنده يوم سعد ويوم نحس، وكل من يدخل عليه في يوم النحس يكون عقابه الإعدام أي التفنيش أو الحرمان من العلاوة أو الترقية.. أعنى أن المدير السيكوباتي متقلب المزاج فقد يكون تارة ودودا، ثم ينقلب إلى وحش كاسر يشتم الآخرين بأقذع الألفاظ، ويتخذ القرارات الجائرة دون تبصر أو احترام للوائح.. وفي التقرير الذي نشرته نيو ساينتيست والذي شارك في كتابته البروفسور روبرت هير من جامعة بريتيش كولمبيا (بالمناسبة فإن هذه الجامعة فريدة لأن بها كلية طب تتخصص في تخريج "أساتذة" طب.. يعني تدرس بها فقط لتصبح محاضرا في كلية طب)،.. ويعمل أيضا مستشارا لدى مكتب التحقيقات الفيدرالية الأمريكية (أف. بي. آي)، في التقرير مفاتيح تجعلك تعرف ما إذا كان مديرك (المقصود بكلمة مدير هنا أعلى سلطة في مكان العمل)، سيكوباتيا: هل يخلف وعوده؟ هل يسرق جهود الآخرين؟ هل يدوس على اللوائح والمواثيق الأخلاقية؟ هل هو من النوع الذي تطلب منه إجازة لأن والدتك توفيت فيطلب منك أن تؤجل الإجازة أسبوعا؟ هل يعتقد أنه مركز الكون؟ هل هو سطحي وعاجز عن التركيز؟ هل يطلب إنجاز عمل يستغرق شهرا في أسبوع؟ إذا كانت الإجابة بـ"نعم" على الأسئلة أعلاه فابحث لنفسك عن وظيفة أخرى.. ولكن قد يكون مديرك سيكوباتيا مثل ذاك الذي طاف على المكاتب لشرشحة الموظفين ووجد شابا يتسكع قرب النافذة وسأله كم راتبك في الشهر. فقال: ألف دولار، فمد إليه ألف دولار وصاح فيه: لا أريد أن أرى وجهك هنا مرة أخرى، فوضع الشاب المبلغ في جيبه وخرج.. فالتفت المدير إلى بقية الموظفين وقال لهم: هه.. هل يريد أحدكم أن يلحق بذلك الشاب؟ فقالوا: لا.. نحن نفضل العمل هنا على العمل في محل البيتزا!!!