عبد الله المغلوث زعلان لأن هناك حيا في مدينة المبرز في المنطقة الشرقية بالسعودية يحمل اسم خسارة، وفات عليه أن الكثير من مدننا وبلداتنا مجرد وجودها على الخريطة "خسارة" لأنها أقيمت بدون دراسة جدوى تماما مثل الدول التي نجمت عن تفكك الاتحاد السوفيتي، وتحمل كل واحدة منها اسم جمهورية في حين أنها في واقع الأمر إقطاعية.. في أول زيارة لي لمدينة جدة أحسست بأنني أستطيع أن أتعرف على جغرافيتها بسهولة لأنها في معظمها حسنة التخطيط، ومن نوع المدن التي تحبها من أول نظرة، وتحبها أكثر عندما تتعرف على أهلها. وعرفت أن أحد أكثر شوارعها رحابة يحمل اسم الستين، وحسبت أن الستين هذا من أعلام المنطقة الغربية في السعودية، وأن تكريمه اقتضى إطلاق اسمه على الشارع، ثم ذهبت إلى مكة المكرمة وهناك وجدت شارع الستين، فقلت لابد أن السيد الستين هذا كان جديرا بالتقدير لخدمات جليلة قدمها لعموم المنطقة، ولكنني وجدته أيضا محل تكريم في مدينة الرياض، وعندها أدركت أن الحكاية فيها "إنَّ" خاصة وأن اسم ابنه "الثلاثين" كان يطلق على العديد من الشوارع في مختلف مدن السعودية.. ولك أن تتخيل مدى دهشتي عندما عرفت أن تلك الشوارع تحمل أسماء تشير إلى اتساعها بالأمتار! وبالطبع فإن لتلك الشوارع أسماء أخرى ذات دلالات سياسية واجتماعية أو تاريخية ولكن شيوع الاسم الذي يوضح مقاساتها نجم عن أن الجهات التي شيدت تلك الشوارع أطلقت عليها الأسماء المترية في المراحل الأولى من التشييد فالتصقت بذاكرة الناس.. ودعكم من أسماء المدن والشوارع، ما قولكم في أسماء البشر في مختلف أرجاء الوطن العربي؟ صارت الأسماء مجرد تجميع لحروف غير متجانسة فتجد شخصا اسمه ظضغفيذ وآخر اسمه شقطيطوز.. أسماء كألفاظ الشتائم.. سمعت أن شخصا رزق بتوأم بنات فأسمى إحداهما تورا والأخرى بورا، وقيل لي إنه سمع بتورا بورا ووزع الاسم على بنتيه، وحاولت الحصول على عنوانه لأرسل إليه برقية تهنئة: يتربوا في عز جورج بوش في جوانتنامو!! للمرة الثانية عاد صديق من الأردن وأهداني علبة حلويات شرقية كتب عليها بحروف بارزة ظلاطيمو (ربما زلاطيمو)، وفي المرة الأولى رميت العلبة في القمامة ظنا مني أنها "مقلب" ولكن شخصا ما حضر تسلمي للعلبة قال: يا سلام.. هادي من أفضل الحلويات في المنطقة العربية.. وعرفت أن الكلمة صعبة النطق هذه لقب التصق بعائلة أردنية معروفة فاحتفظت به، وتحول نفوري من الاسم إلى احترام للعائلة التي احتفظت به حفاظا على تاريخها وذكر أسلافها.
أنت زعلان يا مغلوث لأن حيا في الأحساء اسمه خسارة؟ عندنا في السودان بلدة كاملة اسمها "أضان الحمار" أي "أُذن الحمار" وأخرى اسمها شنقلي طوباية، والطوباية هو اسم الدلع للطوب وشنقلي معناها "اقلب وضعه" والحي الذي يقيم فيه أبو الجعافر في مدينة الخرطوم بحري اسمه كرش الفيل، وربما يفسر هذا معاناتي المستمرة من اضطرابات هضمية، ربما لأن بيتنا يقع في قولون الفيل.. وهناك "الغزالة جاوزت"، وبحكم أنني من جيل "أخي جاوز الظالمون المدى/ فحق الجهاد وحق الفدا"، فإنني أعرف معنى "جاوز" وأعرف أيضا أن الجهاد المشار إليه في هذا البيت الشعري هو الجعجعة والعنتريات التي ما قتلت ذبابة.. ولكنني لا أعرف ما هو الشيء الذي "جاوزته الغزالة" السودانية!! أسماء كثيرة في حياتنا تسبب الحيرة: سلام الشجعان مثلا اتضح أنه يعني فناء الصبيان وخراب البنيان!!