هناك امرأة كانت تؤلف مقطوعات موسيقية لم يستمع إليها أحد، وكتبت روايات لم يقرأها أحد، نالت جائزة نوبل للآداب،... وأكاد أجزم بأن تلك المرأة النمساوية "مغمورة" لأنني قرأت معظم الروايات "اللي عليها القيمة" لكتاب من مختلف القارات، أو سمعت بها، ولم أجد الوقت الكافي لقراءتها.. ولكن لا بأس في ذلك، فعندما نال الروائي المصري نجيب محفوظ تلك الجائزة لم يكن 85% من أبناء العالم العربي قد سمعوا به، وكان من بين هؤلاء نحو 80 مليوناً لا يعرفون القراءة والكتابة، وفوقهم نحو 10 ملايين أمي يحملون درجات جامعية ويحسبون أن محفوظ هو مدرب فريق الأشبال في نادي دمنهور. المهم مبروك لتلك السيدة من أعماق قلبي، فقد فتح نيلها لجائزة نوبل للآداب أبواب الأمل أمامي، فلدي رواية شرعت في كتابتها قبل 15 عاما وأعدت قراءتها مؤخرا، ودخلت على الفور دورة المياه للتخلص منها بعيدا عن العيون، ولحسن حظي كانت "مشغولة".. ونجا مشروع روايتي من الإعدام غرقا في السايفون (أرجو من المصححين عدم إعادة كتابتها بعد حذف الألف التي تلي حرف السين.. لأن تلك الألف موجودة في الكلمة الأصل بل ينبغي عدم كتابتها بالواو بعد الفاء).. وسأكملها فور الفراغ من كتابة هذا المقال وأرسلها إلى لجنة نوبل كي تنظر فيها السنة المقبلة، وليمت أدونيس ومحمود درويش كمداً! أما الذي "بط كبدي" وفقع مرارتي، ونفخ قولوني فهو منح جائزة نوبل للسلام للسيدة ونغاري ماتاي من كينيا.. والله لو منحوها لمحمد دحلان لكان ذلك باردا على قلبي.. نالت ماتاي هذه الجائزة لأنها زرعت بضع أشجار.. حسنا ثلاثين مليون شجرة... لو كنت أعرف أن زراعة الأشجار تعود على الإنسان بالملايين، لغادرت المدرسة مبكرا وظللت في بلدتي الصغيرة "بدين"، تلك الجزيرة التي يحيط بها النيل من كل الجهات لأتفرغ للزراعة.. وحقيقة الأمر هي أنني أحب الخضرة كثيرا.. أحب الخضرة والماء والوجه الحسن.. الماء متوفر في "الخليج" الذي ظللت أعيش على شواطئه طوال ربع قرن والوجه الحسن؟ ما يحتاج! نظرة مني إلى المرآة تكفي! والخضرة؟ عندي في بيتي نباتات ظل تجعلك تحسب أنك في "مشتل".. وعندي في فناء البيت زهور وصبار وشجيرات جميلة ونعناع وبقدونس.. أحب النعناع كثيرا، وأكره البقدونس ولكن قبلت بزراعته في حوض صغير في البيت لأن زوجتي قالت إن بديل البقدونس سيكون الكوسا.. والنوم في بيت تنبت فيه الكوسا أقسى على قلبي من الجلوس أمام ناقة أو فيفي عبده..
ولكن السؤال الأهم هو: ما علاقة الأشجار بالسلام؟ الكلام الذي قالته أكاديمية نوبل عن أن حماية البيئة تعتبر خدمة للسلام، لا يمكن أن يقنع شخصا معرفته بقضايا الصراعات والسلام مثل معرفة المطربة روبي بمسائل الحلال والحرام،.. ولكن نيلها للجائزة يفتح فرصا كثيرة أمامكم أيها القراء.. جزء منكم يتخصص في شراء السمك وإعادته إلى البحر "حماية للبيئة البحرية"، وبعضكم يشتري كل أشرطة نانسي وهيفا وأليسا وروبي إلخ ويلقي بها في البحر الميت منعا لاتساع ثقب الأوزون.. بس إياك تقول في شارون أو جورج بوش كلمة كده وللا كده فتنال جائزة الفلوجة لأعداء العلوجة!
(الشيول تحريف لكلمة شوفيل الإنجليزية وتعني أداة غرف التراب وما شابه ذلك وتستخدم في الخليج للشاحنات المتخصصة في نقل معدات البناء).