شهدت الفترة الماضية وتشهد الفترة الحالية عددا من البرامج الشبابية الهادفة، فقد اختتم الاتحاد الوطني لطلبة الكويت – فرع الجامعة الأسبوع الماضي برنامج (نجم الجامعة) الذي سعى فيه لتصحيح معنى النجومية وإبراز المواهب الحقيقية للطلبة والطالبات في مجالات مختلفة كحفظ القرآن الكريم وتلاوته ونظم الشعر وكتابة القصة القصيرة والتصوير الفوتوغرافي والاختراعات العلمية، وتزامن ذلك مع بدء قناة (اقرأ) الفضائية ببث برنامج مسابقة (ملكة الأخلاق) الساعي لنشر قيمة بر الوالدين. لكن في الوقت الذي نجد فيه الكثير من الجهود التي تواجه التغريب والتحرر والفساد من خلال هذه الأنشطة التوعوية والحملات الإعلامية وغيرها كحملة ركاز لتعزيز الأخلاق، وفي الوقت الذي تحاول فيه العديد من الجهات توفير بدائل مناسبة للبرامج الشبابية المنافية للتعاليم الإسلامية والعادات والتقاليد، يبدو أن هناك جهودا مضادة ومعارضة للأنشطة الهادفة، لم تكتفِ بدخول الفساد من الخارج عن طريق الوسائل الإعلامية المختلفة فلجأت إلى نشره من داخل البلاد أيضا.
فقد أعلنت إحدى الصحف الكويتية اليومية عن مسابقة لاختيار ملكة للأناقة ، وطلبت من قرائها ترشيح أسماء الفتيات والسيدات اللاتي يستحققن الفوز باللقب، لسنا ضد الأناقة إن كانت في إطارها الصحيح ولكن المثير للامتعاض أن الصحيفة المولودة حديثا قد حددت عدة مراحل للمسابقة تبدأ بالتصويت واستطلاع آراء الناس و"الفنانين" في المجمعات التجارية وعن طريق الاتصالات الهاتفية وتنتهي بحفل ختامي تستعرض فيه المرشحات فساتين مختارة أمام جمهور من الجنسين ولجنة تحكيم مكونة من مصممي أزياء وملاك بعض أشهر محلات الملابس النسائية! إن المسابقة تعتبر تعد صارخ للأخلاق والقيم وتلاعب مفضوح بالمسميات لتقديم ما يحاكي مسابقات ملكات الجمال في الدول الأخرى تحت مسمى "سيدة الأناقة"!
إن ترشيح بعض المذيعات ومن يُعرفن بـ"الفنانات" - الشهيرات باهتماماتهن السطحية وأعمالهن عديمة القيمة - للفوز باللقب لأمر متوقع، ولكن ما أثار استغرابي هو إقحام بعض الشخصيات الرزينة المشهورة بإنجازاتها وأنشطتها العلمية القيمة مثل المهندسة منار الحشاش، لا أدري إن كانت الحشاش تعرف أن هناك رجال يتفحصون أناقتها ويقيّمون ملابسها وشكلها الآن بتشجيع من الصحيفة المنظمة للمسابقة، إلا أنني أكاد أكون جازمة بأن مثل هذه الشخصية التي رفعت سمعة الكويت في الكثير من المحافل الدولية بعقلها وعلمها لن ترضى أبدا بذلك ولن تقبل الاستعراض بالفساتين كسلعة رخيصة أمام لجنة تحكيم وجمهور من الرجال.
ولم يقتصر الأمر على الحشاش بل تم إقحام شخصية أخرى بالمسابقة وهي الإعلامية التربوية القديرة "ماما أنيسة".
سواء وافقت تلك الشخصيات على المشارَكة بالمسابقة أم لا فإن المسابقة تظل غير مقبولة بتاتا، وندعو أعضاء مجلس الأمة والمسؤولين إلى إيقافها وغيرها من الممارسات المسيئة للمجتمع والأخلاق والمخالفة للقيم والعادات والتقاليد، ونتساءل باستغراب: هل دين دولة الكويت الإسلام؟ وهل الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع كما تنص المادة الثانية من دستور البلاد؟
لم أتطرق في مقالي إلى الحلال والحرام، فالحلال بيّن والحرام بيّن، ولن يجد أي إنسان فتوى إسلامية تبيح استعراض أجساد النساء ومفاتنهن أمام الرجال، أذكّر فقط بما قاله رئيس وزراء ولاية أوتار براديش الهندية بعد أن حظرت حكومة بهاراتيا جاناتا الهندوسية إجراء مسابقات ملكات الجمال في الولاية، من إنه "لا يوجد مكان للابتذال في مجتمعنا، ويجب أن نتمسك بالقيم الاجتماعية التقليدية التي لا تسمح بتنظيم مثل هذه النوعية من الاستعراض المبتذل للجمال"، فإن لم تمنعوها إرضاء لله امنعوها حماية للأخلاق!