رمضان , هدية الرحمن لعباده المؤمنين , شهر الإيمان والصلاة والقرآن , شهر الطاعة والعبادة والغفران , قد طال غيابه وحان موعد عودته وإيابه وباتت أيام السنة تطرق على بابه , لتعلن شوقه لمنتظريه وأحبابه , أهل الطاعات والصلوات , والدعاء والصدقات , الخائفين من رب السماوات , والراجين للمغفرة والرحمات , مقيمين الليل وصائمين النهار , المؤمنين الأطهار الأبرار . رمضان , وسباقات سنوية , سباقٌ نحو الخير , وآخرٌ نحو الشر , سباقٌ للظفر بالحسنات , وآخرٌ لجمع السيئات , سباقٌ للعابدين الراجين رحمة الله , وسباقٌ للممثلين الراجين جذب المشاهدين وسباقٌ للتجار راجين أموال المشترين .
رمضان , أوله رحمة وأوسطه مغفرة , وآخره عتقٌ من النار , رمضان أوله , أوله حبٌ وعشق , أوسطه ضربٌ وطراقات , وآخره موتٌ وبكاء وصراخ !! – المسلسلات طبعا –
تلك سباقات رمضانية مختلفة , وهذه جولة في ميادينها, فاستعدوا :
في المضمار الأول , يجهز الفارس الشهم الشجاع سرج جواده العربي الأصيل , ويمتطي صهوته لبدأ الجولة الأولى في السباق الرمضاني , جولةٌ للظفر بالرحمة والمغفرة والعتق , جولة يمر من خلالها على المساجد فيقيم الصلوات , وعلى اللجان الخيرية فيطعم المساكين ويكسوهم , وعلى الأهل والأصحاب فيصل الرحم ويبره , وعلى المصاحف فيقرأ القرآن ويرتله ويختمه , فطوبى لذلك الفارس الإسلامي والذي عمر قلبه بنور الإيمان .
ولنا وقفة نقفها مع فارسنا الشهم الكريم , عند أبواب اللجان الخيرية , فهو قد اقتدى برسولنا الكريم وأصبح كالريح المرسلة التي تدخل في كل بيت فتملأه خيرًا ومحبة , حملة الريح المرسلة نقيمها في مركز مرتقى للتدريب القيادي للفتيات قبل كل رمضان , حيث نجمع التمويل والمواد الغذائية اللازمة للإفطار في رمضان ونرسلها لإحدى اللجان الخيرية التي تقوم بدورها بإيصالها للأسر المتعففة والمحتاجة داخل الكويت , والتي لا تكاد تجد ما تفطر عليه
أخي القارئ الكريم , تأمل معي , لو ذهبت لإحدى الجمعيات التعاونية واشتريت بمبلغ عشرة أو خمسة دنانير مواد غذائية كالزيت والعيش والعصير والخبز وغيرها ووصلت تلك الأطعمة للفقراء , وأكلوا منها في كل يوم على الفطور , كم هو الأجر الذي سيصل إليك , وما هي المتعة التي ستشعر بها كلما تناولت فطورك , حيث تتذكر بأن هناك أسرة محتاجة تأكل الآن من الغذاء التي أرسلته لها .
ألست خزائننا مليئة بالثياب الجديدة , الأحذية الجديدة , والتي قد استعملناها لمرة واحد أو لم نستعملها قط ولكن نحتفظ بها ربما إرتديناها يومًا ما ؟
أليس الفقير أحوج لها منا ؟ وأرغب بها منا ؟
ألا يحق له أن يفرح بلبس الجديد ؟
إذهب الآن إلى دولابك , وأخرج منه ثوبًا جديدًا أو كالجديد , وضعه في شكلٍ مرتب وخذه إلى احدى اللجان الخيرية , ليوصلوها كهدة العيد إلى إحدى الأسر المتعففة , وعندما ترتدي ثياب العيد في صباحه , استشعر في نفسك بأن هناك من ارتدى ثوبًا جديدًا وفرح به مثلك ..
وانشر الحملة , لتكثر الرياح المرسلة في بلادنا
في المضمار الثاني , يأتي المُتفرّس والمتشبه بالفرسان , ويصعد بصعوبة على ظهر بغلته العرجاء لعله يدخل السباق , يمر في جولاته العاثرة على الجلسات الراقصة , والكؤوس المُسكرة , والتسريحات الفاتنة , والملابس الغريبة , والألفاظ النابية , والشجارات العنيفة , ليخرج لنا مسلسلاً يحكي حال دولة تتبرأ من تلك الأحداث !
ذلك المُتفرّس لا يكمل سباقه , ولا يربح فيه شيءً , بل يخسر كل شيء , إلا المال الحرام !
همسة: تذكر عزيزي القارئ بأن رمضان مرة واحدة بالسنة , أما البرامج والمسلسلات في طوال السنة !
لا أريد إكثار الحديث في هذاا لمضمار , فهو يزعجني جدًا !!
المضمار الثالث والأخير حتى لا أطيل عليكم , هو مضمارٌ يشغل النساء أكثر من الرجال , فيا بنات جنسي , إن رمضان أجدر وأحق من أن نُفنيه على عتبات السوق , فكفاكن تسوقًا في شهر الطاعة , يكفيكن يومًا واحدًا أو يومان للانتهاء من التجهيز للعيد !