سبع سنين وجراحك ما زالت نازفة في فلسطين .. وآلامك لم تجد لها بلسماً ولا دواء .. كنت حينها تزفّ روحك إلى السماء وتبقى درّة يا محمد .. وتختلف الأسماء والعناوين ولا ندري مَنْ ومَنْ بعد هذا السكوت المقيت والصمت البغيض .. والهرطقات التي لا تُسمن ولا تُغني من جوع .. وجراح فلسطين تمضي لتصنع لغدنا حياة . هنيئاً لنا بصانعي المجد من الصغار أبناء الحجارة قرّة العين .. ولله الأمر من قبل ومن بعد .

 هناك يتحجّر الزمان .. وتحتضر الأيام .. حيث يمزّق الغدر أجساد الورود .. والكل ينادي السلام الأمان ..

مزّقوا البسمات .. داسوا زهور البساتين .. اقتلعوا الأعين والأسنان ..

واللهيب المجنون ألصق محمداً الشهيد بالجدار كأنه منه كان ..

درّة (1) سيبقى يفصل الحق بها عن الباطل في سائر الأزمان ..

دقت الساعة تنتحب الزمان .. دقائقها أعلنت موت محمد .. براءة النور .. ابن عشر واثنتين .. مرّ على جسده الفضي سيف النار فأصبح في خبر كان ..

لم يشفع له الجدار .. وأنه من الصغار ..

إنها ليست حكاية جدّة للأحفاد .. لكنها حكاية محمد تناديك يا إنسان :

" أنا طفلك الذي قد مات .. ماذا ستقول لأمي غداً .. ولإخوتي عندما يسألونك عني .. خرج مع أبيه بدون استئذان !

أنا يدك اليمنى يا أنتَ الذي تسمع الصوت .. قطعوا منها كلّ بنان .. وتركوك لا تقدر على الشهادة .. لكنني قلتها قبل أن أموت :

( أشهد أن لا إله إلا الله .. وأنّّ محمداً رسول الله )

وأنت لن تصلي بها بعدي عند كل أذان .. وتركوك لا تقدر على حمل القرآن ..

أنا محمد أيها الناس في كلّ مكان .. اسمعوها مني وانشروها في الأصقاع والبلدان .. قاتلي والله حقير وجبان .. مزّقت سيوف ناره جسدي .. أسكتت قلبي .. لكنها لن تخرس للحق لسان " ..

وتغمض الأرض جفنيها على جسد محمد الشهيد .. فهو في طهر الرحيل حيّ يراه الديّان ..

وينادي صوت محمد وهو يملأ الأعين بصورته : "سأخرج لك يا قاتلي من كل مكان .. أزلزل الأرض .. أزرع الصبر .. أمشي فوق الشوك .. ولا أخشاك .. فأنت الجبان " ..

ويحتضر في فلسطين المكان .. ويختنق الزمان .. ملعونة أيّامك يا قاتل الأطفال .. كنت باراك .. أو نتن ياهو .. أو ديّان ..

نمْ يا محمد أيها الشهيد جلّلتك رحمة الرحمن ..

أمة الخير والحق .. هبّي لنصرة الأقصى .. أشعليها غضبة تنقذ البيت من الدنس .. لا تتركيه حزيناً يتأوّه .. فأنينه اختلط مع الأذان ..

اللهم تقبّل أبناءنا الضحايا .. وثبّت لهم الأقدام .. وامحق دولة الظلم .. ليطهر المكان .. ويغني بهم ولهم الزمان .

  _____________________________

(1) إشارة إلى العصا التي كان يحملها الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكانت تسمّى "الدرّة" !

 

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية