يقول الشاعر الفرنسي أراغون " المرأة هي مُستقبل الإنسان ".
تَبتدرُ شهرزاد الأسطورية, هذه الليلة السنية, مُتسائلةً:
لماذا تدور الكواكب الشمسية حول الشمس؟, ولماذا تجري وتسبح وفق اتساقٍ مُحكمٍ مُنظمٍ في المدار الفلكي؟
.. يبدو للمُتمعن فيزيائياً, أن ثمّة قوى جذبٍ تبادليّه بين كل كوكبٍ يتبخترُ على المدار, والشمس, بيد أن كلاً ًمنهما يُؤثرعلى استقرار دوران الآخر, بل وكلما اتسعت أقطار الدوائر الفلكية للكواكب, عظُمت قوة التأثير والتغيير عليها, لازدياد قوة الجذب الى مركز المدار الكوني " الشمس " .
تلك الطبيعة الكونية المحضة, أشبه ما يكون بوضع المرأة التّبادلي في المجتمعات الإنسانية مع الحركات الّتّحرُريّة التّغريبية التي تُمثل قوة شد وربط لأوضاعها الإجتماعية على خارطة الأفلاك الفكرية في عصرنا هذا, ولعلّ أبرز قوتين تحرريتيّن فكريتين تجاذبت معهما المرأة المُسلمة, أطراف التحرير المهترىء , القوتين الآتيتين:
القوّة التّحرريّة الفكرية الأولى: حركة تحرير المرأة " التي قادها قاسم أمين في القرن العشرين, وهي حركة إجتماعية تَحرُرِيه, تتبنى مبدأ تحقيق المُساواة بين قطبي الحياة " الذكر والأنثى", في مختلف المشارب السياسية والإجتماعية والإقتصادية والفكرية والأدبية, دون الإكثراث للمبادىء القرآنية القويمة التي حددها الشارع, والقائمة على سنّة التفاضل بينهما, تواؤماً مع طبيعة الفوارق الظاهرية والضمنيّه البيلوجية منها والسيكلوجية, ففي الدستور الإلهي تسطع بوضوح آية ((و ليس الذكر كالأنثى )) .
القوّة الّتحرريّة الفكرية الثانية: حركة التّمركز حول الأنثى: والتي تعملُ جاهدةً على تكريس مفهوم العداء المُقيت المُستميت بين الذكر والأنثى واستشاطة روح التنافر الطافرة بينهما, بل تمتد إلى إشاعةِ أراجيفِ فكرية تستهدفُ تقويض بنيان الدين والتاريخ واللغة, باتهامه بإجحاف حقوق المرأة, واضطهاد وجودها, وتهميش دورها, وضعضعه فكرها, وتفضيله للرجل في مواطن نهضوية عديدة, مُتناسين بذلك الحكمة السماوية في صياغة الأدوار الإنسانية لكلاً منهما وفقاً لطبيعتهما, والمثير للإستغراب حقاً, أنّ تلك التّحركات لا تستهدف عوام النساء في المجتمع, وإنما تعمل على استيطان أوحال النُخب النسوية الواعية لاستنهاض ثورتها العاطفيّه, بإشعالِ جذوة ذلك العداء المُقيت بينهم من منطلق التّفضيل الذكوري في مختلف الدساتير, مُحركةًً إياهم نحو التّمرد على الدين والدولة, وتغبيش اللغة والتاريخ, ومسخ الأصول والثوابت, وطمس نواميس طبيعة المجتمعات الإسلامية المُحافظة, من أجلِ صياغة ثقافة وضعية تجديدية, تربو على سفوح العدالة المزعومة, وتعتلى قمم المساواة الهشّه !
إنّ الناظر ملياً في تعريجاتِ تلك الحركة المُتمحورة حول نون النسوة, يبصرُ بوضوح الخطط التغريبية المُعلبة, التي تخلع المرأة المُسلمة شيئاً فشيئاً من جلباب الدين الإسلامي الحق, الذي كفل لها الحصانة الإجتماعية, والأمانة الروحية, والمناعة الفكرية, ما يجعلها تتنشق عبق الحياة الرغيدة المحفوفة بالفضيلة لا الرذيلة.
عزيزي القارىء.. استعراضي لتلك التّحركات الهوجاء التي تُلقي بسهامها على صانعة الأجيال الإسلامية القائدة , ليس إلاّ لتفعيل الركن الأول كما أرساه الإمام حسن البنا-رحمه الله- في فلسفة نشاط العمل الإسلامي والمُتمثل في " الفهم", فالفهم العميق لطبيعة ديننا ودعوتنا, والإدراك الواعي للدسائس التي تُحاك من قبل أعدائنا, لهوَ السبيل الأمثل للإحاطة بها واحتوائها وحلها, بل والتّصدي لها ببسالة.
لذا سأتناول في سلسة مقالاتي الفكرية القادمة التي ستتزيّا بعنوان " التّبرير لصد جحافل التّحرير", مختلف الشبهات التي تُدار من قبل دُعاة التحرير الزائف, لصد جحافلها الواهية الواهنة, بسهام التّصور الإسلامي الحضاري لماهيّة كلاً منها.
دعوة لأمة إقرأ:
قراءة كتاب " الأسس الفلسفية للفكر النّسوي الغربي " لكاتبته: خديجة العزيزي, والصادر عن دار بيسان.
وسَكتتْ شهرزاد عن الكلام المُباح, عندما أدركها الصباح !.