لقد أصبح مصير الأمم ومستقبلها يرتبط ارتباطاً وثيقاً بقدرة أبنائها على التفاعل مع آليات العصر وتطوراته المذهلة والسريعة في مختلف مجالات الحياة، وبخاصة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي فتحت أمامنا أبواباً جديدة للمعرفة والتفكير بل وللتواصل بين الناس دون اعتراف بالفواصل الزمانية و الحدود الجغرافية والفوارق الاجتماعية.

ويعتبر الحاسوب بما يتضمنه من برمجيات مختلفة أهم أدوات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، فقد أكدت نتائج الدراسات والبحوث العلمية أن استخدام برمجيات الحاسوب يؤدي إلى النمو اللغوي والمعرفي والعقلي لدى الأطفال، كما أكدت نتائج بعض الدراسات فاعلية برمجيات الحاسوب في تنمية أنماط التفكير لدى الأطفال مثل :التفكير الإبداعي والتفكير العلمي والتفكير الناقد.


و التفكير الإبداعي يكتشف فيه الأطفال علاقات جديدة ، ويسعى إلى إنتاج حلول وأفكار جديدة ومتنوعة، وذلك عندما يواجهه موقف جديد أو يتعرض لمشكلة ما.

وللأسرة دور مهم في تنمية الإبداع لدى الأطفال، فهى التي تزرع البذرة التي تنبت منها شجرة إبداع الطفل ، وذلك من خلال توفير بيئة صحية خالية من المشكلات مليئة بالحب والحنان والنصح والإرشاد لكل سلوك يقوم به الطفل، فإتاحة الفرصة للأطفال للتعامل مع الحاسوب يكسبهم الاعتماد على أنفسهم في التعلم ، كما يكسبهم الثقة بالنفس.

ويسهم الحاسوب في تنمية الإبداع عند الأطفال من خلال مزاياه المتعددة؛ حيث يتيح لهم فرصة اختيار ما يرغبون في تعلمه واكتشافه ، واستخدام استراتيجيات متعددة لحل المشكلات التي تواجههم، كما يوفر لهم حرية التجريب بغض النظر عن النتائج المترتبة على ذلك، ويطور تعلمهم المبكر للقراءة والكتابة، وينمي مهارات التواصل لديهم، ويعزز نموهم الحسي الحركي، فضلاً عن الارتقاء بقدراتهم العقلية.

وتوجد أنواع مختلفة من برمجيات الحاسوب التي يمكن أن يستفيد منها الأطفال في المراحل المختلفة.

وسوف يقتصر حديثنا عن برمجيات الألعاب التعليمية، وذلك لأنها أصبحت تشكل جزءاً لا يتجزأ من حياة الأطفال. ولكن لماذا الحديث بخاصة عن الألعاب التعليمية ؟

إنه من الملاحظ أن الألعاب التعليمية هى أكثر برمجيات الحاسوب جاذبية لاهتمام الأطفال، وذلك لتنوعها ومراعاتها لخصائص كل طفل، كما تؤكد الدراسات الحديثة أن لعب الأطفال هو أفضل وسائل تحقيق النمو الشامل المتكامل لهم؛ ففي أثناء اللعب يمارس الطفل عمليات عقلية مهمة: كالفهم والتحليل والتركيب وإصدار الأحكام ، كما يكتسب بعض العادات الفكرية المحببة كحل المشكلات والمرونة والمبادرة والتخيل و التي تثري إمكانياته العقلية والمعرفية وتكسبه مهارات التفكير المختلفة.و يرى عديد من الباحثين أن الأطفال الذين يمارسون الألعاب بكثرة في مرحلة الطفولة هم أكثر ميلا لأن يصبحوا علماء وفنانين في مرحلة الرشد.

وتنقسم الألعاب إلى الأنواع التالية:

1- ألعاب الحركة : وتشمل هذه المجموعة الألعاب الرياضية ، كالمصارعة والكاراتيه وغيرها، وهذه الألعاب يجب أن نفكر كثيراً قبل اختيارها ، فالألعاب التي تتضمن عنصر القتل والتدمير يجب الإبتعاد عنها وعدم اختيارها لأنها ستعمل على تنمية سلوك العدوان لدى الأطفال كما أكدت على ذلك نتائج البحوث العلمية ، ويمكن أن نستخدم ألعاب الكرة بجميع أنواعها و الجولف والبيسبول ، حيث تساعد هذه الألعاب الأطفال على تعلم المهارات الخاصة بكل لعبة على حدة، كما تحثهم على التفكير وبناء استراتيجياتهم لتحقيق الفوز.

2-ألعاب ممارسة الأدوار: وهى من الألعاب الأكثر شعبية بين الأطفال وتسمح للطفل  بالتحكم في مجموعة من الشخصيات، وتتضمن أيضا العديد من عناصر المغامرة والحركة.

3- ألعاب المحاكاة: تعتمد تلك الألعاب على إعادة تمثيل أو تكوين تجارب واقعية باستخدام الكمبيوتر مثل ألعاب محاكاة قيادة الطائرات .

4- ألعاب الألغاز: ويحاول فيها اللاعب القيام بمهمة ما من خلال حل بعض الصعوبات ، ومن خلال استخدام المهارات العقلية، وهى بذلك آداه مساعدة لتنمية المهارات المختلفة .

ويجب علينا أن لا نحرم الأطفال من ممارسة هذه الألعاب لأنهم يجدون فيها المتعة والإثارة وجذب الانتباه، كما أنهم يكتسبون منها مهارات لا يمكن اكتسابها من خلال الوسائل التعليمية الأخرى، هذا إذا ما أحسن اختيارها بشكل جيد.

ومن الأمور التي ينبغي مراعاتها عند اختيار ألعاب الأطفال ما يلي:

- أن تكون هادفة وتلبى احتياجات الطفل وتنمى عنده سلوكيات مرغوب فيها.

- أن يكون موضوعها مناسبا لسن الطفل.

- أن تكون بسيطة وواضحة ولا تتطلب من الطفل معارف ومهارات تفوق إمكانياته وقدراته.

- أن يتمكن الطفل من استخدامها والتحكم فيها بدون مساعدة الكبار.

- أن تقدم محتواها بصورة تجذب انتباه الطفل وتدفعه لإكتساب المزيد من الخبرات.

- أن تتضمن أنشطة تساعد الطفل على الاكتشاف وحل المشكلات.

-أن تخلو من السلوكيات العدوانية غير المرغوب فيها ، وكذلك العادات السلوكية التي تخالف عادات المجتمع وثقافته.

وقد يتولد الخوف لدى كثير من أولياء الأمور على أطفالهم الذين يستخدمون الحاسوب بمفردهم معتقدين أن ذلك يصيبهم بالعزلة ويفقدهم المهارات الاجتماعية اللازمة للتواصل مع الآخرين، كما أنهم يتخوفون من المشكلات الصحية التي قد تصيب الأطفال نتيجة استخدامهم للحاسوب لفترات طويلة ، ولكننا إذا استخدمنا الحاسوب بصورة ملائمة لن يؤدي إلى تلك المخاوف ، فقد أكدت معظم البحوث التربوية أن الحاسوب يقدم فرصاً تعليمية فعّالة للأطفال عندما يستخدمونه بطريقة صحيحة وملائمة.

ولذلك علينا أن نترك أطفالنا يمارسون اللعب من خلال الحاسوب، بشرط أن يكون ذلك بمتابعتنا وتحت إشرافنا وتوجيهاتنا المستمرة، فاللعب كما يرى علماء النفس يمثل أرقى وسائل التعبير في حياة الأطفال، ويشكل عالمهم الخاص بكل ما فيه من خبرات تؤدي إلى نموهم المعرفي  والمهاري .


عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية