- لا لا أستطيع المشاركة بالمسابقة الرياضية ..أخاف من الفشل !
- كيف أقرأ هذا الكتاب ؟ فأنا أحب القراءة لكني لا أملك الوقت !!
- لا أتخيل أن أقف أمام الجماهير وأتكلم بطلاقة .. إنها مهمة صعبة جدا !
- كتابة المقال يحتاج لأسلوب أدبي.. وقلمي ليس قويا، يكفيني نشر خواطري بالمدونة.
- لا لا مستحيل أن أقنع أحدا بفكرتي ..أسلوبي في الطرح غير مقنع ..صدقوني.  
- أنا أدير المشروع ؟!! هذه طرفة جديدة .. أين أنا وأين المشاريع ؟؟
- (انجاز، إبداع ، نجومية ، نجاح) مصطلاحات تتزين بها الصحف والكتب، أما نحن فنحلم بها،
لأن تحقيقها يحتاج لأموال كثيرة أو علاقات متينة .. ولا أملك أيا منها !!



تعودنا كثيرا على سماع نغمات هذه العبارات، حتى بات صداها يدوي في الآذان وإن لم يكن هناك من يقولها، فالبعض يلفظها بعينيه والآخر يحكيها بتصرفاته، أليس ما يتكرر يتقرر، ولأن التكرار يعلم الشطار فصرنا شطارا في تكرارها، والبعض يغرس هذا الإحباط في نفسه أولا، ثم يثبتها على من حوله، ويصل في اتقانها إلى درجة الاحتراف، وكأن لسان حاله يقول: استسلموا..هذه هي ظروفنا وتلك هي أوضاعنا، ولا مجال للتغيير هنا، فلنرفع القبعة مرددين: " آمنا وصدقنا ".


قبل أيام زار الكويت الشاب الأسترالي  نيكولاس ڤويتشيتش، سمي بلقب المعاق المعجزة لأنه معاق من طراز آخر، فهو طل على هذه الدنيا بدون أطراف، لا يدين مع الذراعين، ولا رجلين من القدم وحتى نهاية الساقين، بل فقط لديه عضو صغير ذو أصبع واحد كالقدم ، إعاقته غريبة وتثير الشفقة إلى حد بعيد، حضر إلى الكويت وألقى بعض المحاضرات في جامعة الخليج وعلى مسرح غرفة التجارة والصناعة، فاق حضور لقاءاته 450 شخص، لم يحضر هذا الكم الهائل من البشر ليتفرجوا على زرقة عينيه، بل ليستمعوا إلى تجربته وهو يخاطب بتفاؤل، والابتسامة لا تفارق محياه، والثقة تشع من عينه ليحدثهم عن نجاحاته وإنجازاته .


أخبرنا نيك (اختصار إسمه) إنه أقبل على الانتحار وهو في سن العاشرة، حيث كان يواجه الكثير من العثرات في مسيرته، إلا أنه في لحظة ما أيقن تماما أن هذه مشيئة القدر، وإعاقته إجبارية وليست اختيارية، لكن خريطة حياته إختيارية وعليه أن يرسمها بدقة، وإلا فسيتعثر أكثر، اكتشف أن بإمكانه فعل الكثير لنفسه وللآخرين أيضا، اقتنع  نيك بأنه إن لم يزد شيئا على الدنيا فسيكون زائدا عليها، حتى لو كان ناقص الأطراف، وبدأت رحلة التحدي مع النفس والوضع القاهر، فأصر على التغيير وأذهل العالم بالنتاج المثير.


نيكولاس اليوم ماهر في ركوب الخيل والسباحة وكرة القدم ولعبة الغولف، ويطبع 43 كلمة على الكمبيوتر في الدقيقة الواحدة، كما أنه يدير شركتين وهو الآن في 27 من عمره، وألقى خمسة آلاف محاضرة في 28 بلد حول العالم ، زار فيها المدارس والمستشفيات والسجون حاملا رسالته لا لليأس ولا للاستسلام، ولديه الكثير من الإنجازات بإمكانكم الاطلاع عليها بعمق من خلاله موقعه الشخصي.


الكاتبة سمية الميمني مع نيكولاس ڤويتشيتش


رغم حجمه الضئيل وارتدائه لثياب ذات مقاسات صغيرة ،إلا أن حجم طموحاته (دبل إكس لارج)، قد يصنفه العالم بأنه معاق، وقد تلاحقه نظرات الإشفاق، لكنه أبى الإخفاق، وسمع لصوت في الأعماق، بأن هناك عملاق يود الانطلاق، أثبت حقيقة تلك المقولة التي تقول ( تستطيع أن تترك بصمة ولو كنت تملك أصبعا واحدا )، بل جاوزها وترك بصمات عديدة في عشرات المجالات.
الآن من هو المعاق ؟ هذا الذي بلا ذراع ولا ساق ؟ أم ذاك الصحي الذي لا يطاق ؟ الذي أنعم الله عليه بالعافية وسلامة الأعضاء، لكنه يخشى المبادرة ويهاب المحاولة، بل لم يخطط من البداية كيف تكون النهاية، تمر لحظات حياته وهو مع الركب يسير، لا يدري أنه يمشي أم يطير، يجهل موقعه ويخشى المصير.


نيكولاس حجز لنفسه مقعدا في "فيرست كلاس" ، والدور عليك.. أين ترى نفسك، قائد في مقدمة المسير أم قاعد في الجزء الأخير؟


عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية