إن الإسلام في مقدمة الأسس والمبادئ التي بنيت عليها الكويت باستمرار، سواء في وثيقة دستور 1962 أو غيرها من الوثائق الدستورية (مجازًا) السابقة واللاحقة، ومن يصف الكويت بأنها دولة علمانية، إنما يخالف النصوص ويغالط الحق والحقيقة، وعلينا استكمال تطبيق الشريعة الإسلامية في قوانينا الفرعية ودوائرنا الحكومية وممارساتنا العمومية، فهي قبل وبعد كل شيء: {صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون} البقرة 138. وقد بينت في المقال الأول زيف أسطورة (علمانية) وطننا الحبيب، وذلك من خلال نص دستور الدولة ذاته على أنها ذات دين، وهذا الدين هو الإسلام، كما أوضحت أن الإسلام يشيد دولة – أو دول – تقوم على سيادة القانون وتعدد السلطات وكفالة الحريات وضمان الحقوق ووضع القوانين الصالحة للمواطنين، بغض النظر عن دين المواطن أو أصله أو جنسه أو ثرائه. ومن جانب آخر فإن دستور دولة الكويت 1962 لم يقف عند حد المادة الثانية منه، بل كان صريحًا في أكثر من جانب، بأن تطبيق المواد الأخرى في باب (الحقوق والواجبات العامة) وغيره، يتم وفقًا للنظام العام للدولة، والذي هو قائم أساسًا على الإسلام، وانظر إن شئت إلى نص المادة 18 وهي تتكلم عن حق التملك ثم تعقب قائلة: (والميراث حق تحكمه الشريعة الإسلامية). وانظر كذلك إلى قول المذكرة التفسيرية الإلزامية، في أول سطورها الشارحة للتصور العام لنظام الحكم: (امتثالاً لقوله تعالى "وشاورهم في الأمر"، واستشرافًا لمكانة من كرمهم في كتابه العزيز بقوله "وأمرهم شورى بينهم"، وتأسيسًا بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في المشورة والعدل، ومتابعة لركب تراثنا الإسلامي في بناء المجتمع وبناء قواعد الحكم ... وضع دستور دولة الكويت) انتهى. - وانظر أيضًا إلى قول ذات المذكرة: (نصت هذه المادة – المادة 33 – على كون "العقوبة شخصية"، وذلك تطبيقًا لقوله تعالى "ولا تزر وازرة وزر أخرى")، والمقال ليس مقام حصر لكل الشواهد الدستورية الصريحة في مكانة الشريعة الإسلامية في الدولة، ويقع على عاتق الشعب بعمومه، واجب دفع مجلس الأمة إلى (الأخذ عاجلاً أو آجلاً بالأحكام الشرعية كاملة وفي كل الأمور) بحسب نصها المقر بذات آلية إقرار الدستور. - ولو نظرنا للوثائق الأخرى، لوجدنا الالتزام بالشريعة الإسلامية والقرار بأن (( البيت الكويتي الجديد يجب أن يركز على إسلامية التربية والخلق والممارسة، لتنشئة جيل مؤمن بربه، مدرك لعظمة الإسلام وصلابته في الحق))، هو أول مقررات مؤتمر (جدة) الشعبي في 15 أكتوبر 1990 لبناء الكويت المحررة. - ولم يكن حال (الصامدين) مختلفًا حيث اعتبرت 88 شخصية موقعة على وثيقة (الرؤية المستقبلية لبناء الكويت) الصادرة في 31 مارس 1991، أن تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية مطلب أساسي ودعامة أولى للتعمير بعد التحرير، ومنهم السادة: (محمد العدساني، عبد الله المفرج، يوسف النصف، د. جاسم المهلهل، خالد سلطان بن عيسى، أحمد الديين، عادل الصرعاوي، عيسى الشاهين، عدنان سيد عبد الصمد، عبد الله الرومي، أحمد باقر، عبد الوهاب الوزان، صالح الفضالة، عبد الله النيباري، د. أحمد بشارة، طاهر المزيدي، مخلد العازمي، ود. غانم النجار). ختامًا : فإن العلمانيين الجدد من (المتطرفين) في عدائهم للدين، و(المنسلخين) عن الثوابت القومية والسيادية، و(المستوردين) للأفكار الشاذة عن واقعنا، إذا عدموا الوسيلة في إثبات علمانية الدولة، أمام النصوص الصريحة في كوننا في دولة دينها الإسلام، فإنهم يثيرون الشبهات والمغالطات، ويخلطون الأوراق ويحرقونها! وهو ما سأتحاور به معكم في مقالة قادمة إن شاء الله، والحمد لله أولاً وأخيرا.

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية