مع صحوة النهار، و"الله أكبر"، وضوء بالماء البارد، ووقوف اتجاه القبلة، صلاة، ودعاء، ووقوف وذهاب إلى العمل، ورسم ابتسامة الأمل.
أرتاح أنا في العمل، ومع أنني -أحيانًا- أدعو على "قاسم أمين" وأمثاله، ممّن دعوا إلى تحرير المرأة، وإنزالها الى ميدان العمل!
أحب الراحة، وأحبّ الشعور بعدم الالتزام، وأكره تحمّل المسؤولية، ومع ذلك رائدة أنا في العمل، وأنجِزُ مهامي بدقّة، وأقوم بمسؤولياتي بإخلاص!
ورُغم ذلك؛ أكرهك يا قاسم أمين! لقد كنتُ اليوم أنعم بالراحة، ومع أنني اعتدتُ على العمل، وهو يقوم بوقايتي من العوز، ومن الفقر، ومن الحاجة، وبه أكون إنسانة قويّة؛ أملك قراري وأملكُ المال، ورغم ذلك أدعو على قاسم أمين!
كلّما اشتدّ بي الحنين إلى الراحة، وكلّما ازداد فوق رأسي العمل، وكلّما واجهت أمرًا أزعجني، أو التقيتُ بأناسٍ جهلة.
مثلًا لو أنني غير ملتزمة؛ لنمت بعد صلاة الفجر، ولم أكن مضطرة إلى البقاء مستيقظة منذ الرابعة فجرًا كل يوم، ولا أرتاح إلا عند العشاء، وهكذا!
ولأنني فُطِرتُ على التّباكي، والتشاكي، ألقيتُ لومي على الكاتب قاسم أمين!
ومع أنني عندمَا امتحنتُ في مادة الأدب العربيّ، وأنا في المرحلة الثانويّة، وكان نصُّ المسابقة عنوانه: تحرير المرأة، للأديب: قاسم أمين، نلتُ علامة ممتازة وتنويه! ويا أيها الكاتب العظيم -رحمك الله- لو كنت تدعنا نبقَى في البيوت؛ نطبخ، ونكنس، ونربّي، ونتجمّل للسيد، أقسمُ أننّي أغار من جدتي، فقط كلما اشتد حنيني إلى الراحة وإلى البقاء في المنزل، ومع ذلك رحمك الله، وأسكنك فسيح جناته؛ لأنك لم تكن تعلم أننا بالنزول إلى العمل سوف ننسى بأننا نساء!
يا كلّ امراةٍ تعمل! خففّي عنك من التعب؛ فالحياةُ كلّها كذلك، من المهد إلى اللحد، والله ينجينا وإياك من شرور الدنيا والآخرة، وخاصة جهنم.
ولقد سبق القول عليها، وأكثر أهلها من النساء، يا ألله! أجرنا من عذاب النار.
التدقيق اللغوي لهذه المقالة: أفنان الصالح