قبل أيام تصدر عنوان عريض جذاب الصحف والمجلات ومواقع التواصل الاجتماعي وشغل الناس أنفسهم به مطولاً وهو اليوم العالمي للمرأة، ولا أدري هل الأيام الباقية حكرًا على الرجل؟ أم أرادوا للمرأة أن تتميز في هذا اليوم دون سواه.
وهل يكفي يوم واحد لتكريم المرأة؟
إن الذين حددوا يومًا للمرأة، هم الذين أطّروا القوانين التي تسمح بانتهاكها حينما تعرض جسدها أمام الشاشات وفي إعلانات التلفزيون ودور الفن والأزياء، بل وتعمل إلى جانب الرجل في تنظيف المراحيض العامة، وفي مناجم الفحم وفي محطات تعبئة الوقود، وفي عربات القطار، غذوا فيها (الّندّيّة) بأن تكون ندًّا كونها صنو الرجل بكل شيء فلم يبق إلا أن يقسموا الحمل والولادة بينها وبينه، فألبسوها التاج في يوم واحد وصادروه منها في سائر الأيام الأخرى من العام فأوغلوا في امتهانها وتحريرها من كل فضيلة حتى الأمومة أرادوا انتزاعها تحت مسميات عدة.. فمن قوانين لجنة المرأة في الأمم المتحدة الحرية الجنسية، كأن تتخذ المرأة فوق الثامنة عشرة أيًّا ما ترى من صديق أو خليل أو عشيق، وأن تمارس السحاق مع بنات جنسها كحرية شخصية، ومنع الزواج المبكر تحت سن الثامنة عشرة، وتدريس الثقافة الجنسية في المدارس، وتوزيع أقراص منع الحمل من أجل جنس آمن..والقائمة تطول.. وهكذا نسفوا بعرض الحائط كرامتها وعفتها، وتناسوا مسؤوليتها الأولى كونها ربة منزل، بل قوّضوا بنيان الخلية الأولى في المجتمع، وهي الأسرة، فكيف ستكون هناك أسرة صالحة ما دامت المرأة مغيّبة عن دورها الأساسي؟
أرادوا لها التميز بالعري والانحلال وملاحقة فوضى الموضة، ومغادرة الحياة الزوجية وكلها معاول هدم في جسد الثقافة الإسلامية المتهاوي أصلًا..
ثم يحدثوننا عن يوم عالمي للمرأة، ولم يلتفتوا لتلك النسوة اللائي يعشن في جاهلية جهلاء في مناطق النزاعات والحروب، وكيف يتم استغلالهن جنسيًا وماديًا في مخيمات اللجوء، ولعل البلاد العربية تدفع ثمناً باهضًا في هذا المجال..وأخص بالذكر دول الربيع العربي الذي ذبلت أزهاره قبل أن تتتفتح..
ماذا وفرت قوانين الأمم المتحدة للمرأة غير أقراص منع الحمل؟ والسماح بالإجهاض؟
هل حرصت على توفير فرص العمل والتعليم، ودورات التدريب للاعتماد على الذات..في اليوم الذي يحتفى بهذا المخلوق الجميل(المرأة) تتعرض للاغتصاب على يد الوحوش من البشر في السجون والمعتقلات، وتباع في سوق النخاسة من جديد.. والأمم المتحدة تبارك للجاني وتنافح عن الضحية باليد نفسها..في سوريا والعراق واليمن ومصر وليبيا وتونس والسودان وموريتانيا..والصومال وجنوب إفريقيا..تعيش المرأة فقرًا فكريًا وثقافيًا مدقعًا، بينما تنفق المليارات على اختيار ملكات الجمال في عواصم النبيذ والضباب.
لم يكرم أحد المرأة كالدين الإسلامي، حرم وأدها، وأعطاها حريتها، وصان كرامتها، وكل ما يفعل سوى ذلك ما هي إلا دعاوى مضللة، الغرض منها النيل من المرأة بأن تركب الموجة دونما وعي أو تفكير، لتكون سلعة رخيصة مستهلكة بأيدي المنتفعين من تجارة الجنس والمال.
في يوم المرأة وفي كل يوم ..تحية للأمهات جميعًا، وأخرى لا تقل عنها للنساء العاملات كل في موقعها، وتحية أخرى كبيرة جدًا لتلك النساء الصامدات في غياهب السجون..وتحية لنساء المخيمات اللائي تجرعن الغصص، لصنع واقع أجمل مما كان، فتفاجأن بواقع لا يقل بؤسًا عما كان.
تدقيق: لجين قطب