نعيش اليوم عصر التكنولوجيا والمعلومات حيث باتت فيه للأرقام أهمية خاصة وضرورة ملحة لا غنى عنها، فصار عالم الرقميات يطغى على المفردات والعبارات في الحياة اليومية، وغالبا ما تكون هذه الأرقام مرتبطة بالحالات النفسية كالقلق والتوتر لدى الأفراد والمؤسسات، فابتداء من حياة الطالب المدرسية والجامعية وعلاقتها الوثيقة بالدرجات التي تحدد معدل النجاح والرسوب وانتهاء بالحياة العملية التي تبنى عمادها على أرقام معينة

تترجم كمبلغ الراتب ومدخول الأعمال الحرة أو مؤشرات البورصة وما لها من تأثير مباشر على الرصيد البنكي وبالتالي رصيد الراحة النفسية ، وعلى الساحة السياسية تأتينا سلسلة أرقام الأصوات التي يترقبها النائب البرلماني ويبذلون قصارى جهودهم لكسب أعلى الأرقام ،  وهكذا تدور عجلة الحياة ما بين صفر ورقم 9 ومضاعفاتها.

وعند الحديث عن الأرقام لا ننسى دورها الكبير في تحريك وتشغيل أهم حاجاتنا اليومية والتي أصبحت لصيقة بنا كأعضائنا الجسدية ألا وهي أجهزة الكمبيوتر والهواتف النقالة ، ولنا أن نتخيل كيف " تعتفس " الحياة رأسا على عقب عندما تضيع شريحة الهاتف أو يتعطل النقال، فتنقطع أسلاكك مع العالم دون سابق إنذار وكأن الهواتف أنشأت منذ تكوين البشرية ، وهكذا أيضا عندما تقول موظفة في إحدى الإدارات للمراجع ( السستم خربان ) أي شبكة أجهزة الكمبيوتر تعطلت قليلا فنجد الشلل يصيب حركة العمل وكأن أحدا ضغط على زر stop  فتقف الأنفاس في شريان العمل وتتجمد الأعمال ، لا أدري كيف عاش أجدادنا حياة هنيئة وسعيدة بعيدا عن الأوجاع الرقمية .

لماذا الأرقام ؟

 سبب هام جدا جعلني اليوم أشرع في الحديث معك أيها القارئ عن دنيا الأرقام ، فبعد أن تزاحمت القنوات الفضائية على الشاشة الصغيرة كزحام السيارات في نهار أول يوم للدوام، وبعد أن كثرت وتكاثرت برامج المسابقات وجوائزها المغرية صار الجميع يتمنى ويحلم بالمليون (دينار أو درهما أو دولار ) وذلك من خلال اتصال على صديق أو إرسال إجابات على أرقام التي تتراقص أسفل الشاشة وتشتت النظر ، فحلم الحصول على أضخم المبالغ بأقل الأتعاب أصبحت رغبة لا تقاوم ، ولكن إلى متى ستستمر عقلياتنا الضئيلة مغلقة في زجاجة ضيقة وتسبح في محيط المكاسب الدنيوية والرغبات الفوضوية فقط ؟ إلى متى سنستخدم هذه الأرقام لحساب المعدلات والمبالغ والأصوات وغيرها من سلسلة الزائلات الفانيات ؟
عقل المسلم أوسع وأكبر وبإمكانه جمع حسابات أشمل وأكمل حتى تكون الوديعة في بنك أبدي ذات أرباح عالية وخيالية .


لتصبح ملياردير اتصل على 2443421

لو انتشر بين عامة الناس رقم مباشر لأمير دولة ما أو ملك مملكة ما، ويعلن أنه عند اتصالك على هذا الرقم يرد عليك الملك أو الأمير نفسه ليستمع إلى شكواك وحاجاتك وما يخفيه القلب في صدرك من هموم ، ثم يساندك ويقف إلى جانبك ويوفر لك كل ما توده وتتمناه ، فكيف تتوقعون ردة فعل أبناء آدم وحواء تجاه هذا الإعلان ؟ وكيف سيكون الإقبال على هذا الرقم ؟
 نحن الأمة الإسلامية أكرمنا برقم مباشر لنتواصل من خلاله مع ملك الملوك وأمير الأمراء مع خالق الأكوان الذي يحيي ويميت وهو حي لا يموت على رقم 2443421
هذا الرقم الذي لا يحتاج إلى أجهزة سلكية أو لاسلكية من الهواتف إنما يحتاج إلى خشوع وخضوع فوضوء ثم الإقامة ، إنها الصلوات المفروضة علينا عند أدائنا لها في وقتها دون تأجيل أو تعجيل نخاطب عز وجل ونشتكي له ما نعانيه ، فهذا الرقم عند تفكيكه ستجد عدد ركعات الصلوات المفروضة بالترتيب مع ركعتي الشفع وركعة الوتر التي تأتي من السنن المؤكدة
فالاتصال على هذا الرقم باستمرار وبانتظام دون انقطاع ثم الطلب والمناجاة بإخلاص يزيد من رصيد الأجر والثواب دون حساب ، وهذه هي الثروة الحقيقية لتصبح أكبر ملياردير .

تجاوز حدود 5000  صوت

 عدد إجمالي طلبة جامعة الكويت حوالي 20000  طالب وطالبة ، وعدد المقترعين سنويا في انتخابات الاتحاد الوطني لطلبة الكويت بحدود10000  طالب وطالبة ، وفي العامين الأخيرين وجدنا تجاوز الصوت الإسلامي المعتدل لحدود 5000  صوت ، هذا التزايد وهذا التصاعد في صف قائمة معتدلة واندفاع الشباب لاختيار التوجه المحافظ ليمثله دليل واضح على انتشار الوعي الإسلامي ، وهذا ما نتمناه أن تحيى الصحوة الإسلامية من جديد وبقوة ابتداء من المجتمع الشبابي ثم إلى خارج أسوار الجامعة لنقلع مظاهر الفساد من جذوره وننشر القيم الإصلاحية والمبادئ السامية .

آخر المطاف

 أشكر إدارة تحرير مجلة الاتحاد لاستضافتها لي بهذه الزاوية المتألقة والتي تعودت دوما قراءتها باهتمام ، لأنها آخر محطة نمر بها لنستريح بعد أن نصول ونجول في ربوع أوراقها،  فتطل علينا بعصارة أقلام  لمختلف الشخصيات من أساتذة أكاديميين أو رؤساء اتحاد أو رموز الإعلام الذين أرى نفسي تلميذتهم المبتدئة ولا زلت أتعلم من خبراتهم العريقة .
فأنا بهذه الشخابيط المتواضعة حاولت أن أنثر حبر أفكاري وأنقش كلماتي وأنسج عباراتي لعلي استطعت أن أقدم لكم لوحة تعبيرية واضحة الملامح ، فشكرا لقراءتكم وعذرا لشخابيطي .

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية