الأدب العربي و عالم التدوين الإلكتروني 3: (التفاعل، السلبيات و الحلول)

يُعتبر التفاعل من العوامل التي أنجحت الفعل التدويني الرقمي، فبالمقارنة مع العوامل الأخرى كالسرعة و الكم و السهولة و الشمول و العالمية...نجد أنّ عامل التفاعل أعطى طابعا حيويّا للمدوّنات، بل أقول: لولا هذا التفاعل لأغلقت الكثير من المدوّنات أبوابها أمام المستخدمين، أمّا عن الطرق التي يقوم بها المرسل بجس نبض المتلقي فهي:

  • استخدام عدّاد المشاهدات لاختبار مدى إقبال المتلقي على المدونة، أو حتى قسم من أقسامها. و بالتالي إمكانية الاستمرار على المنوال نفسه، أو تعديله ليكون أكثر استقطابا للقراء.
  • تخصيص مساحات للمشاركات و التعليقات و الإضافات، يشارك من خلالها المتلقي في خلق امتداد للنص الأصلي، محاولا الدخول في مجال النقد أحيانا، و الاستفسار أحيانا أخرى. أو حتى التعبير عن بعض الانفعالات كالاستحسان و التذمّر و الغضب و التعجب...مستعينا -أحيانا- بتلك الأيقونات الشهيرة المسمّاة بالأيقونات الانفعالية (Emoticônes) التي تُعوِّض الإيماءات و الإشارات و التنغيم و غيرها من الظواهر المرافقة للخطاب الشفوي، ممّا يجعل التعليق قريبا من الحقيقة. 
  • نشر المقالات و النصوص من قِبَل القراء على مواقع أخرى مع ذكر الرابط الأصلي لها.
  • الترويج للمدوَّنة في بعض المواقع و المدوّنات الأخرى لأغراض علمية.


أمّا عن سلبيات التدوين الإلكتروني، فلا أجدها كثيرة، و هي في الغالب ناتجة عن الاستخدام السلبي من قبل المدوّن، و أقول المدوّن فقط لأنّه المالك الحقيقي للمدوّنة التي تخضع لشروطه، بحيث يتمكّن من تعديل نصّه و كذا تعديل التعليقات و المشاركات أو حذفها نهائيّا في حال مخالفتها لمبادئ المدوّنة أو خروجها عن مواضيع هذه الأخيرة.

هذا و قد يُواجه المستخدم (مرسل/متلق) مشكلة العطل الفني أو التوقف المفاجئ الذي قد يصيب الموقع الحامل للمدوّنة أو المقالة أو الخطاب بصفة عامة. لكنّ الأمر لا يخلو من الحلول، و ذلك بأن يأخذ المدوّن في حسبانه حدوث مثل هذه الطوارئ، فيتجهّز لها بنشر أعماله في فضاءات مختلفة، و يكون بذلك قد ضمن قراءة أكبر و تفاعلا أكثر.

من بين السلبيات أيضا؛ ما ذكرته سابقا عن سهولة التدوين الإلكتروني، ممّا يجعل الطبقات الفكرية و الثقافية تختلط ببعضها البعض، و هنا يأتي دور المتلقّي في اكتشاف الجيّد من السيئ، و حينها تصبح المادة المطروحة على المدوّنة هي الفيصل.

و لتفادي تلك السلبيات و غيرها، يُستحسن أن يتأكّد المتلقي من شخصية المدوّن بواسطة البحث عن أعماله و سيرته الذاتية، ثمّ أن ينهل من المواقع و المدوّنات المتخصّصة، و يبتعد عن التوثيق من تلك الحوارات الموجودة في المنتديات العامة، لأنّها غالبا ما تعتمد على العفوية، و يتفادى أيضا تلك المقالات الجيّدة التي لا تحمل اسمًا لصاحبها. أمّا المدوِّن، فعليه متابعة أعماله بالتفاعل الإيجابي مع المتلقي، و كذا حمايتها من السرقة التي كثرت على الشبكة العنكبوتية، و يُستحسن كتابة اسم المؤلِّف في بداية أو نهاية المقالة، و عدم الاكتفاء بكتابته على الخانة المخصّصة له، و في هذه الحالة، يضمن نسبة العمل إليه إذا ما نُشِرَ في مواقع أخرى، حيث جرت العادة عند بعض المنتديات على كتابة اسم العضو الذي أضاف المقالة (عن طريق النسخ و اللصق) إلى جانب العنوان، ممّا يُوقع المتلقي في الالتباس. و بهذه الطريقة نكون قد رسمنا لأنفسنا خطة نمشي بها داخل هذا العالم الشاسع، من دون قلق أو خوف، عاملين بالمقولة الشهيرة المتداولة بين مستعملي العالم الرقمي: المضمون هو المَلِك.

الأستاذة: مختارية بن قبلية

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

nashiri logo clear

دار ناشري للنشر الإلكتروني.
عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

 

اشترك في القائمة البريدية