يتطلب الانخراط في اقتصاد المعرفة توسيع العرض التعليمي وتجويده في جميع مستوياته. لكن هذه الغاية غالبا ما تصطدم بعائق التكلفة الضخمة التي تتطلبها مشاريع توسعة وتعميم العرض التعليمي، وما تتطلبه من موارد بشرية ومالية هائلة. هذه الحقيقة جعلت جامعات هارفرد وبيركلي وكيو اليابانية ومعهد مساتشوستس وكثير جامعات العالم تتبنى المقررات واسعة الانتشار المتاحة عبر الإنترنت (الموكس(MOOCs فما هى؟ وكيف نشأت وانتشرت عالمياً؟ وما فلسفتها وأهدافها؟ وما مزاياها والإشكاليات التى تواجهها؟

* * *

يعدُّ التعليم الإلكتروني في عصرنا الحالى صناعةً كبيرة، بعد أن كان حلمًا في العقد الماضي. وفي ظل هذا التسارع التقني العالمي وتوظيفه في المجالات المختلفة وعلى رأسها التعليم بكل أنواعه ومراحله، حظيت ظاهرة المقررات واسعة الانتشار المتاحة عبر الانترنت (الموكس) اختصاراً لـ Massive Open Online Courses بتقدير ملحوظ من كل فئات المتعلمين ؛ وذلك لأنها سعت إلى تذليل المهام المعقَّدة التي غالباً ما تواجه فئات المتعلمين من مختلف الأقطار، وباعتبارها لوناً جديداً للابتكار والتنافس والإنتاجية، بل إنها مجال رحب للتعليم والإبداع واستغلال الطاقة الشبابية الهائلة في تعزيز نموهم وبنائهم علميًّا وفكريًّا، عن طريق تهيئة معلومات وموارد معرفية واسعة بتكلفة منخفضة.

وتقوم هذه المقررات على الانفتاح العلمي ومشاركة المعلومات من قبل المتعلمين والخبراء، وشعارها: تعلَّم ما ترغب وقتما تشاء في المكان الذي يناسبك، إلا أنها تشترط وجود خبراء معترف بهم في مجال الدراسة، مع توفير مجموعة من الموارد الأخرى على الإنترنت يسهل الوصول إليها بحرية. والمشاركة النشطة من أعداد غفيرة من الطلاب الذين ينظمون مشاركتهم ذاتياً، وفقاً لأهداف ومعارف ومهارات محددة ضمن مصالح مشتركة للتعلم، ومن خلال وضع جدول زمني محدد مسبقاً. كما أنها تمتاز بميزات عدة، منها: معالجة البعدين الزماني والمكاني، وتوفير الوقت والجهد في الحصول على المعلومات، بالإضافة إلى قلة التكلفة المالية بعدم وجود شروط التحاق رسمية، ولا أي قيود لمشاركة المعلومات والمواد التعليمية والتدريبية، وتوفر فرص التعلم التعاوني، وتبادل المعلومات والخبرات بين المستفيدين، وإمكانية تقسيم الأدوار بين الطلبة والباحثين وغيرهم، وإمكانية نشر أكثر من طريقة تعليمية عبر الشبكة؛ ما يوفر للطالب مصادر تعليمية متنوعة وبأسلوب شيق للغاية. مما يصقل مهارات وخبرات المتعلم ، وتوفر له تعليماً جيداً يتمثل أدنى مستوياته في إجادة استخدام تقنيات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وذلك من منطلق أن المتعلم هو محور أهدافها وركيزتها الرئيسة.

 

وقد لاقت هذه المقررات نجاحاً كبيراً في أوروبا والعالم، ومن أهم الشركات المتخصصة في إعداد هذه المقررات: شركة (Coursera)، وشركة (edX)، وشركة (Udacity).

وتقدم شركة (Coursera) حاليًّا أكثر من (500) مقرر لأكثر من (4.4) مليون متعلم، من خلال (97) شريكاً عالميًّا و(10) جامعات حكومية في الولايات المتحدة. وتبذل الشركة الجهود لتكون الشركة الرائدة الأولى في هذا المجال من خلال عقد الاتفاقيات والعقود مع (10) جامعات حكومية أمريكية كبرى لدعمها في تقديم مقررات (MOOCs) في التعليم الجامعي.

أما شركة (edX) فقد ضمت (28) جامعة مثل جامعة هارفارد ومعهد ماساشوسيتس للتقنية (MIT) المؤسسين لهذه الشركة، وخمس جامعات أوروبية و(12) جامعة موزعة في العالم. وهناك شركات أخرى رائدة في هذا المجال كشركات (NovoEd)، و(Udacity)، و(Udemy) وغيرها من الشركات.

وقد حققت هذه المقررات انتشارا واسعاً على مستوى القارة الأوروبية ، بحيث كان ثلث هذه المقررات في العالم ضمن نظام التعليم العالي الأوروبي.

والموكس (MOOCs) لا تستبدل عملية التعليم التقليدية في مؤسسات التعليم العالي ولكنها تكملها عند استخدامها في عملية تعليم مختلطة تجمع بين الطرق التقليدية وبين هذه المقررات في أثناء الدراسة الجامعية أو بعدها كوسيلة للوصول إلى فئات جديدة مستهدفة أو كنوع من التعليم المهني المستمر.

وتواجه الموكس (MOOCs) العديد من الإشكاليات، فهى تقدم بالمجان إلا أن ذلك غير مضمون مستقبلاً؛ نتيجة قيام الشركات المقدمة لهذه المقررات بتبنى سياسات استخدام لمواقعها، تحظر على المستخدم نسخ محتوى هذه المواقع أو بيعها أو إعادة إنتاجها أو نشرها أو تعديلها أو توزيعها أو المتاجرة بها، كما توقع الجامعات اتفاقيات مع هذه الشركات بحيث تمنحها رخصة عالمية غير حصرية؛ لإعادة إنتاج محتوى هذه المقررات وتوزيعها وتطويرها وتعديلها، وهو ما يثير قضايا قانونية، بخصوص الحرية الأكاديمية وحقوق الملكية الفكرية، وتحديد المسؤول عن محتوى هذه المقررات والجهات المانحة للاعتماد والشهادات.

وتعد عملية اعتماد شهادات إتمام (MOOCs)هي القضية الأكثر إثارة للجدل في ظل وجود الجامعات التي توفر هذه المقررات ولا تمنح الشهادات والاعتمادات، ففى الولايات المتحدة الأمريكية يقوم المركز الأمريكي للتعليم (American Council for Education ACE)، بمهمته في عملية مراجعة وضمان جودة هذه المقررات ومنح الاعتمادات للبرامج ، وقد اعتمد المركز (11) مقرر مقدمة من شركة (Coursera)، و(5) مقررات لشركة (Udacity)، ومقرر لشركة (edX).

ويجب على نظم التعليم العالى مستقبلاً، وضع نظم لتقييم الموكس، وتحليل مدى استفادة الجامعات والطلبة والمدرسين والجامعات والمجتمع كلية منها، وكيفية جعلها وسائل استراتيجية؛ لنشر المعرفة والتعاون الذي يحفز التبادل العالمي للمعرفة، وكيفية إسهام هذه المقررات فى دعم التنمية المستقبلية في التعليم، وتوفير فرص أوسع في مجالات التنمية المهنية والشخصية.


المراجع:

السيد عبد المولى أبو خطوة (2014) ، المقررات الالكترونية المفتوحة واسعة الانتشار MOOC وعولمة التعليم، مجلة التعليم الالكترونى، (14).

Hylén, J. (2007). Open educational resources: Opportunities and challenges. OECD-CERI. Available online

Johnstone, S. (2005). Open educational resources serve the world. Educause Quarterly, 28(3). Available online http://www.educause.edu/apps/eq/eqm05/eqm0533.asp?bhcp=1 . (Last Accessed Jan. 11, 2009)

Li Yuan, Sheila MacNeill and Wilbert Kraan (2008). Open Educational Resources - Opportunities and Challenges for Higher Education. Briefing paper prepared for the UK Joint Information Systems Committee Centre for Educational Technology & Interoperability Standards.

Downes, S. (2006). “Models for Sustainable Open Educational Resources”, National Research Council Canada. Available online

Dan Atkins, John Seely Brown and Allen Hammond (2007). A Review of the Open Educational Resources (OER) Movement: achievement, challenges and new opportunities

OECD (2007), Giving Knowledge for Free: the Emergence of Open Educational Resources, http://www.oecd.org/document/41/0,3343,en_2649_35845581_38659497_1_1_1_1,00.html . (Last Accessed Jan. 11, 2009

Siemens, G. (2005). Connectivism: A learning Theory for the Digital Age. International Journal of Instructional Technology and Distance Learning, (2)1, pp.3-11

UNESCO. (2009). OER development and publishing initiatives. Available online http://oerwiki.iiep-unesco.org/index.php?title=OER_development_and_publishing_initiatives  (Last Accessed Jan. 11, 2009

Seth Gurell. Handbook of Open Educational Resources. The Center for Open and Sustainable Learning. August, 2008.

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية