أصدر الصديق أ.د. سليان الشطي كتابه" الشعر في الكويت" سنة ٢٠٠٧ بوساطة دار العروبة، تناول فيه بعض تاريخ الشعر وأبرز الأعلام، مع شيء من الدراسة والنقد لبعض النصوص. ثم رأى أن يصدر كتابا آخر أسماه "تاريخ الشعر في الكويت" بزيادة لفظ تاريخ وبالميل إلى التوثيق والتأريخ بعيدا عن الدراسة والنقد والتحليل، وعبر عن ذلك بذكر مبرر منطقي لهذا العمل الجديد بقوله:"... كتاب صغير سهل الحمل، ميسور القراءة، قد يساعد، ولعله يغري باستكمال القراءة في الأصول والمصادر الأساسية للشعر الكويتي". وقد صدر بعد سبعة عشر عاما من صدور الأول أي في عام ٢٠٢٠ عن دار ذات السلاسل الكويتية، في مئة وتسعين صفحة من القطع الوسط في حلة أنيقة وورق مريح للمس وللبصر. الأمر الذي يجعله كتابا للحمل والقراءة في أوقات الفراغ تماما كما يقرأ في أوقات الجد والبحث الأدبي.
بدأ د. الشطي الكتاب بمقدمة تعريفية للتفريق وتمييزه من الكتاب السابق كي لا يظن أنه هو نفسه أو أنه تلخيص له، وكان على حق في ذلك، ونجح في إيضاح المسوغ كما ذكرنا والجديد في الكتاب وهو التأريخ ولاسيما لمن لم يذكروا من الشعراء و من ظهروا على الساحة بعد الكتاب الأول. وكذلك بعض الإضافات والمعلومات التي جدت ووجب إضافتها مما لم يذكر فيه.
بعدها بدأ رحلة التأريخ والتوثيق مع شيء من التمثيل، لكنه لم يصنف الكتاب تصنيفا أكاديميا تقليديا على أبواب وفصول ، بل لجأ إلى تصنيف تاريخي زمني ومن خلاله عرض شعراء كل حقبة وبعض الشواهد المختارة، وذلك وفق الآتي:
- النشاط الشعري في القرنين الثامن والتاسع عشر: وفيه عرض أسماء حكام الكويت ثم الشعراء ، وهم: عثمان بن سند، وعبدالجليل الطبطبائي، وعبدالله الفرج، حيث وضع ضمن إطار مظلل ترجمة مختصرة لكل منهم، وبعدها ما يلزم من توثيق وتأريخ وقليل من نماذج شعرية...واتخذ من هذا منهجا واحدا تعامل به مع الشعراء جميعا إلى نهاية الكتاب.
-شعراء فقهاء ومعلمون: وهم: الشيخ خالد العدساني، والشيخ عبد الله خلف الدحيان، والشاعر زين العابدين.
- تحولات القرن العشرين:
وفيه:-حركة التطوير داخل المجتمع الكويتي.
- التوجه الخارجي ودوره الإيجابي في تبني حركة تحرير الوطن العربي.
من شعراء هذين التوجهين: سيد مساعد الرفاعي، وصقر الشبيب، وخالد الفرج.
- شعراء معلمون منهم: راشد السيف، ومحمود شوقي الأيوبي .
- شعراء الخروج على المألوف:
وفيه شاعران، هما: فهد العسكر، وعبدالمحسن الرشيد. عرف الأول ببعض الثورة الفكرية على السائد وعلى كثير مما هو مألوف في فن الشعر، وعرف الآخر بالتأثر بالأول والانجذاب لما أحدثه.
- جيل التفاعل القومي: من شعرائه: أحمد السقاف، وعبدالله حسين الرومي، ومحمد المشاري، وعبدالله السنان.
-مفصل الحداثة:
وذلك في الأربعينيات من القرن الماضي وفيه: أحمد مشاري العدواني فحسب.
- طرق مبكرة لباب الحداثة؛ وفيه:
علي السبتي، وخالد سعود الزيد، ومحمد الفايز، وخليفة الوقيان، وعبد الله العتيبي، ويعقوب السبيعي، وسليمان الخليفي.
- المرأة تتقدم:
وذلك إشعارا ببدء دور المرأة في عالم الأدب في أواخر أربعينيات القرن الماضي وما بعدها إلى اليوم، وفيه:
سعاد الصباح، ونجمة إدريس، وجنة القريني، وغنيمة زيد الحرب، بالإضافة إلى أصوات أخرى تالية، هي: حصة الرفاعي، وفاطمة عبدالله العبيدان، ونورة المليفي، وعالية شعيب، وفوزية شويش السالم، وسعدية المفرح ودفاعها عن فئة البدون.
— قديم يتجدد؛ وفيه:
فاضل خلف، ويعقوب الرشيد، ويعقوب الغنيم، وعبدالرزاق العدساني، وخالد الشايجي، ووليد القلاف.
— جيل يتقدم:
شعراء العقد الأخير من القرن العشرين، وفيه: سالم خدادة، ورجا القحطاني، وصلاح دبشة، وإبراهيم الخالدي، ونشمي المهنا، وعلي حسين الفيلكاوي، وعبدالمحسن الطبطبائي، وحمود الشايجي، وسعد الجوير، وسامي القريني، وعبدالله الفيلكاوي، ومحمد صرخوه.
هذه هي صورة الكتاب والمادة العلمية والتوثيقية التي بني عليها. وبطبيعة الحال هذا ما كان لدى المؤلف قدمه بوضوح وسخاء ولكنه أشار بكل تواضع إلى أن " هذه خطوة أولى لتاريخ الشعر وصورة لحاضره، لا تستوعب ولا تستطيع ، ففي الساحة شعراء لم نذكرهم، وقد يتميزون من بعض من ذكرنا ولكن هذه نظرة تعرض بعض نماذجها من جيل يتشكل ، سيخضع لفحص الزمن، فقد يبرز من لم يكن بارزا ويتوارى من كان في منطقة الضوء".
في الختام كانت الإحالات وهي في الوقت نفسه تعني المصادر والمراجع.
كتاب صغير الحجم لكنه في الحقيقة يغني القارئ إذ يعرفه بمن يقرأ عنه، كما بعرفه بالشعر الكويتي منذ نشأة الدولة وإلى اليوم ، لمن يطالع الكتاب كله...وهذا كله شهادة نجاح في التوثيق، وما كتبناه هنا علامة تقدير للمؤلف، ودعوة للقارئ العربي عامة، والكويتي خاصة، للإقبال على قراءته لهدف رئيس يتمثل في الفائدة والتثقيف، ولهدف ثانوي يتمثل في النقد وإبداء الرأي لمن يملك القدرة على ذلك.