ظلال الواحد أول رواية تستخدم التقنيات الرقمية , هناك بعض القصص القصيرة التي نشرت في العالم العربي واتخذت من عالم الإنترنت مجالا أو موضوعا لها من مثل قصة الكاتبة المصرية وفية خيري المنشورة في صحيفة الاهرام بتاريخ 16/1/2004 ، والقاصة السورية ندى الدانا من خلال قصصها القصيرة المنشورة في موقع اراب ورلد بوكس ، والقاصة الكويتية حياة الياقوت في قصتها «المسيخ إلكترونيا» ـ المنشورة في موقع ناشري. ولكن يلاحظ ـ بعامة ـ أن أدباءنا لم يستفيدوا بعد من تقنيات النشر على الشبكة، أو من ثورة النشر الإلكتروني، فما زالت معظم الأعمال خطية كما هو الحال في المجلات والصحف والكتب الورقية، ولم نر ـ على الأقل ـ في الأدب العربي، مَنْ كتب قصة أو رواية عربية، تتخذ من تقنية لقطات الفيديو ـ مثلا ـ مرجعية لأحد أشخاص الرواية، أو من يتخذ من تقنية ربط النصوص، أو الهايبر تكست Hypertext أي النص الفائق الذي يرتبط بنصوص أخرى عن طريق روابط (لينكات) داخل النص، كما يمكن ربطه بملفات الصوت والصورة والأفلام المتحركة) أو من أسلوب بناء الشبكة، أو من أسلوب الوصلات (اللينك links) أو عالم الوسائط المتعددة (مالتي ميديا) أو ما شابه ذلك، أسلوبا لكتابة العمل الأدبي. وعموما هي تقنيات في حاجة إلى دراستها دراسة جيدة، كما يدرس الروائي شخصيات روايته، حتى يعرف كيف يوظفها توظيفا صحيحا داخل النص. وأعتقد جازما أن هذا ما سيحدث في المستقبل القريب. أو هو ما بدأ يحدث بالفعل،
فها هو الروائي الأردني محمد سناجلة يحاول عبر روايته الإلكترونية أو الرقمية «ظلال الواحد»، استخدام مثل هذه التقنيات، كأول أديب عربي، وربما قبل أن يفكر أيضا أدباء الغرب في ذلك، فالكاتب الأمريكي ستيفن كينغ نشر روايته Ridding The Polit عبر شبكة الإنترنت في عام 2001 بالتعاون مع شركة امازون دوت كوم، إلا أن كينغ لم يستخدم التقنيات الرقمية في بناء روايته هذه بل اكتفى فقط بنشرها رقميا علي الشبكة عوضا عن نشرها في كتاب ورقي كالعادة، مستفيدا في ذلك من ثورة النشر الإلكتروني في أحد جوانبها، ولكنها لم تكتب أو لم تؤلف تأليفا إلكترونيا أو رقميا.
إذن فليفكر معي أدباؤنا في مثل هذه التقنيات الإلكترونية، وكيفية توظيفها في عالم الأدب، بالإضافة إلى تقنيات الكتابة نفسها، واللغة الفنية التي سوف تستخدم في هذا المجال.
يقول محمد سناجلة في كتابه «رواية الواقعية الرقمية» عن اللغة في رواية العصر الرقمي، إن الكلمة لن تكون سوى جزء من كل، فبالإضافة إلى الكلمات يجب أنْ نكتب بالصورة والصوت والمشهد السينمائي والحركة. وأن الكلمات نفسها يجب أنْ ترسم مشاهد ذهنية ومادية متحركة، أي أنّ الكلمة يجب أنْ تعود لأصلها في أنْ ترسم وتصور، وبما أنّ الرواية أحداث تحدث في زمان ضمن مكان، وهذه الأحداث قد تكون مادية ملموسة أو ذهنية متخيلة فعلى الكلمات أنْ تمشهد هذه الأحداث بشقيها. أيضا على اللغـة (الأدبية) أنّ تكون سريعـة، مباغتة، ومن هنا فلا مجال للإطالة والتأني. وأن حجم الرّواية يجب أنْ لا يتجاوز المائة صفحة على أبعد تقدير، ولن يكون هناك مجال لاستخدام كلمات تتكون من أكثر من أربعة أو خمسة حروف على الأكثر، أمّا الكلمات الأطول فيفضل أنْ يتم استبدالها بكلمات أقصر تؤدي نفس المعنى إنْ أمكن. أما الجملة في اللغة الجديدة فيجب أنْ تكون مختصرة وسريعة، لا تزيد عن ثلاث أو أربع كلمات على الأكثر.
وهذا يعني أنّ على الروائي نفسه أنْ يتغير، فلم يعد كافياً أنْ يمسك الرّوائي بقلمه ليخط الكلمات على الورق، فالكلمة لم تعد أداته الوحيدة. على الروائي أنْ يكون شمولياً بكل معنى الكلمة، عليه أنْ يكون مبرمجاً أولاً، وعلى إلمام واسع بالكمبيوتر ولغة البرمجة، عليـه أنْ يتقـن لغـة الـ HTML على أقل تقدير، كما عليه أنْ يعرف فنّ الإخراج السينمائي، وفنّ كتابة السيناريو والمسرح، ناهيك عن فن الـ Imitation (الرسوم المتحركة).
وفي هذا يقول سناجلة عن روايته: «لقد حاولت شيئاً من كل ما سبق في روايتي «ظلال الواحد»، ففي نسختها الرقمية المنشورة على الإنترنت في الموقعhttp://www.Sanajlehshadows.8k.com كان هناك مشاهد حركية، ومؤثرات صوتية، وصور، ومقاطع من أفلام سينمائية، إلاّ أنّ «ظلال الواحد» ليست سوى البداية فأدواتي ما زالت بحاجة الى عمل وتطوير».