جاءت مى زيادة الى مصر فى بداية عام 1911 و عاشت مع والديها فى القاهرة و توفى والدها عام 1919 ثم والدتها عام 1930... عندما كانت فى العشرين من عمرها احاطها عشرات المعجبين المولهين و لكن هؤلاء المعجبين أخذوا ينفضون من حولها لخيبة أملهم فيها ثم لتقدم السن بها ... و لما تقدم العمر بها خلا صالونها من رواده و تحولت حياتها الى خواء فركبها الهم ثم الرعب حتى اذا ما بلغت سن اليأس عند المرأة بما يصاحبها من توتر و قلق شديدين بدأت آثار القلق النفسى تظهر عليها و انعكس ذلك على حالتها الصحية ... و قد حاولت مى أن تزيد نفسها انشغالا بالكتابة الأدبية فحققت فيها أفضل انجازاتها و لكن صراعها الداخلى ازداد لأنها عجزت أن توفق بين أن تكون امرأة جميلة و أديبة عظيمة و كما أن الأولى لم تدم لها فقد اعجزها أن تقنع بالثانية.
كانت مى زيادة تراسل جبران خليل جبران الذى وصف رسائلها بأنها كانت بمثابة نهر من الرحيق يتدفق من الأعالى و يسير مترنما وادى أحلامه ... و كان مما كتبته مى لجبران: " أنت قيدتنى مذنبة فى دفترك و قمت تشكو لأنى كلما حدقت فى شىء أخفيه وراء القناع و كلما مددت يدا اثقبها بمسمار" ... لكن حبهما بقى على الورق مشاعر حقيقية أو وهمية لم يتوجها لقاء.
عندما تقدم العمر بمى أصبح من عادتها أن تمضى اجازة صيفية كل عام فى لبنان ... و مع تقدم السن ازداد قلقها و اتجهت لقراءة الكتب الروحية و محاولة تحضير الأرواح للاتصال بمعارفها ثم أصبحت تتخيل أشياء لا صحة لها و تخلط بين الواقع و الخيال ... و فى سنة 1935 كتبت هذه الرسالة لجوزيف ابن عمها "عزيزى جوزيف .. منذ مدة طويلة لم أعد أكتب .. و كلما حاولت ذلك شعرت بشىء غريب يخمد حركة يدى و يشل الفكر لدى .. انى أتعذب أشد العذاب يا جوزيف و لا أدرى السبب .. فأنا أكثر من مريضة .. انى لم أتألم أبدا فى حياتى كما أتألم اليوم .. و لم أقرأ فى كتاب أن فى طاقة بشر أن يتحمل ما أتحمل .. أن هناك امرا يمزق احشائى و يميتنى فى كل يوم بل فى كل دقيقة .. لقد تراكمت على المصائب فى السنوات الأخيرة, و انقضت على وحدتى الرهيبة, و التى هى معنوية أكثر منها جسدية، فجعلتنى أتسائل كيف يمكن لعقلى أن يقاوم عذابا كهذا" ... و ظلت مى تعانى حتى توفيت عام 1941.