(فوق السرب) ليست مجموعة من المقالات التي صِيغَتْ كما هو مألوفٌ وشائع، بل قراءةٌ عميقةٌ في الواقع الراهن للأمة العربية والاسلامية.. هي سبرٌ للمستقبل من خلال الأحداث الحالية..وهي تساؤلاتٌ تتعلقُ بقضايا الانسان والمجنمع عموماً ، كالفساد والجهل والانحطاط والهزيمة،كغياب المنطق والعقلانية، الثقافة والاعلام ، المجتمع الاستهلاكي وقضية بل قضايا المرأة..بالاضافة إلى الصراع العربي- العربي، والعربي- الاسرائيلي... إلخ.
هو ذا الواقع الأليم الذي بناه الانسان العربي بجهله وابتعاده عن الأخلاقيات، وما من حلٍّ إلاَّ بالعودة إلى الحكمة والروحانيات ، إلى الانسان- الجوهر قبل فوات الأوان..
والوقتُ ينادينا بكل أحداثه وإرهاصاته، إنه يدعونا لعمل ثمة ما ينبغي لتجاوز المحن والأزمات/ لكن هيهات من يلبي النداء.. فقد أصبح الانسانُ عصرياً في كل شيء اعتقاداً منه بأن تقليدَ سلبيات الغرب سيجعله متحضِّراً،وهذا عين الجهل، فالعربي لم يعمل على تقليد الغرب فيما يتعلق بالعلوم والأبحاث والفنون...بل اكتفى بما هو دون ذلك إلى أن وجد نفسه في متاهةٍ تتسع أبعادها وأعماقها بتقدم الغرب وتأخر المشرق العربي.
وبما أن العربي لا يملكُ سُبُلَ المقاومة لتحدي هذا الوضع، فقد اختارَ أن يبقى في هذا الجحيم دون أن يعلم بأنه سييقضي إن لم يكن عاجلاً فآجلاً..
هاهو التناحر الطبقي والفتنة الطائفية والمذهبية، وهاهو الصراع العقيم بين المرأة والرجل يعودُ ليطرحَ ذاته بلا منازع ونحن في القرن الحادي والعشرين، وهاهي المجاعات والأمراض والنفايات الأخرى تنتشر في العالم العربي من الوريد إلى الوريد..
لقد ذكرتْ الكاتبة " إن العرب ضالعين في التآمر على أنفسهم لعلةٍ في مستوى الأداء العربي..".إذن كيف السبيلُ لتجاوزِ هذه العلة بل العلاَّت؟!..
بالمنطق أو العقلانية؟!.. أو بالحكمة والحلم؟!..وأين هو الحاكم أو الحكيم أو الحليم؟!..
إنه هناك في برجه العالي يستمتع بمنظر شعبه وإخوته وأبناءه وهم يموتون جوعاً وفقراً وموتاً.. فينظرُ إلى نفسه مزهواً ليقولَ أحمدني وأشكرني، فلن أبقى خالداً أبداً إلا بموت الرعية..
وهاهو المواطنُ الذي يكدُّ طيلة يومه ليحظى بلقيماتٍ معدودةٍ تسدُّ رمقه وأسرته, لكن متطلبات الحياة كثيرة بل لا تنتهي ، وإن بقي مواطناً صالحاً فسيحفرُ قبره بيديه ،
ولا ننسى أن مغريات الحياة أيضاً تعملُ على غوايته بكل ما لديها ..
لهذا كان الفساد والرشوة والـــ هلم جراً..
نحن نعيشُ عصر العهر السياسي والثقافي والاجتماعي والديني .. فحتى الدين لم ينجُ من المؤامرة وتأويل أصحاب القرار..
فكرٌ هشٌّ حتماً سينتجُ ما تعرفون من إعلامٍ هش وثقافة هشة بل ظلمٌ واسبدادٌ والبقية معروفة.. ومايزالُ الوعيُ في أطولِ سباتٍ عرفه تاريخ البشرية..
كيف نصحو إن كنا لا نعرفُ ولا نعترفُ إلا بالنوم؟!..
كيف نؤمنُ بالنور إن كنا نعيشُ في الظلمات؟!..
وكيف نؤمن بالحياة إن كنا أمواتاً في الأصل؟!..
هي ذي الحقيقة الأكثر ألماً ، أمواتٌ لاحول لهم ولا قوة ،لايملكون الارادة وبكل فخرٍ يعشقون بل اعتادوا عبادةَ الأصنام..
الانسانُ جوهر والجوهرُ يحدده كلٌّ من العمل والنشاط الذي يقوم به الانسان،
فلنعملْ كما قالت الكاتبة حياة " على تنظيفِ أنفسنا من الداخل"...
أليسَ الانسانُ خليفة الله في الأرض؟!..
فلينظركلٌّ في أعماله وقطعاً سيعثر على أجوبةٍ لكل تساؤلاته..
إذ ليس من المنطقِ أن يبقى الانسانُ في هكذا حال، كما ليس من المنطقِ أن يصبحَ الحيوانُ أكثر وعياً وحكمةً..
هل سمعتم بحيوانٍ يعيشُ في تشرذمٍ وقطيعةٍ عن بقية القطيع ؟!..
هل رأيتم حيواناً يشجبُ ويندبُ وينوحُ حينما يتعرَّضُ لخطرٍ يهدد أمنه وحياته ومستقبله؟!..
وهل شاهدتم آخر في مكانٍ لا يتناسبُ وطبيعته التي أخصَّها الله به؟!...
حتماً تعرفون الجواب مع احترامي الشديد لعقل الحيوان وجهل الانسان.
يمكنك الحصول على نسختك المجانية من قسم الكتب الإلكترونية في موقع دار ناشري.