الشعر إحساس الحياة والشعراء يتحسسون معاناة الأيام فيجسدون ويرسمون بالكلمة الموسيقية مايشعرون إلى أي مستوى يتم التفاعل مع شرائح المجتمع فئاته المختلفة؟
لاشك أن للشعر حضورا قويا في تراثنا فنحن أمة شاعرة وقد كانت العرب تذبح الذبائح وتقيم الأفراح احتفاء بنبوغ شاعر، غير أن الشعر تراجعت مقروئيته في الوقت الراهن بسبب المنافسة القوية للأجناس الأدبية الأخرى كالرواية من جهة ومن جهة أخرى المنافسة القوية لوسائل الإعلام والأنظمة الرقمية
وأجهزة الفيديو والكمبيوتر والتي صنعت للناس عوالم معادلة لعا لمهم الإنساني وتكاد تعزلهم فيه.
وثالثا إن ميزة العصر كونه عصرا استهلاكيا يؤكد فيه المرء تبعيته للأشياء
ولهاثه وراء المكسب المادي دفعا للخصاصة أو استجلابا للرفاهية فلم يعد
المرء يجد الوقت للاستمتاع بقراءة قصيدة.
وهناك أزمة حقيقية يعيشها الشعر اليوم تكاد تذهب به في غياب فطاحل الشعر
وإن شعراء اليوم افتقد الكثير منهم إلى المصداقية!
وهو أمر لايمكن تعميمه إن في المجتمع من الناس العاديين من يهزه بيت من
الشعر
وتراه يحرص على قراءة ديوان ومازال محمود درويش يجمع الأنصار ويحشد
الحشود إذا ألقى قصيدة في أي قطر عربي.ولاننسى شعبية نزار قباني الذي
تسلل إلى مكامن الرضا من قلب كل عربي
ونحن بدورنا نسعى في صبر وصدق مع النفس ومع الآخرين إلى الدفاع عن مملكة
الشعر وجلب المعجبين إلى قصورها المسحورة ونرى تجاوبا عربيا مع مانكتبه
ولو أنه محدود ولكن الواحد يصير اثنين وهلم جرا!
السؤال الثاني
الشعر فن من الفنون الأدبية المميزة ماهو دور الشعر اليوم مقارنة مع باقي
الفنون الأدبية وهل يحقق الشعر طموح الشاعر في المجتمع؟
مازال الشعر بعيدا عن التأثيرالإيجابي في المجتمع
وفي إقناع الناس على اختلاف مستوياتهم الاجتماعية والفكرية بجدواه ،ولكن
لا ينبغي أن نسلم أنفسنا إلى تشاؤم كبير فهذه ليست الصيغة النهائية
للشعرعلى خريطة الأحداث ،إن الوعي بجدوى الشعر والاستسلام لمراوداته
الدلالية والجمالية عمل متوقف على كدح الشعراء وتضامنهم لافتكاك المكانة
اللائقة بالشعر.
السؤال الثالث
الكلمة كانت ولم تزل سلاحا ماضيا والكلمة الشعرية هي الأمضى في مواجهة
التحديات هل للشعر دور في رسم مستقبل الأمم والشعوب ؟وكيف
نعم هو كذلك بالرغم من نكد السياسة ولامبالاة الكثيرين إن الشاعر هو قلب
الوجود متسامح بطبعه حالم بطبعه ينشد السلام ويدعو إلى المحبة ويِؤمن
بالانسانية وينبذ العنف وهذه هي رسالة الشاعر في الحياة ودوره الذي
لايتنازل عليه مهما كانت العراقيل والممارسات اللاانسانية تجاهه وتجاه
مريديه وإذا كانت السياسة تفرق الشعوب فإن الشعر يجمعها.
السؤال الرابع
أين تقف في أعمالك الشعرية مع وجود المدرستين الخليلية والحديثة وكيف
تقيم أعمالك وكيف تنظر إلى الشعر الحديث أو الحر؟
مازلت في طور التجريب أميل حاليا إلى الشعر الكلاسيكي ولي فيه قصائد نالت
إعجاب النقاد وشدت إليها أنظار عشاق الشعر ولكنني لا أعادي الشعر الحديث
بل أعتبره فتحا في حياتنا الثقافية وقد كتبت دراسات منشورة عن السياب
وخليل حاوي ونزار قباني وأدونيس ودراستي لقصيدة "الظل والصليب" لصلاح عبد
الصبور مشهورة.
وعلى الشاعر الحديث أن يتمكن من تراثه الشعري ومن لغته وأن يستجمع ثقافة
أدبية كبيرة وأن يلم بالثقافة العالمية ثم هو حر في أن يكتب شعرا حديثا
أو كلاسيكيا مادام هناك شعرية في النص والنقد والمقروئية كفيلان بتثبيت
ماهو أبقى.
السؤال الخامس
يتردد من وقت لآخر أن زمن الشعر انتهى كشاعر ماهو رأيك وهل حققت ماتصبو
إليه من خلال القصيدة الشعرية؟
لم ينته زمن الشعر ولو انتهى لكسر الشعراء أقلامهم وماتوا كمدا وما سمعنا
بقصيدة ولو أن الشعر في أزمة كما أشرنا آنفا والأزمة دليل الوجود وكما
قال نزار قباني:
الشعر رغم سياطهم وسجونهم
ملك وهم في بابه حجاب
وبالنسبة لطموحي الشعري لم أحقق ماأصبو إليه بعد ولكنني أرى الآفاق
الوردية تنطبق على سواحل لازوردية تشرق منها أقمار ماسية هي التي تستحث
جياد الطريق حتى تشرف عليها.
السؤال السادس
إن المنتديات الفكرية والفنية متعددة في الوطن العربي وهذا مايعكس حالة
نضج ونهوض كيف تقيم الحالة الفكرية الثقافية ،الشاعرية؟
هي كذالك كسرت طابو احتكار النشر ومكنت الشاعر الموهوب من نشر إبداعه
بنفسه دون إهدار كرامة أو الموت كمدا من فقدان وسائل النشر،كما مكنته من
التعريف بنفسه في المنتديات وفي العالم العربي ،صحيح أن في المنتدى الغث
إلى جانب السمين واللاشعر إلى جانب الشعر لكن الزبد يذهب والشعر يبقى ومن
المنتدى يخرج إلى الكتب والمحافل الشعرية والقلوب البشرية.
والحالة الفكرية والثقافية تتعافى وتهب من سباتها رويدا رويدا ولو أنها
لاتتماشى مع طموحنا القومي ومكانتنا التاريخية وإمكاناتنا المادية
والبشرية ولعلنا نخرج من النفق بعد عشرية أو عشريتين!
السؤال السابع
المرأة كانت ولم تزل ملهمة للإبداع فما هو دور المرأة الفعلي في إنتاجك
وأعمالك الفكرية والشعرية؟
المرأة درة الوجود وملهمة الشعراء هي العرض والوطن ،عطاؤها من عطائهما هي
الأخت والأم والزوجة والحبيبة والبنت تتجلى فيها معاني النبل والتضحية
والحنان والعطاء بلا من.
وكشاعر وكاتب ظلت المرأة وراء انتاجي كتبت فيها الأشعار وسعيت إلى استلال
الإعجاب منها والرضا عني وفي غيابها أفتقد إلى الدافع ويضمحل الحبل السري
الموصول برحم الإبداع.
السؤال الثامن
قهر الزمن يحد من تحقيق طموحات الفرد فما هو وقع الزمن على مسيرتك
الفكرية؟
لقد أسميت الزمن صاحب الجلالة وأشرت إلى ذلك في دراساتي عن الإحساس
بالرحيل المبكر عند الشابي والسياب وفي دراستي عن رباعيات الخيام وعن
الأخطل الصغير وأرى أن الإبداع هو القاهر الوحيد للزمن لأن الزمن لايطال
بسيفه المسلط على رقابنا طراوة الإبداع وهو سلوى المبدع إذا فكر في الموت
لأن الإبتكار الفني لاينحبس في ظلام القرون بين أكفان الموت!
ولو أن الألم قار في النفس، ألم يقل الخيام:
غدا ويح نفسي قد أعود
وأعرقهم في البلى من لداتي
السؤال التاسع
كشاعر مبدع نأمل أن تحدثنا عن سيرتك الذاتيةوصولا ليومنا على الصعيدين
الاجتماعي الانساني، والفكري
ولدت بزمورة في الجزائر عام1967 تحصلت على شهادة الدراسات العليا في
الأدب العربي درست الأدب في الثانوية وعلمت بالجامعة وأشتغل حاليا مفتشا
للتربية والتكوين، متزوج وأب لخمسة أطفال مارست الكتابة في أرقى المجلات
العربية كالعربي، الجيل ،المنهل ،المعرفة ،أخبار الأدب المغترب العربي،
صوت العروبة ....
* صدر لي كتاب وهح الأربعين دراسات نقدية
*ديوان الحكايا تحت الطبع
*ديوان شعر قيد المراجعة
حصلت على الجائزة التقديرية في القصة عن اتحاد الكتاب العراقيين.
مشارك في مسابقة الأقصى للقصيد وجائزة سعود البابطين للإبداع الشعري
السؤال العاشر
عادة لا يكرم المبدعون في بلدنا ولا يقلدون الأوسمة التقديرية إلا نادرا
بعد فقدانهم لماذا؟وهل برأيك يقوم أولو الأمربواجباتهم الرسمية والفكرية
تجاه المفكرين والمبدعين؟
للأسف يحق على كثير من المبدعين قول القائل: "لاكرامة لنبي في وطنه"، إن
إهمال الفكر من قبل أنظمتنا والتهميش المقصود للمبدعين يندرج ضمن سياق
فرض الوصاية على الشعوب ومصادرة حقها في تقرير مصيرها وتكريس الرداءة في
أغلب الأحيان ومحاباة بعض الأقلام المأجورة والتي لاتمتلك المصداقية ولا
المؤهل الفكري وغني عن البيان أن المبدع الحقيقي يرفض ذلك مادام يحتكم
إلى مؤهله الفكري وحده فيكون جزاؤه الإقصاء وقد كتب عن هذه الحالة
الدقيقة أبوحيان التوحيدي صاحب كتاب "مثالب الوزيرين"
غيرأن هناك صحوة في بعض الدول العربية ونرى أن هناك احتفاءا بالفكر
والإبداع وتكريما معنويا وماديا لهما إلى درجة أن هناك نزوحا فكريا
وإبداعيا باتجاه تلك الدول وهي حالة نأمل لها أن تعم كل الأقطار العربية.
السؤال الحادي عشر
إذا كنت من العاملين في القطاعات التربوية فهل تشجع طلابك على قراءة ونظم
الشعر؟
ذلك مافعلته وأفعله وأؤكد لكل من ألقاه أن نظم الشعر أو حبه نعمة من نعم
الله لأن جوهر الشعر هو الجمال ، الإحساس به وتذوقه وهذا هو البعد
الانساني في وجودنا المادي الذي نتجاوز به حياة الضرورة ومتطلبات الغريزة
وننفلت من جاذبية الطين.
السؤال الثاني عشر
ماهي مقومات الوعي الثقافي للفرد.. وكيف يمكن النهوض الفكري لمستوى
محاكاة الحالة الراهنة؟
إن الوعي الثقافي للفرد يستمد مبرره الشرعي من وعي الأمة ولن يحصل ذلك
إلا بتعاون السياسيين والمفكرين وأصحاب النوايا الطيبة في سبيل إخراج
أمتنا من النفق ويبقى الكتاب صانع الرقي ومنه وبه نتجاوز محنتنا ونستمد
مبرر وجودنا.
السؤال الثالث عشر
هل من كلمة ختامية تودون مخاطبة المثقفين والمفكرين والأدباء والشعراء
بها من على صفحات هذا المنبر؟
آمل أن يستعيد الشعر ألقه والفكر مكانته وأن تسعد بهما أمتنا وهذا أمر
نتعاون عليه جميعا ،إننا أصحاب رسالة وشعوبنا في منعطف خطير ودورنا هو
دور الجندي في ساحة الوغى وستظل مملكة الشعر بواحاتها وجزرها العجائبية
تراودنا على استجلاء بدائعها على الرغم من السراب المضلل فهلموا جميعا
إلى تلك المملكة وقولوا مع العقاد:
والشعر من نفس الرحمن مقتبس
والشاعر الفذ بين الناس رحمن